"أفلام هذه الدورة تحمل قصصاً عن الإنسان أينما كان، قصص تحمل في طياتها الأمل والألم والانتماء، لتلتحم التجربتان الإنسانية والسينمائية"، هكذا وصفت المخرجة والمنتجة الفلسطينية ليلى عباس، مديرة برمجة مهرجان "أيام فلسطين السينمائية" الدولي، الرسالة التي تحملها الدورة السابعة للمهرجان التي تستعد لافتتاح فعالياتها في 20 أكتوبر من العالم الجاري وتستمر حتى اليوم الـ26 من الشهر نفسه.
المهرجان في دورته الاستثنائية
تعكف مؤسسة فيلم لاب- فلسطين Filmlab Palestine على وضع اللمسات الأخيرة لإطلاق الدورة السابعة لمهرجان "أيام فلسطين السينمائية" الدولي وذلك على الرغم من الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد جراء تفشي وباء فايروس كورونا. ومؤسسة فيلم لاب هي منظمة غير ربحية، سعت منذ تأسيسها في عام 2014 في مدينة رام الله الفلسطينية، لترويج الثقافة السينمائية والفنية. وقد بدأت فكرتها بوحي من تجارب توثيقية شخصية للشباب الفلسطيني في مخيمات اللجوء، ترسخ ذاكرة فلسطين عبر الفن.
تقوم رؤية المؤسسة على صناعة إنتاجية وديناميكية للأفلام في فلسطين عن طريق توفير فضاء مثالي للجمع بين صناع السينما بهدف التحفيز على التعلم، وتبادل الخبرات، وتشكيل مصدر إلهام لبعضهم البعض. ويأتي مهرجان "أيام فلسطين السينمائية" ضمن الخطة الاستراتيجية للمؤسسة، التي تقع تحت بند تنمية الثقافة السينمائية، والهدف منها إعادة إحياء الثقافة السينمائية في فلسطين واستقطاب أكبر عدد من المشاهدين للأفلام المستقلة.
يأتي مهرجان أيام فلسطين السينمائي بدورة استثنائية هذا العام تماشياً مع ما فرضته الجائحة العالمية، وتلتحم في دورته السابعة التجربتان الإنسانية والسينمائية من خلال قصص عن الإنسان أينما كان، تحمل في طياتها الأمل والألم والانتماء
أكدت اللجنة على أن المهرجان هذا العام سيقام بدورة استثنائية بما يتلاءم وإجراءات الجهات الحكومية الفلسطينية ومع مراعاة الشروط والمعايير الصحية والوقائية لضمان سلامة الجمهور، وبالشراكة مع بلدية رام الله. وبدورها، أعلنت إدارة المهرجان أن الدورة السابعة ستكون استثنائية، نظراً لظروف فرضتها الجائحة العالمية، وستقتصر على برنامج مصغر يشمل عدداً محدوداً من عروض الأفلام العالمية والعربية والمحلية، والتي سيتم عرضها في أماكن مختلفة في كل من العاصمة القدس ورام الله وبيت لحم وغزة ومدينة حيفا، كما ستشمل بعض العروض الخارجية التي توفر حاجة التباعد الاجتماعي من خلال عرض الأفلام في الأماكن العامة والمفتوحة.
أما فيما يتعلق بمسابقة "طائر الشمس الفلسطيني"، التي عادة ما تتضمن أفلاماً فلسطينية أو أفلاماً صنعت عن فلسطين لمخرجات ومخرجين تحت سن 35 عاماً، تخضع لحكم لجنة مكونة من سينمائيين ومختصين، محليين ودوليين وعرب لاختيار الأفلام الفائزة بالمسابقة، فقد تم إلغاؤها عن فئتي الأفلام السينمائية القصيرة والأفلام الوثائقية الطويلة.
وبينما يعاني القطاع الثقافي بشكل عام والسينمائي بشكل خاص من شح الميزانيات والتمويل، أكثر من أي وقت مضى بسبب جائحة كورونا، إلا أن إدارة المهرجان أصرت على الاستمرار بالمسابقة عن فئة الإنتاج التي تهدف إلى تشجيع صناعة الأفلام الفلسطينية أو الأفلام عن فلسطين، وخصصت جائزة قيمتها عشرة آلاف دولار. ويتنافس هذا العام أكثر من عشرة مشاريع من فئة الفيلم الروائي القصير على هذه المسابقة لصانعات وصناع أفلام من فلسطين والشتات.
الفن العابر لكل الحدود
بسبب التغير الحاصل والملحوظ خلال العام الحالي على أساليب مشاهدة الأفلام لدى الجمهور محلياً وعالمياً، تقول المخرجة ليلى عباس، " أصبحت الكثير من الأفلام متاحة للجمهور في بيوتهم، بعد أن استحوذت شركات "الفيديو حسب الطلب" العملاقة مثل شبكة نيتفليكس على إنتاجات حديثة لم تأخذ فرصتها في عروض المهرجانات وعروض دور السينما".
في خضم ذلك كله، تضيف عباس، "تعمق إيماننا الراسخ منذ انطلاق أيام فلسطين السينمائية أنه لا يمكن أن يحل أي شي مكان عروض الأفلام الحية حيث تلتحم التجربة الإنسانية والسينمائية. وكان لا بد لنا من تلبية تعطش الكثيرين لمشاهدة أفلام ذات قيمة فنية لا توفرها المنصات الأخرى".
اختيار أفلام مهرجان أيام فلسطين السينمائية في دورته السابعة كان نابعاً من الرغبة في تعزيز الانتماء للروح الإنسانية الواحدة وأهمية الفن العابر لكل حدود الجغرافيا والسياسة والأوبئة
هذا ما دفع إدارة المهرجان إلى إعطاء المساحة للأفلام الفنية والمستقلة للوصول إلى الجمهور الفلسطيني "الذي أثبت في دورات المهرجان السابقة أن لديه ذائقة فنية رفيعة وتواقة لتجارب سينمائية بديلة وفريدة"، بحسب تعبير عباس. والمهرجان، في هذا العام سيشهد مشاركة ما يزيد عن ثلاثين فيلماً من إيران والصين وفرنسا وأمريكا والسودان وتشيلي وأفغانستان ولبنان والأردن والعراق وتركيا وصربيا وبريطانيا وإيطاليا وسوريا وغانا والسويد وفلسطين.
تذكر عباس أن اختيار الأفلام في هذه الدورة، "كان نابعاً من رغبتنا في أن تروي هذه الأفلام قصصاً عن الإنسان أينما كان، قصصاً تحمل في طياتها الأمل والألم معاً، لكنها كفيلة بتعزيز الانتماء للروح الإنسانية الواحدة وتعزيز مركزية الثقافة وأهمية الفن العابر لكل حدود الجغرافيا والسياسة والأوبئة."
شراكات دولية
يحمل مهرجان أيام فلسطين السينمائية، هذا العام، في جعبته فعاليات تطل على المشهد السينمائي الدولي، حيث تستضيف المخرج الفلسطيني العالمي إيليا سليمان والمخرج البريطاني الشهير كين لوتش. كما تذكر ليلى عباس، أن هذه الدورة "تميزت هذه الدورة بشراكات جديدة مثل تعاون مهرجان أيام فلسطين السينمائية مع أحد أهم المهرجانات الدولية للأفلام القصيرة وهو مهرجان كليرمونت فيراند- Clermont Ferrandحيث سيتم عرض الأفلام القصيرة التي حازت على أهم جوائز دورة عام ٢٠٢٠ من هذا المهرجان".
يطل مهرجان أيام فلسطين السينمائي هذا العام على المشهد السينمائي الدولي، حيث يستضيف المخرج الفلسطيني العالمي إيليا سليمان والمخرج البريطاني الشهير كين لوتش، إضافة إلى التعاون مع مهرجان كليرمونت فيراند العالمي
أما عن "ملتقى صنّاع السينما" المخطط ضمن فعاليات المهرجان لهذه الدورة، فسيقام بصيغة تتلاءم والوضع الاستثنائي في ظل الوباء، حيث سيعقد الملتقى على مدار يومين في الفترة ما بين 21 و 22 تشرين الأول\ أكتوبر، من خلال التطبيقات والبرامج المتاحة عبر الانترنت للجمهور الواسع. بهذا الخصوص علّق مدير الملتقى المخرج مؤيد عليّان قائلاً "سعيدين جدًا بتنظيم لقاءين "ماستر كلاس" مع كلٍ من المخرج الفلسطيني العالمي إيليا سليمان والمخرج البريطاني الشهير كين لوتش".
وأضاف "نعمل جاهدين على مواءمة الملتقى مع الوضع الحالي، ولكننا وعلى الرغم من المعوقات التي يفرضها الوباء، نرى الأمور من منظور إيجابي"، خاصة وأن فرصة كبيرة تتيح الوصول إلى جمهور أوسع خارج حدود فلسطين، بحسب عليّان، يشمل هذا "جمهورنا الفلسطيني في الداخل والشتات من خلال التقنيات التكنولوجية التي سنعتمدها".
الفضاء الإلكتروني أتاح التغلب على واقع الاحتلال
على الرغم من النجاح الكبير الذي حققه "ملتقى صناع السينما" على مدار الدورات الماضية من المهرجان، حيث نجح، على حد قول مؤيد عليّان، "في استقطاب العشرات من مخضرمي صناعة السينما الدوليين والعرب والمحليين، وتشبيك بعض المخرجين بسوق الإنتاج العالمي، لتظهر نتائج هذا التشبيك في بعض الأعمال الروائية والوثائقية التي أنتجت لاحقاً".
غير أن الاحتلال الاسرائيلي وإجراءاته حالا دون وصول الكثير من صنّاع السينما وخاصة العرب والفلسطينيين. ويضيف، "هذا العام بإمكاننا التغلب على هذه العقبة من خلال فتح المجال للمشاركين من كافة أنحاء العالم وخاصة من العالم العربي للمشاركة بالملتقى من خلال تقنيات الإنترنت".
تحث مؤسسة فيلم لاب فلسطين الجمهور كافةً على متابعة آخر مستجدات المهرجان من خلال زيارة موقعها الإلكتروني وكذلك من خلال زيارة ومتابعة الصفحات الخاصة بالمهرجان على الفيسبوك والإنستاغرام تحت مسمى Palestine Cinema Days.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...