أكدت دراسة، أُعلنت نتائجها في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، أن واحداً من كل خمسة مصابين بكوفيد-19 جرى تشخيصهم لاحقاً باضطراب نفسي مثل القلق أو الاكتئاب أو الأرق، وذلك في غضون ثلاثة أشهر من ظهور نتيجة اختبار الفيروس.
الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة أكسفورد والمعهد البريطاني الوطني للبحوث الطبية الحيوية (NIHR)، نبهت إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لـ"تخفيف من خسائر الصحة النفسية للوباء".
وهناك العديد من الدراسات التي تبحث تأثير الفيروس على الدماغ والجهاز العصبي المركزي، واستكشاف المضاعفات العصبية والنفسية العصبية له. في تموز/ يوليو الماضي، نشر أطباء أعصاب نتائج لاحظوها على أكثر من 40 مصاباً بكورونا في المملكة المتحدة تراوحت مضاعفاتهم بين التهاب الدماغ والهذيان وتلف الأعصاب والسكتة الدماغية.
"نتيجة غير متوقعة"
خلص التحليل إلى أن الأشخاص الذين سبق تشخيصهم بأي مرض عقلي كانوا أكثر عرضة للإصابة باضطرابات عقلية لدى الإصابة بالفيروس التاجي بنسبة 65% من غيرهم، حتى مع النظر إلى عوامل الخطر المعروفة مثل العمر والجنس والعرق والظروف الجسدية الأساسية.
"الخرف أكثرها مدعاة للقلق"... دراسة لجامعة أكسفورد تقول إن واحداً من كل خمسة مرضى بالكورونا يصاب بأمراض عقلية أو نفسية في غضون ثلاثة أشهر بعد تحليل 70 مليون سجل صحي
"هذه النتيجة غير متوقعة وبحاجة إلى مزيد من التدقيق. في غضون ذلك، يجب إضافة وجود اضطراب نفسي إلى قائمة عوامل الخطر لكوفيد-19"، هكذا عقّب الدكتور ماكس تاكيت، الزميل في المعهد الطبي وأحد مؤلفي الدراسة.
استندت الدراسة إلى تحليل نحو 70 مليون سجل صحي أمريكي، بما في ذلك أكثر من 62000 حالة من المصابين بكورونا الذين لم تستدع حالتهم الإقامة في المستشفى أو زيارة أقسام الطوارئ.
بلغت نسبة التشخيص باعتلال الصحة العقلية في غضون مدة تراوح بين 14 و 90 يوماً من تأكيد الإصابة بكورونا 18.1%، بما في ذلك 5.8% كان أول تشخيص لهم بأمراض عقلية.
للتحقق مما إذا كان الخطر الزائد مرتبطاً بشكل مباشر بالفيروس التاجي، قارن الباحثون البيانات بست حالات أخرى كانت مصابة خلال الفترة نفسها بالأنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي الأخرى وعدوى جلدية وأيضاً حصوات المرارة.
اتضح للباحثين أنه في الأشهر الثلاثة التي أعقبت تشخيص كوفيد-19، سجلت إصابة 5.8% من المرضى لأول مرة بأمراض نفسية، مقارنة بـ 2.5 إلى 3.4% من المرضى في المجموعة المقارنة. وهذا يعني تقريباً ضعفَي المخاطر، بحسب الدراسة التي نشرتها مجلة "لانسيت" للطب النفسي.
ويرى بول هاريسون، أستاذ الطب النفسي في جامعة أكسفورد، حاجةً إلى مزيد من البحث لتحديد ما إذا كان تشخيص الاضطراب النفسي يمكن أن يكون مرتبطاً بشكل مباشر بالإصابة بفيروس كورونا. ولم تظهر في السجلات المشمولة في الدراسة عوامل عامة تؤثر على الصحة البدنية، مثل الخلفية الاجتماعية والاقتصادية، والتدخين، أو تعاطي المخدرات. هناك أيضاً احتمال أن البيئة الضاغطة بفعل الوباء لعبت دوراً.
يقترح التحليل أن الأشخاص من خلفيات اجتماعية واقتصادية فقيرة هم أكثر عرضة للمعاناة من اعتلال الصحة العقلية. يزيد الفقر أيضاً من التعرض لفيروس كورونا، بسبب عوامل مثل السكن المزدحم وظروف العمل غير الآمنة.
في هذا الإطار، أشار هاريسون: "بالمثل، ليس من غير المعقول على الإطلاق أن يكون لـCovid-19 بعض التأثير المباشر على دماغك وصحتك العقلية. لكنني أعتقد أنه لا يزال بحاجة إلى إثباته".
عقب تحليل نحو 70 مليون سجل صحي لمصابين بكورونا، اتضح أن قرابة الـ20% أصيبوا خلال ثلاثة أشهر بأمراض عقلية أو نفسية، بينها الاكتئاب والخرف
"الخرف الأكثر إثارة للقلق"
النتيجة الأكثر إثارة للقلق في هذا التحليل كانت ظهور تضاعف في تشخيص الخرف بعد ثلاثة أشهر من اختبار الفيروس، مقارنةً بالحالات الصحية الأخرى.
لفت هاريسون إلى أن هذا قد يكون مرتبطاً جزئياً بأن الذهاب إلى المستشفى أو زيارة الطبيب لتشخيص الإصابة بكورونا يسمح بتشخيص الحالات المرضية الأخرى الموجودة مسبقاً مثل الخرف.
وأضاف: "رغم ذلك، ليس من المستبعد على الإطلاق أن يكون هناك أيضاً تأثير دماغي للفيروس لدى بعض الأشخاص على نحو يؤدي إلى مزيد من الأعراض والصعوبات العصبية"، مضيفاً: "لذلك، نحن حريصون بشكل خاص على عدم المبالغة في تفسير هذا الارتباط".
وأبرز الباحثون أن الوقت وحده هو الذي سيحسم ما إذا كانت الإصابة بالأمراض النفسية بعد كوفيد-19 تستمر في التطور أو الثبات بعد ثلاثة أشهر.
وعلّق ديفيد كيرتس، الأستاذ الفخري في جامعتي كوليدج لندن وكوين ماري في لندن، على النتائج: "من الصعب الحكم على أهمية هذه النتائج... قد يكون من غير المفاجئ أن يحدث هذا كثيراً لدى المصابين بكوفيد-19، الذين ربما يكونون قلقين بشكل مفهوم من أنهم قد يصبحون على ما يرام بشكل خطير، والذين قد يتعين عليهم أيضاً اللجوء إلى العزلة".
وأضاف: "بشكل عام، تبدو النتائج المبلغ عنها معقولة على نطاق واسع، لكنني لست متأكداً أن الأثر يكون محدوداً على المرضى أو الخدمات الصحية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين