شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
إرهاب خاص... عن تهريب السعودية مواطنيها المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة في أمريكا

إرهاب خاص... عن تهريب السعودية مواطنيها المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة في أمريكا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 14 ديسمبر 202012:50 م

تناول برنامج "60 دقيقة" الذي يذاع عبر قناة "سي بي أس" (CBS) الأمريكية الاتهامات الموجهة إلى السعودية بشأن تهريب أو المساعدة في تهريب مواطنين لها متهمين بارتكاب جرائم خطيرة، بما في ذلك القتل الخطأ والاغتصاب وتداول المواد الإباحية الخاصة بالأطفال قبل محاكمتهم.


في حلقة مساء 13 كانون الأول/ ديسمبر، استضاف المحاور سكوت بيلي عدداً من الضحايا الأمريكيين الذين أعربوا عن أسفهم لعدم قدرة بلدهم على توفير "الأمان" لهم على أرضهم وتدخل السلطات السعودية لإعاقة تحقيق العدالة لهم ولذويهم في ما قيل إنه يزيد عن 20 حادثة اختفى المتهمون السعوديون فيها "بطريقة غامضة".


لا ندم

في بداية الفقرة، تحدثت فاون لينغفينيس، والدة فالون سمارت  (15 عاماً) التي قتلها عبد الرحمن سمير نورة (كان يبلغ وقت الحادثة 20 عاماً)، وهو سعودي التحق لمدة عامين بكلية بورتلاند المجتمعية، دهساً بسيارة لكزس الذهبية في آب/ أغسطس عام 2016. قالت الأم إنها قابلت قاتل ابنتها في المحكمة عقب ثلاثة أيام من الحادثة وراعها أنه "كان لديه هذا الموقف غير المبالي"، مضيفةً "كان ذلك مزعجاً جداً بالنسبة لي، مجرد الافتقار إلى الندم".


في غضون ذلك، أوضح المدعي العام بمدينة بورتلاند في ولاية أوريغون الأمريكية، شون أوفرستريت، أن نورة كان يقود بسرعة حوالي 70 ميلاً في الساعة بينما في تلك المنطقة ينبغي ألا تتجاوز السرعة 25 ميلاً في الساعة، لافتاً إلى أن تهمة "القتل العمد من الدرجة الأولى" وجهت إلى القاتل السعودي.


وشرح أوفرستريت أن هذه التهمة توجه إلى شخص ما أنهى حياة شخص آخر بتهور في ظروف تُظهر اللامبالاة الشديدة لقيمة الحياة البشرية. على الرغم من جدال ممثلي الادعاء بأنه كانت هناك مخاوف بشأن فرار نورة، أمر القاضي بإطلاق سراحه بكفالة قدرها مليون دولار مع إلزامه ارتداء سوار تتبع ومصادرة جواز سفره. بموجب القانون، احتاج الطالب السعودي دفع 10% فقط من الكفالة. دفعت السفارة السعودية مبلغ 100 ألف دولار لإخراج الشاب الذي ينحدر من أسرة من الطبقة المتوسطة.

"يبحثون عن كل أداة ممكنة ليكونوا فوق القانون"... برنامج أمريكي يتناول قضية اتهام السعودية بتهريب مواطنين لها متهمين بجرائم خطيرة، بينها الاغتصاب وتداول مواد إباحية للأطفال والقتل في أمريكا

قبل أسبوعين من موعد محاكمته المقرر، اختفى نورة. ليس واضحاً كيف سافر الشاب من دون جواز سفر. لكن أوفرستريت أكد أنه في السعودية. توجد مذكرة اعتقال نشطة بحق المتهم السعودي لكن الولايات المتحدة ليس لديها معاهدة تسليم المجرمين مع السعودية مما يتعذر معه مطالبة الرياض بتسليمه.


قالت فاون بتحسّر: "كان لدي إيمان كامل في نظام العدالة الأمريكي… كيف يمكنه الهرب؟".


ضحية أخرى هي تيريزا التي تعرضت للاغتصاب عام 2014 عقب حفل في منزلها. قالت: "شعرت أنه كان حلماً، ولا أزال. كان يبدو كذلك حتى شعرت بالألم فأدركت أنه لم يكن حلماً". وُجّه الاتهام إلى فيصل الطالب، طالب سعودي، الذي قال إنه كان مخموراً ولا يتذكر شيئاً عن تلك الليلة متسائلاً "ما هي المشكلة؟".


فرّ الطالب قبل محاكمته إذ كان معه جواز سفره. وفيما ليس واضحاً إذا كانت السلطات السعودية ساعدته على الهرب أم لا، فقد عاد إلى السعودية حيث يتمتع بحماية المملكة. عن ذلك قالت تيريزا: "تشعر - عندما تغتصب- أنه لا يوجد مكان آمن. منزلي لم يكن مكاناً آمناً، ومدينتي لم تكن مكاناً آمناً. بعد ذلك، تدرك، الآن، أنه لا يوجد تطبيق لقانون قد يحميني أيضاً".


"إرهاب للشعب الأمريكي"

وتعقيباً على تكرار هروب متهمين سعوديين، أضافت تيريزا: "حدث هذا لي، ودمر حياتي. لكن الأمر الأكثر إزعاجاً بالنسبة لي هو أن حكومتنا لا تفعل شيئاً حيال ذلك. أعني، كانت هناك فتاة أخرى في مدينتي، بعد أشهر فقط، تم اغتصابها من قبل زميل سكنها السعودي". يشار بهذا إلى المغتصب المشتبه به سامي المزيني الذي هرب هو الآخر قبل توجيه الاتهام إليه إذ يعتقد ممثلو الادعاء أنه هرب إلى المكسيك ثم إلى السعودية حيث يعيش بحرية.

قالت ضحية اغتصاب طالب سعودي إن ما يفعله السعوديون هو "شكل خاص من الإرهاب لأنه يرهب الشعب الأمريكي الموجود في بلده ولا يشعر بالأمان. أشعر أن حماية الشعب الأمريكي على الأراضي الأمريكية يجب أن تكون أولوية عالية جداً"

خلال البرنامج، قال عضو مجلس الشيوخ عن أوريغون، رون وايدن، إن "الشعب الأمريكي يستحق أن يعرف الحقيقة" في ما خص هذه القضية. وفيما أبرز أنه "مقيد بما يمكن أن يقول"، شدد على أن "السعوديين يتابعون هذه القضايا ببراعة غير عادية، وهم بالتأكيد يبحثون عن كل أداة ممكنة ليكونوا فوق القانون".


رداً على الادعاء بأن الصمت الأمريكي قد يكون مبعثه الخوف على العلاقات مع الرياض لا سيما التحالف ضد إيران والإرهاب، قال وايدن: "أنا لا أعتقد أن محاربة الإرهاب وتحقيق العدالة متعارضان. يجب أن تقوم حكومتنا بالأمرين معاً".


من جهتها، رأت تيريزا أن ما يفعله السعوديون هو "شكل خاص من الإرهاب لأنه يرهب الشعب الأمريكي الموجود في بلده ولا يشعر بالأمان. أشعر أن حماية الشعب الأمريكي على الأراضي الأمريكية يجب أن تكون أولوية عالية جداً".


وأضافت فاون: "أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة فحص علاقتنا مع السعودية حتى نتمكن من ضمان سلامة المواطنين الأمريكيين لأنني لا أريد أن يحدث هذا لعائلة أخرى. ذهبت ابنتي، وسأفتقدها. لكنها ذهبت".


تقارير ذات موثوقية

رفض المسؤولون السعوديون المشاركة في البرنامج، بينما اكتفوا بالقول في رسالة بالبريد الإلكتروني إن الاتهامات للمملكة "غير صحيحة"، ودللوا على ذلك بوجود مواطنين سعوديين يقضون حالياً عقوبات بالسجن في الولايات المتحدة.


منذ بداية العام الماضي، تعددت التقارير التي تكشف تورط مسؤولي البعثة الدبلوماسية السعودية في أمريكا في عمليات اختفاء غامض لمواطنين سعوديين متهمين في جرائم جنائية قبل ظهورهم في وقت لاحق داخل المملكة.


ذكرت صحيفة "ذا أوريغونيان"، كبرى الصحف اليومية في بورتلاند، في كانون الثاني/ يناير عام 2019، أنه، علاوة على الشكوك في وقوف المملكة وراء هروب عبد الرحمن نورة، يعتقد أن الرياض ساعدت في فرار أربعة مواطنين آخرين متهمين في قضايا مماثلة في نطاق ولاية أوريغون وحدها بين عامي 2012 و2016.


وأشارت الصحيفة إلى عبدالعزيز الدويس (اتهم بالاغتصاب في كانون الأول/ ديسمبر عام 2014) ووليد علي الحارثي (عثرت السلطات على عشرات مقاطع الفيديو الإباحية للأطفال على جهاز الكمبيوتر الخاص به ووجهت إليه 10 تهم بالتشجيع على الاعتداء الجنسي على الأطفال من الدرجة الأولى في آب/ أغسطس عام 2014) وسليمان علي القويز (اتهم في آب/ أغسطس عام 2016 بالاعتداء من الدرجة الثالثة والقيادة تحت تأثير المسكرات بعدما صدم وأصاب رجلاً مشرداً بينما كان يقود سيارته عكس الاتجاه وهو مخمور) وعلي حسين الحمود (أدين بعدة تهم تتعلق بجرائم جنسية، بما في ذلك اغتصاب من الدرجة الأولى في شباط/ فبراير عام 2012).

بعد توثيق أكثر من 20 حالة منذ عام 1988… مسؤولون أمريكيون يؤكدون: "مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي ووكالات أخرى كانت على دراية بالأفعال السعودية منذ عقد على الأقل" وإدارة ترامب تجاهلت الأمر حرصاً على العلاقات مع الرياض

وقالت إن جميع هذه الحوادث "ساعدت فيها السعودية مواطنين لها في الخروج من مآزق قانونية، مع عوامل مشتركة: جميع الرجال المتهمين كانوا يدرسون في الجامعة، اختفوا جميعاً أثناء مواجهة عقوبة السجن وجميع أماكن وجودهم الحالية غير معروفة نسبياً"، علاوةً على أن الحكومة السعودية هي التي دفعت الكفالات التي خرج بها هؤلاء المتهمون على ذمة المحاكمة.


في نيسان/ أبريل عام 2019، حققت منظمة Propublica، الاستقصائية الأمريكية غير الهادفة للربح، في حالات زُعم تورط السلطات السعودية فيها تتصل بتهريب مواطنين متهمين في أمريكا. وخلصت إلى قيام دبلوماسيين وضباط مخابرات ونشطاء سعوديين بالمساعدة في الهروب غير الشرعي لمواطنيهم من أمريكا، بعد أن أخرجوهم من السجن بكفالة واستأجروا محامين للدفاع عنهم، ورتبوا سفرهم إلى بلادهم في أكثر من 20 قضية منذ عام 1988. 


وأكد التحقيق الاستقصائي نقلاً عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين أن "مكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة الأمن الداخلي ووكالات أخرى كانت على دراية بالأفعال السعودية منذ عقد على الأقل" وأن "إدارة (الرئيس المنتهية ولايته دونالد) ترامب تجاهلت الدعوات إلى محاسبة الحكومة السعودية عن دورها في هروب مواطنيها". ورجح أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجنبت مواجهة الحكومة السعودية خشية أن يؤدي ذلك إلى تعريض المصالح الأمريكية للخطر، لا سيما التعاون مع الرياض في مكافحة الإرهاب.


وفي مذكرة استخباراتية رُفعت عنها السرية، ونشرت مطلع العام الجاري، قال مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) إن المسؤولين السعوديين "بشكل مؤكد تقريباً" يساعدون مواطنيهم المتهمين في جرائم بأمريكا على الإفلات من العدالة، مع إشارة إلى أن التقييم "تم بموثوقية كبيرة" و"ليس من المُرجح أن يتغير ما لم تعالج الولايات المتحدة هذه القضية مباشرة" مع الحكومة السعودية.


وخلال "60 دقيقة"وأشير إلى حقيقة أن إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن ستكون أمام تحد إضافي في العلاقة مع المملكة إذ يتعين عليها التدخل لوقف النشاط السعودي الذي يعرقل سير العدالة الأمريكية، وسط تحديات عديدة أخرى تتعلق بالسجل السعودي السيىء في مجال حقوق الإنسان.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image