انتقدت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" على خلفية برنامج تمت الإشارة فيه إلى أن المسيح "فلسطيني" من دون أي ذكر لما وصفته الصحيفة بـ"هوية يسوع اليهودية".
وكان برنامج "هارت آند سول" أو "القلب والروح" الإذاعي الذي يبث عبر الخدمة العالمية لـ"بي بي سي" قد أذاع حلقةً بعنوان "بلاك جيسس" أو "المسيح الأسود"، في 18 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أشار خلالها مقدم البرنامج روبرت بيكفورد إلى أن يسوع كان "فلسطينياً". لكن الصحيفة تصر على أن هذا المصطلح لم يستخدم إلا بعد مرور نحو 100 عام على صلب المسيح.
"يهودي فلسطيني ملوّن"
وفي الحلقة التي مدتها 27 دقيقة، نبّه بيكفورد إلى أن الصور الفنية التي تجسد يسوع على أنه أشقر وأوروبي غير دقيقة تاريخياً، مكرراً وصف المسيح على أنه "يهودي فلسطيني من القرن الأول" عدة مرات. وقالت الصحيفة: "لم يتم استخدام مصطلح ‘فلسطيني‘ إلا بعد 100 عام على وفاته عقب ثورة بار كوخبا التي قام بها اليهود ضد الإمبراطورية الرومانية.
لكن مقدم البرنامج كان قد ذكر في الحلقة: "هوية ولون يسوع - ولماذا يهم ذلك - قد اكتسبت أهمية جديدة في هذا العام من الاحتجاج والتغيير. إن رؤية يسوع على أنه فلسطيني ذو بشرة داكنة أكثر من كونه أوروبياً أشقر هو أمر دقيق تاريخياً ومهماً من الناحية الدينية، ولكنه ليس فكرة جديدة"، مقدماً عدة تأكيدات على وجهة نظره.
برنامج إذاعي عبر بي بي سي يصف المسيح بأنه "فلسطيني يهودي من القرن الأول"، وهيئة أمريكية مدافعة عن إسرائيل تجادل بأنه لم يكن هناك فلسطين قبل مرور أكثر من 100 عام على صلب المسيح وتطالب بـ"تصحيح الادعاءات غير الدقيقة"
تكرر وصف "يهودي فلسطيني" على مدار الحلقة. في الدقيقة (01:16) على سبيل المثال، قال بيكفورد: "على الرغم من حقيقة أن بشرة يسوع داكنة، باعتباره يهودياً فلسطينياً في القرن الأول أكثر واقعية، فقد أصبح يسوع الأبيض بطريقة ما الصورة الأكثر شعبية وقبولاً".
وعاد في الدقيقة (25:37) ليشدد: "لون يسوع مهم بالمعنى الحرفي والرمزي. كان يهودياً فلسطينياً من القرن الأول ملوناً...".
وكانت لجنة متابعة الدقة في تقارير الشرق الأوسط (CAMERA)، ومقرها أمريكا، أول من انتقد "عدم دقة" بي بي سي إذ اتهمت في تقرير لها، بتاريخ 23 كانون الأول/ ديسمبر، الإذاعة البريطانية بأنها "تروج لمفهوم المسيح كفلسطيني"، موضحةً أن بيكفورد ليس أول من يفعل ذلك "سواء أكان ذلك لغايات سياسية أو عن جهل".
وتوضح اللجنة عبر موقعها الرسمي أنها تأسست عام 1982 و"هدفها الرئيسي العمل على دفع التغطية الدقيقة والمتوازنة للأحداث الجارية الخاصة بالشأن الإسرائيلي خاصة وقضايا الشرق الأوسط عامة".
ما وجه الاعتراض؟
وذكّرت CAMERA بانتقادها "عدم دقة" صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عام 2008 إثر تقرير ورد فيه أن "المسيح تكلم في فلسطين". وذلك علاوةً على انتقادها نفس الصحيفة هذا العام بسبب ذكرها في أحد التقارير "فلسطين القرن الأول" وأنه "في زمن المسيح، كانت بيت لحم والقدس في ما كان يُطلق عليه عادةً يهودا والناصرة (التي كانت في ما) يُطلق عليه عموماً الجليل".
"فكرة عفا عليها الزمن"... انتقاد إسرائيلي لإذاعة "بي بي سي" بعد تجاهل أحد برامجها "هوية يسوع اليهودية"، واتهام بالترويج لفلسطينية المسيح "لغايات سياسية أو عن جهل"
وتزعم اللجنة أن "الأرض التي عاش فيها يسوع لم تحمل اسم فلسطين قبل القرن الثاني، بعد وفاته بفترة طويلة. وبالتالي، فإن فكرة ‘فلسطين القرن الأول‘ خيالية تماماً". كما تعتبر القول إن "المسيح كان فلسطينياً من القرن الأول" هي فكرة "عفا عليها الزمن".
وتزعم CAMERA: "في عام 132 بعد الميلاد، أي بعد حوالى 100 عام من صلب المسيح، حارب اليهود ضد الحكم الروماني للمرة الثانية في ما يعرف باسم ثورة بار كوخبا. بعد أن هزم الرومان اليهود المتمردين عام 135، أعادوا تسمية أرض اليهود ‘فلسطين‘ لمعاقبة اليهود وجعلهم قدوة للشعوب الأخرى التي تفكر في التمرد".
وتابعت: "أزال الرومان الاسم اليهودي (للأرض)، ‘يهودا‘، واستبدلوه باسم عدو قديم احتقره اليهود. كان ‘الفلستيون‘ شعباً منقرضاً من بحر إيجة وكان اليهود يكرهونهم تاريخياً لأنهم غير مثقفين وبربريين".
وبينما لم توضح الصحيفة الإسرائيلية ما إذا كان الإسرائيليون قد يطلبون اعتذاراً كما حدث في حالات مماثلة، اكتفت بالإشارة إلى ما ذكرته CAMERA: "بالطبع، سنطلب من بي بي سي أن تصحح الادعاءات غير الدقيقة بأن عيسى كان فلسطينياً وأنه عاش في مكان كان يسمى في ذلك الوقت فلسطين".
تجدر الإشارة إلى أن الناشطة الفلسطينية الأمريكية ليندا صرصور فجّرت هذا الجدل في العام الماضي حين غردت قائلةً إن "السيد المسيح ولد في فلسطين"، مبرزةً أن هذا لا يتعارض مع "حقيقة أنه كان يهودياً". وكان قد سبقها إلى ذلك القيادي الفلسطيني الراحل صائب عريقات الذي اعتبر المسيح "أول شهيد فلسطيني بعد مقتله على يد الرومان"، والرئيس الفلسطيني محمود عباس عدة مرات كانت أولاها عام 2013.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...