شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
لدوافع اقتصادية واستعداداً لوصول بايدن... مؤشرات إيجابية حول تقارب سعودي تركي

لدوافع اقتصادية واستعداداً لوصول بايدن... مؤشرات إيجابية حول تقارب سعودي تركي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 2 ديسمبر 202002:52 م

بات من اللافت أن العلاقات التركية السعودية آخذة في التحسن بعد سنوات من التنافس الإقليمي والتوتر الذي ساد الأجواء، وذلك بعدما تعهد قادة البلدين على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتجاوز المشكلات.

ويشير محللون إلى عدة عوامل تدفع البلدين نحو تحسين العلاقات، منها التحدي الاقتصادي بالإضافة إلى فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن والذي بات يُشكل تحدياً للسعودية وتركيا لرفضه سياسات الرياض وأنقرة، داخلياً وإقليمياً.

ومع ذلك، أشار محللون إلى وجود عوائق أمام أي التقارب السعودي التركي، منها استمرار أنقرة في دعم الإخوان المسلمين، والعداء الإماراتي الواضح لتركيا.

مؤشرات التقارب السعودي التركي

في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تعرضت مدينة إزمير التركية لزلزال، فسارع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الى تقديم العزاء للرئيس التركي رجب أردوغان إثر سقوط العديد من الضحايا، وأمر في ما بعد بتوجيه مساعدات عاجلة للمتضررين.

وفي 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، هاتف سلمان الرئيس التركي، واتفقا على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتحسين العلاقات الثنائية وتجاوز المشكلات.

من جهته، هاتف أردوغان ملك البحرين حمد بن عيسى الذي يعد أبرز حلفاء السعودية، لتقديم العزاء في وفاة رئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان، واتفقا على تسريع وتيرة العلاقات بين البلدين.

وعلّق مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي، في إشارة إلى المساعدات السعودية وتعزية أنقرة بوفاة رئيس وزراء البحرين، بالقول: "نحن إخوة".

وأعقبت هذه المحادثات تصريحات دافئة من وزير الخارجية التركي ونظيره السعودي اللذين التقيا في النيجر، على هامش اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي، بينما كتب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على تويتر "إن الشراكة القوية بين تركيا والسعودية ستكون مفيدة ليس فقط لبلداننا ولكن للمنطقة بأسرها".

خلفيات التوتر في العلاقات

وُصف أردوغان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان بخصمين لدودين في الماضي، وكثيراً ما تبادلا الانتقادات الحادة عبر مستشاريهم أثناء السعي وراء الهيمنة الإقليمية.

وما يصف بعضاً من خلفيات هذا التوتر ما قاله أستاذ العلاقات الدولية حسين باجي من جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة في تصريحات لموقع "إذاعة صوت أمريكا": "السعودية وتحت قيادة محمد بن سلمان على وجه الخصوص، تحاول أن تكون زعيمة العالم العربي".

وقال باجي: "السعودية حليف وثيق للولايات المتحدة، وقد أطلق دونالد ترامب لهم حرية التصرف دون شروط، كما أن تركيا تحاول أن تكون زعيمة العرب والعالم الإسلامي، وهو ما عارضته السعودية".

واشتد الصراع بين البلدين بعدما قررت تركيا دعم قطر، في صراعها مع السعودية والإمارات والبحرين، فأقامت أنقرة قاعدة عسكرية في خطوة اعتبرتها الرياض تهديداً لأمنها القومي.

وأتت جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي على فريق من رجال الأمن السعوديين في قنصلية المملكة في إسطنبول، عام 2018، لتفتح فصلاً جديداً في توتر علاقات البلدين.

لماذا التقارب؟

يُجمع مراقبون أن فوز بايدن في الانتخابات على ترامب دفع الأتراك والسعوديين باتجاه إعادة تقييم علاقتهم، وذلك بعدما أصبحت واشنطن تحدياً مشتركاً لكلا البلدين.

وقال السفير التركي السابق لدى قطر ميتات ريندي للموقع الأمريكي إن أحد الدوافع للتقارب السعودي التركي هو فوز بايدن، مشيراً إلى أن السعوديين يجب أن يكونوا مستعدين لمعاملة مختلفة من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة، لذلك فهموا مع الأتراك أيضاً أن تدهور علاقاتهم لا ينبغي أن يكون حالة مستدامة".

ويشير محللون أيضاً إلى وجود عوامل اقتصادية دفعت أنقرة نحو التقارب مع الرياض. فقبل فوز بايدن بأيام قليلة، أفادت تقارير عدة أن الرياض فرضت حظراً تجارياً غير رسمي على البضائع التركية. وقالت جمعية المصدرين الأتراك إن الصادرات إلى السعودية تراجعت بنسبة 16٪ حتى تشرين الأول/ أكتوبر من العام الحالي إلى 2.23 مليار دولار.

بات لافتاً ما تشهده علاقات تركيا والسعودية من تحسن بعد سنوات التنافس الإقليمي، إذ ظهرت مؤشرات عدة حول التقارب بين البلدين... يشير محللون إلى عوامل تعزز هذا التقارب، أبرزها الأزمة الاقتصادية وفوز بايدن، فيما تبقى تحديات أخرى ماثلة، فما هي؟ 

وقال باجي: "تشهد تركيا ظروفاً اقتصادية سيئة في الوقت الحالي، علماً أن السعودية كانت على الدوام بمثابة متنفس الحياة بالنسبة لتركيا".

وأضاف: "في الماضي، كان السعوديون يستثمرون ويجلبون الأموال إلى تركيا، لذلك ربما تكون هذه محاولة أيضاً من قبل أنقرة لتجديد العلاقات وتقديم بعض التنازلات".

ونقلت صحيفة "صباح" التركية عن وزير التجارة روهسار بيكان قوله: "نتوقع خطوات ملموسة مع السعودية لحل المشاكل في علاقاتنا التجارية والاقتصادية".

لكن هناك قضية أهم بالنسبة للسعودية وهي محاكمة المتهمين المتورطين في قتل خاشقجي في إسطنبول، ومن بينهم مساعدين كبار لولي العهد، مثل سعود القحطاني.

بحسب تقرير الموقع الأمريكي، فإن المحللين يشيرون إلى أن أنقرة تخفف من حدة خطابها بشأن خاشقجي في بادرة حسن نية لتحسين العلاقات مع الرياض، كما جرى مع جلسة المحاكمة الأسبوع الماضي التي لم تلق أي تعليق من جانب أردوغان أو أي من كبار مسؤولي حزبه، وتم تأجيلها حتى آذار/ مارس المقبل.

في تعليق لـ"صوت أمريكا"، قال إمري كاليسكان من جامعة "أكسفورد" البريطانية: "توقفت تركيا عن جعل هذا الأمر قضية دولية"، معقّباً "يبدو أن أردوغان خفف من نبرته بشأن قضية خاشقجي؛ وسيكون هذا أيضاً مؤشراً على رغبته في إقامة علاقة أفضل مع الرياض".

تحديات التقارب السعودي التركي

يرصد محللون العديد من التحديات التي قد تعرقل التقارب السعودي التركي، منها دعم أنقرة لجماعات الإسلام السياسي، وخصوصاً الإخوان المسلمين، كذلك العداء الشديد بين الإمارات وتركيا.

في ما يخص التحدي الأول، نقل معد التقرير "إذاعة أمريكا" دوريان جونز عن ريندي قوله: "تركيا دعمت الربيع العربي والسعوديين لم يكونوا سعداء بهذا، فقد اعتبرت السعودية ومعها مصر دول الخليج الأخرى دعم جماعة الإخوان تهديداً لأنظمتها".

وقال كاليسكان: "لا أعتقد أن أردوغان سوف يكسر موقفه مع الإخوان المسلمين على الأقل في المستقبل القريب، لأن هذا الدعم له تأثير مباشر على سياسة تركيا في ليبيا وسوريا وقطر".

وأضاف: "التاريخ والبراغماتية سيكونان حاسمين لأي تقارب، وأردوغان بطل البراغماتية؛ واثق من أن الرئيس التركي سيقيم حواراً مع القيادة السعودية والعكس صحيح".

تقارب سعودي تركي، واجتماعات بين أنقرة وتل أبيب، وانفتاح في الرياض مع الدوحة ومصر تخطط لاستقبال نتنياهو وعباس… دول المنطقة تستعد لوصول جو بايدن

من جانبه، كتب الأكاديمي والباحث التركي علي باكير في تغريدة على "تويتر" أنه ينبغي مراقبة رد فعل الإمارات على التقارب السعودي التركي، خصوصاً في ظل وجود تأثير كبير لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد على بن سلمان.

في سياق متصل، لا يظهر أن السعودية وتركيا تريدان التقارب فحسب، بل تشير تقارير صحافية إلى وجود مباحثات سرية بين أنقرة وتل أبيب لتحسين علاقاتهما، كذلك الرياض يبدو أنها باتت أكثر تقبلاً للمصالحة مع قطر.

في الأول من كانون الأول/ ديسمبر الحالي، أكدت ثلاثة مصادر لموقع "المونيتور" الأمريكي، أن اجتماعات عُقدت خلال الأسابيع الأخيرة بين رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان ومسؤولين إسرائيليين لتحسين العلاقات بين الطرفين، استعداداً لتولي بايدن الحكم.

وأفادت صحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية مؤخراً أن السعودية تريد عقد مصالحة مع قطر خلال الأسابيع المقبلة كرسالة لبايدن، مفادها أن الرياض مستعدة لاتخاذ خطوات إيجابية.

وزعمت وسائل إعلام إسرائيلية منها "i24" أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يسعى لاستضافة قمة سلام إسرائيلية فلسطينية، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والتي يعتبرها السيسي "خطوة إيجابية" مع بداية عهد بايدن.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image