بثياب ملونة، تحمل روحها الغجرية من حيفا إلى باقي المدن. هكذا تغني تيريز سليمان على المسرح، حافية القدمين خفيفة. تدرك مدى قوة صوتها، فتحلق بالمسرح ومن فيه عالياً إلى حيث تريد، مثلما فعلت شهرزاد.
إبنة حيفا (1985)، درست الموسيقى في جامعة حيفا، ونجحت في خلق تجربة موسيقية جديدة تعتمد على الموسيقى العربية التقليدية، لتؤسس لمشهد موسيقي من نوع آخر يتجاوز مصطلح الموسيقى البديلة. تعيد صناعة الأفكار والآمال المحطمة في ظروف عيش صعبة، تنشلها من الضفة الغربية، إلى المحاصرين في غزة، إلى المشهد الاجتماعي داخل فلسطين.
تسخّر أعمالها الفنية جمالياتِ الموسيقى العالمية، وتخلط بينها لتخرج بمزيج فلسطيني يحاكي عدالة القضية ورقيّها الإنساني. تعكس أعمالها كذلك تنوع ثقافي وموسيقي يفضي إلى تمايز جمالي عن مختلف أعمال الموسيقى الفلسطينية المعروفة. في عرضها "عندي كلام" تعيد تيريز توزيع أغنياتٍ مثل “حطاب” لسميح شقير، “أبانا الذي في السما” لخالد الهبر، وفقاً لرؤيتها الموسيقية الخاصة، يرافقها فيها يزن إبراهيم (جيتار وباص). تعيد كذلك توزيع "على طريق عيتيت" للفنانة اللبنانية مي نصر.
"أشكال الظلم متفاوتة في فلسطين. بين إبن غزة الذي يواجه الحصار والقصف، وبين من يعيشون في الداخل، بما يواجهونه من حصار فكري وقهر عنصري" تقول تيريز. تلخص تجربتها برسالة فنية تشتبك مع الواقع الفلسطيني في جوهره، في حين أن الموسيقى التي تغنيها بلا حدود، قادرة على أن تصل إلى العالم. فالقضية بحسبها "إنسانية قبل أن تكون فلسطينية".
بعد عرض "عندي كلام"، اتجه عمل تيريز سليمان للتغيير. قدمت أغنية "مساحة" بالتعاون مع علاء أبو دياب (كلمات) وفرج سليمان (بيانو) كنمط غنائي أصلي ومختلف عما اعتادت عليه، ليصبح بذلك جزءاً من عرض "تسجيل دخول" الذي قدم في حيفا أغسطس الماضي. شاركت كذلك بصوتها في مسرحيات عديدة، مثل مسرحية "التغريبة" وهي شهادة وثائقية تصف الحرب والتهجير، التي أقيمت في قرية “كفر برعم” المهجرة كتأكيد على خصوصية القرى المهجرة والالتفاف حول قضية الشعب.
تعمل تيريز سليمان الآن على إنتاج ألبومها الأول "تيجي نحلم"، لتقوم بجولة عروض حية بمشاركة خمسة موسيقيين من الجولان السوري: عمرو مداح، حسن نخلة، رامي نخلة، شادي عويدات، وهلانة خاطر.
في بداية عام 2011 شارك عدة فنانين من الداخل الفلسطيني، بينهم تيريز سليمان بإطلاق فيديو غنائي تحت عنوان "الثورة الخضراء"، كهدية إلى ثورة تونس. كان لهذا الأمر تأثير آخر على مسار أعمال سليمان الفنية، لتغني "صلاة" كمقطع موسيقي مصوّر يدمج بين الشّعر المؤدّى، العزف والغناء، ويطرح موقفاً واضحاً من قضيّة تعامل العالم أجمع والعالم العربي تحديداً مع جسد المرأة، لجهة تشييئه.
"إلهي أعدني إلى الصحراء من فضلك"، بهذه الكلمات يخرج "إله الثورة" إلى النور. هذا الأداء أتى نتيجة تعاون مشترك بين موسيقيين ومغنيين فلسطينيين، من كلمات الشاعر مروان مخول وإخراج إيلي رزق، على مسرح الميدان في حيفا. المقطع الموسيقي المصور بالغ الجودة والقيمة، يقدم خليطاً متجانساً بين الراب والرقص والغناء، بين مغني الراب تامر نفار عضو فرقة «دام» الذي قام بصياغة نسخة من القصيدة باللهجة الفلسطينية المحكية، وصوت تيريز سليمان، وأداء صوتي من مروان مخول.
يعتمد العمل الغنائي على الطاقة التصويرية للوضع المتردي في الشرق الأوسط، كمحاولة لرواية قصة يتخللها الكثير من التعقيد والنكسات الاجتماعية والسياسية، لتصل بالنتيجة إلى تشخيص الحالة الفردية. يقول مروان مخول: "في ظل الثورات العربية والثورات المضادة، بات الموت نتيجة حتميّة ومجانيّة. أمام هذه الحالة الشرسة وقفنا صامتين مذهولين، حتى طفح الكيل فحاولنا تقديم صرخة احتجاج ضد القتلة وأجنداتهم".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...