صرّح السفير السعودي لدى المملكة المتحدة بأن بلاده تدرس العفو عن الناشطات المعتقلات، ومنهن لجين الهذلول المضربة عن الطعام منذ أسبوعين، قبل استضافتها قمة مجموعة العشرين.
في السنوات الأخيرة، تتعرض المملكة لانتقادات وضغوط على خلفية سجلها في مجال حقوق الإنسان. لكن هذه الضغوط تزايدت مع اقتراب موعد قمة مجموعة العشرين المقررة يومي 21 و 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
يتعلق الأمر على نحو خاص بمصير مجموعة من الناشطات الحقوقيات والنسويات اللواتي برزت أسماؤهن خلال حملة الدعوة لحق النساء في القيادة. أحد المواضيع التي ستركز عليها القمة هو تمكين المرأة.
"دعهن يعشن وتجاهلهن"
في تصريح إلى صحيفة "الغارديان"، قال السفير السعودي خالد بن بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود إن المحاكم السعودية وجدت الناشطات مذنبات بأكثر من مجرد الدفاع عن الحق في القيادة، مبرزاً أن هناك نقاشاً يدور في وزارة الخارجية السعودية حول ما إذا كان استمرار احتجازهن يكلف المملكة ضرراً سياسياً يفوق جدوى اعتقالهن.
"اتركهن يخرجن، دعهن يعشن وتجاهلهن"... السعودية تفكر في إطلاق سراح لجين الهذلول والناشطات الحقوقيات المعتقلات قبيل قمة مجموعة العشرين المقررة هذا الشهر لأن "جدوى استمرار احتجازهن لا توازي الضرر السياسي الذي ألحقه الاحتجاز بالمملكة"
اللافت بشأن تصريح السفير السعودي هو أنه من النادر أن يلقي كبار الدبلوماسيين نظرة على المناقشات الداخلية حول الأمور القضائية التي غالباً ما تكون سرية.
أضاف السفير: "هل تدفع قمة العشرين إلى الرأفة (بالناشطات)؟ ربما. هذا حكم لشخص آخر غيري"، لافتاً إلى أن "الناس يسألون: هل يستحق الأمر الضرر الذي يسببه لكم، أياً كان ما فعلنه؟ هذه حجة عادلة وهي مناقشة أجريناها في الوطن داخل نظامنا السياسي وداخل وزارتنا".
واستطرد: "هناك مجموعة متنوعة من الآراء. يقول بعض الناس إنه لا يهم ما يعتقده الآخرون عنا، فالمهم هو القيام بما هو صحيح لبلدنا، وإذا انتهك الناس قوانيننا عن قصد، فيجب معاقبتهم وفقاً لتلك القوانين. يقول أشخاص آخرون إن الأمر لا يستحق ذلك، اتركهن يخرجن، دعهن يعيشن حياتهن وتجاهلهن".
منذ 26 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بدأت لجين الهذلول إضراباً عن الطعام في سجن الحائر الشديد الحراسة احتجاجاً على أوضاعها. وعبّرت لجنة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة عن انزعاجها من تدهور صحتها الأسبوع الماضي.
كانت الهذلول قد اعتقلت مع تسع مدافعات أخريات عن حقوق المرأة في أيار/ مايو عام 2018، قبل قليلٍ من منح المرأة الحق في القيادة.
وأكدت عائلتها مراراً وتكراراً أنها تعرضت للتعذيب والتحرش الجنسي.
رغم إقراره بأن الحجج الداعية إلى إطلاق سراح الناشطات الحقوقيات تبدو منطقية وحكيمة… السفير السعودي في بريطانيا ينبّه: "نحن بالتأكيد نتحرك في اتجاه مختلف (يقصد الانفتاح)، لكننا لسنا أمة غربية والناس بحاجة إلى معرفك أن بعض معتقداتنا مختلفة"
"لسنا أمة غربية"
منذ قدومه إلى السلطة عام 2017، أدخل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان العديد من التعديلات بهدف تحسين صورة بلاده دولياً والتخلص من الفكرة النمطية حول التشدد الديني والتحفظ المجتمعي. سُمح للمرأة بالخروج من دون العباءة أو غطاء الرأس وحضور الفعاليات الرياضية والفنية وسمح باختلاط الجنسين في الأماكن العامة.
لكن الانتقادات في شأن تقييد الحريات، بما في ذلك التعبير عبر الإنترنت، وقمع المعارضة وإبقاء الناشطين/ات الذين طالبوا بالإصلاح في السجون تصاعدت.
قال السفير السعودي ل"الغارديان" إن الحجج المؤيدة والمعارضة للعفو عن الناشطات الحقوقيات المعتقلات تستحق الذكر. ونبّه: "نحن بالتأكيد نتحرك في اتجاه مختلف، لكننا لسنا أمة غربية والناس بحاجة إلى معرفة أن بعض معتقداتنا مختلفة".
على غرار سائر دول العالم، تضررت السعودية بسبب تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد وانخفاض أسعار النفط واستثمارات القطاع الخاص. لكن المسؤولين السعوديين يقرون سراً بأن صورة الحكومة كانت عاملاً في انخفاض الاستثمار.
علاوةً على استمرار اعتقال الناشطين/ات الحقوقيين/ات والمعارضين، وارتدادات مقتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018، إذ أدى إلى غضب دولي لا سيما بعدما خلصت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأجهزة مخابرات غربية إلى أن الجريمة كانت اغتيالاً بأمر من ولي العهد السعودي. وهو ما نفاه الأمير الشاب والحكومة السعودية.
بينهن لجين الهذلول المضربة عن الطعام منذ أسبوعين… السفير السعودي في المملكة المتحدة يقول إن نقاشاً جدياً يدور في وزارة الخارجية السعودية حول دعوات العفو عن الناشطات الحقوقيات المعتقلات
بدا اجتماع قادة مجموعة العشرين في السعودية محاولة لتحديث صورة المملكة وإظهار انفتاحها. لكن الجائحة فرضت عقد القمة عبر الإنترنت مع توقعات بألا تستمر طوال اليومين المخصصين لها. ستكون هذه القمة آخر هدية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحليفه المقرب بن سلمان قبل أن يغادر الحكم لجو بايدن الذي تعهد مراراً أثناء حملته الانتخابية عدم التسامح مع انتهاكات حقوق الإنسان للقيادة السعودية.
بعثت الحكومة السعودية برسالة تهنئة إلى بايدن الذي وعد بمراجعة العلاقات الأمريكية السعودية، بما في ذلك دعم واشنطن للتدخل السعودي في اليمن.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية قد ناشدت، في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، الدول الأعضاء في مجموعة العشرين الضغط على المملكة للإفراج عن الناشطين/ات المحتجزين/ات بشكل غير قانوني، والتحقيق في الانتهاكات التي تعرضوا/ ضن لها.
وحددت المنظمة الناشطات لجين الهذلول ونسيمة السادة ونوف عبد العزيز والمدون رائف بدوي والمحامي صلاح حيدر والمحامي الحقوقي وليد أبو الخير.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...