في ساعات الصباح الأولى من يوم الثلاثاء الماضي، في 26 كانون الثاني/ يناير، حلّ ممثل الدبلوماسية المؤقت لإسرائيل في المغرب ديفيد غوفرين ضيفاً على العاصمة المغربية الرباط، من أجل البدء في القيام بمهام الدبلوماسية الإسرائيلية في المغرب، انطلاقاً من مكتب الاتصال الإسرائيلي الذي سيتم إعادة فتحه من جديد بعد 20 عاماً على إغلاقه.
وصول غوفرين إلى العاصمة المغربية، والذي جاء بعد شهر ونصف تقريباً من إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب موافقة المغرب على ترسيم علاقته بإسرائيل، اعتبرته وسائل إعلام إسرائيلية "لحظة تاريخية" و"يوم عيد لإسرائيل".
مهمة في تل أبيب
رفض ممثل الطائفة اليهودية المغربية جاكي كدوش الحديث عن عودة العلاقة بين المغرب وإسرائيل قبل التعبير عن فرحته وفرحة اليهود المغاربة بإعلان الولايات المتحدة الأمريكية دعمها للمغرب في قضية الصحراء، والتي تُعتبر أولوية للمغاربة بغض النظر عن ديانتهم.
كشف كدوش، في تصريح لرصيف22، أنه في مهمة حالياً في إسرائيل للتشاور مع مسؤولين ويهود مغاربة لإقامة احتفالات بعودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل.
"سيتم الاحتفال بشتى الطرق، عبر طباعة اللافتات وصور الملك محمد السادس لتزيين أبرز الشوارع الإسرائيلية"، بحسب ما أضاف جاكي.
كشف ممثل الطائفة اليهودية المغربية جاكي كدوش، في تصريح لرصيف22، أنه في مهمة حالياً في إسرائيل للتشاور مع مسؤولين ويهود مغاربة لإقامة احتفالات بعودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل، في ظل حديث عن زيارة محتملة للملك محمد السادس
وكان الإعلام الإسرائيلي قد تحدث مراراً عن زيارة محتملة للملك المغربي محمد السادس إلى إسرائيل في الفترة القادمة، والتي اشترط إدراجها ضمن زيارة أخرى إلى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وحسب ما جاء في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن حكومة بنيامين نتنياهو تُجري حالياً ترتيبات مع ممثلين عن الديوان الملكي المغربي من أجل استقبال الملك محمد السادس في إسرائيل في المستقبل القريب، بهدف تحقيق انتصار معنوي لصالح حزب الليكود الذي يمثله نتنياهو، على أمل أن يكون ذلك دافعاً لاستقطاب أصوات اليهود المغاربة الذي يُشكلون قوة كبيرة في إسرائيل من حيث عدد الأصوات.
توقعات للمستقبل
قال كدوش الذي يقطن في مدينة مراكش المغربية إن قرابة 50 ألف إسرائيلي يزورون المغرب سنوياً و"بعد الإعلان الجديد نتوقع أن يتضاعف العدد 5 مرات أو أكثر، خاصة بعد انطلاق الرحلات المباشرة بين البلدين".
بدورها، عبّرت سوزان هاروش، وهي مغنية يهودية مغربية اختارت الاستقرار في الرباط، في تصريح لرصيف22، عن سعادتها بالإعلان الجديد، مؤكدة أنه سيجعلها أكثر قرباً من أقربائها في إسرائيل.
وقالت هاروش: "الأمور ستعود إلى طبيعتها قريباً وسيصبح اليهود المغاربة أكثر قرباً إلى تاريخهم وأصولهم، خاصة أولئك الذين اختاروا الهجرة إلى إسرائيل (250 ألف يهودي هاجروا من المغرب إلى إسرائيل).
وتتذكر المغنية المغربية، البالغة من العمر 67 سنة، آخر رحلة لها لإسرائيل، قائلة: "انتظرت 14 ساعة في مطار باريس للحصول على تأشيرة، لكنني سعيدة لأنني لن أضطر لفعل ذلك بعد الآن بسبب هذا الاتفاق العظيم".
اعتبارات إنسانية ومصالح اقتصادية
اعتبر الباحث المغربي المختص في التراث اليهودي المغربي محمد أمنون، في حديث لرصيف22، أن العلاقة بين المغرب وإسرائيل كانت طبيعية وقائمة دائماً منذ تهجير أول مواطن مغربي إلى إسرائيل بعد عام 1948، كما الحال مع كل دول العالم التي تستقر فيها الجالية المغربية، مسلمة كانت أم يهودية.
وأوضح قائلاً: "العلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لم تنقطع ولن تنقطع، بالنظر لمجموعة من المعطيات الإنسانية في الدرجة الأولى، أبرزها أن عدد اليهود المغاربة في إسرائيل يتجاوز المليون ونصف المليون، والكثير منهم يزورون المغرب باستمرار، ولهم ممتلكات واستثمارات مهمة في ميادين الزراعة والفلاحة والصناعة والخدمات والاتصالات والتجارة".
المغرب هو البلد الإسلامي الوحيد الذي قرر منذ عام 1976 عدم إسقاط الجنسية المغربية عن اليهود المغاربة الذين هاجروا، وبذلك يمكنهم العودة إلى بلدهم متى شاؤوا باعتبارهم مواطنين مغاربة.
وأضاف: "إنهم مواطنون مغاربة لا يمكن لأحد أن يوقف علاقاتهم بوطنهم وهم يجددون البيعة لأمير المؤمنين ويرفعون الدعاء الصالح للملك وشعبه في كل مناسبة ويعلنون تشبثهم بوطنهم الأصلي"، مضيفاً بالقول: "لهم في المغرب أكثر من 565 مزاراً دينياً وكنيسة وضريح، وهناك مجموعة لم تغادر أصلاً المغرب، ففي مدن وقرى المغرب يعيش اليوم ما يزيد عن 70 ألف يهودي ولهم أبناء وإخوة في إسرائيل، والمغرب هو البلد الإسلامي الوحيد الذي قرر منذ عام 1976 عدم إسقاط الجنسية المغربية عن اليهود المغاربة الذين هاجروا، وبذلك يمكنهم العودة إلى بلدهم متى شاؤوا باعتبارهم مواطنين مغاربة".
وأشار الباحث خلال حديثه: "المغرب له وضع خاص في موضوع العلاقات مع اليهود بإسرائيل. وهو وضع جعل هذه العلاقات تتسم بالاستمرارية بصورة أو أخرى، بغض النظر عن مدى ظهورها على السطح بشكل علني أو عبر العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بعيداً عن الأضواء في معظم الأحيان".
وزاد قائلاً: "نتمنى أن يكون اتفاق ترسيم العلاقات الدبلوماسية الأخير بداية لعودة أبناء الوطن لوطنهم... المغرب كان ولا يزال ملاذاً آمناً لليهود بعد هروبهم من مجازر البابليون بعد هجوم ناصر البابلي ومن بعدهم الرومان عام 70 قبل الميلاد، وكذلك عندما طردوا من الأندلس عام 1492، والبرتغال عام 1497. ومنذ ذلك الوقت اندمج اليهود في الحياة العامة في المغرب وأصبحوا جزءاً من مكونات المجتمع اقتصادياً وسياسياً وثقافياً"، معلقاً "رغم هجرة معظمهم إلى الخارج سواء إسرائيل ابتداءاً من عام 1948 أو فرنسا وكندا وأمريكا والأرجنتين والبرازيل وبريطانيا، فإن دستور المملكة المغربية يعتبر اليهود أحد مكونات المجتمع، وهذا نص دستوري فريد في الدول الإسلامية والعربية".
مشاريع اقتصادية وثقافية وأشياء أخرى
بالعودة إلى كلام كدوش، فهو أكد أن مشاورات عدة بدأت بين مسؤولين مغاربة وإسرائيليين عقب الاتفاق، والتي تدور حول إقامة مشاريع اقتصادية في مجالات عدة وسيتم الإعلان عن تفاصيلها كاملة في الفترة المقبلة.
وفي السياق ذاته، قال أمنون إن "المُنتظر من التطور الجديد في العلاقات الدبلوماسية المغربية الإسرائيلية، وتزامناً مع مكسب الموقف الأمريكي من قضية الصحراء، يشمل التكنولوجيات الحديثة، والصناعات التقليدية التي يُقبل عليها مغاربة إسرائيل بكثرة، نظراً للارتباطات الثقافية المتعددة، ثم التعاون الزراعي الفلاحي، فإسرائيل لها تجربة رائدة في تحويل الصحارى القاحلة لأراضي خصبة عبر الاستعانة بالري بالتنقيط ومعالجة المياه العادمة، إلى ذلك هناك آفاق كبرى في التبادل السياحي خصوصاً".
"تواصلت في الفترة الأخيرة مع يهود من أصول مغربية يعيشون في إسرائيل، وأكدوا على حماستهم لجعل وطنهم الأصلي جزءاً من حاضرهم وليس مجرد حنين"... لليهود في المغرب أكثر من 565 مزاراً دينياً، ويعيش فيها ما يزيد عن 70 ألفاً لهم أبناء وإخوة في إسرائيل
وأضاف "تواصلت في الفترة الأخيرة مع يهود من أصول مغربية يعيشون في إسرائيل، وأكدوا على حماستهم لجعل وطنهم الأصلي (المغرب) جزءاً من حاضرهم وليس مجرد حنين إلى الماضي".
فلسطين حاضرة
خلال حديثه، أكد ممثل الطائفة اليهودية المغربية أكثر من مرة أن اليهود المغاربة يؤمنون بضرورة إيجاد حل سلمي يُنصف الشعبين (الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء)، خاصة أن المنطقة تحتاج السلم وليس الحرب أو الخلاف.
بدوره، قال أفراهام، وهو موظف يهودي مغربي لم يسبق له زيارة إسرائيل، في حديثه لرصيف22، إن الشعب المغربي وحاكمه محمد السادس يؤمنون بحق الفلسطينين في العيش بسلام بعيداً عن الحرب والقتل والتهديد، لكن في المقابل لا يمكن قطع العلاقات مع إسرائيل بشكل تام.
واعتبر أفراهام الذي كانت إجاباته مقتضبة و "حذرة" أن اتفاق المغرب وإسرائيل يختلف عن الاتفاقات الأخرى (الإمارات والبحرين والسودان)، لأن "الرباط أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل في التسعينيات من القرن الماضي، ولا يمكن إدراجه ضمن اتفاقيات التطبيع التي خلفت جدلاً واسعاً في الفترة الأخيرة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...