إذا قُدِّر لك يوماً أن تزور دولة ناميبيا (جنوب غرب أفريقيا)، فلا يجب أن تفوتك أبداً زيارة شبه جزيرة القرش، حيث يمكنك تناول الأكل في أحد مطاعمها الفاخرة، التي ستمنحك رؤية ممتازة للمحيط والبجع الأبيض وهو يتطاير في سلام ودعة فوق الصخور.
هذه الأجواء الحالمة لن تجعلك تتخيّل أبداً أن هذا المكان الساحر الذي يقصده السيّاح للاستمتاع والاسترخاء، كان مسرحاً لواحدة من أعنف جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها الجيش الألماني طوال تاريخه. فقط كان أصحابها، سيئو الحظ، بعدما ندر الحديث عنهم وعن معاناتهم تحت ضربات المدافع الألمانية حتى كاد ينقطع. لم تُؤلَّف عنهم الأفلام، لم تُروَ فيهم الحكايات ولم تُذرف بحقِّهم دموع الأسف، ربما لأنهم ليسوا يهوداً.
نهاية الحكاية
في أغسطس الماضي، أنهى وفد حكومي ناميبي اجتماعاً غاضباً مع نظيره الألماني، بشأن تسوية المشاكل العالقة بين البلدين منذ فترة احتلال ألمانيا لناميبيا. كان أبرز محاور الخلاف هو تمسُّك ألمانيا بعدم الاعتراف بقيامها بأي "إبادة جماعية" بحقِّ السكان المحليين خلال حكمها ناميبيا، حتى لا يترتّب على ذلك دفع تعويضات لذوي الضحايا، تكون مقدّمة لمطالب أخرى بتعويضات يُطالب بها ضحايا آخرون، حُصدت أرواحهم بأيدي جنود المستعمر الألماني.
وبالرغم من التطوّر الملموس الذي طرأ على الموقف الألماني مؤخراً، باعترافه بمسؤوليته عن حدوث عمليات قتل جماعية للأهالي بالأساس، وتدشينه نصب تذكاري لهم في برلين، إلا أن فقرة الرثاء التي كُتبت بحقّهم ونُقشت على صخرة النصب، خلت تماماً من ذِكر عبارة "إبادة جماعية"، بناء على تعليمات رسمية، ما دلَّ على أن التراجع الألماني لم يكن بلا حدود، فبرلين لن تسمح أبداً أن توصم بـ"هولوكوست" جديد، يثير الحرب الدعائية ضدها ويمتصُّ من خزانتها ملايين اليوروهات، كما فعل اليهود عقب الحرب العالمية الثانية.
نصب تذكاري لإحياء ذكرى ضحايا الحكم الاستعماري الألماني
فلو فُتح باب جرائمها في أفريقيا لن يُغلق على خير أبداً، فلقد أعلن رئيس تنزانيا، التي احتلّتها ألمانيا لـ 28 سنة، ترقّبه نتائج المفاوضات ونيّته تدشين واحدة مثلها، وهي خطوة لو حدثت، فبالتأكيد ستتبعها غانا التي حوّلها الألمان إلى قاعدة كبرى لتجارة الرقيق، حيث تمّ أسر وبيع العبيد السود، وفي العام 1685م وحده أرسلت السفن الألمانية 30 ألف مستعبد أفريقي إلى الأمريكيتين.
ولكن، لنعد إلى الجريمة الألمانية السوداء الأكبر في ناميبيا.
ضحايا مجزرة دولة ناميبيا في جنوب غرب أفريقيا، تعرّضوا لواحدة من أعنف جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها الجيش الألماني. ولم تُؤلَّف عنهم الأفلام، ولم تُروَ فيهم الحكايات ولم تُذرف بحقِّهم دموع الأسف، ربما لأنهم ليسوا يهوداً
أول إبادة جماعية في القرن العشرين
في العام 1884م، استضافت برلين مؤتمراً اجتمع فيه قادة أوروبا لبحث تقسيم النفوذ في أفريقيا فيما بينهم، والانتفاع بمواردها الهائلة التي حمل أماراتها المستكشفون الأوروبيون خلال السنوات الفائتة، مُزِّقت القارة بين 13 دولة أوروبية تسعى للتمدد خارج حدود عالمها العجوز: ظفرت إنجلترا بدول حوض النيل والقرن الإفريقي وجنوب أفريقيا ونيجيريا، فيما سيطرت فرنسا على معظم الشمال الأفريقي نزولاً حتى السنغال وساحل العاج، فيما اكتفت البرتغال بأنجولا وموزمبيق وإسبانيا ببعض أجزاء من التراب المغربي.
سارت برلين على النهج الأوروبي في التوسع أفريقيّاً، فحصلت على بقاعٍ محدودة في أفريقيا، غرس فيها جنود الجيش حرابهم، ودشّن عليها المُستعمرون الألمان مستوطناتهم، معتبرين إيّاها جزءاً بعيداً من بلادهم.
سكن الألمان في تنجانيقا (تقع ضمن حدود دولة تنزانيا الآن) بشرق القارة، والكاميرون وتوجو في غربها، وأخيراً منطقة صغيرة تقع على ساحل أفريقيا، عُرفت حينها بـ"جنوب غرب أفريقيا الألمانية"، ولاحقاً باسم "ناميبيا".
فريدريك راتزل friedrich ratzel، التي منحت الألمان المبرّر الأخلاقي لما أسماه "التوسع العضوي" في أراضي الغير، دون اعتبار للشعوب الأخرى، وهي النظريات التي يُمكن تلخيصها ببساطة، بأن كل دولة قوية من حقها التوسع في أي دولة ضعيفة، لتجعلها موطئاً لحياة شعوبها الراقية.
وهكذا سعى القيصر الجرماني لإنشاء ألمانيا جديدة على أرضٍ أفريقية، بعدما منحه علماؤه حزمة من المبررات الأخلاقية، السياسية والجغرافية، تجعله يأمر بذبح آلاف الأفارقة الوحشيين، دون أن يطرف له جفن، فداءً لألماني متحضّر، يحصل على مزرعة يعيش فيها ملكاً لم ينتخبه أحد.
في هذا التوقيت، كانت ناميبيا أرضاً بكراً مجهولة لأغلب العالم، تتمتّع بجمال خلاّب ومراعٍ شاسعة وموارد طبيعية شتّى، أبرزها الماس، عاشت فيها بهدوء مجموعة من القبائل البدائية، أتقنت العناية بالماشية وصيد الحيوانات، سكنت أكواخاً من الطين والخشب، بعضهم عرف المسيحية واعتنقها عن طريق عددٍ من المبشرين الهولنديين.
وكما تقتضي أبسط قواعد المنطق الاستيطاني، فإن أولئك الوافدين من بافاريا وضواحيها يجب ألا يُنازعهم أحد في سلطانهم على البقاع التي اعتبروها أرضهم، وهو ما توجَّب عليه إقصاء السكان الأصليين عنها، في نموذج مصغّر لما شهده الهنود الحمر على أيدي الأوروبيين لحظة وصولهم أمريكا الشمالية.
بدءاً من العام 1885م، صُودرت الأراضي الأفريقية من أصحابها، واستُعملت كافة وسائل الترهيب الممكنة كيلا يعودوا إليها مجدداً، ما أشعل نبتة الغضب في نفوس أبناء قبيلتي "هيريرو" و"ناما" المحليتين، فأعلنتا تمرّداً شعبياً على برلين ومستوطنيها، في يناير من العام 1904م.
قتل أبناء "هيريرو" 100 مستوطن ألماني في هجوم مباغت على إحدى المستوطنات، وشمّروا سواعدهم استعداداً لحرب قرّروا فيها أن يدافعوا عن أرضهم حتى النفس الأخير، إلا أنه لم يكن بوسع الأفارقة العراة المسلحين بالحراب الخشبية أن يحظوا بفرصة أمام الجنود الألمان المدجَّجين بالحديد والنار، خصوصاً لو كان لهم قائد لا يرحم، هو الجنرال الشهير لوثار فون تروثا.
في أغسطس الماضي، أنهى وفد حكومي ناميبي اجتماعًا مع نظيره الألماني، بشأن تسوية المشاكل العالقة بين البلدين منذ فترة احتلال ألمانيا لناميبيا. كان أبرز محاور الخلاف هو تمسُّك ألمانيا بعدم الاعتراف بقيامها بـ"إبادة جماعية" بحقِّ السكان المحليين
خدم فون تروثا المستعمر البلجيكي في الكونغو لمدة 3 سنوات، جعلته يعتقد أنه لا يجب التعامل مع "الزنوج" إلا بـ "القوة الوحشية"، لذا أمر جنوده (قُدِّر عددهم بـ 10 آلاف جندي) بقنص أي أفريقي بلا تردّد، حتى لو لم يكن يحمل سلاحاً.
قُطعت عنهم الإمدادات الغذائية وسُمِّمت آبارهم، وفي النهاية مُني أبناء القبيلتين بهزيمة ساحقة، نُقلوا إثرها إلى مستعمرات اعتقال تحيطها أسوار شائكة، تأمن شرّهم وتضمن عدم تكرار الثورة مجدداً. في هذه المستعمرات، تعرّض الناميبيون الأوائل لظروف اعتقال غاية في البؤس، سقط بموجبها آلاف الضحايا، كان أسوأ هذه المعسكرات سمعة هو ذاك الذي أٌقيم على ساحل المحيط في جزيرة القرش، وفي هذا المكان الساحر أُريقت الدماء الأفريقية أنهاراً وامتزجت بماء المحيط.
ما بين عامي 1904م و1908م، قتل الألمان قرابة 75 ألف ناميبي، سواء بالرصاص المباشر، التجويع أو التعذيب، وهو ما مثّل نسبة تتراوح بين 50% و80% من إجمالي عدد السكان، وفي العام 1908م وحده قُدِّر عدد الضحايا بـ 16 ألف أفريقي من سكان هذه المعسكرات الموبوءة، أي بمعدل مواطنين في الساعة!
لم يكتفِ الاستعمار الألماني بكل ذلك، وإنما صادر كل ما خلّفه أبناء القبائل وراءهم من أراضٍ وماشية ومتاع... ونساء! بعدما مارس المستوطنون والجنود عمليات اغتصاب واسعة بحقِّ النساء، خلّفت أجيالاً كاملة، هُجِّنت فيها الجينات الأفريقية، قسرياً، بالعِرق الأوروبي، تاركة ندبة إنسانية في الأنثروبولوجيا الناميبية، لا أمل في شفائها.
المصدر (رابط)
داخل معسكر الموت
سجّل ديفيد أولوسوغا، في كتابه "محرقة القيصر"، قصصاً مروّعة للممارسات التي كانت تجري داخل المعسكرات، بعدما نقل شهادات عدد من المبشّرين الذين أجروا بعض الزيارات للسجناء.
ما بين عامي 1904م و1908م، قتل الألمان قرابة 75 ألف ناميبي وهو ما مثّل نسبة تتراوح بين 50% و80% من إجمالي السكان. وفي العام 1908م وحده قُدِّر عدد الضحايا بـ 16 ألف أفريقي، أي بمعدل مواطنين في الساعة!
حكوا عن امرأة أفريقية بلغت من الضعف أنها كانت تزحف طلباً للمياه، فأطلق عليها المشرف الرصاص، وامرأة أخرى أُجبرت على رفع كيس حبوب ثقيل على رأسها، ولما سقط الكيس منها، جلدها أحد الجنود بسوط لعدة دقائق كانت كافية لتمزيق لحمها وجلدها.
ويكشف أولوسوغا أن هذه الممارسات لم تكن تُقام خفية أو في السر، وإنما كان الجنود يلتقطون صوراً لإهاناتهم للسجناء، ويرسلونها إلى عائلاتهم في برلين وميونيخ، على شكل بطاقات بريدية مصحوبة بتعليقات ساخرة!
ويضيف ديفيد، أن كميات الطعام المخصصة للسجناء كانت ضئيلة جداً، لدرجة أنهم كانوا يتقاتلون "كالحيوانات البرية وقت توزيع الأنصبة"، فيما لجأ آخرون لأكل قنافذ البحر أو أي مخلوق بحري صالح للأكل، حفاظاً على حياتهم.
زرعت "مستعمرات أفريقيا" بذرة العنصرية القومية في التربة الألمانية، وأحيت في نفوسهم أوهام أنهم مخلوقات سامية، رسالتهم الكبرى هي إخضاع كل الشعوب الأضعف منهم لسيطرتهم
كما أُجرى أطباء المعسكر تجارب علمية على السجناء، منها محاولتهم معرفة إذا ما كان داء الاسقربوط معدياً أم لا، فنشروه بين عدد منهم وراقبوا تطوّر حالتهم عن كثب.
لم تكن هذه نهاية المآسي، فلقد أُجبرت نساء معتقلات على غليْ الرؤوس المقطوعة لأقاربهم الموتى في قدور ضخمة، ثم تعبئتها في صناديق وإرسالها إلى جامعات ألمانيا، من أجل السعي لإثبات التشابه بين شعب ناميبيا وبين القرود، ومن ثم ترسيخ فكرة أنهم "شعب أدنى"، يجوز قتله وإبادته، تحويله لفئران تجارب واستيطان أرضه.
تعرض المعتقلون للضرب وعملوا حتى الموت في ظروف مزرية، لبناء خطوط طويلة من السكك الجديدة تربط المستوطنات الألمانية ببعضها، كما عملت مجموعات أخرى من السكان كعبيد، وجرى استغلالهم جنسياً. قُتل نصف إجمالي سكان قبيلة "ناما"، بعضهم في محارق جماعية، وبعضهم بسبب انتشار الأوبئة داخل معسكرات الموت.
يقول المؤرخ الألماني ييل بنيامين مادلي، في أطروحة بعنوان "من أفريقيا إلى أوشفيتز"، إن عمليات القتل الجماعي للمدنيين بلا عقاب أدت إلى تآكل الأخلاق العسكرية الألمانية، ومهّدت الطريق لارتكاب جرائم أكثر خطورة على يد هتلر.
زرعت "مستعمرات أفريقيا" بذرة العنصرية القومية في التربة الألمانية، وأحيت في نفوسهم أوهام أنهم مخلوقات سامية، رسالتها الكبرى هي إخضاع كل الشعوب الأقل منهم لسيطرتهم، أو إبادتهم بِاعتبارهم "شعوباً عديمة الجدوى"، كما أنها كانت التجربة الألمانية، وربما البشرية الأولى، في إنشاء معسكرات موت، تنحصر مهمتها الأولى في قتل كافة مساجينها.
يقول ديفيد بوضوح، إن جرائم النازية لم تكن انحرافاً أو سابقة في العقلية الألمانية، وإنما كانت متسقة مع هوّة العنصرية والمعتقدات القومية المتطرفة التي غرقت بها ألمانيا طوال القرن التاسع عشر.
النهاية
لم يُغلق مخيّم القرش الدموي إلا بعد وفاة 70% من قاطنيه، وعانى ثلث الناجين من أمراض مزمنة قُدِّر أنهم لن ينجوا منها أبداً. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914م، آلت ناميبيا إلى جنوب أفريقيا، معلنة نهاية دولة ألمانيا الأفريقية، بعدما تجاوز عدد المستوطنين الألمان 9 آلاف فرد، وظلّت ناميبيا تحت حُكم جنوب أفريقيا التي قاتلت لصالح الإمبراطورية الإنجليزية، وعقب انتهاء الحرب، وضعت عصبة الأمم هذه المنطقة تحت الانتداب البريطاني، والذي كلّف جنوب إفريقيا بإدارتها حتى استقلّت عنها عام 1990م.
الطريق نحو الهولوكوست
عاد من هذه المستعمرات المميتة واحدٌ من أشرس مقاتلي ألمانيا وأكثرهم تعصباً لقوميته الجرمانية، هو الملازم البافاري "فرانز كزافييه فون إيب"، لم يُعاقب جراء يديه المخضبتين بالدم الأسود، وإنما حافظ على مساره الوظيفي في الترقّي حتى أصبح جنرالاً في العام 1922م، ولم يتخلّ عن قناعاته بأن على الألمان التوسع داخل أراضي الشعوب الأدنى، حتى تأثر به شاب متحمس لقوميته الآرية، هو أدولف هتلر، الذي بنى فلسفته السياسية على قناعات "فون إيب".
اعتمد هتلر على إرنست رومErnst Röhm ، الذراع اليمنى لـ"فون إيب" في تأسيس قوات العاصفة، الجناح العسكري للحزب النازي، التي ارتدت نفس قمصان الجنود الذين كانوا يستعملونها خلال الحقبة الاستعمارية لأفريقيا، كما عيّن هتلر "فون إيب" نفسه على رأس حكومة بافاريا.
كما استوحى عدد كبير من أطباء النازية تجارب طبيب المعسكر الناميبي يورجن فيشر، على الأطفال المولودين من حالات اغتصاب المستوطنين لنساء الأراضي المحتلة، والتي استنتج منها أن الأطفال المولودين في إطار اتحادات ثنائية العرق كانوا "أدنى منزلة" من آبائهم الألمان، وهو النهج العلمي الذي راق للكثير من علماء النازية، وخاصة جوزيف منجيل، الذي كان مسؤولاً عن التجارب الطبية على اليهود في معسكر أوشفيتز بيركيناو.
يقول المؤرخ الألماني ييل بنيامين مادلي، في أطروحة بعنوان "من أفريقيا إلى أوشفيتز"، إن عمليات القتل الجماعي للمدنيين الأفارقة أدت إلى تآكل الأخلاق العسكرية الألمانية، ومهّدت الطريق لارتكاب جرائم أكثر خطورة على يد هتلر
ميراث الاستعمار
صحيح أن ألمانيا أعربت عن "أسفها" من ماضيها الاستعماري الأسود، إلا أنها لم تتنصّل منه تماماً بعد، فحتى الآن تقف بوابة فريدريش فيلهلم الثاني، عرّاب كافة الخطط الاستعمارية للساحل الأفريقي، في قلب برلين، وفي الوقت الذي أعلنت فيه برلين تخصيص 600 مليون يورو لترميم قصره، عرض فريق مفاوضيها 10 ملايين يورو فقط لتعويض ضحاياها في ناميبيا.
لا تُحيي ألمانيا ذكرى الإبادة الناميبية بعروض حية آسفة وحزينة في كافة مدنها الرئيسية كما تفعل حالياً مع الإبادة اليهودية.
أما في ناميبيا، فتتجلّى أكبر رموز الاستعمار حتى الآن، أولها مقابر ضحايا معسكرات الموت، والمنتشرة بطول نهر سواكوبموند وفي ساحات السكك الحديدية، علاوة على المقابر الجماعية للضحايا التي كُشف النقاب عنها في صحراء كالاهاري عام 1999م. ثانيها طبقة المزارعين المنحدرين من تزاوج المستوطنين الألمان بالناميبيات، يبلغ عددهم 10% من إجمالي سكان ناميبيا البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، والذين ورثوا مساحات شاسعة من الأراضي، يعتبرها بقية الناميبيين الفقراء إرثاً استعمارياً ينبغي الاستيلاء عليه وتوزيعه مناصفة على الجميع.
وانتهاء ببعض النُصُب التذكارية للمستعمرين الأوائل التي أقيمت في عدد من ميادين ناميبيا، وجرى التنكيل بواحد منها منذ سنوات، ودُهن باللون الأحمر من قِبَل متظاهرين محتجين على وجوده.
في أكتوبر من العام 2011م، أعادت السلطات الألمانية إلى ناميبيا 20 جمجمة نُقلت إلى متاحفها، بعد 100 عام من الغياب عن أرض الوطن، وجرى لها استقبال رسمي فور وصولها، في مشهد اختلطت فيه مشاعر الفرح بالحزن، ولم ينسَ بعض الشباب إطلاق عدد من صيحات الحرب التقليدية لمحاربي "هيريرو"، في إشارة قوية، حتى لو كانت غير مقصودة، بأن ألمانيا لم تنجح في تجريدهم من تراثهم، رغم كثرة ما دفنت من أجدادهم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون