كثّفت السعودية جهودها لحل أزمة حصار شقيقتها الصغرى قطر، القائمة منذ أكثر من ثلاث سنوات، عقب هزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية، في إطار محاولة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لكسب ود إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن وتقديم هدية وداع إلى حليفه القوي المنتهية ولايته، دونالد ترامب. لكن قطر تتمسك بموقفها الرافض للشروط المسبقة.
أكد ذلك لصحيفة "فايننشال تايمز" مطلعون على محادثات الوساطة التي تجري برعاية أمريكية كويتية هدفها عقد محادثات مباشرة بين الدوحة والرياض.
مع اقتراب مغادرة ترامب - الذي دعم القيادة السعودية في ظل أسوأ أزمة دبلوماسية تعرضت لها عقب اغتيال الصحافي المعارض جمال خاشقجي - البيت الأبيض، يرجح خبراء ومراقبون أن تكون إدارة بايدن أكثر فتوراً حيال الأمير محمد الذي خلصت أجهزة استخبارات غربية إلى أنه كان صاحب أمر قتل خاشقجي.
تُضاف إلى ذلك عدة ملفات تعترض قيام علاقات وثيقة بين الإدارة الأمريكية القادمة وولي العهد السعودي، بما فيها دور السعودية في الحرب الدائرة باليمن، واحتجاز عشرات النشطاء ورجال الأعمال وكبار أفراد العائلة المالكة داخل البلاد.
"هدية لبايدن"
اعتبر مستشار للسعودية والإمارات أن مساعي الرياض لإنهاء الأزمة الخليجية تهدف إلى تقديم الحل "هدية لبايدن"، مضيفاً أن الأمير محمد بن سلمان "يشعر وكأنه في مرمى النار" بعد فوز بايدن بالرئاسة ويريد عقد صفقة مع قطر "للإشارة إلى أنه مستعد لاتخاذ خطوات".
هل تقبل الدوحة بالصلح الذي يبدو من ملابساته أن المستفيد الأول منه هو ولي العهد السعودي؟ هي التي سبق أن لخصت أزمتها في الحصار السعودي بالحاجة إلى المنتجات الغذائية التي كانت تعتمد عليها وقالت إنها لن تحتاج إلى لبن المراعي
علي الشهابي، المحلل السعودي المقرب من الديوان الملكي، والمعروف بسعيه الدائم إلى تبييض صورة القيادة السعودية، قال إن هذه القيادة كانت منذ شهور "منفتحة على طرح هذه القضية على الطاولة"، مشيراً إلى أنه "منذ بعض الوقت، كانوا (السعوديون) يعملون على غلق العديد من الملفات الساخنة ومن الواضح أن هذا أحدها".
منذ حزيران/ يونيو عام 2017، قطعت السعودية وحليفاتها الإمارات ومصر والبحرين علاقاتها مع قطر وفرضت حظراً جوياً واقتصادياً عليها، متهمةً الدوحة بتمويل الجماعات الإسلامية التي تصفها بـ"الإرهابية". نفت قطر الاتهامات. ورفضت الأطراف كلها تقديم أي تنازل للتفاهم وحل الأزمة رغم الوساطات الأمريكية والكويتية التي لم تتوقف تقريباً. لم تُجدِ نفعاً ضغوط إدارة ترامب في حل الأزمة أيضاً.
ما شروط الطرفين للتصالح؟
ذكر مستشار الرياض وأبو ظبي لـ"فايننشال تايمز" أن القيادتين السعودية والإماراتية تريدان من قطر "تخفيف حدة" لهجة قناتها التلفزيونية، الجزيرة، التي يعدها كثيرون أداة دعائية للدوحة، وإنهاء انتقادها للسعودية.
لكن "فايننشال تايمز" نقلت عن دبلوماسي مطلع على المحادثات الأخيرة، لم يذكر اسمه، أن قطر ترفض وجود شروط مسبقة قبل أية محادثات ثنائية.
وكان قد شدد على ذلك، مشعل آل ثاني، سفير قطر لدى الولايات المتحدة، في حزيران/ يونيو الماضي، إذ أكد أن بلاده رفضت تماماً الـ13 شرطاً التي وضعتها دول المقاطعة، معرباً عن استعداد الدوحة لـ"حوار مبني على احترام جميع الأطراف" فحسب.
"يعمل السعوديون على غلق العديد من الملفات الساخنة"... مصادر تؤكد تكثيف بن سلمان -الذي يشعر أنه في "مرمى النيران" بعد فوز بايدن- جهوده بهدف حل الخلاف مع قطر كـ"هدية" وبادرة حسن نية تجاه الرئيس الأمريكي الجديد
ضمت الشروط الـ13: إغلاق "الجزيرة"، وتقييد علاقات الدوحة مع إيران، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية على أراضيها. الآن، قال المستشار لأبو ظبي والرياض إن وسطاء كويتيين توصلوا إلى اتفاق جديد يحل محل هذه الشروط، التي وصفها السفير آل ثاني سلفاً بأنها "غير قابلة للتنفيذ"، "لتمهيد الطريق لاستعادة الود".
ربما تشمل إجراءات إذابة الجليد في العلاقات بين قطر، أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وجيرانها الخليجيين، شحن الغاز الطبيعي المسال إلى البحرين، وفقاً لمطلعين على المفاوضات. علماً أن شخصاً مطلعاً على موقف الدوحة قال إنه لم تتم مناقشة أية تفاصيل بشأن تدابير بناء الثقة.
قد تشمل الصفقة أيضاً إجراءات "بناء الثقة" التي يريدها الجانب القطري مثل رفع الحظر الجوي، أو السماح بحرية تنقل المواطنين القطريين من الدول التي فرضت الحظر وإليها، مع ضمانات للسلطات القطرية بشأن سلامتهم.
اختراق قريب؟
في وقت سابق من هذا الشهر، صرح روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الأمريكي، بأنه يأمل أن يرى الخطوط الجوية القطرية قادرة على التحليق فوق الدول العربية المقاطعة "خلال السبعين يوماً المقبلة"، أي قبل انتهاء ولاية ترامب.
ويرى محللون أن فرص رفع الحصار عن قطر في عهد ترامب أفضل من المتوقع في عهد الديمقراطي بايدن. يرجع ذلك جزئياً إلى أن ترامب يريد عودة الطيران القطري إلى عبور الأجواء الخليجية بدلاً من الإيرانية لحرمان طهران من ملايين الدولارات التي تربحها من الدوحة مقابل هذه الخدمة، في حين يغلب الظن بأن إدارة بايدن لن تهتم كثيراً بمسألة التعاون القطري الإيراني.
قد تشمل بادرات إذابة الجليد في العلاقات بين قطر وجيرانها، تقديم الدوحة الغاز للبحرين و"تخفيف حدة" انتقاد "الجزيرة" للرياض، مقابل رفع الحظر الجوي عنها، لكنّ عدداً من المحللين غير متفائلين بسبب موقف أبو ظبي
رغم تكثيف الإدارة الأمريكية الحالية جهودها لتحقيق هذا الهدف، يحذر مسؤولون خليجيون من التفاؤل بحدوث اختراق مهم في المدى القريب، فيما تُثار تساؤلات حول موقف أبو ظبي. خلال الأسبوع الماضي، قال السفير الإماراتي لدى واشنطن، يوسف العتيبة، إن إنهاء الأزمة الخليجية ليس أولوية، مشيراً إلى أنه لا يتوقع حل الخلاف مع قطر في وقت قريب.
ويعتقد مسؤولون غربيون ومحللون إقليميون أن الإمارات ستتخلف على الأرجح عن حليفتها الكبرى، السعودية، في اتخاذ خطوة نحو التصالح مع الدوحة.
هل الدوحة مضطرة إلى القبول بالصلح الذي يبدو من ملابساته أن المستفيد الأول منه هو ولي العهد السعودي؟ لا سيما هي التي سبق أن لخصت أزمتها في الحصار السعودي بالحاجة إلى المنتجات الغذائية التي كانت تعتمد عليها بشكل أساسي وقالت آنذاك إنها لن تحتاج إلى لبن المراعي.
ورغم الاعتراف بالخسائر الناجمة عن الحصار الجوي، قال السفير القطري: "قطر الآن أقوى مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات. تقرير البنك الدولي يؤكد أن الاقتصاد القطري ينمو ويستمر في النمو على عكس اقتصادات دول الحصار. قطر اليوم أكثر استقلالية وأمنها الغذائي أفضل".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 17 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت