مع اقتحام أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مبنى الكونغرس، سارعت تركيا وإيران إلى توظيف ما جرى في خدمة أجنداتهما السياسية.
من الناحية التركية، اعتبر مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الولايات المتحدة في طريقها إلى التفكك، وعليه فإن أنقرة كانت على صواب حينما سلكت طريقها الخاص لتصبح ضمن كبار القوى العالمية الجديدة.
أما في إيران، اعتبر التيار المحافظ هذه الأحداث دليلاً على صحة موقفهم في عدم التفاوض مع ترامب، كاشفين أن هناك مفاوضات كانت على وشك أن تبدأ مع الرئيس الأمريكي.
ودقت هذه الحادثة جرس إنذار في تل أبيب، حيث عبّر عددٌ من السياسيين عن مخاوفهم من احتمالية أن يُكرّر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذه الأحداث، إذ سبق وأعلن أن "الشعب لن يسمح بسرقة الحكومة منه".
تركيا أول المعلقين
كانت تركيا أول دولة شرق أوسطية تُعلّق على الصراع السياسي الدائر في الولايات المتحدة.
وذكرت في بيان مقتضب نشرته وكالة "الأناضول" التركية الحكومية: "تدعو تركيا جميع الأطراف في الولايات المتحدة إلى استخدام الاعتدال والحس السليم للتغلب على هذه الأزمة السياسية الداخلية".
وقال رئيس البرلمان التركي مصطفى سينتوب على تويتر: "نتابع بقلق الأحداث في الولايات المتحدة وندعو كافة الأطراف إلى الهدوء. في تركيا، كنا دائماً نؤيّد القانون والديمقراطية ونوصي الجميع بذلك".
وعلّق كبير مستشاري الرئيس التركي يجيت بولوت على أحداث الكونغرس في تغريدة، واصفاً إياها بـ"حرب أهلية"، مشيراً إلى "صعوبة بقاء الولايات "متحدة".
وقال بولوت إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في حالة تدهور سريع، ويتوقع وفاة حلف شمال الأطلسي، كاتباً أن تركيا أصبحت واحدة من ثلاث قوى عظمى في نظام عالمي جديد بعدما رسمت طريقها الخاص.
فيما تمنت أصوات تركية تتحدث بالعربية حدوث انقلاب في واشنطن، إذ كتب الناشط محمد أردوغان على تويتر معلقاً لدى النائب الجمهوري آدم كينزينغر: "ما نشهده هو محاولة انقلاب".
وأضاف الناشط المعروف بالترويج لسياسة تركيا : "لِم لا! كم انقلاب زرعتم خارج أمريكا وقد آن الأوان لتذوقوا حصاد زرعكم".
من الناحية التركية، كان ثمة احتفاء بأن "أمريكا في طريقها إلى التفكك" وبـ"صواب أنقرة"، وفي إيران اعتبر التيار المحافظ هذه الأحداث دليلاً على "صحة الموقف"... كيف تابع المحللون الأتراك والإيرانيون اقتحام الكونغرس؟
وسرعان ما ردّت سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور على البيان التركي، بالقول: "انتظر أردوغان وقادة مثل بوتين وقتاً طويلاً لإصدار بيانات كهذه".
وأضافت في تغريدة لها: "لكن ليست الديمقراطية هي التي تحرض على هذا العنف أو تغذي حملة ترامب لسرقة الانتخابات، بل تبني ترامب للتكتيكات الاستبدادية التي يعتمد عليها هؤلاء الطغاة كل يوم".
اعتراف ايراني
في إيران، علّق الرئيس الإيراني حسن روحاني على الأحداث التي جرت في مبنى "الكابيتول هيل"، قائلاً: "ما رأيناه الليلة الماضية في أمريكا، أظهر أن الديمقراطية الغربية ضعيفة… انظروا إلى ما فعله شعبوي بأمريكا. لقد شوّه صورة بلاده وأضر بعلاقات أمريكا مع العالم كله".
وبعد السخرية من الديمقراطية الأمريكية، حاول روحاني مغازلة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، قائلاً إنه يأمل في أن "يصلح الأضرار التي سببها ترامب" و"يعيد الأمة الأمريكية، وهي أمة عظيمة، إلى مكانها الصحيح".
وكتب حسين دهقان، أحد مستشاري المرشد الأعلى علي خامنئي، قائلاً إن "مهندس كل أعمال الشغب والانقلابات والثورات الملونة اليوم، تُغلب عليه في الكونغرس من قبل المحتجين على الانتخابات الرئاسية". وأضاف في تغريدة: "العالم يراقب الحلم الأمريكي".
وفي تعليق على أحداث الكونغرس، اعترف علي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن هناك من كان على وشك أن يتفاوض مع ترامب.
وقال شمخاني في تغريدة: "في انتخابات 2016، تم التشكيك في صحة ترامب العقلية. بعد أحداث الكونغرس، طالب بعض أعضاء مجلس الشيوخ بإقالته بموجب التعديل الخامس والعشرين للدستور لنفس السبب. ما الرد على من كانوا على وشك التفاوض مع هذا المجنون في إيران؟".
وكتب المحلل السياسي الإيراني محمد صالح صدقيان تغريدة على تويتر: "نحن شعوب العالم الثالث نطالب الرئيس دونالد ترامب وأنصاره من المحتجين على نتائج الانتخابات احترام الديمقراطية وقواعد اللعبة لأن ذلك يضر بمصداقية الولايات المتحدة في رعايتها للديمقراطية والدفاع عنها في بلداننا ومعارضة أي قانون يتعارض مع حقوق الإنسان. أنقذوا ما تبقى من مصداقية!".
وأضاف صدقيان في تغريدة أخرى: "الكرنفال الديمقراطي في الولايات المتحدة. الحمد لله الذي أبقانا أحياء لنرى آليات الديمقراطية الغربية كيف تريد أن تعلم البشرية كيف يجب أن تحترم نتائج الانتخابات؟ والله يا زمن".
دقت حادثة اقتحام الكونغرس جرس إنذار بين المحللين في تل أبيب، حيث عبّر عددٌ من السياسيين عن مخاوفهم من احتمالية أن يُكرّر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأمر، إذ سبق وأعلن أن "الشعب لن يسمح بسرقة الحكومة منه"
وكتب المحلل أمير موسوي على تويتر: "ما يحصل في أمريكا من فوضى يدل على هشاشة النظام الأمريكي وتمزق الهيئة الحاكمة، وفشل ترامب داخلياً وخارجياً ولم يسجل نجاحاً إلا مع الضعفاء الإنبطاحيين في المنطقة حيث استطاع أن يمرر إملاءات عليهم بسهولة".
وفي وقت سابق، رفعت الحكومة الإيرانية "إشعارًا أحمر" إلى الإنتربول يطالب باعتقال ترامب و 47 مسؤولًا أمريكياً آخر بتهمة اغتيال قاسم سليماني. وأصدر العراق، في 7 كانون الثاني/ يناير الحالي، إشعاراً مماثلاً.
تكرار السيناريو
دان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الهجوم على الكونغرس، من قبل أنصار ترامب، وشدّد على أن الديمقراطية الأمريكية سوف تسود.
وألقى نتنياهو هذه الكلمات بعد مرور عدة ساعات على الأحداث، وذلك خلال لقائه في القدس مع وزير الخزانة الأمريكي ستيف منوتشين. ولم ينتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي ترامب، ولم يُشر إليه مباشرة أو إلى أنصاره.
من جهته، دان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الهجوم على مبنى الكابيتول بعد وقت قصير من وقوعه، كما فعل وزير الخارجية غابي أشكنازي في غضون ساعات قليلة.
لكن هذه الأحداث أثارت مخاوف لدى عدد من السياسيين الاسرائيليين الذين يخشون تكرار نتنياهو هذا السيناريو بسبب رفضه التخلي عن الحكم.
وكتب عضو الكنيست الإسرائيلي المعارض إيلي أفيدار: "منذ أشهر قال نتنياهو أن الناس لن يسمحوا بسحب الحكومة منهم، كيف يختلف هذا عن ترامب؟ ... دعواته التحريضية ستسبب في وقوع أسوأ الأعمال".
وكان نتنياهو ألقى خطاباً بعد اتهامه من قبل المدعي العام في قضايا فساد أعلن فيه أن هناك مؤامرة للإطاحة به وهو ما لن يقبله الشعب.
وبينما كانت البيانات والتعليقات تخرج من دول الشرق الأوسط، جاءت الأخبار من واشنطن بتولي السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز المعروف بمواقفه المعارضة بشدة لأردوغان وقادة مصر والسعودية واسرائيل رئاسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ.
وأصدر مينيندي بياناً مطولاً يدين فيه ترامب لتحريضه على العنف في مبنى الكابيتول، وقال إن مشاهد العنف التي اندلعت هي نعمة لـ "المستبدين" "وأعداء أمريكا".
وقال السيناتور الذي أثار تعيينه تفاؤلاً كبيراً بين جماعات حقوق الانسان: "من موسكو إلى بكين وما ورائها، من المحتمل أن يبتسم المستبدون وهم يرون أمريكا في حالة فوضى، وفي حرب مع نفسها، ولم تعد رسولاً موثوقاً به للقيم الديمقراطية التي لطالما حددت جمهوريتنا العظيمة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه