اختتمت مؤسسة فيلم لاب فلسطين فعاليات الدورة السابعة والاستثنائية لمهرجان "أيام فلسطين السينمائية" الدولي مساء أمس في قصر رام الله الثقافي مع عرض فيلم "بين الجنّة والأرض" للمخرجة الفلسطينية نجوى نجّار في عرضه الأول في فلسطين، الذي ترافق مع إعلان نتائج مسابقة طائر الشمس الفلسطيني عن فئة الإنتاج.
كان المهرجان قد امتد على مدار سبعة أيام حيث انطلقت فعالياته الأسبوع الماضي في مدينة رام الله. وبسبب جائحة فيروس كورونا، أقيمت فعالياته هذا العام وسط إجراءات ومعايير صحية ووقائية مشددة لضمان سلامة الجمهور في مدينتي رام الله وبيت لحم في حين تم تأجيل عروض المهرجان في كل من القدس وحيفا وغزة نظراً لاستمرار الإغلاق المفروض بسبب الجائحة. وعن استثنائية هذه الدورة، تحدثنا المخرجة الفلسطينية ليلى عباس، في حوار هاتفي خاص لرصيف22، عن الخوف المستمر الذي أحاط تحضيرات المهرجان المحفوف بالمخاطرة والإجراءات الصحية المتشددة، "لكن الجمهور حضر، وكان متعطشاً لفعاليات المهرجان وهذا كان استثنائياً في حد ذاته"، على حد تعبيرها.
وعن تقييم المهرجان، ترى عباس أنه حقق الفكرة الأساسية من تأسيسه هذا العام: "في مهرجان أيام فلسطين السينمائية كانت الفكرة منذ 7 سنوات، هي إتاحة الفرصة للجمهور الفلسطيني أن يشاهد الأفلام غير المتاحة له عبر الوسائط الأخرى. خاصة بسبب صعوبة السفر والتنقل إلى المهرجانات الدولية بالنسبة للجمهور الفلسطيني بسبب ظروف الاحتلال. وكانت رغبتنا بأن نركز على السينما الفلسطينية بأفلامها الروائية والوثائقية والقصيرة، وكذلك تقديم أفلام من العالم العربي. وهذا ما فعلناه هذا العام".
شهدت هذه السنة تنوعاً واسعاً في اختيارات المهرجان من داخل العالم العربي وخارجه، فنجح في استقطاب أكثر من 30 فيلماً عالمياً وعربياً ومحلياً. كذلك، نجح في بناء شراكة مع المهرجان الفرنسي "كليرمونت فيراند" وهو أحد أهم المهرجانات العالمية للأفلام القصيرة.
تضمنت العروض أفلاماً من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق ومصر وصربيا وتشيلي وأفغانستان وغانا، وتضيف المخرجة ليلى عباس، "من الصين كان لدينا فيلم "غبت طويلاً يا بني" للمخرج وانغ هياوشواي، أردنا أن نشذ عن الصورة التي رسمت للصين هذا العام كمصدر للوباء، فقدمنا هذا الفيلم لقيمته الإنسانية الرائعة.
"المخرج حنا عطا الله لرصيف22: "كل شخص ساهم بسعر البطاقات الرمزية لمهرجان أيام فلسطين السينمائية، كان منتجاً عبر مساهمته في تمويل مشروع الإنتاج، على مبدأ "العونة" كحالة تعاونية شعبية معروفة في القرى الفلسطينية"
كما قدمنا من أمريكا فيلم "بقايا"، وهو إنتاج أمريكي مستقل بميزانية محدودة جداً يدور حول تطهير بعض الأحياء الأمريكية من الصبغة الإفريقية.
ومن لبنان عرض فيلم "بيروت المحطة الأخيرة" للمخرج إيلي كمال، وهو وثائقي تأملي تصادف مع وقت كانت فيه العاصمة بيروت تمر بظروف صعبة بعد انفجار 14 أغسطس. بالعموم غلب على المهرجان الطابع الإنساني، وهذا ما كنا نسعى له".
ومن أبرز الأفلام أيضاً فيلم "عفواً لم نجدكم" للمخرج البريطاني الشهير كين لوتش، وفيلم "الحديث عن الأشجار" للمخرج السوداني صهيب قسم الباري، و"ستموت في العشرين" للمخرج السوداني أمجد أبو العلا، الفيلم اللبناني "1982" للمخرج وليد مؤنس، وفيلم "دييغو مارادونا" للمخرج آسيف كاباديا، وفيلم "فارس حلو.. حكاية ممثل خرج عن النص" للمخرج السوري رامي فرح، و"مسافر منتصف الليل" للمخرج الأفغاني حسن فازيلي، والفيلم الإيطالى "اختفاء أمي" للمخرج بنيامينو باريسي.
مسابقة طائر الشمس الفلسطيني
برغم تجميد مسابقة "مسابقة طائر الشمس الفلسطيني" بجزأيها عن الأفلام الروائية والوثائقية، إلا أنها استمرت هذا العام عن فئة الإنتاج، كمبادرة لتعزيز الدعم والاحتفال بالإنتاجات الفلسطينية والإنتاجات الدولية التي تشكل فلسطين محورها. إلى جانب تعزيز الثقافة السينمائية من خلال توفير مساحة مثالية للإنتاج المحلي ولتبادل الخبرات والتشبيك مع صناع سينما من العالم والعالم العربي. بالإضافة الى التشبيك مع أهم المهرجانات الدولية ودور الإنتاج العالمية، بالإضافة إلى خلق مساحة لعروض أفلام مستقلة وذات جودة عالية. وقد وصل إلى اللائحة القصيرة 12 مشروعاً إنتاجياً لأفلام روائية قصيرة لصناع سينما من فلسطين والشتات. يخبرنا المخرج مؤيد عليان عبر اتصال هاتفي، أن أعضاء لجنة الحكم "وجدوا في هذه المشاريع عاصفة معرفية أخذتهم برحلة لواقع فلسطين في الداخل والشتات".
وفي السياق نفسه، يذكر المخرج حنا عطا الله، المؤسس والمدير الفني لمؤسسة فيلم لاب والمهرجان، في حوار هاتفي لرصيف22، أن "رمزية الاستمرار في مشاريع سينمائية فلسطينية تصب في استمرارنا بسرد الرواية الفلسطينية وبقائها ونقلها للأجيال القادمة، لأن الصراع الحالي هو صراع رواية".
تضمنت لجنة التحكيم المخرج ومحرر الأفلام وكاتب السيناريو الدنماركي برامي لارسن والمخرجة والمنتجة الفلسطينية آن ماري جاسر والمستشار ومصمم برامج تطوير الافلام ماثيو دراس.
يدير لارسن، "ورشة عمل الأفلام" في كوبنهاجن منذ العام 1995، وبرنامج المواهب الذي يدعم صناع الأفلام الصاعدين. كما يسعى لإيجاد نوع من التعاون بين برامج المواهب في الدنمارك والخارج. أما آن ماري جاسر، فقد أخرجت وأنتجت أكثر من 16 فيلماً، وتم اختيار اثنين منها في قائمة مهرجان كان السينمائي الرسمية، وعُرض فيلم لها في مهرجانات برلين. وفينيسيا ولوكارنو وتيلورايد، وتقدمت أفلامها الطويلة الثلاثة للمشاركة في مسابقة جوائز الأوسكار عن فلسطين. كما شاركت جاسر كعضو لجنة تحكيم في مهرجان كان للأفلام السينمائية. ويقوم دراس بتصميم وإدارة عدد من برامج تطوير الأفلام والمواهب والبرامج الاستشارية الفاعلة حول العالم، وعمل في عدد من مهرجانات الأفلام الرئيسية في أوروبا: كمنظم للبرامج في أسبوع كان للنقاد، ومستشار لمهرجان فينيسيا السينمائي، وموفد لمهرجان سان سيباستيان للأفلام، كما أدار مهرجان براتسيلافا للأفلام.
وقد تم الإعلان عن المشروع الفائز في المسابقة في الأمسية الختامية للمهرجان، وهو "دماء كالماء" للمخرجة ديما حمدان، التي حصلت على جائزة تبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار، بالإضافة الى إتاحة استخدام معدات التصوير والصوت المتوفرة في مؤسسة فيلم لاب فلسطين خلال مرحلة الإنتاج والحصول على تسهيلات من المؤسسة في مراحل ما بعد الإنتاج والتوزيع..
"تصب رمزية المشاريع السينمائية الفلسطينية وحركة إنتاجها المستمرة في الاستمرار بسرد الرواية الفلسطينية وبقائها ونقلها للأجيال القادمة، لأن الصراع الحالي هو صراع رواية"
يشير المخرج حنا عطا الله أن ريع تذاكر المهرجان عاد إلى جائزة الإنتاج: "بسبب عدم وجود صناديق دعم مخصصة للإنتاج السينمائي في فلسطين، أردنا أن تكون هذه المبادرة بمثابة مساعدة، ولو بسيطة في استمرار حركة الإنتاج. جاءت الفكرة من مفهوم شعبي هو "العونة" أو "الهبّة" المنتشرة في القرى الفلسطينية بين الجيران والأقارب، ومن هنا كل شخص ساهم بسعر البطاقات الرمزية للمهرجان كان منتجاً عبر مساهمته بحصة بسيطة في تمويل مشروع الإنتاج".
وقد أعلن على هامش الأمسية الختامية في المهرجان عن منصة "وقتنا" ضمن برنامج الجيل القادم، من خلال لقاء خاص نظمته مؤسسة فيلم لاب فلسطين، وهي المنصة الأولى من نوعها في العالم العربي التي تستهدف الأطفال واليافعين (6 – 15 سنة) وتسعى إلى بناء ثقافة سينمائية لدى الأطفال عبر بث محتوى غير استهلاكي أو تجاري للأطفال والعائلات. وتتضمن عدداً من البرامج والأفلام الجيدة المترجمة والمدبلجة للعربية، بالإضافة الى كونها منصة مجانية خالية من الإعلانات موجهة للأطفال في فلسطين.
وضمن برنامج الجيل القادم تم الإعلان عن المشروعين الفائزين في برنامج "حكايات طائر الشمس" والذي تنظمه مؤسسة فيلم لاب فلسطين بالتعاون مع شركة سينيفيليا للإنتاج، حيث فاز كل من المشروع "أورنينا والغولة" للمخرج وكاتب السيناريو إميل سابا وكاتبة السيناريو بيان شبيب والمشروع "خالد ونعمة" للمخرج وكاتب السيناريو سهيل دحدل. وحصل كل منهما على جائزة مالية ومساعدة عينية في خدمات مرحلتي الإنتاج وما بعد الإنتاج. وقد صُمم هذا البرنامج بهدف توفير محتوى فلسطيني للأطفال واليافعين. ومن خلاله تم تطوير سبعة أفلام قصيرة سردية للأطفال واليافعين – من قبل صناع الأفلام الفلسطينيين الشباب الذين التحقوا ببرنامج إقامة مكثف لتطوير مشاريعهم وتجهيزها للإنتاج: كتابة السيناريو والإخراج – وخاصة العمل مع الممثلين الأطفال - والإنتاج.
لقاءات الماستر كلاس عبر زوم
نظراً للظروف التي فرضتها الجائحة هذا العام، يخبرنا المخرج والمدير الفني حنا عطا الله، أنه تم استبدال ملتقى صناع السينما والاكتفاء بلقاءين للماستر كلاس مع كل من المخرج الفلسطيني العالمي ايليا سليمان والمخرج البريطاني الشهير كين لوتش، ليحصد مشاركة جماهيرية واسعة من خلال تطبيق الزوم.
وفي هذا السياق صرح مؤيد عليان، مخرج وعضو في الهيئة الإدارية ومسؤول عن الفعاليات التي تتعلق بصناع السينما من العالم العربي ودولياً، أن المهرجان عادة ما كان يستضيف صناع السينما من الخارج (قدر المستطاع)، وقد تجلت الفرصة هذا العام بإمكانية استضافتهم عبر الإنترنت في ظل جائحة كورونا: "تمكنا من دعوة المخرج البريطاني كين لوتش، وبالنسبة له كان الإنترنت المنبر الأفضل لأن السفر مرهق له ولأنه قد يواجه عراقيل سياسية بالحصول على تصاريح بسبب موقفه المناصر للقضية الفلسطينية. كما تمكنا من استضافة المخرج الفلسطيني العالمي إيليا سليمان المقيم في الخارج، وبهذا حولنا السلبي إلى إيجابي".
وبالنسبة لمحاور المحاضرات، يخبرنا عليان أن المواضيع تنوعت، "فبينما تطرق المخرج إيليا سليمان للشق الفلسطيني في صناعة الأفلام كالتمويل والمدة التي تستغرقها صناعة الأفلام، تناول كين لوتش أهمية العالم السينما في العالم العربي في ظل كورونا. وقد ركز لوتش على موضوع ألا يكون الهدف من الفيلم إيصال رسالة وإحداث صيحة فقط، بل البحث عن أفضل طريقة لإيصال هذه الرسالة. ولأنه واجه مشكلات عديدة بسبب مواقفه السياسية في بريطانيا والعالم بسبب الأحكام المسبقة بناءً على مواقفه السياسية، وجد أن تطوير الشخصيات ضمن الخط الدرامي من شرائح معينة من المجتمع وإيصال رسالة من خلالها هي أفضل طريقة لعرض القضايا الإنسانية والسياسية".
اختتم عليان حواره مع رصيف22 بقوله: "فخور بفريق فيلم لاب، لأن المهرجان خرج بهذا الشكل برغم الظروف التي تمر بها البلاد والعالم".
كما يشير المدير الفني والمخرج حنا عطالله "بالرغم من التحديات التي واجهت تنظيم المهرجان إلا أننا تمكنا من تحقيق أهدافه المرجوة من حيث الحضور ونوعية الأفلام بالرغم من الظروف الاستثنائية، ونأمل استكمال عروض المهرجان في العاصمة القدس وحيفا وغزة".
وبرغم أن إجراءات التباعد الاجتماعي كانت قد أثرت على كم الحضور الذي تمكن من التواجد في القاعات، كما يخبرنا عطا الله، "إلا أن القاعات كانت ممتلئة، ليثبت هذا من جديد أن الفن هو الملجأ في ظل الأزمات. وقد رأينا في ظل الحجر الصحي عودة الناس للحقل الثقافي بتنوعاته، وهذا كان جزءاً مهماً من استمرار المهرجان هذا العام برغم التحديات التي عانينا منها، حتى فلسطينياً، كالتمويل المشروط للإنتاجات السينمائية الفلسطينية بسبب التعارضات السياسية".
يجدر الذكر أن المهرجان هذا العام تمكن من التغلب على صعوبات السفر والتنقل التي تفرضها ظروف الاحتلال عبر فعاليات تمت عن طريق الإنترنت، تقول ليلى عباس "في السابق كنا نعاني من تأمين تصاريح سفر لصناع السينما في العالم العربي إما بسبب سياسات بعض البلدان أو بسبب مماطلات الاحتلال وإجراءاته، ما منع الكثير من الضيوف من تلبية الدعوة للمهرجان".
وعن حضور الحركة النقدية السينمائية في المهرجان، يذكر عطا الله: "للأسف لم تتبلور حركة نقدية متكاملة بعد في المشهد السينمائي في فلسطين، وهذا واحد من أهداف برامج مؤسسة فيلم لاب، أي إعداد نقاد سينمائيين مختصين. لكن نستطيع القول إن كتاب المجال الثقافي ممن لديهم اطلاع أو إلمام بالنقد كانوا متواجدين كعادتهم، وواكبوا عرض الأفلام في المهرجان سواء كان في صحف محلية، أو منصات ثقافية إلكترونية".
من الجدير ذكره أن "فيلم لاب - فلسطين" تأسست عام 2014 كمؤسسة غير ربحية، تقوم رؤيتها على صناعة إنتاجية وديناميكية للأفلام في فلسطين عن طريق توفير فضاء مثالي للجمع بين صناع السينما بهدف التحفيز على التعلم، وتبادل الخبرات، وتشكيل مصدر إلهام لبعضهم البعض، بالإضافة إلى إنتاج أفلام فنية، من خلال عرض مخزون متنوع من الأفلام للجماهير.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون