"الموت حق… كاس بدو يمر ع الكل. بس إحنا لما بنكون فقدنا عزيز، بيترك بحياتنا فراغ ما بيتعبا أبداً، وبنحس أنو ناقصنا شي"، وردت هذه العبارة ضمن حوار فلسفي عميق حول الموت وأثر الفقد على لسان إحدى شخصيات المسلسل الاجتماعي السوري الشهير "الفصول الأربعة".
بعد سنوات طويلة على عرض المسلسل، استخدمها العديد من المعلقين عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن ألمه وحجم خسارته لرحيل مخرج العمل، حاتم علي.
رح يبقى هالعمل رغم بساطته علامة فارقة بالدراما السورية ..وقد مايحضرو الواحد مابمل منه #الفصول_الاربعة للمخرج #حاتم_عليpic.twitter.com/SNSeezrfuB
— HOT-NEWS (@news_ger_chekel) December 29, 2020
أكدت وسائل إعلام مصرية وعربية نبأ وفاة المخرج السوري الكبير حاتم علي عن 58 عاماً، صباح 29 كانون الأول/ ديسمبر، إثر "أزمة قلبية" خلال وجوده في أحد فنادق القاهرة حيث يقيم منذ سنوات.
وكان السيناريست المصري عبد الرحيم كمال أول من أذاع الخبر بمنشور عبر حسابه في فيسبوك شارك خلاله صورة له مع حاتم وعلق عليها: "لا حول ولا قوة إلا بالله... وداعاً صديقي وحبيبي الأستاذ حاتم علي المخرج الكبير المهذب الراقي. في أمان الله ورحمته حبيبي. من أحزن الأخبار والله".
"صاحب التغريبة الفلسطينية" الذي "ساهم في الحفاظ على الذاكرة الفلسطينية من الضياع" يرحل فجأةً… المخرج السوري حاتم علي قضى بأزمة قلبية عن 58 عاماً
متعدد المواهب
على الرغم من أن حياته العلمية بدأت بدراسة الفلسفة، بدّل حاتم مساره إلى دراسة التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، حيث حصل على شهادة في الفنون المسرحية عام 1986.
"العالم كله تآمر علينا ورمانا للخيمة، عشان هيك صار كله حقنا، اللي ملوش بيت كل البيوت حقه، اللي ملوش حق كل الدنيا حقه".
— Hosam Yahia (@HosamYahiaAJ) December 29, 2020
- من أفضل مشاهد مسلسل #التغريبة_الفلسطينية للمخرج #حاتم_علي الذي توفي اليوم. pic.twitter.com/Wd7mPJE3yz
ليس واضحاً إذا كان من قبيل الشغف بالتجديد أو الإيمان بتعدد مواهبه أن تحول حاتم عدة مرات من لون فني إلى آخر، فبعدما بدأت مسيرته كاتباً مسرحياً -بالإضافة إلى كتابة النصوص الدرامية والقصص القصيرة- ظهر ممثلاً في بعض المسلسلات السورية مثل "دائرة النار" عام 1988، قبل أن يتجه إلى الإخراج انطلاقاً من الأعمال التلفزيونية في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وصولاً إلى إخراج الأفلام الروائية القصيرة والطويلة.
بلغ إجمالي الأعمال التي شارك فيها ممثلاً 42 ومخرجاً 49 عملاً، علاوةً على تأليف ستة أعمال، وإنتاج 10 أخرى عبر تأسيسه شركة "صورة" للإنتاج الفني ومن أعمالها: "مطلوب رجال" عام 2010 و"المنتقم" عام 2012.
ليس واضحاً إذا كان من قبيل الشغف بالتجديد أو الإيمان بتعدد مواهبه أن تحول #حاتم_علي عدة مرات من لون فني إلى آخر، كان ممثلاً وكاتباً مسرحياً ومخرجاً تلفزيونياً وسينمائياً وجميعها مارسها بنفس البراعة والتميز
بعيداً عن حسبة الأعداد، يكفي حاتم علي ذكر اسم واحد فقط من أعماله الاجتماعية والتاريخية البديعة لنتبين أن هذا العمل الواحد يعادل مسيرة فنية كاملة لآخرين ويكشف عن سيرة قل مثيلها. هو مخرج "الزير سالم" -هذا المسلسل التاريخي السوري الذي أنتج عام 200 ويعد حجر زاوية في مسيرته بل في مسيرة نجوم حاليين ساهم العمل بالدور الأكبر في شهرتهم، وعلى رأسهم عابد فهد وسلوم حداد، كما فاز عنه بذهبية مهرجان البحرين. كان حاتم يخطط لإعادة تصوير قصة المسلسل في عمل سينمائي برؤية فنية جديد، وفق أنباء جرى تداولها قبل أيام.
أهم مشاهد مسلسل الملك فاروق للمخرج السوري الراحل #حاتم_علي pic.twitter.com/okgnlrvuIA
— Ascetic (@Ascetic18384772) December 29, 2020
لكن ما إن يذكر اسم حاتم علي حتى تتبادر إلى الأذهان أعماله الاجتماعية والتاريخية الوطنية، أبرزها: "التغريبة الفلسطينية" عام 2004 الذي واجه صعوبات عديدة في سبيل إنجازه على نحو يوصل للعالم معاناة الشعب الفلسطيني. وكيف لا يشعر بمعاناة التهجير والتشريد وهو المولود في الجولان السوري عام 1962، وقد نزح مع عائلته بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي حتى حصل على اللجوء في كندا لاحقاً.
حاتم علي يتحدث إلى جورج حبش عن الصعوبات التي واجهته في إنجاز العمل الدرامي الأبرز في تاريخ القضية الفلسطينية "التغريبة الفلسطينية".
— Yasser (@yasserashour95) December 29, 2020
رحيل حاتم علي خسارة كبيرة لنا جميعًا.. إلى رحمة الله pic.twitter.com/SoyuF8s6sk
هو أيضاً مخرج مسلسل "صلاح الدين الأيوبي" عام 2001 وقد تمت دبلجته إلى عدة لغات وعرض في بضع دول، بينها ماليزيا وتركيا واليمن، ومسلسلات "صقر قريش" عام 2002 و"ربيع قرطبة" عام 2003، و"ملوك الطوائف" عام 2005، و"الملك فاروق" عام 2007، و"عمر" عام 2012. يروي الأخير سيرة عمر بن الخطاب وهو أضخم إنتاج عربي في مجال الدراما وأول تجسيد لصحابي في عمل فني عربي.
كذلك أخرج مسلسلات: "فارس في المدينة" عام 1997، و"مرايا" بين عامي 1998 و1999، و"الفصول الأربعة" بين عامي 1999 و2002، و"الثلاثية الأندلسية" بين عامي 2002 و2005، و"عصي الدمع" عام 2005.
خلال السنوات الأخيرة، استقر حاتم في مصر ليهدي إلى مكتبة الدراما المصرية عدداً من المسلسلات المتميزة، آخرها "أهو دا اللي صار" عام 2019، وهو آخر أعماله. وكان حاتم يعكف على إخراج "عمل درامي ضخم" حين توفي، وفق ما ذكرته مجموعة "إم بي سي" السعودية في رثائه.
ربما كانت قصة حياته أشبه بفيلم سينما، لكن ملابساتها صنعت تميزه؛ ميلاده في الجولان وتعرضه للتهجير جعلاه يقدم رائعة "التغريبة الفلسطينية"، ودراسته للفلسفة قبل التمثيل أضفت عمقاً على أعماله
لكن باكورة أعماله الدرامية في مصر كانت مسلسل "تحت الأرض" الذى مثّل أول بطولة مطلقة للفنان أمير كرارة عام 2013. ثم توالت أعماله الدرامية المصرية، منها: "حجر جهنم" عام 2017 و"كأنه امبارح" عام 2018.
وكتب حاتم ثلاثة أعماله مسرحية هي: "مات 3 مرات" عام 1996، و"البارحة- اليوم- غداً" عام 1998، و"أهل الهوى" عام 2003. علاوةً على مشاركته المخرج المسرحي زيناتي قدسية في كتابة مسرحيتَي "الحصار" و"حكاية مسعود". وهو الذي أّلف فيلمه الأول "آخر الليل" من إنتاج عام 1996، وقد حاز به ذهبية مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون.
وفي سجل حاتم الفني ثلاثة أفلام روائية طويلة: "العشاق" عام 2005، و"سيلينا" عام 2009، و"الليل الطويل" عام 2009. ولديه فيلم روائي قصير بعنوان "شغف" إنتاج عام 2005.
يشار إلى أن حاتم كان متزوجاً بزميلته الكاتبة والممثلة السورية دلع الرحبي (57 عاماً) -مؤلفة "الفصول الأربعة" بمشاركة الكاتبة ريم حنا، ولديهما ابنان.
المخرج السوري حاتم علي.. في ذمة الله
— Yasser (@yasserashour95) December 29, 2020
رحل صاحب التغريبة الفلسطينة، وستبقى فلسطين تحفظ له فضله حتى الحرية، ساهم حاتم علي بالحفاظ على الذاكرة الفلسطينية من الضياع، إلى جانب أعماله العظيمة الأخرى. pic.twitter.com/qR8e3LSjIk
بالإضافة إلى العشرات من الفنانين والمخرجين العرب الذين نعوه، رثى العديد من الجمهور "صاحب التغريبة الفلسطينية" الذي "ساهم في الحفاظ على الذاكرة الفلسطينية من الضياع".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ 19 ساعةأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ يومينلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...