توصلت دراسة مطولة شارك فيها أكثر من ألف عالم إلى أن مستويات تلوث الهواء في بلدان الشرق الأوسط بلغت مستويات مقلقة، لا سيما الشقيقتين العربيتين القاهرة وبيروت.
الدراسة التي أشرف عليها المعهد الوطني للبحث العلمي (CNRS) وجامعة كليرمون أوفيرن في فرنسا، بين عامي 2010 و2020، لفتت إلى "التبعات الصحية الجسيمة" لتلوث الهواء في المدن المبحوثة ضمن برنامج بحثي بشأن البيئة المتوسطية. بالتزامن مع إطلاق نتائج الدراسة المطولة، كانت منظمة الصحة العالمية تحذر من عواقب خطيرة لتلوث الهواء في زمن كورونا مشددةً على أن من يعانون أمراضاً تتعلق بالتنفس يكونون الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس التاجي في حال الإصابة.
How does #airpollution affect our body during the pandemic?
— World Health Organization (WHO) (@WHO) November 4, 2020
Learn about air pollution and #COVID19 from @DrMariaNeira in #ScienceIn5 ⬇️ pic.twitter.com/nJ1oD2UgUh
كذلك خلصت دراسة دولية إلى أن التعرض المطول لتلوث الهواء يرفع خطر الوفاة بكوفيد-19 إلى 15%.
شرق المتوسط أكثر تلوثاً من غربه
خلال مؤتمر صحافي، في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، صرّحت أنييس بوربون، الباحثة في معهد الأرصاد الجوية الفيزيائية التابع للمعهد الفرنسي الوطني للبحث العلمي، بأن تلوث الأوزون والجسيمات الدقيقة، وهما العائلتان الرئيستان من ملوثات الغلاف الجوي، سجّلا معدلات عالية في البيئة المتوسطية، مع ملاحظة مستويات أعلى في الشرق مقارنة بتلك المسجلة غرباً في المنطقة نفسها.
بسبب أقل التشريعات تشدداً حيال تلوث البيئة وانبعاثات المحروقات… معدلات تلوث الهواء في بيروت والقاهرة تبلغ مستويات مقلقة. في بيروت، مستويات التلوث بالمركّبات العضوية المتطايرة أعلى بمرتين إلى ثلاث مرات من باريس أو لوس أنجلوس، رغم أنهما أكثر اكتظاظاً منها
وفي إطار برنامج "ميسترال"، الذي أُطلق في آذار/ مارس عام 2010، شارك أكثر من ألف عالم من 23 بلداً في تحليل وضع البيئة في منطقة البحر المتوسط. كما عملت الفرق الدولية، بالتنسيق مع CNRS، بمراقبة جودة الهواء في الحوض الشرقي للبحر المتوسط تحديداً بسبب "النقص" في مثل هذا النوع من البيانات، وفق بوربون.
تركز عمل هذه الفرق بشكل أساسي على أكبر مدينتين في المنطقة: العاصمة المصرية القاهرة، وإسطنبول التركية، إلى جانب العاصمة اللبنانية بيروت.
وجدت تحليلاتهم "مستوى مرتفعاً من تلوث الغاز"، مع "زيادة واضحة في كميات المركّبات العضوية المتطايرة"، التي تعد من المركّبات الطليعية لتشكيل الأوزون، مع الاتجاه نحو شرق المتوسط.
تباين شديد
كان لافتاً الفرق الكبير بين معدلات التلوث بين شرق المنطقة وغربها حيث يزيد تركيز المركبات العضوية المتطايرة في الهواء بين الحدود الغربية لمرسيليا الفرنسية والحدود الشرقية لبيروت بواقع ثلاث مرات.
كلما اتجهنا شرقاً على المتوسط وجدنا "مستوى مرتفعاً من تلوث الغاز" و"زيادة واضحة في كميات المركّبات العضوية المتطايرة" المكونة للأوزون… دراسة تحذر من خطورة مستويات تلوث الهواء في بيروت والقاهرة #الفيول_المغشوش
يرجع ذلك جزئياً إلى الانبعاثات المتأتية من حركة المرور، بفعل تبخر المحروقات والوقود المستخدم للتدفئة شتاءً. في حين يفسر اعتماد بلدان شرق المتوسط تشريعات "أقل تشدداً" حيال الانبعاثات الملوثة للبيئة، مقارنةً بتلك المعتمدة غرباً، هذا الفرق بحسب بوربون.
في بيروت أيضاً، مستويات التركيز بالمركّبات العضوية المتطايرة أعلى بمرتين إلى ثلاث مرات من باريس أو لوس أنجلوس، رغم أنهما أكثر اكتظاظاً من المدينة اللبنانية.
التلوث بالجسيمات الفائقة الدقة، بقطر يقل عن 10 ميكرومترات، يسجل مستويات مقلقة أيضاً. فالبيانات من 18 محطة لقياس جودة الهواء بالقاهرة، تشير إلى وجود معدلات تركيز (188 ميكروغراماً في المتر المكعب).
وهو ما يزيد بثماني مرات عن القيمة الاسترشادية التي حددتها منظمة الصحة العالمية والبالغة 20 ميكروغراماً في المتر المكعب.
وتخطت مستويات تركيز الجسيمات الدقيقة في الهواء بإسطنبول هذه السقف المحدد أيضاً (100 ميكروغرام في المتر المكعب)، وببيروت (51,3 ميكروغرام في المتر المكعب).
وفي إطار تسليط الضوء على تبعات هذا التلوث، أشار الباحثون إلى معدلات الوفيات المرتبطة بالتعرض المزمن لتلوث الهواء. في القاهرة، تنتج 11% من الوفيات غير العرضية في صفوف الأشخاص الذين هم فوق سن الثلاثين عن الجسيمات الدقيقة، و8% عن ثاني أكسيد النيتروجين.
تمثل هذه الحصيلة 62 وفاة لكل 100 ألف نسمة، وتقابل 25 وفاة مماثلة لكل 100 ألف نسمة في فرنسا، وفق بيانات المعهد الفرنسي للبحث العلمي.
تتسق هذه النتائج مع تقرير لمنظمة "غرينبيس" الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حزيران/ يونيو الماضي، عن الكلفة الاقتصادية والصحية الموجعة التي تتكبدها دول المنطقة جراء استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري أحد أبرز ملوثات الهواء.
قدّر التقرير عدد الوفيات المبكرة السنوية جرّاء تلوّث الهواء الناجم عن الوقود الأحفوري في دول المنطقة بحوالى 65.000 حالة، مبرزاً أن مصر ولبنان يشهدان أعلى معدلات الوفاة المبكرة بفعل تلوث الهواء سنوياً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 15 ساعةرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.