قبل بضعة أيام، كشف ناصر القدوة الدبلوماسي الفلسطيني السابق، والقيادي في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، عن إنشاء الأمم المتحدة لأول قاعدة بيانات تضم ممتلكات الفلسطينيين الذين هُجّروا عقب احتلال الحركة الصهيونية لأراضيهم عام 1948، مبرزاً أنها حالياً "متاحة للعامة".
وفي مقال رأي بالإنجليزية عبر موقع "ميدل إيست آي"، لفت القدوة إلى أنه يمكن للفلسطينيين الآن رؤية ممتلكاتهم المسروقة والحصول على الوثائق والمستندات التي توثق ملكيتهم لها.
بيّن السياسي الفلسطيني أنه بينما عمدت السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تجاهل التعددية والمبادئ الأساسية لنظام عالمي قائم على القوانين، فإن الأمر كان أكثر اتضاحاً في ما خص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيراً إلى أن ترامب لم يكتف بالضغط لإظهار المواقف المؤيدة لإسرائيل، وإنما أيضاً أيّد الرواية المتطرفة المؤيدة للضم، معلناً خطة -"صفقة القرن"- تديم إنكار إسرائيل للحقوق الوطنية الفلسطينية.
يُذكر أن دولة الاحتلال طالما عمدت إلى تشتيت الأرشيف الفلسطيني وإخفاء آلاف الوثائق منه في إطار محاولتها محو الذاكرة الجماعية ووأد التاريخ الفلسطيني المكتوب والمصور قبل 1948، وأملاً منها في إعادة كتابة تاريخ أرض فلسطين وشعبها وفق روايتها الخاصة من منظور احتلالي يختزل فلسطين في تاريخ اليهود.
"بمثابة تذكير بحجم ما ارتُكِبَ بحق الشعب الفلسطيني"... بعد سنوات من العمل على إعدادها سراً، إتاحة قاعدة بيانات أنشأتها الأمم المتحدة عن أملاك الفلسطينيين وغير الفلسطينيين المنهوبة داخل الأراضي المحتلة عام 1948
صلابة الفلسطينيين في التمسك بحقوقهم
اعتبر الدبلوماسي الفلسطيني السابق أن الإدارة الأمريكية التي أوشكت أن تغادر البيت الأبيض لم تشجع على بناء المستوطنات الاستعمارية غير الشرعية فحسب، بل ألغت حقوق اللاجئين الفلسطينيين أيضاً، مذكراً بمحاولة تفكيك وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وفيما شدد على "صلابة" الفلسطينيين في الدفاع عن حقوقهم المشروعة والتاريخية، قال القدوة إن أهم إرث للمبعوث الأممي الأول، الدبلوماسي السويدي فولك برنادوت، الذي اغتيل في القدس على يد إرهابيين إسرائيليين عام 1948، كان القرار 194، الذي بموجبه أُنشئت لجنة مصالحة تضم الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا، بهدف دعم طرفي الصراع للتوصل إلى تسوية نهائية.
على الرغم من عدم تحقيق اللجنة هدفها الرئيسي، نجحت في إنشاء قاعدة بيانات شاملة تضم الممتلكات الخاصة للاجئين الفلسطينيين، علاوةً على الكنائس والأوقاف والمُلاك غير الفلسطينيين في الأراضي التي احتلتها الحركة الصهيونية عام 1948.
ظل أمر قاعدة البيانات سراً سنوات عديدة، وفق القدوة الذي أوضح أن نسخاً منها وُزّعت على إسرائيل والأردن ومصر وسوريا وجامعة الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية، لافتاً إلى تحديث عمل اللجنة وترقيمه بعدما دعت الأمم المتحدة أمينها العام إلى "اتخاذ جميع الخطوات المناسبة لحماية الممتلكات العربية وحقوق الملكية في إسرائيل والحفاظ على السجلات الموجودة وتحديثها".
تضم قاعدة البيانات أسماء 210 ألف مالك و540 ألف قطعة أرض، أي ما مساحته 5.5 ملايين دونم (1.359 مليون فدان) من الممتلكات الفلسطينية الخاصة في ما يعرف الآن بإسرائيل، باستثناء النقب غير المسجلة
النسخة النهائية جرى تسليمها إلى بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة خلال ترؤس القدوة لها. وكرد فعل على "الهجوم الأمريكي الهائل على حقوق شعبنا"، قرر المسؤولون الفلسطينيون إتاحة قاعدة البيانات للجمهور عبر مؤسسة ياسر عرفات حتى تكون "فرصة لفهم قيمة الملكية الخاصة وحقوق المالكين الأفراد"، وفق القيادي في فتح الذي أضاف: "قررنا فتح السجلات لكل فلسطيني ليكون قادراً على التحقق من ممتلكاته، وفي بعض الحالات، الحصول على الوثائق ذات الصلة".
يترأس القدوة مؤسسة ياسر عرفات التي تأسست بموجب مرسوم رئاسي عام 2007، وهو نجل شقيقة الزعيم الفلسطيني الراحل. في القسم المعنون "ملكية أراضي اللاجئين" عبر موقع المنظمة، يرد أن الوثائق الخاصة بملكية أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون دونم من أراضي الملكية الخاصة للاجئين الفلسطينيين متاحة لـ"أي شخص معني وذي صلة" عبر مركز المصادر في متحف ياسر عرفات في البيرة، رام الله، للإطلاع مع إمكانية الحصول على نسخ من الوثائق التي أعدتها لجنة الأمم المتحدة للتوفيق بشأن فلسطين.
"فرصة لفهم قيمة الملكية الخاصة وحقوق المالكين الأفراد"... عبر مركز المصادر التابع لمتحف ياسر عرفات في رام الله، يمكن لأي فلسطيني "معني وذي صلة" أن يتحقق من أملاكه أو أملاك أسلافه قبل النكبة
"تذكير بما تعرض له الفلسطينيون"
في مقاله، أكد القدوة أن "كل من يصل إلى قاعدة البيانات هذه سوف يدرك ليس فقط الظلم الكبير الذي لحق بالشعب الفلسطيني ولكن أيضاً حجم ما جنته إسرائيل من ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين"، مبرزاً أن قاعدة البيانات تضم أسماء 210 ألف مالك و540 ألف قطعة أرض، استناداً بشكل أساسي إلى سجلات الأراضي والضرائب البريطانية ونحو 6000 خريطة.
وأفاد القدوة أن الأمر يتعلق بـ5.5 ملايين دونم (1.359 مليون فدان) من الممتلكات الفلسطينية الخاصة في ما يعرف الآن بإسرائيل، باستثناء النقب غير المسجلة في قاعدة البيانات. وأكد أن هذا القدر من الممتلكات المنهوبة التي أعلن عنها في قاعدة البيانات يجب أن يكون "بمثابة تذكير بحجم ما ارتُكِبَ بحق الشعب الفلسطيني".
وختم القدوة مقاله بالتأكيد أن إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لن تتمكن من إحلال السلام إذا حذت حذو سابقتها وحاولت تكرار الصيغ التي تهدف إلى ترسيخ حصانة إسرائيل وإنكار حقوق الفلسطينيين، موضحاً أنه ينبغي عوضاً عن ذلك "أن تسعى إلى الشراكة مع أعضاء آخرين في المجتمع الدولي لإصلاح الإخفاقات السابقة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون