شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
مدونة صوتية: تجربتي مع جسدي كإمرأة حامل وأمّ

مدونة صوتية: تجربتي مع جسدي كإمرأة حامل وأمّ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الجمعة 13 نوفمبر 202003:03 م

مدونة صوتية: تجربتي مع جسدي كإمرأة حامل وأمّ

استمع-ـي إلى المقال هنا

للاستماع إلى المدونة:

كل التعقيدات التي يتهمون المرأة بها هي من صنعهم وفبركتهم... هم يريدونها هكذا، منعدمة الثقة بشكلها الخارجي، مما ينعكس على نفسيتها، فتكره جسدها وترفض التأقلم معه.

لم أقابل في حياتي امرأة تتمتع بثقة كاملة فيما يتعلق بشكلها الخارجي، أخص بالذكر، الأم بعد فترة الحمل والولادة.

يُعدّ دورُ الأمومةِ أحد أهمّ الأدوار في حياة المرأة العربية، وعاملاً أساسيّاً في قيام المجتمع.

كما يتوقع أن تكون فترة الحمل هي الفترة الأكثر ترقباً وروعة في حياة المرأة الحامل. إلًا أنها كانت بالنسبة لي، من أسوأ المراحل التي مرّ بها جسدي.

لا أتكلم هنا عن الاكتئاب الّذي يحصل للمرأة بعد الولادة، بل عن فترة الحمل بحد ذاتها وما يرافقها من تغيرات في جسد المرأة بشكل عام.

واجهت خلال فترة الحمل صعوبات عدّة، منها تقبّل شكلي في المرآة إذ شعرت بأنني لن أتمكن من العودة إلى ما كنت عليه قبل الحمل. تغيّرت نظرتي إلى نفسي، أصبحت أقل ثقة وأكثر قلقاً من التغييرات التي بدأت تظهر على تضاريسي، من التشققات التي لم تكن موجودة من قبل.

كنت أتصفّح المجلّات التي تضع في صفحاتها صور الممثلات والمغنّيات اللواتي كُنّ حوامل في الوقت نفسه الذي كنت أنا حاملاً فيه.

شعرت للوهلة الأولى أنهن من كوكب آخر، كاملات، بلا عيوب ولا سيلوليت، بلا ترهلات ولا اسوداد تحت العيون، مما ساهم بإضعاف ثقتي بنفسي...

حاولت بعد الولادة أن أمارس الرياضة، من ركض ورقص وغيرهما. كنت أشعر بالإرهاق والتعب المترافقين مع اكتئاب ما بعد الولادة.

كنت أتصفّح المجلّات التي تضع في صفحاتها صور الممثلات والمغنّيات اللواتي كُنّ حوامل في الوقت نفسه الذي كنت أنا حاملاً فيه. شعرت للوهلة الأولى أنهن من كوكب آخر

حرمت نفسي من أنواع متعددة من الأطعمة فقط لأشبه هذه الصورة في المجلة، والتي هي في أغلب الأحيان مفبركة ومعدّلة.

أعلم أن هناك العديد من النساء اللواتي يملكن ثقة عالية بأنفسهن، وذلك لأنهن تغلّبن على العدو الحقيقي، وهو المرآة... أما اللواتي لم يستطعن حتى الآن تقبّل شكلهن الخارجي، فهن على صراع دائم معها.

لم أزل على صراع مع مرآتي. وعلى الرغم من النضج الذي اكتسبته مع مرور السنين، ومن تقبّلي جسدي وشعوري بالثقة في أغلب الأوقات، غالباً ما أجد نفسي في حلبة مصارعة مع جسدٍ لم أعد أعرفه. أنظر إلى نفسي فأرى الترهلات والتشققات الّتي سببها حملي، فأحسد الرجل على عدم قدرته على الإنجاب.

فهذا الشعور بالذنب والرغبة في الحصول على جسدٍ يشبه أجساد العارضات والممثلات، هو حصيلة عصور من القمع الذكوري والأدلجة. هو نتيجة سنوات من تحكّم الرجل في جسد المرأة وفرض رغباته عليها.

عندما تُدرك أنها لن تتمكن من إرضاء المجتمع الذكوري الّذي يريدها أن تنصاع لمعاييره الخيالية، عندما تنظر في المرآة وترى نفسها كاملة على الرغم من عيوبها، ستنتصر على صورتها المشوّهة وستحطّم المرآة

هذا ما شعرت به خلال الحمل وما بعد الولادة. هو نتيجة سنوات من "غسيل الأدمغة" الّذي تعرضت له مع غيري من النساء، سببه برامج التلفزيون والمجلات والإعلانات الّتي تروّج لصورة خيالية عن جسد المرأة وكيف يجب أن يكون.

عندما تعي المرأة أنها جميلة في كل حالاتها، ستعرف قيمتها أكثر، وتركّز على ما هو أهم وأسمى... عندما تُدرك أنها لن تتمكن من إرضاء المجتمع الذكوري الّذي يريدها أن تنصاع لمعاييره الخيالية، عندما تنظر في المرآة وترى نفسها كاملة على الرغم من عيوبها، ستنتصر على صورتها المشوّهة وستحطّم المرآة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image