شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
كيف تؤثر جائحة كورونا على قرارات السنة الجديدة؟

كيف تؤثر جائحة كورونا على قرارات السنة الجديدة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 30 ديسمبر 202005:14 م

لا شك أن استقبال العام الجديد يبدو مختلفاً بعض الشيء، نظراً للتحديات الكثيرة التي حملها العام 2020، بما في ذلك عدم القدرة على الاحتفال بنفس الطريقة التي كانت تحصل في السابق.

واللافت أن إضافة سنة أخرى إلى حصيلة الحياة يجعل التركيز أكبر على الأهداف طويلة المدى، أكثر مما تسمح به الحياة المزدحمة، مع العلم بأن ذلك يشكل فرصة للنظر في "النسخة المثالية للذات"، إن جاز التعبير، التي يأمل الكثير من الناس بتحقيقها.

وفي حين أنه من المفترض أن يتحول التركيز مرة أخرى على المطالب قصيرة المدى اليومية بحلول منتصف شهر كانون الثاني/ يناير، إلا أنه من المهم مراعاة تلك التطلعات طويلة المدى، لتذكير الناس بأنفسهم، وبأن طموحاتهم تتخطى مجرد الانخراط في لعبة فيديو، مشاهدة مسلسل تلفزيوني مفضل أو قراءة رواية ممتعة.

أمنيات تتخبط في مستقبل قاتم

مع انتشار جائحة كورونا في العالم أجمع، أصبح التفكير في الأهداف طويلة المدى أكثر صعوبة، بحيث فرض الوباء تجربة مختلفة، من خلال التذكير بأن هناك أموراً غير متوقعة يمكن أن نصادفها في رحلة حياتنا، في حين لا تزال مرحلة ما بعد الوباء غير واضحة المعالم حتى هذه اللحظة.

بمعنى آخر، أصبح المستقبل أقل قابلية للتنبؤ به، من هنا اعتبرت الأخصائية في علم النفس في جامعة ريجينا، كاثرين اربوتنوت، أن الـ resolutions، أي قرارات السنة الجديدة والأمنيات التي نحملها مع نهاية هذه السنة، يجب أن تكون قصيرة المدى، بخاصة وأن قادة الصحة العامة يحذرون من أن الأشهر الأولى من المحتمل أن تكون الأصعب بالنسبة لما يتعلق بوباء كورونا. لذلك، ستكون هذه الأهداف حيوية لتحديد حالتنا عندما ينتهي الوباء.

من المرجح أن العيش خلال أشهر طويلة من عدم اليقين والقيود التي فرضها الوباء قد أعطى الكثير من الناس فكرة جيدة عن نقاط الضعف الموجودة في الشخصية، والتي يمكن أن تؤثر بدورها على القرارات وتمكين الأفراد من رعاية أنفسهم بما يكفي للوصول إلى نهاية تتسم بمظاهر الصحة البدنية والذهنية الجيدة.

من المرجح أن يكون العام الجديد فريداً بالنسبة للأفراد الذي يبذلون قصارى جهدهم لجعل اللحظات مقبولة قدر الإمكان، ولكن من غير المرجح أن تصبح هذه الطرق الجديدة للاحتفال بالأعياد تقاليد أو أشياء يرغب الناس في تكرارها في السنوات اللاحقة

أما بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون مقاومة التفكير في الأهداف طويلة المدى، يمكن مراجعة الدروس التي تعلمناها من الوباء، بحيث تكون القرارات طويلة الأمد مستندة إلى 3 أشياء:

-ما الذي نرغب في الاحتفاظ به من التغييرات التي أجريناها للتعامل مع الوباء؟

-ما الذي نريد استعادته من مرحلة ما قبل الجائحة؟

-كيف يمكننا "إعادة البناء بشكل أفضل"، إذا كنّا مسؤولين عن المحيط الذي نعيش فيه؟

سيتطلب كل ذلك بعض التركيز على الأهداف طويلة المدى، والمساعدة في تخيّل "الذات المثالية الجديدة" في أوقات ما بعد الجائحة.

من المرجح أن يكون العام الجديد فريداً بالنسبة للأفراد الذي يبذلون قصارى جهدهم لجعل اللحظات مقبولة قدر الإمكان، ولكن من غير المرجح أن تصبح هذه الطرق الجديدة للاحتفال بالأعياد تقاليد أو أشياء يرغب الناس في تكرارها في السنوات اللاحقة.

نصائح للالتزام بقرارات السنة الجديدة

بالنسبة للعديد من الثقافات، فإن فجر العام الجديد لا يتميز بالاحتفال فحسب، بل يشكل أيضاً فرصة للتفكير والنمو الشخصي، بخاصة مع وجود لائحة من الأهداف المرجوة، ولكن مع التقدم في الأيام والشهور، يمكن أن يتعثر الدافع الأولي لتحسين الذات.

الخبر السار هو أن هذا الميل للاستسلام يمكن التحايل عليه، إذ هناك طرق مختلفة يمكننا من خلالها تعزيز التزامنا بقرارات السنة الجديدة.

في البداية، إذا أردنا وضع مجموعة من القرارات والأهداف لتحقيقها في العام 2021، فإن أفضل مكان للبدء فيه هو التفكير في العام المنصرم، بحيث أن تفكيرنا الشخصي والدروس الرئيسية التي استخلصناها من هذا العام، سيساعدان في تحديد آمالنا ورؤيتنا للعام المقبل.

صحيح أن العام 2020 اتسم بالإغلاق والعزل والخسارة والتحولات بسبب جائحة كورونا، لكن النمو الشخصي يمكن أن ينبع من مثل هذه التجارب، إذ يساعد العيش في الأوقات الصعبة والمرهقة على تقدير الحياة، توفير فهم أعمق للذات وزيادة المرونة الشخصية، أي القدرة على التعافي بشكل أسرع.

أما النصائح التي تساعد المرء على الالتزام بالقرارات الجديدة، فيمكن تلخيصها بالتالي:

-وضع قرارات تتطابق مع القيم الأعمق: تلعب المعتقدات والآمال الشخصية دوراً رئيسياً في الحفاظ على الدافع التحفيزي والتركيز. يرتبط هذا النوع من التحفيز بزيادة الرفاهية الشخصية.

-محاولة وضع أهداف جديدة: إن وضع قرارات جديدة يعدّ أفضل من إعادة تدوير الأهداف القديمة، أما في حال كان المرء يرغب في متابعة ما خطط له العام الماضي، فعليه أن يحاول أن يكون أكثر تحديداً في نهجه المتّبع.

-التعامل مع الأهداف كخطط محددة: يجب أخذ بعض العوامل، مثل الزمان والمكان والناس، بعين الاعتبار، بحيث توفر الخطط المحددة الإشارات الذهنية اللازمة للالتزام بالأهداف، بخاصة وأنها أقل إرهاقاً من الناحية الذهنية، مقارنة بالخطط الأكثر غموضاً، أو العامة التي تتطلب المزيد من التفكير.

على سبيل المثال، يجب القول: "سوف أمشي لمدة 30 دقيقة على الأقل مع صديقي فلان أيام الاثنين والأربعاء والجمعة صباحاً..."، هذا الإطار يوفر الكثير من الإشارات والاستراتيجيات العقلية للمتابعة، وبالإضافة إلى ذلك، فإن تضمين شخص آخر في الخطة يعطي أيضاً إحساساً أكبر بالمسؤولية والمساءلة، مقارنة بالتفكير بهدف أكثر غموضاً مثل القول: "سوف أذهب في نزهات أكثر هذا العام".

-تحديد وتخيّل النتيجة الإيجابية: سيساعد تصور الأهداف في الحفاظ على التركيز من أجل تحديد الموارد المحددة التي يتطلبها تنفيذ القرار، كما أنه سيساعد في زيادة السعي المستمر لتحقيق الهدف المرجو.

-مكافأة النفس بمكاسب صغيرة: إن التمتع بمكاسب صغيرة لا يعد أمراً ممتعاً فحسب بل سيساعد أيضاً في زيادة التحفيز.

إذا أردنا وضع مجموعة من القرارات والأهداف لتحقيقها في العام 2021، فإن أفضل مكان للبدء فيه هو التفكير في العام المنصرم، بحيث أن تفكيرنا الشخصي والدروس الرئيسية التي استخلصناها من هذا العام، سيساعدان في تحديد آمالنا ورؤيتنا للعام المقبل

-وضع القرارات التي نريد متابعتها بدلاً من تلك التي نعتقد أنه يجب علينا اتباعها: تظهر الأبحاث باستمرار أن متابعة الأهداف المختارة بحريّة، والتي لها دوافع داخلية، تعزز الرفاهية، وفي الوقت نفسه، ترتبط الأهداف ذات الدوافع الخارجية بالانزعاج النفسي ويقلّ احتمال تحقيقها.

أما أمثلة الدوافع الخارجية فتتضمن القيام بشيء ما لأن الموقف يتطلب ذلك، أو لأنه قد يرضي شخصاً آخر، أو لتجنب الشعور بالخزي أو الذنب الذي قد ينشأ إذا لم يتم القيام به.

-المرونة: إذا كان القرار غير مناسب، فعندها يجب قولبته لجعله أكثر وضوحاً وقابلاً للتحقيق.

-الواقعية: كلما كان القرار أكثر واقعية، كلما كان من الممكن تحقيقه بشكل أكبر.

-التعلم من إخفاقات الماضي: بدلاً من الانخراط في النقد الذاتي والتقييم الذاتي السلبي، يمكن أن يساعد الموقف الإيجابي تجاه القرارات الفاشلة على القيام بعمل أفضل في المرة القادمة.

صحيح أن الأهداف والقرارات التي فكرنا بها في العام 2020، قد تعثر تنفيذها بسبب ظروف صعبة وغير متوقعة فرضها وباء كورونا، إلا أن العديد من الناس يعيدون حالياً تقييم الخطط للسنة الجديدة، ويواصلون الدفع من أجل تحسين الذات.

فبحسب استطلاع أجراه قراء Verywell Mind، تبيّن أن 44% على الأقل من المستطلعين يخططون لاتخاذ قرارات هذا العام، هذا وكشف 30% منهم أن مواجهة الوباء جعلتهم أكثر احتمالاً لوضع الخطط لهذا العام، والتي تركز بمعظمها على الصحة الجسدية، من خلال تناول الطعام الصحي، ممارسة المزيد من التمارين الرياضية أو فقدان الوزن، بالإضافة لتعزيز الصحة النفسية وبناء علاقات قوية مع العائلة والأصدقاء.

باختصار، يبدو أن الناس يتوقون، مع نهاية هذا العام، للحصول على أوقات أفضل في المستقبل والعودة المحتملة إلى الحياة الطبيعية، من خلال طوي صفحة كورونا إلى الأبد، والسعي لتحويل قرارات السنة الجديدة إلى واقع ملموس.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image