شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
بعد عام مليء بالخسائر... كيف يمكن إشعال العلاقة الجنسية رغم كورونا؟

بعد عام مليء بالخسائر... كيف يمكن إشعال العلاقة الجنسية رغم كورونا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 13 يناير 202106:40 م

كان العام 2020 مليئاً بالأخبار الحزينة والخسارات على مختلف الأصعدة، وذلك بسبب فيروس "قاتل" اجتاح العالم كله، هدّد البشرية جمعاء وأثّر سلباً حتى على الأفراد الذين لا يزالون، حتى قراءة هذه السطور، بمنأى عنه.

فاليوم، باتت العلاقات الاجتماعية خاضعة لمعايير صارمة متعلقة بالتباعد الاجتماعي وعدم الاختلاط، إلا في حالة الضرورة القصوى مع احترام التدابير اللازمة، كما أن الإجهاد والتوتر والقلق كلها عوامل نفسية تخنق الأفراد وتؤثر سلباً على حياتهم الشخصية والمهنية وعلى علاقاتهم العاطفية، أما بالنسبة لوتيرة العلاقات الجنسية فقد شهدت انخفاضاً ملحوظاً بين الشركاء.

كيف يؤثر وباء كورونا على العلاقات الجنسية، وكيف يمكن إعادة إشعال الرغبة الجنسية بين الأفراد مع بداية العام الجديد؟

2020... عام الخسارات

فرضت جائحة كورونا تغييرات اجتماعية كثيرة وأدت إلى عزل أعداد كبيرة من الناس في بيوتهم.

فقد الأفراد غير المتزوجين، إلى حدّ كبير، فرصهم في مقابلة شريك حياتهم، باستثناء المواعدات التي تحوّلت إلى المنصّات الإلكترونية، أما بالنسبة للأزواج، فقد أجبرهم الإغلاق على قضاء 24 ساعة في اليوم مع بعضهم البعض، مع ما رافقه ذلك من غضب واستياء وكآبة، انعكست سلباً على علاقتهم، وبطبيعة الحال على حياتهم الجنسية.

فقد كشفت دراسة أجراها معهد كينزي حول تأثير كوفيد 19 على جودة حياة الزواج، أن 24% من الأشخاص المتزوجين أبلغوا عن ممارسة العملية الجنسية بوتيرة أقل مقارنة بما كان يحصل قبل الوباء، وكشفت 17% من النساء عن انخفاض في الرضا الجنسي والعاطفي منذ أن بدأ الوباء بالانتشار، كما أشارت دراسة أخرى إلى أن ثلث الأزواج يعانون من مشاكل متعلقة بالوباء وأن حياتهم الجنسية "على المحك".

تعليقاً على هذه النقطة، كتبت مايا لوتكي، الباحثة في مركز تعزيز الصحة الجنسية في جامعة إنديانا، والتي قادت الدراسة: "نحن نفتقد أجزاء كثيرة من حياتنا السابقة"، معتبرة أن العام 2020 جعلنا نخسر الكثير من الأمور، من بينها الحياة الجنسية: "كان العام الضائع من حيث الجنس".

24% من الأشخاص المتزوجين أبلغوا عن ممارسة العملية الجنسية بوتيرة أقل مقارنة بما كان يحصل قبل الوباء، وكشفت 17% من النساء عن انخفاض في الرضا الجنسي والعاطفي منذ أن بدأ الوباء بالانتشار

بدورها، لم تتفاجأ إميلي ناغوسكي، الباحثة ومؤلفة كتابCome as You Are: The Surprising New Science That Will Transform Your Sex Life بالبيانات التي أظهرتها الدراسة، واصفة الرغبة الجنسية والكبت بدوّاسة الوقود والفرامل في السيارة.

من هنا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن استعادة النشاط الجنسي في ظل وباء لا يرحم؟

خطوات عملية

صحيح أن هناك العديد من العوامل والظروف الصعبة التي تجعل الأزواج يضغطون أكثر على دواسة الفرامل عندما يتعلق الأمر بالجنس، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الأمور التي يمكن القيام بها لرفع الأقدام عن الفرامل وتسريع النشاط الجنسي.

تغيير وجهات النظر: يعدّ النقد الذاتي والحكم على الشريك/ة من الطرق الكلاسيكية لإخماد الرغبة الجنسية، فقد أفادت أكثر من نصف النساء أن التوتر والقلق والاكتئاب، كلها عوامل نفسية تقلل من اهتمامهنّ بالجنس، وتؤثر سلباً على الإثارة والوصول إلى النشوة الجنسية.

وفي هذا السياق، قالت ناغوسكي إنه من الطبيعي أن يشعر المرء برغبة جنسية أقل أثناء وجود أزمة معيّنة، على غرار وباء كورونا الذي يهدد البشرية بأسرها: "تشعرون/ن أن العالم كله، الهواء الذي تتنفسوه هو تهديد محتمل لكم/نّ ولعائلتكم/نّ. هذا يعيق الفرامل".

وبالتالي قد تكون الخطوة الأولى لتحسين الحياة الجنسية هي تغيير الموقف وليس السلوك، وفق ما كتبته إميلي ناغوسكي في كتابها: "إذا مارستم/نّ الجنس لأنه يجب عليكم/نّ أو شعرتم/نّ أنه من المفترض أن تقوموا/ن بذلك... فلن تمارسوا/ن الكثير من الجنس وربما لن تستمتعوا/ن به".

وضع خطة: ينشغل الناس كثيراً بالرغبة في ممارسة الجنس بشكل عفوي، لكن بحسب إميلي ناغوسكي، فإن هذا الأمر نادر نسبياً عند النساء.

استناداً إلى مجموعة واسعة من الأبحاث حول الجنس والرغبة الجنسية، تقدر ناغوسكي أن حوالي 15% من النساء يختبرن الرغبة الجنسية بشكل عفوي، في حين أن معظمهنّ يشعرن بالرغبة في ممارسة الجنس عند حدوث شيء مثير.

وتعليقاً على هذه النقطة، قالت إميلي: "عندما ندرس الأشخاص الذين يمارسون الجنس بشكل رائع على المدى الطويل في علاقة ما، فإنهم لا يصفون الرغبة العفوية على أنها خاصية".

السعي وراء التجديد: في حين أن الشعور بانخفاض الرغبة الجنسية أثناء انتشار وباء كورونا قد يكون أمراً طبيعياً ومفهوماً، إلا أن هناك بعض الأمور التي يمكن القيام بها لزيادة الرغبة، ومن بينها: خوض تجارب جديدة مع الشريك/ة تهدف إلى رفع معدلات ضربات القلب وزيادة الإثارة بين الطرفين.

في هذا الصدد، اعتبرت مايا لوتكي، التي تدرس الرابط بين الصراعات والحميمية الجنسية، أن هذا الوقت "قد يكون مناسباً للناس لفتح حوار مع شركائهم/نّ حول علاقتهم/نّ بشكل عام، بالإضافة إلى رغباتهم/نّ الجنسية، الخيالات الجنسية والاحتياجات وما إلى ذلك".

أما في حال كان هذا النوع من المحادثات مربكاً ويثير الحرج، فعندها أوصت لوتكي باللجوء إلى أخصائي/ة في العلاقات الجنسية.

هذا ويمكن البحث عن طريقة أخرى لرفع معدل ضربات القلب، كالقيام بنشاط معيّن مع الشريك/ة أو مشاهدة فيلم رعب، بحيث تشير الأبحاث إلى أن الشعور بالإثارة بوجود الشريك/ة يجعل الآخر يبدو أكثر تجدداً، وبالتالي يزيد الجاذبية الجنسية.

إكمال دورة الإجهاد: عندما يشعر الدماغ البشري بالتهديد، يقوم الجسم بتنشيط الجهاز العصبي الذي يطلق مواد كيميائية مثل الأدرينالين والكورتيزول، وبمجرد زوال مصدر التهديد يقوم الجهاز العصبي السمبتاوي بإخراج المرء من وضعية القتال أو الهروب، ويعيد الجسم إلى حالة الهدوء.

واللافت أن هذه الحالة الهادئة التي ينشّطها الجهاز العصبي السمبتاوي مسؤولة أيضاً عن الإثارة الجنسية، بمعنى آخر، فإن الدماغ يعي أنه عند وجود خطر معيّن، فإن المرء لن يرغب بممارسة الجنس.

ومن دون شك، فإن ضغوطات العصر الحديث كثيرة، وقد تكون في بعض الأحيان غامضة وأقل وضوحاً بالنسبة للعقل، من هنا توصي إميلي ناغوسكي بـ "إكمال دورة التوتر"، أو القيام بأشياء ترسل رسالة إلى الجسد بأن الخطر قد زال، كالركض بعد يوم عمل طويل وشاق، إذ إن ذلك من شأنه إخبار الجسم بأن التوتر قد انتهى على الأقل حتى الغد.

زلزال عاطفي

عند التعامل مع حالة عدم اليقين التي تفرضها جائحة كورونا، فإن الجنس بالنسبة للبعض هو آخر شيء يريدون التفكير فيه، لكن بالمقابل، هناك أفراد تدفعهم المخاوف من الانهيار المالي، المرض أو حتى الموت، إلى الرغبة في إقامة علاقة حميمة، وفق ما أوضحه المستشار الجنسي مارتي كلين، مضيفاً بأنه في مثل هذه المواقف الصعبة، قد يطرح المرء على نفسه السؤال التالي: "هل هذا هو الشخص الذي أريد مواجهة نهاية العالم معه؟".

وفي إحدى المقابلات، قال كلين إن معظمنا سينجو من الوباء، وستزول الحاجة إلى التباعد الاجتماعي، ولكن الأمر الذي لا يزول هو "أي ضرر نسببه لأنفسنا وللآخرين من حولنا، إذا لم نتعامل بشكل مناسب مع قلقنا ونتحدث عن مخاوفنا للمقربين منّا".

 "قد تكون الظروف أكبر من قدرة الشخص، ولكن يجب التفكير بأن هذه المرحلة مؤقتة وبالتالي لا يجب أن نفقد الأمل"

واعتبر كلين أنه عندما يتعلق الأمر بالجنس والعلاقات في هذا الوقت من العزلة الذاتية، فإن الأزمة دائماً "تكشف أجزاء الهيكل التي لم يتم تجميعها بشكل جيد"، مشبهاً المسألة بـ "زلزال عاطفي": "إذا كان الزوجان لا يجيدان إدارة النزاع، منح بعضهما البعض مساحة كافية أو التعامل مع خيبة الأمل، فسوف تتفاقم المشاكل".

بحسب الأخصائي في العلاقات الجنسية، أنطوني حكيم، فإن حياتنا اليومية تؤثر، بشكل عام، على حياتنا الجنسية، والعكس صحيح: "إذا كان يومنا شاقاً وحزيناً، فإن ذلك يؤثر سلباً على صحتنا النفسية، وتلقائياً على رغباتنا الجنسية".

وبالتالي، أوضح حكيم لرصيف22 أنه في ظل أزمة معيّنة، كتلك التي نشهدها حالياً مع جائحة كورونا، فإن المرء قد يشعر بانخفاض ملحوظ في رغبته وحتى في شهواته الجنسية، بخاصة وأن روتين الحياة قد تغيّر.

وكشف أنطوني عن وجود فئتين من الأشخاص، أولئك الذين يعيشون في ترف اقتصادي معيّن وأوضاع معيشية سهلة، فيساعدهم الحجر المنزلي على قضاء وقت ممتع مع الشريك/ة، ويكون بمثابة فرصة للتعرف على بعضهما من جديد والقيام بنشاطات مسلية، الأمر الذي يزيد الحميمية بينهما، في حين أن الأزواج الذين يعانون من مشاكل معيشية واقتصادية، فإن الجنس لن يكون ضمن أولوياتهم.

صحيح أن هناك العديد من العوامل والظروف الصعبة التي تجعل الأزواج يضغطون أكثر على دواسة الفرامل عندما يتعلق الأمر بالجنس، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الأمور التي يمكن القيام بها لرفع الأقدام عن الفرامل وتسريع النشاط الجنسي

من هنا، اعتبر حكيم أنه من المهم تعزيز شبكة الدعم بين الطرفين: "لازم يصير في دعم معنوي، ونعرف إنو بغضّ النظر عن كل شي عم بصير حولنا، نحنا لبعض"، مشدداً على أهمية أن يكون الامتنان موجوداً في حياة الثنائي، وضرورة تخصيص وقت لأنفسهما، من خلال عزل أنفسهما قدر الإمكان، عن جميع المشاكل التي تدور من حولهما.

هذا وختم حديثه بالقول: "في نهاية المطاف وأمام أي أزمة، قد تكون الظروف أكبر من قدرة الشخص، ولكن يجب التفكير بأن هذه المرحلة مؤقتة وبالتالي لا يجب أن نفقد الأمل".

في الختام، حتى إذا كنتم من الأشخاص الذين لا يشعرون بالأمان الكافي لممارسة الجنس، فلا يزال بإمكانكم تعزيز التواصل الوثيق مع الشريك/ة، من خلال الاستلقاء في الظلام ومشاهدة فيلم سوياً، أو الذهاب في نزهة وقبول الذات، إذ إن مثل هذه الأشياء لها فوائدها الخاصة، حتى عندما لا تؤدي إلى ممارسة الجنس.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image