أمام خروج الوضعية الوبائية في المغرب عن السيطرة، وتخطِّي عدد إصابات فيروس كورونا حاجز الربع مليون إصابة، و تجاوز عدد الوفيات عتبة 4000 وفاة بعد تسجيل 84 حالة جديدة مساء 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، اتَّخذت الدولة في المغرب قرار إطلاق حمْلةٍ للتَّلْقيح المُكَثَّف ضد الفيروس كخيارٍ استراتيجي لمحاولة حصار تفشِّي الوباء في البلاد.
قرارٌ ملكيٌ
القراراتخذه العاهل المغربي، الملك محمد السادس، خلال اجتماع جمعه ليلة الإثنين بقيادات أمنية وعسكرية وصحية وكذا كبير مستشاريه إضافة إلى مسؤولين آخرين، وقال بيانٌ صادرٌ عن الدِّيوان الملكي إِنّ هذا القرار اتخذ بناءً على الرَّأْيِ الصادر عن اللجنة الوطنية العلمية ذات الصلة، والذي يُشير إلى أن حملة التَّلْقيحِ تشكِّل رداً حقيقياً من أجل وضع حدٍّ للمرحلة الحادَّة من الجائحة.
وتابع البيان: "وفاءً للمقاربة الملكية الاستباقية المعتمدة منذ ظهور هذا الفيروس، أعطى جلالته توجيهاته السامية من أجل إطلاق عملية مكثفة للتلقيح ضد فيروس كوفيد-19 في الأسابيع المقبلة… هذه العملية الوطنية الواسعة النطاق وغير المسبوقة، تهدف إلى تأمين تغطية للساكنة بلقاح كوسيلة ملائمة للتحصين ضد الفيروس والتحكم في انتشاره. فحسب نتائج الدراسات السريرية المنجزة أو التي توجد قيد الإنجاز، فإن سلامة، وفعالية ومناعة اللقاح قد تم إثباته".
وستُمْنح الأولوية في عملية التلقيح على الخصوص للعاملين في الخطوط الأمامية، وخاصة العاملين في مجال الصحة، والسلطات العمومية، وقطاعِ التربية الوطنية، وكذا الأشخاص المسنين والفئات الهشَّة الأكثر عُرضةً للإصابة بالفيروس، وذلك قبل توسيع نطاق هذه العملية لتشمل جميع ربوع البلاد.
بينما البرازيل أوقفت التجارب على لقاح "سينوفاك" الصيني لظهور "أثر سلبي خطير" له... العاهل المغربي يأمر بتلقيح المغاربة بلقاح صيني، دون تفاصيل عنه، في محاولة محفوفة بالمخاطر لوقف التفشي الكبير للوباء الذي "خرج عن السيطرة"
لِقاحٌ صيني
لم َيذْكُرِ البيانُ الصادرُ عن الديوان الملكي أيّة تفاصيل عن طبيعة هذا اللقاح الذي سيَجري تلقيح المواطنين المغاربةِ به ضدَّ الفيروس التاجي في غضون أسابيع، لكن العديد من المؤشرات تشير بحسب الأخصائيين إلى أن الأمر- على الأقل في مرحلة أولى - يتعلق باللقاح الصيني الذي تنتجه شركة سينوفارم، الذي وصلت التجارب الإكلينيكية بخصوصه إلى المرحلة الثالثة في عدة دول من بينها المغرب والإمارات ومصر.
كما أكد موقعا "لوديسك" و "ميديا 24" المطلعين في المغرب نقلا عن مصادرهما الخاصة اعتماد اللقاح الصيني.
وكانت الشركة التي طورت اللقاح قد أعلنت قبل بضعة أيام أنه جرى اختبار اللقاح على حوالي 50 ألف شخصاً، دون أن تظهر عليهم أية آثار جانبية أو سلبية، وسَيلحقُ بذلك المغرب بكل من الإمارات والبحرين اللتان رخَّصتا لاستعمال هذا اللقاح.
وبحسب وسائل إعلام مغربيةٍ، فإنَّه يُنتظر أنْ يحصل المغرب على الدفعة الأولى من المخزون في غضون أسابيع، بمقدار حوالي 10 ملايين حقنة، علماً أن كل شخص يتعيَّنُ أنْ يحصل على حُقْنتين بفارقٍ زمني يصل إلى ثلاثة أسابيع بين الحقنتين.
وكانت وزارة الصحة المغربية، قد وقعت، في 20 آب/أغسطس الماضي، اتفاقية مع الشركة الصينية "سينوفارم" لإجراء التجارب السريرية للمرحلة الثالثة للقاح المضاد لفيروس كورونا، وهي تعد سابقة في تاريخ المغرب.
إلى جانب سينو فارم، كان المغرب قد وقع عقداً مع شركة "إرفارم" الروسية لتزويده ب 17 مليون حقنة من اللقاح المعروف ب "أوكسفورد" و الذي تم تطويره بموجب ترخيص مختبر أسترازينيكا، وكانت الأخيرة قد أعلنت مؤخراً أن لقاحها يحفز استجابة مناعية مماثلة لدى كل من كبار السن والشباب، كما أنَّ الاستجابة السِّلْبية كانت أقل بين كبار السن، و ُيشار إلى أنَّ تجارب هذا اللقاح لم تنطلق بعد في المغرب.
"في الوقت الذي لا زالت تجري فيه أكبر المختبرات العالمية تجارب سريرية على لقاح كوفيد 19 يستبق المغرب العالم بطرح برنامج وطني للتلقيح ضد الوباء، كيف ذلك، الله أعلم"
مخاوفٌ و تساؤلات
مباشرةَ بَعْدَ صدورِ القرار، تضاربت ردودُ الأفعال المغربية على المواقع الاجتماعية، بين مرحب بالقرار وعودة الأمل بحياة خارج كورونا، وبين مُشكِّكٍ في فعالية اللقاح الصيني أو متخوِّفٍ من طريقة سير عملية التلقيح .
كَتب المهدي المحمدي، الخبير المتخصص في عِلم البيانات والإحصاءات على تويتر: " قد يظْهرُ هذا القرار وكأنَّه جيدٌ، لكن من دون معطياتٍ وبياناتٍ، لدينا الحق في التَّحْذير من التسرع.. لقد أُجْريتْ التجارب في المغرب على حوالي 600 شخص، التجارب التي أجرتها سينوفارم في بلدان أخرى هي مبهمة أيضاً".
في الأثناء، تساءَل المغرد المعروف "كحل العفطة" إذا ما كان من بين من أجريت عليهم تجارب سريرية أشخاص يعانون أمراضاً مزمنة، بينما ربط مُعلِّقون آخرون بين تراجع عدد الاختبارات اليومية للكشف عن الفيروس وقرب بداية عملية التَّلقيح.
عبد الواحد التدموري، وهو ناشط حُقوقي مغربي معروف كتب على صفحته على فيسبوك: "في الوقت الذي لا زالت تجري فيه أكبر المختبرات العالمية تجارب سريرية على لقاح كوفيد 19 يستبق المغرب العالم بطرحه لبرنامج وطني للتلقيح ضد الوباء، كيف ذلك، الله أعلم... ربما اكتشفنا التلقيح قبل بقية العالم".
من جهته، تمنى الفاعلُ المدني جمال الدين ريان عدم تكرار ما وصفها بـ"المأساة" التي وقعت أثناء عملية توزيع المساعدات خلال فترة الحجر الصحي، مستدركاً "عملية التلقيح للوقاية من كوفيد-19 يجب أن تكون نزيهة وبشفافية وأن تكون الأسبقية للفئات الهشة".
وخلال الساعات الماضية، أعلنت السلطات الطبية في البرازيل أنها أوقفت التجارب على لقاح "سينوفاك" الصيني منذ 29 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بسبب "أثر سلبي جديّ"، دون مزيد من التفاصيل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...