كشفت الدورة السادسة من استطلاعات الرأي التي أجراها الباروميتر العربي عن "مستويات متباينة بشدة" في ثقة المواطن العربي في تعامل حكومته مع جائحة الفيروس التاجي التي تقترب من دخول عامها الثاني. من أمور أخرى متعلقة بالتعامل الرسمي مع الوباء، كانت الثقة على أشدها في الأردن (نسبة 63%) وأقلها في لبنان (6% فقط).
أُجريت الاستطلاعات بين تموز/ يوليو وتشرين الأول/ أكتوبر 2020 عبر الهاتف مراعاةً للإجراءات الاحترازية. وذلك في خمس دول عربية هي: الأردن ولبنان والمغرب والجزائر وتونس. بموازاة التباين الذي كشفه استطلاع آراء اللبنانيين والأردنيين، أظهر المواطنون في المغرب (52%) والجزائر (46%) وتونس (17%) مستويات متفاوتة من الثقة بالحكومة أيضاً.
وبينما ضربت جائحة كوفيد-19 الدول العربية في وقت كانت الحكومات تعاني ضغوطاً متعددة وكبيرة إذ كافحت الأزمات الاقتصادية والنزاعات المسلحة، في بعض الدول مثل ليبيا وسوريا، كان إخفاق الحكومات في التصدي لمثل هذه التحديات على مدار السنوات سبباً وراء اهتزاز ثقة الرأي العام في الحُكام.
وقد سعى استطلاع الباروميتر، وهو منظمة بحثية غير حكومية، إلى معرفة موقف المواطنين في البلدان المشمولة من أربعة أمور هي: الثقة بالحكومة، وتقييم نظام الرعاية الصحية، وأبرز المخاوف المتعلقة بفيروس كورونا المستجد، وأداء الحكومة في الاستجابة لكوفيد-19.
اللبنانيون الأقل ثقةً في حكومتهم والأقل اعتقاداً في إيجابية تعاملها مع كوفيد والعكس تماماً في الأردن… استطلاع للباروميتر العربي يوضح مدى رضا العرب عن التعامل الرسمي مع الجائحة
راضٍ vs غير راض
اعتبر الباروميتر جائحة كوفيد-19 "تحدياً جديداً، أكثر تعقيداً، يواجه النظم الاقتصادية والصحية في الدول العربية"، مشيراً إلى قلة المواطنين العرب الذين ينتظرون تعاملاً قوياً من حكوماتهم في ظل الضعف النسبي للأنظمة الصحية.
رغم ذلك، كان هناك تباين في ما خص مستوى الرضا عن منظومات الرعاية الصحية عبر دول المنطقة وليس عن أداء الحكومات أو الثقة بها. في الأردن، قال ثلاثة من كل أربعة (76%) إنهم يشعرون بالرضا عن مستوى الرعاية الصحية. وأعربت الأغلبية في المغرب (58%) أيضاً عن رضاها.
كانت النتيجة مغايرة في بقية الدول. أقل من النصف في الجزائر (47%) كانوا راضين عن الرعاية الصحية. وكانت مستويات الرضا أكثر انخفاضاً في تونس، 38%، وقد بلغت أدناها في لبنان، 13% فقط .
ولفت الباروميتر إلى أن "هذه التصنيفات تعكس – على الأقل جزئياً – تفاوت مستوى التوقعات عبر المنطقة"، أي أن مواطني هذه الدول لا يستخدمون بالضرورة نفس المعايير لتقييم نظامهم الصحي.
تعددت الإجراءات التي اتخذتها الحكومات العربية في إطار محاولاتها الحد من تفشي الوباء، بما في ذلك غلق المجال الجوي والبري والبحري وفرض حظر التجوال وزيادة القيود على التنقل بين أجزاء البلاد وتحديد شروط ومواعيد لفتح المؤسسات والمصالح المختلفة وتحجيم التجمعات. كانت التدابير صارمة في كثير من الأحيان، وفرضت الغرامات والعقوبات على المخالفين، يبدو أن هذه الجهود "لاقت استحساناً من المواطنين".
لدى سؤال المواطنين العرب عن أسباب قلقهم إزاء الجائحة، أشارت قلة منهم إلى "عدم كفاية رد الفعل الحكومي"، كأكثر العوامل إثارة للقلق. كذلك كان العامل الأكثر إثارة للقلق هو "عدم إتباع المواطنين للإرشادات" في الأردن (32%) والجزائر (30%) والمغرب (27%) وتونس (24%). تفرّد لبنان بالتركيز على "عدم قدرة النظام الصحي على مجابهة الجائحة" بأغلبية 13% من المستجيبين تلاه التخوف من عدم التزام الإرشادات بنسبة 5%.
بشكل عام، أظهر المستجيبون الرضا عن أداء حكوماتهم في التعامل مع الوباء وكانت الأغلبية العظمى منهم أكثر ارتياباً في التزام بقية المواطنين بالإرشادات… آفة الشعوب العربية الشك في الآخر حتى إذا كان المقابل الثقة بالحكام
في هذا الإطار، تشير الأرقام الرسمية المتوفرة إلى أن التدابير الصارمة التي اتخذتها بعض الحكومات العربية أسهمت في نجاحها جزئياً في الحد من أعداد الإصابات والوفيات. حتى تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كانت نسبة الوفيات في الأردن ولبنان 0.8% من الإصابات المعلنة، مقابل 1.7% في المغرب و1.5% في تونس. وكانت النسبة الأعلى في الجزائر، 3.4%. علماً أن المواطنين في بعض هذه الدول يشككون في دقة أعداد الإصابات والوفيات المؤكدة رسمياً.
لكن تلك الأعداد تعتبر على أي حال منخفضة مقارنةً بالأرقام في دول البحر المتوسط الأخرى، مثل تركيا (2.6%) ومصر (5.8%). ربما كان لهذا صلة بما أظهره المستطلعة آراؤهم في الباروميتر العربي من رضا إزاء أداء الحكومات في التعامل مع الجائحة. كانت الآراء إيجابية بشكل عام؛ قال ثلاثة أرباع الأردنيين و74% من المغاربة إنهم راضون جداً أو راضون عن أداء حكوماتهم في التعامل مع الجائحة.
انخفضت النسبة قليلاً في الجزائر (65%) وتونس (58 %). لكنها ظلت كبيرة بالقدر الكافي لإظهار اعتراف الرأي العام بجهود الحكومة في مكافحة كوفيد-19. حتى في لبنان، الذي أظهر المستجيبون فيه أقل درجة ثقة بالحكومة، اعتبر 38% منهم أن الحكومة تعاملت بإيجابية مع الجائحة.
ولفت الباروميتر العربي في الختام إلى احتمال تغيّر هذه المواقف تبعاً لزيادة أعداد الوفيات والإصابات خلال الأشهر الأخيرة وسط توقع موجة ثانية أكثر سوءاً من الجائحة قد لا تتمكن الحكومات العربية المنهكة من السيطرة عليها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...