شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"تسعى الرياض لتمرير الصفقة عبر الجيش"... لماذا تواجه إسلام آباد ضغوطاً كبيرة لأجل التطبيع؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 21 نوفمبر 202012:26 م

أفادت العديد من التقارير الباكستانية خلال الأيام الماضية أن إسلام آباد تتعرض لضغوط سعودية من أجل التطبيع مع إسرائيل، وهي خطوة تنظر إليها الرياض باعتبارها تقلل الحرج الذي ستتعرض له إذا ما قررت التطبيع مع تل أبيب.

يختلف المحللون الباكستانيون في مدى خضوع إسلام آباد للضغوط السعودية، لكن بعض الباحثين يؤكدون أن الرياض قادرة على تمرير هذه الصفقة من خلال الجيش الباكستاني الذي يدير السياسة الخارجية للبلاد.

ومن ضمن التحليلات حول أسباب الضغوط على باكستان للتطبيع مع إسرائيل، يُشار إلى تضييق الخناق على إيران بحيث يصبح الإسرائيليون على حدودها بعد التطبيع مع البحرين والإمارات شرقاً، وترسيخ وجودهم في أذربيجان شمالاً.

تصريحات عمران خان

في 12 تشرين الأول/ نوفمبر الحالي، كشف رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، في مقابلة تلفزيونية نُشرت على نطاق واسع في الصحف المحلية والدولية، أن بلاده تتعرض لضغوط من الولايات المتحدة ودولة أخرى للتطبيع مع إسرائيل.

وأعلن خان أن مصدر الضغط الأمريكي هو "نفوذ إسرائيل العميق في الولايات المتحدة والذي أصبح استثنائياً خلال فترة الرئيس دونالد ترامب في الحكم".

عندما سأله المذيع عما إذا كانت "دولة مسلمة شقيقة" من بين أولئك الذين يدفعون باكستان نحو التطبيع مع إسرائيل، لم ينف رئيس الوزراء، قائلاً له: "اترك هذا، هناك أشياء معينة لا يمكننا قولها، لأن علاقاتنا معهم جيدة. لا نريد إزعاجهم. دع بلادنا تقف على قدميها أولاً، ثم اطرح مثل هذه الأسئلة".

وتعهد خان أنه لن ينضم إلى مبادرة السلام التي أطلقتها إدارة ترامب للتطبيع مع إسرائيل، على الرغم من الجهود المبذولة لإقناعه بالقيام بذلك، قائلاً بنبرة حاسمة: "لا أفكر ثانية بشأن الاعتراف بإسرائيل ما لم تكن هناك تسوية عادلة ترضي فلسطين".

دور السعودية

ما أن انتهى خان من اللقاء حتى بدأت وسائل الإعلام الباكستانية تؤكد أن السعودية تمارس ضغوطاً على رئيس الوزراء للقبول بالتطبيع مع إسرائيل.

وقال الصحافي الباكستاني البارز مبشر لقمان، في مقابلة مع قناة "i24 News" الإسرائيلية، إن السعودية من الدول التي تضغط على إسلام آباد للاعتراف بإسرائيل، معلقاً: "ليس لدي أدنى شك في أن الدولة الأخرى التي تحدث عنها خان هي السعودية".

وتابع لقمان: "هناك أربع دول فقط بإمكانها أن تفعل ذلك، أولها الولايات المتحدة، والثانية إسرائيل، والثالثة الهند والرابعة السعودية. لا توجد دولة خامسة لديها هذا النوع من التأثير على باكستان"، لافتاً إلى أن "باكستان ليست على اتفاق مع إسرائيل، ولا تتفق مع الهنود، فلم يبق إلا السعودية".

كشف رئيس وزراء باكستان أن بلاده تتعرض لضغوط من أمريكا و"دولة أخرى" للتطبيع مع إسرائيل... أفادت تقارير باكستانية أن إسلام آباد تتعرض لضغوط سعودية، وهي خطوة تنظر إليها الرياض باعتبارها تقلل الحرج الذي ستتعرض له إذا ما قررت بدورها التطبيع مع تل أبيب

في تقرير نشره الصحافي الباكستاني كونوار خلدون شهيد، في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أشار بدوره إلى أن "الدولة الإسلامية الشقيقة" التي لم يرغب خان في تسميتها في المقابلة هي السعودية.

ولفت إلى أن الموافقة الضمنية للرياض كانت عاملاً رئيسياً في اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين.

ونقل شهيد عن دبلوماسي باكستاني ومسؤول عسكري كبير أن السعودية كانت المصدر الرئيسي الثاني للضغط على باكستان بعد الولايات المتحدة.

وبرأيه، فإن الرياض تضغط على إسلام آباد منذ شهور، لأن ولي العهد محمد بن سلمان يريد "تطبيع التطبيع"، قبل أن تتخذ السعودية خطوة رسمية تجاه إسرائيل.

ويرجع ذلك إلى أن باكستان التي تعد ثاني أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة من حيث عدد السكان، والدولة الوحيدة المسلحة نووياً، ستوفر سبقاً جيداً للتطبيع، وتوسع الجغرافيا السياسية الجديدة في جنوب آسيا.

هل تخضع للضغوط؟

يستبعد لقمان في تحليله أن تخضع باكستان للضغوط، وذلك لأن خان صرّح مؤخراً بأن باكستان الآن في "حضن الصين وليس الحضن الأمريكي"، وعليه فإن إسلام آباد اختارت الاصطفاف مع جارتها الإقليمية على حساب الولايات المتحدة، وتعارض أي اتهامات لبكين سواء في أزمة فيروس كورونا أو انتهاكات حقوق الإنسان.

وقال لقمان إن السعودية لطالما نظرت إلى باكستان على أنها دولة "تابعة" لها، ولكن "هذه المرة تغيرت الأمور، كما تغيّر الوضع الجيوسياسي العالمي وسياسات المنطقة، لذا فإن الرياض وحدها ليست المؤثرة الوحيدة في باكستان".

من جانبه، رأى شهيد أن الرياض لديها ورقة ضغط قوية وهي قرض بقيمة ملياري دولار يُبقي باكستان واقفة على قدميها اقتصادياً.

وكان خان قد سُئل في المقابلة ما هي الخيارات المتاحة أمامه إذا رفضت السعودية منح بلاده القرض، كما ترددت شائعات، فقال: "لن يحدث ذلك، علاقاتنا مع السعودية جيدة تماماً".

وبحسب خلدون، فإن الجيش وليس رئيس الوزراء هو الذي يدير فعلياً الدبلوماسية في باكستان، وصعود خان إلى السلطة كان للحفاظ على هيمنته.

ولفت إلى أن الجيش الباكستاني طوّر تجارة مربحة من خوض الحروب بالوكالة عن السعودية في الشرق الأوسط، وسوف يسعى في الواقع إلى إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات، معتبراً أن هناك ورقة ضغط جديدة وهي أن باكستان تحتاج الآن موازنة الصفقات الدفاعية واسعة النطاق بين الهند وإسرائيل.

في الواقع، يشجع الجيش الباكستاني الصحافيين المفضلين لديه على الظهور على القنوات الإخبارية الإسرائيلية لعرض قضية تطبيع العلاقات.

"قيادة الجيش الباكستاني، وليست وزارة الخارجية، هي التي تتعامل مباشرة مع السعودية، وعليه إذا كان العسكر متعاوناً مع الرياض من أجل التطبيع مع إسرائيل، فسوف يحتاجون لزعيم سياسي لبيع الخطة محلياً، وإذا أراد عمران خان الاحتفاظ بوظيفته، فهذا ما عليه فعله"

وتتحدث تقارير عدة أن المؤسسة العسكرية تدير تاريخاً من العلاقات غير الرسمية مع إسرائيل، من خلال تعاون طويل الأمد بين الموساد والمخابرات الداخلية الباكستانية.

في العلن، كان هناك اجتماع رسمي وحيد جمع وزراء خارجية البلدين في عهد الحكم الجنرال برويز مشرف عام 2005.

ويتحكم الجيش الباكستاني أيضاً إلى حد كبير في جماعات الضغط الإسلامية التي غالباً ما تثير تخوف رؤساء الحكومات في البلاد.

في هذا السياق، يشير خلدون إلى أن قيادة الجيش، وليس وزارة الخارجية، هي التي تتعامل مباشرة مع النظام السعودي، وعليه إذا كان الجيش متعاوناً مع الرياض للضغط من أجل التطبيع مع إسرائيل، فسوف يحتاج إلى زعيم سياسي لبيع الخطة محلياً، وإذا أراد خان الاحتفاظ بوظيفته، فهذا ما عليه فعله.

في الإطار ذاته، أشار تقرير صحافي إلى أن العلاقات بين باكستان والإمارات في حالة تدهور حاد في الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد أن انتقد خان التطبيع مع إسرائيل.

وتجلى ذلك في اعتقال ناشطين باكستانيين مؤيدين لفلسطين في الإمارات، واعتقال مواطنين باكستانيين آخرين بسبب "جرائم بسيطة"، ما رفع عدد المعتقلين إلى خمسة آلاف باكستاني في سجن السويحان في أبو ظبي وحدها.

ويُرجّح التقرير أن تفرض الإمارات قواعد أكثر صرامة على المواطنين الباكستانيين الذين يرغبون في السفر إلى الإمارات للعمل، أو حتى لتجديد تصاريح الإقامة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image