شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"فقدتُ أحاسيسي وأولادي يتخيلونه بنكاً"... زوجات مصريات عن أزواجهم المغتربين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 23 يناير 202104:12 م

"عمري وشبابي بيضيعوا وأنا مستنية ألقاه"، "أنا حياتي وحياة ولادي مؤقتة، مرهونة بلحظة رجوعه"، "حتى لحظة رجوعه مش بقدر أفرح، على شان عارفة إنه مسافر تاني"، "في حاجز نفسي بيني وبينه دلوقتي بسبب الغياب"، هكذا تحدثت زوجات مصريات لرصيف22 عن مشاعرهن، بسبب سفر الزوج لكسب "لقمة العيش"، وتركهن في مصر، وحيدات، يتحملن المسؤولية كاملة في مجتمع ذكوري، تقوم بدور الرجل والمرأة، الأب والأم.

"زوجي تغير"

تزوجت أماني إبراهيم (30 عاماً)، تعمل في أحد البنوك منذ عام 2016، سافر زوجها بعد سنتين ونصف من الزواج، وألقى مسؤولية الأسرة بكاملها على كاهلها، تقول: "أتحمّل جميع المسؤوليات الخاصة بأسرتي وحدي بعد سفر زوجي، أذهب بابني إلى الحضانة، ثم أتوجه إلى عملي، وإذا تعطل شيء في البيت، أنا من يقف مع العمال وحدي، وأنهي جميع التعاملات المادية، كدفع الإيجار وترخيص السيارة، والذهاب إلى الميكانيكي".

وتتابع: "لا أملك حتى رفاهية المرض، ففي شم النسيم "عيد الربيع المصري" الماضي تعرضت لحالة تسمم، ولم أستطع إنجاز مهام ولدي الصغير، مما دفعني إلى تركه مع صديقة لي حتى ذهبت إلى المستشفى، وقضيت بها ثلاث ساعات، ثم سافرت من القاهرة إلى محافظة أخرى لأهل زوجي حتى يستطيعوا الاعتناء بصغيري".

تفكر أماني مرتين قبل الذهاب إلى أي مكان.

تفكر أماني مرتين قبل الذهاب إلى أي مكان، لأنها لا تستطيع ترك طفلها وحده، مما يدفعها إلى تأجيل، وإلغاء معظم مواعيد الخروج، والاعتماد على إنهاء جميع معاملاتها على الإنترنت.

لاحظت أماني تغيرات على شخصية زوجها، تقول: "سفر الرجل وحده، وإقامته بمفرده، يغيرانه بالتدريج، فيصبح كالآلة يعمل، ويأكل، وينام فقط".

ليس زوجها فقط من تغيّر، ولكن هي أيضاً أحست بذلك، تقول لرصيف22: "أنا تغيرت بعد سفر زوجي، "نشفت" من كثرة تعاملي كالرجل، وقلّ اهتمامي بنفسي، فلا يوجد وقت لذلك"، مضيفة أن مشاعرها تغيرت كثيراً عما كانت عليه في بداية زواجها.

"سفر الرجل وحده، وإقامته بمفرده، يغيرانه بالتدريج، فيصبح كالآلة يعمل، ويأكل، وينام فقط"

وتتساءل أماني لماذا تزوجت؟ وهي متحملة جميع المسؤوليات، وتؤدي دوري الرجل والمرأة، وتتغلب على وحدتها، واشتياقها لزوجها بالانهماك في العمل، حتى في أيام إجازاتها.

"عمر ضائع"

تزوجت هدى، صحافية (28 عاماً) قبل خمسة أعوام ونصف، وسافر زوجها بعد حلفة العرس بشهرين، وكان يأتي إجازة سنوية مدتها ثلاثة أشهر.

تعاني هدى (تماماً مثل أماني) من تحمل مسؤوليات طفليها الصغيرين وحدها، واحتياجها لزوجها في كثير من الأحيان للوقوف بجانبها.

كل ذلك بالإضافة إلى عملها الصحافي، الذي يتطلب ترك الطفلين مع شخص أمين، ولكنها لا تجد زوجها، مما يضطرها إلى تركهما عند حماتها.

"أنا عمري وشبابي يضيع في حالة الانتظار"، هكذا عبرت هدى لرصيف22، موضحة أن حياتها متوقفة على لحظة مجيئه، ولكنها أيضاً لا تستطيع الفرح بهذا الوقت، لأنها مدركة أنه سيرحل مرة أخرى.

وأكثر ما تعانيه في غياب زوجها تدخّل والدته ووالده في شؤونها الخاصة، وشؤون طفليها، مما يلقي على عاتقها عبئاً نفسياً ومعنوياً، لا تستطيع تحمله مع سفر الزوج.

"حياة مؤقتة"

"حياة مؤقتة"، هكذا وصفت نورا (موظفة في إحدى الجامعات المصرية)، طبيعة الحياة التي تعيشها بسبب غياب زوجها الدائم.

تزوجت نورا قبل سبعة أعوام، وسافر زوجها بعد زواجهما بخمسة أشهر، وتعاني من الوحدة والملل في غيابه، بالإضافة إلى فقدان الإحساس بأي مناسبات سعيدة، كما تتحمل وحدها جميع المسؤوليات الخاصة بأطفالها الثلاثة، مشيرة إلى أن ابنتها الكبرى ظلت فترة طويلة تخاف من والدها لأنها غير معتادة وجوده، الأمر الذي أحزن نورا وأثّر فيها كثيراً. بالإضافة إلى تدخل أهل زوج نورا في تفاصيل حياتها، وحياة أطفالها.

وتتابع نورا لرصيف22: "هناك مشاعر كثيرة تموت بداخل المرأة في غياب زوجها، أحياناً أحتاج التحدث إليه، ولكنه يأتي من عمله راغباً في الراحة فلا أستطيع مكالمته".

وأكثر ما يزعجها إحساس الأبناء بأن والدهم مجرد "بنك للنقود، وتحقيق الطلبات فقط".

"غيابه متعب نفسياً"

أما تغريد إمام (29 عاماً) فقد سافر زوجها بعد مرور شهرين على عقد قرانهما، واعتاد المجيء في إجازة سنوية شهراً أو شهراً ونصف على الأكثر.

تشدد تغريد على أن سفر الزوج، وغيابه عن زوجته وأطفاله "أمر متعب نفسياً لأبعد الحدود".

وتوضح أن إحساس الوحدة "سيئ جداً"، فتقوم بتأدية المتطلبات الخاصة بها وبابنتها حتى لو كانت مريضة، وأكثر ما تعانيه هو "الوحدة والاكتئاب"، خاصة أنها متزوجة في محافظة أخرى، بعيداً عن سكن أهلها.

تقول لرصيف22: "أبكي أغلب الوقت، في ولادتي الثانية فقدت ابني، وكنت أتمنى وجود زوجي بجانبي، ولكنه لم يستطع القدوم بسبب ظروف العمل، كما أنني أفتقد طعم المناسبات كرمضان والأعياد، وأكثر ما يحزنني أن ابنتي لا تستطيع عيش طفولتها مع والدها كباقي الأطفال".

"نعيش كالغرباء"

تعاني عبير مهيتاب محمد (28 عاماً) من قيود أهلها، والقيود الأخرى المفروضة عليها في تربية ابنتها، وذلك بسبب غياب زوجها. تقول: "أنا وزوجي نعيش مثل الغرباء، أحياناً أشعر أنه لا يعرفني، ولا يوجد تفاهم لاختلاف ظروف معيشتنا، مما يدفع للعديد من الأطراف التدخل لإنهاء مشاكلنا".

وتتعرض مهيتاب أيضاً لمضايقات كثيرة بسبب غياب زوجها المستمر، تستمع لعبارات مثل: "دي طفشت جوزها" و "سابلها البلد ومشي"، رغم أنه سافر قبل الزواج.

تتساءل أماني لماذا تزوجت؟ وهي متحملة جميع المسؤوليات، وتؤدي دوري الرجل والمرأة، وتتغلب على وحدتها، واشتياقها لزوجها بالانهماك في العمل، حتى في أيام إجازاتها

وتضيف: "حياتي مشاع، أهلي وأهله يتدخلون في كل كبيرة وصغيرة في حياتي وحياة بنتي، وعندما أعترض أتلقى التوبيخ والنقد، مما يضعني في ضغط نفسي وعصبي كبير، وهذا يسبب مشاكل كثيرة بيني وبينهم، وفي معظم الأوقات أنفس غضبي على ابنتي".

ويوضح جمال فرويز، استشاري الطب النفسي وأمراض المخ والأعصاب، أن السيدات في هذه الحالة يتحملن عبئاً نفسياً كبيراً، فيقمن "بصون الزوج وعرضه، وتربية الأبناء والسهر عليهم، ويتحملن مسؤولية الأسرة كاملة، مما يؤثر على أنفسهن، فلا يستطعن الاهتمام بأنفسهن، ومن الممكن أن تدخل المرأة دوامة المسؤوليات، وتنسى الاهتمام بمظهرها، مما ينعكس سلباً عليها".

ويلفت فرويز في حديث لرصيف22 إلى البعد الاقتصادي في غياب الزوج، فالسبب ليس أنانية، أو نزهة، يقول: "هناك سيدات يحببن أزواجهن كلما طال غيابهم، لأنهم يفعلون ذلك من أجلهن ومن أجل العائلة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image