نعيش في عصر التمرد على كل ما هو كلاسيكي، وكأن صفة التغيير أصبحت قدراً على تفاصيل حياتنا، ولربما هي سنة الحياة، أن يبقى الكون في حركة، وتبدل من أجل قتل الملل. فالتمرد يحمل ضجيجاً جديداً في عالم الهدوء.
في قطاع غزة المحاصر، حيث يفتقر الناس إلى التجديد في قطاعات الترفيه، ويفرض على المجتمع الطبع المحافظ، وجدت بعض الفتيات مساحة للتجديد داخل الغرف المغلقة مع أزواجهن.
اللافت في تفاعل النساء عبر المجموعات النسائية المغلقة على فيسبوك تغيرات طرأت على الحديث عن العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة بكل تفاصيلها، ومن هذه التفاصيل تبادل الأدوار، سواءً في الحركات الجنسية أو في الزيّ إذ انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي دعايات لمنتجات لانجري رجالي.
"الأنثى تستحق لفت الانتباه"
دافعت نساء غزيات عما اعتبرنه "حقهن في الإغراء" حول منتجات اللانجري الرجالي، التي تبرز مناطق مثيرة في جسد الرجل، بينما رأت أخريات أن الأمر أقرب إلى الابتذال منه إلى الإغراء.
وتلقى هذه المنتجات الجديدة تفاعلاً قوياً على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد يرى أنها منتجات جميلة تبرز مفاتن الرجل، وبين معارض يرى أن الأمر مبتذل، ولكل أسبابه المقنعة.
"على مدى عقود كانت المرأة تتزين وتتجمل من أجل الرجل، فلماذا لا نتبادل الأدوار خاصةً أن جسد الرجل يحوي الكثير من المفاتن التي تستحق الإبراز عبر اللانجري مثل الصدر والردفين؟"
أما النساء اللواتي يدافعن عن هذه "الصيحة الجديدة" فقد تنوعَّت آراؤهن. قالت فاتن نعمة، ربة منزل (33 عاماً): "من حقوق المرأة على الرجل أن يكون مغرياً ومثيراً"، وأضافت: "على مدى عقود كانت المرأة تتزين وتتجمل من أجل الرجل، فلماذا لا نتبادل الأدوار خاصةً أن جسد الرجل يحوي الكثير من المفاتن التي تستحق الإبراز عبر اللانجري مثل الصدر والردفين؟".
توضّح نعمة لرصيف22: "للمرأة أيضاً لعاب يسيل، وعلى الرجل أن يتفنن في إغرائها، وهو أمر أطلبه أنا شخصياً من زوجي بل أشتري لانجري رجالياً ليرتديه من أجلي. فمن حقي أن يغريني وأن أراه بشكل مثير فأنا مخلوقة برغبة لا أخجل منها".
وتقول سماح أحمد، مدرسة من غزة (28 عاماً) لرصيف22: "أنا أؤيد فكرة اللانجري الرجالي بشدة، فأنا بصراحة يغريني في الرجل الشورت على صدر مفتوح أو ملابس تظهر عضلات صدره، بالإضافة إلى رائحة العطر".
تميل الكثير من النساء اللاتي تحدثنا معهن إلى أن الصدر الرياضي المكشوف للرجل مغرٍ وهو ذو تأثير إيجابي على استجابة المرأة. تقول أم أسعد (34 عاماً)، وتعمل في مجال الخياطة: "إنها تجربة جديدة مليئة بالإثارة، تُشعر الأنثى أنها تستحق الاهتمام كون الرجل يسعى لإرضائها بجذب نظرها نحوه".
وترى أن "فكرة تزين الرجل باللباس واختيار اللباس المثير والمغري شيء جميل يوحي بالحرص على تنمية الحب واستدامة الرومنسية. إذ بعض الناس يعتقدون أن الزينة للرجل حرام وهو اعتقاد خاطئ. ويقول ابن عباس: إني لأحب أن أتزين لزوجتي كما أحب أن تتزين لي".
وقالت وداد سعيد (55 عاماً) لرصيف22 "إن هذا الأمر يثير اشمئزازها"، وتراه "عيباً بحق رجولة الذكر. فمنذ الأزل كانت تتزين المرأة للرجل، فلماذا يحدث العكس؟ أين المتعة في أن يرتدي الرجل ملابس تشبه ملابس النساء؟". وتتساءل في سخرية: "من الذي يضاجع الآخر في حال ارتدى الرجل لانجري؟".
"هل أنا امرأة لأرتدي لانجري؟"
أما الرجال فقد انقسموا بين مؤيد ومعارض لهذه الفكرة. يرى مؤيدون أن لا ضير في ذلك طالما أن الهدف زيادة المتعة بين الزوجين، ويرى معارضون أن الأمر تقليد أعمى للغرب.
يقول شادي عرفة (28 عاماً) يعمل في رياضة كمال الأجسام: "ممارسة العلاقة الحميمة تحتاج نوعاً من التجديد كي لا يصيبها الملل والروتين"، مضيفاً: "أنا أرتدي لانجري رجالياً وبدأت الفكرة حين رأيت إعلاناً على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فأحببت الفكرة جداً خاصةً أن هناك متاجر أصبحت منتشرة لبيع هذه الأغراض مثل متجر "ليلة الرجل".
أما سمير حلبي (47 عاماً) فقد استهجن الفكرة بقوله "لا يليق بالرجل أن يرتدي أشياء تمس رجولته، فقد اعتدنا صورة نمطية للرجل حيث الخشونة والصلابة لا الزينة والإغراء، فالزينة للنساء وهو ما تربينا عليه اجتماعياً".
ويضيف بلهجة غاضبة: "الأمر تقليد للغرب، الموضوع مقزز ولا يليق بطبيعة جسد الرجل أن يتم تزيينه من أجل متعة".
وهناك أنواع وأشكال لهذا النوع من اللانجري الرجالي، أغربها "أندروير" مثير قابل للأكل، بنكهات مختلفة مثل الشوكولاته والفراولة، وتبدأ الزوجة بأكل الأندر قطعة قطعة، بعد أن يلبسه الزوج كاملاً.
أسامة شدشد (47 عاماً) خبير علاقات زوجية، يعلق على الأمر بقوله لرصيف22: "حالة من البرود العاطفيّ تحدث للحياة الزوجيّة بعد مرور الوقت، وتنعكس هذه الحالة على العلاقة الحميمة، فإمّا أن تتحوّل إلى نشاط روتينيّ أو أن تقّل عدد مرّات الجماع مما يصبغ الحياة الزوجية بلون كئيب".
"للمرأة أيضاً لعاب يسيل، وعلى الرجل أن يتفنن في إغرائها، وهو أمر أطلبه أنا شخصياً من زوجي بل أشتري لانجري رجالياً ليرتديه من أجلي. فمن حقي أن يغريني وأن أراه بشكل مثير فأنا مخلوقة برغبة لا أخجل منها"
ويضيف: "منعاً للوصول إلى الملل الزوجي يجب البحث في تجديد تفاصيل العلاقة الحميمة بين الزوجين ولا حدود للتغيير والتجديد ما دام الهدف ضخ دماء جديدة للعلاقة ومن النشاطات التي تعمل على تغيير الروتين تبادل الأدوار التي تشمل اللانجري الرجالي وتغيير مكان حدوث الجماع".
ويوصي شدشد الزوجين بالعمل دائماً على ابتكار أوضاع جنسية مختلفة، وتفاصيل تضيف الإثارة على العلاقة كي لا تتحول إلى وظيفة إذ "لا بد أن يحافظ الطرفان أيضاً على حرارة اللقاء والشوق بينهما، بالنظرات والإيماءات، والملابس الجديدة والمثيرة، لكلا الطرفين، حتى نضفي على العلاقة رونقاً جديداً يعيد إليها حرارتها المفقودة"، بحسب قوله.
ويبقى في النهاية، ارتداء الرجال للانجري مثيراً للجدل في مجتمع تعوّد الصورة النمطية لكل شيء، حتى في أدق تفاصيل الحميمية والرومانسية، وأشدها خصوصية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...