مجدداً أصبحت الحالة الصحية للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، مثار جدل وسط شائعات بتدهور صحته ونقل مهماته لنجله، مجتبى، أو حتى وفاته. كل هذا جدد التساؤلات حول مآل المنصب الديني الرفيع في إيران عقب رحيل الزعيم الحالي البالغ من العمر 81 عاماً.
لم تفلح المحاولات التي بذلت في إيران خلال الأيام الماضية في وقف التكهنات التي تزعم أن خامنئي بات مريضاً جداً ولم يعد قادراً على الحكم، أو ربما مات، في ظل استمرار عدم ظهوره. وهذه ليست المرة الأولى التي تثار فيها الشكوك بشأن صحة خامنئي تبعاً لاختفائه عن الأنظار.
في وقت سابق من الأسبوع، ذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية أن مسؤولاً مقرباً من المرشد الأعلى نفى الشائعات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تدهور صحته. ونقلت عن مهدي فاضلي، المسؤول في مكتب حفظ ونشر أعمال قائد الثورة الإيرانية، قوله عبر تويتر: "سواء أحب العدو ذلك أم لا... القائد بصحة جيدة ومبتهج، ويقوم بواجباته حسب الروتين المعتاد".
جاء ذلك بعدما نشرت "نيوزويك"، نقلاً عن صحافي إيراني، أن خامنئي نقل مهماته إلى نجله بسبب المخاوف من تدهور حالته الصحية وزيادة التوترات التي تشهدها البلاد عقب اغتيال أبرز عالم نووي إيراني، محسن فخري زادة، في عملية اتُّهمت إسرائيل بتدبيرها نهاية الشهر الماضي.
"قد لا تغيّر وفاته مجرى التاريخ في المنطقة فحسب، بل قد يتردد صداها في جميع أنحاء العالم"... قائمة المرشحين لخلافة خامنئي تشمل أسماءً مهمة بينها ابنه مجتبى لكن "المرشح الأكثر احتمالاً" للفوز بالمنصب شخص آخر
كيف يختار خلفه؟
في محاولة للإجابة عن السؤال الأهم: من يخلف الرجل صاحب أعلى سلطة سياسية في واحدة من أقوى دول الشرق الأوسط، قالت رنا رحيمبور، الصحافية البريطانية الإيرانية في تقرير عبر "بي بي سي"، إن خامنئي عمل على مدار العقود الثلاثة الماضية على ضمان انتخاب المحافظين في "مجلس الخبراء" الذي تُناط به مهمة تعيين وعزل المرشد الأعلى للثورة بحيث يتبعون توجيهاته بشأن اختيار خليفته.
وفيما خامنئي هو ثاني شخص يشغل المنصب الرفيع منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، تحديداً منذ عام 1989، يُجرى اختيار صاحب المنصب من المجلس المكون من 88 رجل دين.
يُنتخب أعضاء "مجلس الخبراء" من قبل الإيرانيين مرةً كل ثماني سنوات، ولكن بعد الموافقة على المرشحين من قبل لجنة تسمى مجلس صيانة الدستور. أما أعضاء هذا المجلس فيختارهم المرشد الأعلى بشكل مباشر أو غير مباشر. ويعني هذا أن للمرشد الأعلى تأثيراً على كلتا الهيئتين اللتين تختاران سلفه.
يُذكر أن المرشد الأعلى، عقب انتخابه، يحتفظ بالمنصب مدى الحياة ويُعرف، وفقاً للدستور الإيراني، بـ"آية الله"، وهو لقب ديني شيعي بارز لمن يبلغ درجة الاجتهاد في الفقه. حين اُختير خامنئي لم يكن يحمل هذا اللقب، لذا تم تغيير القوانين لتمكينه من المنصب. وهو ما يعني إمكان تغيير القوانين مرة أخرى لتمكين زعيم آخر، لكن بحسب المناخ السياسي.
ما أهمية المنصب؟
يتمتع المرشد الأعلى بالسلطة المطلقة في إيران، وتكون له الكلمة الفصل في أهم القضايا، بالإضافة إلى تشكيل سياسات البلاد ونهجها تجاه العالم الخارجي.
وبما أن إيران تعد أقوى دولة شيعية في العالم، فقد سعت تحت قيادة خامنئي إلى توسيع نفوذها في الشرق الأوسط. وتعتقد رحيمبور أن وفاته "قد لا تغيّر مجرى التاريخ في المنطقة فحسب، بل قد يتردد صداها في جميع أنحاء العالم".
على سبيل المثال، أدى العداء بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، الذي غذته إلى حد كبير كراهية خامنئي الشخصية لكلتيهما، إلى سنوات من التوتر وعدم الاستقرار. مع ذلك، يبدو من آليات عملية الخلافة أن من يحل محله سيواصل طريقه.
الفرق الذي قد يغيّر مسمى خليفة خامنئي هو أن الفصائل السياسية في إيران لديها جميعاً مصلحة عميقة في اختيار المرشد الأعلى المقبل، خاصةً في ظل عدم وجود شخصية واحدة مهيمنة يمكنها فرض مرشد أعلى جديد من دون حدوث أزمة.
عمل خامنئي على مدار العقود الثلاثة الماضية على ضمان انتخاب المحافظين في "مجلس الخبراء" الذي تناط به مهمة تعيين المرشد الأعلى وعزله بحيث يتبعون توجيهاته بشأن اختيار خليفته…
قائمة المرشحين المحتملين
لدى خامنئي مثلاً شبكة من الموالين، ينتمي غالبيتهم إلى أقوى قوة في إيران، الحرس الثوري. يرجح أن يحاول الحرس الثوري منع أي مرشح يعتبره غير مؤات لحمل اللقب المهم.
وبغض النظر عن التكهنات بوجود قائمة أسماء سرية بالمرشحين المحتملين للمنصب، تشير التسريبات إلى أن المرشح المفضل لخامنئي لخلافته قد يكون أحد اثنين: ابنه مجتبى أو رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي.
لكن هناك أيضاً مزاعم بأن الرئيس السابق للسلطة القضائية صادق لاريجاني والرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني يطمحان إلى تولي المنصب.
معروف أن مجتبى خامنئي (51 عاماً) شخصية غامضة. ولد في مدينة مشهد ذات المكانة الدينية الرفيعة وعمل رجل دين مثل والده. سُلِط الضوء عليه خلال قمع الاحتجاجات الشعبية التي أعقبت الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها عام 2009 إذ أثير أنه كان مسؤولاً عن استخدام العنف ضد المحتجين.
برغم أن خامنئي ليس في منصب يخوّله نقل السلطة مباشرةً إلى ابنه، فإن مجتبى يتمتع بسلطة كبيرة داخل الدوائر المنحازة لوالده، بما في ذلك مكتب المرشد الأعلى الذي يتمتع بنفوذ طاغٍ على الهيئات الدستورية في البلاد.
وتقول رحيمبور: "إذا حصل مجتبى على دعم الحرس الثوري، فقد يؤثرون على عملية الاختيار القانونية لمصلحته".
في الأثناء، يبقى إبراهيم رئيسي، رجل الدين البالغ من العمر 60 عاماً، والمولود في مشهد أيضاً، "المرشح الأكثر احتمالاً لخلافة آية الله خامنئي"، بحسب الصحافية البريطانية الإيرانية.
تبرر رحيمبور توقعها هذا بأن رئيسي الذي كان نائب رئيس مجلس الخبراء "لم يدحض يوماً الشائعات بشأن تطلعاته إلى أن يصبح المرشد الأعلى المقبل، وتشير العديد من تحركاته إلى أنه يتم إعداده لهذا الدور".
وتجدر الإشارة إلى أن رئيسي لا يتمتع بالشعبية في أوساط الإيرانيين نظراً لسجله في مجال حقوق الإنسان، ولا سيما دوره في عمليات الإعدام الجماعية للسجناء السياسيين عام 1988، مع ذلك، عقب خسارته في الانتخابات الرئاسية لعام 2017، عيّنه المرشد الأعلى رئيساً للسلطة القضائية.
ومنذ شغله المنصب، زاد رئيسي من الحضور الإعلامي وشن ما سمّاه "حرباً على الفساد". وتتفق ميوله مع موقف خامنئي من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 والعلاقة القوية مع الحرس الثوري.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين