شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
ليلى فوزي... الخلطة الخاصة للجمال والذكاء والحظ

ليلى فوزي... الخلطة الخاصة للجمال والذكاء والحظ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الثلاثاء 27 أكتوبر 202004:28 م

"جمالها أمير يأمر، وملك يحكم، وسلطان يأسر السلاطين، فتنتها مرهقة محرقة، لكن يفوح منها البخور، تضع يداً بماء يغلي، وتضع الأخرى بماء من ثلج، إنه تعادل الحرارتين"، هكذا عبر الفنان عبد السلام النابلسي في تصريح قديم ومتداول عن انشغال الوسط الفني بالجمال الأنثوي الاستثنائي لفيرجينيا السينما المصرية، و"جميلة الجميلات" التي بدأت حياتها الفنية نجمة متألقة، كما كانت رحلتها الحافلة شاهدة على العديد من الحكايات المثيرة. إنها الفنانة ليلى فوزي.

يلخص ما قاله النابلسي الحالة التي صنعتها ليلى فوزي في الوسط السينمائي المصري، بسلاح "الجمال الأنثوي" وخلفيتها الأرستقراطية إذ صاغت مشروعها الفني، كما جاء دخول الألوان إلى السينما، والخروج من زمن الأبيض والأسود نقطة إيجابية لصالحها ساعدت في زيادة نجاحها.

نتتبع في هذا المقال الحكايات التي صنعت النقاط الساخنة في مشوار فوزي، تزامناً مع الذكرى الـ102 لميلادها، في أكتوبر\تشرين الأول 1918.

بداية سينما الألوان

في إسطنبول كانت خطواتها الأولى، الوالد المصري المتنقل بين مصر وتركيا وسوريا بسبب عمله في تجارة الأقمشة، أحب والدتها التركية، حفيدة "قيصر لي باشا"، أحد قادة الجيش التركي خلال الحقبة العثمانية. ولدت على الأراضي التركية عام 1918، في الوقت الذي كانت فيه الحرب العالمية الأولى تلملم أوراقها الأخيرة.

جاءت خلفيتها الاجتماعية الراقية لتصنع لها وضعاً خاصاً في تاريخ السينما المصرية، هو النموذج الأكثر سطوعاً للجمال الأنثوي وسط بنات جيلها، في ظل محاكاتها لمعايير الذوق الغربي السائد عالمياً منتصف القرن العشرين، لذلك تبقى ليلى فوزي هي أبرز من قام بدور الملكات، والأميرات، وسيدات المجتمع الأرستقراطي، وأيضاً الجاسوسة لصالح إسرائيل في المسيرة السينمائية العربية.

"حاولت فنانات أن تسير على خطى ليلى فوزي في الإدارة القوية الذكية لقدرات فنية متوسطة، ولكن النجاح في هذا ليس سهلاً، إلا أن الممثلة روبي تعتبر أبرز  فنانة على هذا الطريق"

كان أول أدوارها عام 1941 في فيلم "مصنع الزوجات"، ولم تكن قد تجاوزت منتصف العقد الثالث من العمر، وفي فترة قصيرة كانت بنت تاجر الأقمشة قد بلورت نفسها داخل إطار مخملي لجميلة الجميلات، لذلك اختارتها إحدى المجلات الفنية الأمريكية في أربعينيات القرن العشرين واحدة من أجمل فتيات العالم، بحسب تصريح لها قبل وفاتها.

الناقدة السينمائية المصرية صفاء الليثي تقول لرصيف22: "مشوار ليلى فوزي يصلح للتأمل في التباينات التي حدثت في النظر للجمال الأنثوي ومستوياته، فقد جاء دخول الألوان ليبرز الجمال المبهر للنجمة الراحلة، وهو ما ساعد على بقائها في أدوار البطولة، وسط المنافسة الشرسة من بنات جيلها".

قامت ليلى فوزي بالمشاركة بأدوار البطولة في العديد من الأفلام، منها "سفير جهنم" و"أحلامهم" و"جمال ودلال" و"ملكة الجمال"و"حلاوة" و"أسير العيون" و"ست الحسن" و"الأرملة الطروب" و"سحر الليل" وغيرها، وقد استمدت اسم شهرتها "فيرجينيا جميلة الجميلات" من مشاركتها الأشهر طوال مسيرتها في فيلم "الناصر صلاح الدين" للمخرج يوسف شاهين.

"تأثرت وتعلمت معنى الفن"

الناقدة المصرية ماجدة خير الله قالت لرصيف22 إن مستوى ليلى فوزي التمثيلي كان متوسطاً، فهي لم تكن ممثلة فذة، لكنها كانت شخصية تميزت بالذكاء، واستطاعت الاستفادة من إمكانياتها المتاحة، على مستوى الشكل والخلفية الاجتماعية، لتقدم مجموعة من الأدوار التي تمثل فيها طبقة ابنة الذوات، كما أن ملامحها الجميلة دفعت الفنان نور الشريف لاختيارها لفيلم "ضربة شمس" بعد أن وصف ملامحها بالمحايدة تماماً، وهو الأمر الذي كان يحتاجه في من ستقوم بأداء الدور.


تقول ليلى فوزي في حوار صحافي أجرته قبل وفاتها بعامين: "تأثرت في حياتي بالكثيرين، بداية بعبد الوهاب ومحمد كريم، مروراً بأنور وجدي، وقبله عزيز عثمان، بالإضافة إلى يوسف شاهين وكمال الشيخ وجلال معوض، أنا مدينة بالفضل لكل من علَّموني، فلم أعد مجرد "دمية" جميلة، بل فنانة تعرف معنى الفن الحقيقي".

 لم تنجب فوزي طوال حياتها الحافلة، لكنها تزوجت ثلاث مرات. أول أزواجها الفنان عزيز عيد، والثاني الفنان الكبير أنور وجدي، والثالث الإذاعي جلال معوض.

شاركت فوزي في نحو 85 فيلماً و40 مسلسلاً، وأبرز أدوارها السينمائية بعد أن تجاوزت الستين من عمرها، مشاركتها الصامتة في فيلم "ضربة شمس" من بطولتها ونور الشريف ونورا عام 1979، بينما كان فيلم "الملائكة" من إنتاج عام 1983 وإخراج التونسي رضا الباهي آخر أدوارها، ثم قررت الانسحاب بعد ظهور موجة أفلام المقاولات في الثمانينيات من القرن الماضي.

"مستوى ليلى فوزي التمثيلي كان متوسطاً، فهي لم تكن ممثلة فذة، لكنها كانت شخصية تميزت بالذكاء، واستطاعت الاستفادة من إمكانياتها المتاحة، على مستوى الشكل والخلفية الاجتماعية"

فتح الجمال الفتان للنجمة ليلى فوزي الطريق على مصراعيه للمغامرات العاطفية، فخطفت قلب صديق والدها عزيز عيد، رغم فارق السن الكبير بينهما، ووافقت على أن يصبح زوجاً لها بعد أن أحبت حسه الكوميدي ودعاباته المستمرة، وأرجعت سبب انفصالها عنه إلى أسلوب تفكيرها، مؤكدة أنه كان رجلاً عظيماً، له مواقف لا تنسى في حياتها. وقالت "فيرجينيا السينما" في أحد حواراتها الصحافية إنها تعلمت على يديه الكثير على المستوى الفني والشخصي، في مرحلة من أصعب المراحل التي تمر بها الفتاة في حياتها، أي "مرحلة المراهقة".

المحطة الثانية كانت أكثر سخونة مع النجم الكبير أنور وجدي، أو الحبيب الأول في حياتها، الذي كانت ترفض التمثيل معه وتهرب من مواجهته، بعد أن رفض والدها زواجها منه حتى جاء فيلم "خطف مراتي" الذي جمعهما وصباح وفريد شوقي، ليتجدد الحب القديم في كواليس التصوير. سافر العاشقان بعد الانتهاء من الفيلم إلى العاصمة الفرنسية باريس حيث عُقد قرانهما بحضور موظفي السفارة المصرية وفريد الأطرش وسليمان نجيب. لكن القدر لم يكن رحيماً بالعاشقين، إذ اختطف الموت أنور وجدي بعد الزواج بأربعة أشهر عاش خلالها في أزمة صحية صعبة.

الناقد الفني المصري رامز عماد قال لرصيف22: "هناك فنانات حاولن السير على خطى ليلى فوزي في الإدارة القوية الذكية لقدرات فنية متوسطة، ولكن النجاح في هذا الأمر ليس أمراً سهلاً، إلا أن الفنانة روبي تعتبر سائرة على طريق ليلى فوزي، خاصة بعد انفصالها الفني عن المخرج شريف صبري".

قبل وفاتها، رفضت فوزي عرضاً مغرياً من إحدى القنوات الفضائية لبيع مذكراتها مقابل مبلغ مالي كبير، بعد أن قررت الاحتفاظ بحكاياتها المثيرة بعيداً عن النور.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard