شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"مستحيل أن تكوني مؤلفة موسيقية في العالم العربي"... حوار مع ليال وطفة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 21 أكتوبر 202003:53 م

"أول مرة كتبت موسيقى، وعزفتها أوركسترا من عشرات العازفين ذُهلت. كان الأمر مُرعباً، كأني ذاهبة إلى المجهول، لم أستطع القيادة، ولكن مع الخبرة والسنوات حققت ثقة كبيرة مع زملائى العازفين، وأصبح هناك قبول لامرأة تقود الأوركسترا، ولكن أن تكوني مؤلفة موسيقية أو ملحنة فى العالم العربي فما زال الأمر مستحيلاً، وطريقه طويل مليء بالصعوبات"، هكذا تحكي ليال وطفة لرصيف22 عن تجربتها في صناعة الموسيقى التصويرية التي يُسيطر عليها الذكور.

ليال وطفة (40 عامًا) هي ملحّنة وموسيقيّة وممثلة صوتٍ سورية، اشتهرت بأعمالها في مجال الموسيقى التصويرية. لديها نحو 25 عملاً فنياً للأفلام والمسلسلات، منها: "موجة حارة، قبل زحمة الصيف، فوتو كوبي، نوارة، وصية بدر، دانتيل، بنات الملاكمة، دموع فرح، من حقي أحب"، إضافة إلى أعلان "فنانيس" لشهر رمضان الكريم .

بدأت حياة وطفة العملية عام 2002، كمهندسة ومصمّمة صوت، ومؤلفة موسيقية في مجموعة mbc، وبعد ستة أعوام تم تعيينها رئيسة لقسم الصوت في المجموعة، وخلال ذلك كانت نشطة في صناعة الموسيقى وأنتجت أول ألبوم بصوتها (Lemonada) عام 2004.

غادرت ليال مجموعة mbc عام 2009 لتبدأ عملها الخاص بإنشاء استوديو، والبدء بتأليف الموسيقى، وعام 2016 وقَّعت عقداً مع شركة Score a Score الأمريكية للإنتاج الموسيقي.

"أول مرة كتبت موسيقى، وعزفتها أوركسترا مكونة من عشرات العازفين ذُهلت. كان الأمر مُرعباً، كأني ذاهبة إلى المجهول، لم أستطع القيادة..."

حصلت وطفة على العديد من الجوائز العالمية والعربية منذ عام 2006 مثل جائزة بروماكس العالمية، وجائزة مهرجان نيويورك لأفضل موسيقى مبتكرة (دموع المطر)، وجائزة مهرجان نيويورك لأفضل موسيقى روائية (طريق الموت)، وجائزة مهرجان الولايات المتحدة الدولي للأفلام والفيديو لأفضل موسيقى مبتكرة (Tide of Grief)، وجائزة هوليوود لموسيقى وسائل الإعلام لأفضل موسيقى فيلم قصير (Slums of India)، وجائزة مهرجان جمعية الفيلم المصرية لأفضل موسيقى فيلم طويل عن عملين "قبل زحمة الصيف" و"نوارة".

حاورها رصيف22، وهنا نص الحوار.

مشوار طويل يمتد 20 عامًا من التأليف الموسيقي. متى بدأ شغفك بهذا العالم، وأدركت أنه مشروعك في الحياة؟

الشغف بدأ مبكرًا، كطفلة تهوى سماع الموسيقى على التلفاز أو في الأفلام وتتأثرت بها. حين بدأت أمي تنتبه لهذا الشغف، أحضرت لي "كيب بورد" صغيراً، وعندما ألفت أول قطعة موسيقية كان عمري تسع سنوات.

ولما أصبح عمري 17 عاماً، وانتهيت من الدراسة، بدأ الشغف يزداد بالموسيقي، وانطلقت في الأستوديوهات المختلفة للإنتاج الموسيقي والفني، وبدأت أتعلم ذاتياً في مجال هندسة الصوت والإنتاج الموسيقي، حتى نجحت عام 2003 بالتعاقد مع شبكة قنوات (mbc) لتنفيذ أعمال موسيقية للقناة. هكذا بدأ مشواري الحقيقي في مجال التأليف الموسيقي.

لماذا لم تلتحقي بأكاديمية موسيقية آنذاك؟

كانت لدي فرصة جيدة للخبرة العملية في الأستوديوهات، كنت أنتظر موعد انتهاء دوام عملي ثم أبدأ بالتجريب والتعلم الذاتي، وكانت فرصة عظيمة تعلمت فيها الاعتماد على النفس، وجعلتني فيما بعد أمتلك الأستوديو الخاص بي عام 2009، وأنتج الكثير من الأعمال الموسيقية للتلفزيون والسينما والإعلانات التجارية وغيرها.

كثير من العائلات العربية تخشى التحاق أبنائها وبناتها بعالم الموسيقى والفن، كيف كان موقف عائلتك؟

تلقيت دعماً كبيراً جداً منها، ولكن واجهت من زملاء بالعمل، أو أقارب بعض التنمر والسخرية من كوني امرأة تقتحم مجال التأليف الموسيقي الذي يُسيطر عليه الرجال. رغم انزعاجي أحيانًا من تعليقاتهم فقد كانت دفعة قوية للاستمرار وتحقيق حلمي.

"واجهت من زملاء بالعمل، وأقارب بعض التنمر والسخرية من كوني امرأة تقتحم مجال التأليف الموسيقي الذي يُسيطر عليه الرجال"

هل بداية انطلاقتك من حيث النجاح في الموسيقى التصويرية بدأت مع مسلسل 4 – صفر؟

صحيح، عندما قررت ترك قنوات mbc لتركيز كل وقتي وذهني لتأليف موسيقى الأفلام والدارما، بعدما شعرت أن العمل في تأليف موسيقى الفواصل الإعلانية للقناة لا يُشبع شغفي، أسست الأستوديو الخاص بي، وكان أول مسلسل أقوم بتأليف موسيقاه 4 – صفر، وهو من إنتاج شبكة mbc، وانطلقت فيما بعد إلى التأليف السينمائي والدرامي، وفي رصيدي 22 مسلسلاً خليجياً ومصرياً.

صرحت في أحد اللقاءات بأنك لا تسمعين الموسيقى العربية، ولكن موسيقاكِ التصويرية مصبوغة بالروح الشرقية، كيف ذلك؟

"استغرقت وقتاً ليكون لدي بصمة".

(تضحك) كثيراً ما أسمع موسيقى بشكل عام، وهذا غريب لمن يقرأ عن مؤلف موسيقي، وهذا لا يعنى عدم تثقيف ذاتك موسيقياً باستمرار، ولكن أحب كثيراً أن أكون صامتة بدون سماع "مزيكا" وقت عملي على مقطوعة معينة، ولكن بخصوص الروح الشرقية، فأنا نشأت فى سوريا، وعلى الموسيقى الشرقية والعالمية بحكم ذائقة عائلتي، وعندما بدأت كتابة الموسيقى، تطلّب ذلك وقتاً ليكون لدي بصمة كمؤلفة، وبدأت فعلاً تجريب أنواع مختلفة كالاوركسترالي أو الويسترن أو الشرقي، حتى وجدت نفسي مرتاحة للمزج الشرقي والغربي، وشعرت أنه أسلوبي، وسعادتي تكبر عندما أتلقى ردود فعل من الجمهور، الذي يتعرف على مقطوعتي قبل قراءه اسمي على track. هنا أشعر أنني صنعت بصمتي في التأليف.

ما الفرق بين التأليف الموسيقي للفيلم والتأليف الموسيقي للمسلسل التلفزيوني؟

آلية التأليف مختلفة، يستغرق الفيلم ساعتين، ومن ثَم تكتبين موسيقى لمشهد يلي آخر مشهد. أما المسلسل فعادة ما تكتبين 12 ثيمة، وأحياناً 35، كما كانت موسيقى مسلسل "موجة حارة"، وهذه الثيمات تكون للشخصيات والمواقف ونقوم بتحريرها فيما بعد على كل مشاهد المسلسل، ولكن أحيانًا مع الإنتاجات الضخمة للمسلسلات تُعامل معاملة الأفلام، وكل حلقة تُكتب لها موسيقى جديدة.

التعاون بين الموسيقار والمخرج، ما هي حدود التدخل في عملك كمؤلفة موسيقية؟

يهمني أن أسمع رأي المخرج في البداية، ماذا يريد، وماذا يحب، لأن الفيلم بصفه عامة يحمل توقيعه، لكن أنا أيضاً يهمني أن يسمعني المخرج، ويعرف رؤيتي، ويؤمن بي، وأحب أن تكون العلاقة متناغمة بما يخدم العمل الفني، لكن أحيانًا أتعاون مع مخرجين لا يتيحوا الحرية للمؤلف الموسيقي، ويسيطرون على كل شيء في العمل، هنا يصبح الموضوع تنفيذياً أكثر، والموسيقار منزوع الإبداع.

حصلت على العشرات من الجوائز العالمية منذ 2006 حتى الآن . ماذا تعني لك هذه الجوائز؟

لن اقول لكِ مثل كتير من الموسيقيين إنها أمر عادي، ولكن هذه الجوائز تعني لي الكثير، أنا أحلم بالأوسكار كأول مؤلفة موسيقية عربية، هذه الجوائز التي جاءتني من أوروبا وأمريكا تجعلني أشعر بأن موسيقاي وصلت هناك، خاصة أن معظم أعمالي في العالم العربي، لكن عندما يسمع أعضاء لجان تحكيم في الغرب موسيقاي، وتلقى تقديراً كافياً ويمنحوني جوائز، هذا يعنى أن لدينا في المنطقة العربية ما ينافس ما يقدم في العالم، وعلينا أن نبحث عن موقعنا الحقيقي، وأن نفخر، ونحلم بأكثر من ذلك.

"الجوائز تعني لي الكثير".

على ذكر موقعنا الحقيقي، ما هو تقييمك لمشهد الموسيقى التصويرية في عالمنا العربي؟

منذ سنوات طويلة نحظى بمؤلفين موسيقيين عِظام ساهموا بإبداعات نتذكرها حتى الآن، عند سماعنا لموسيقى أفلام الأبيض والأسود وغيرها، ولكن جيلنا محظوظ الآن أكثر من جيل الرواد من حيث معرفة الجمهور لنا سواء بنشر موسيقانا عبر الانترنت واهتمام وسائل الإعلام بأسماء أخرى، تعمل خلف الكاميرا. وعلى المستوى الشخصي أحترم جدًا هشام نزيه، احد من أهم مؤلفي الموسيقى التصويريه فى عالمنا العربي الآن .

ماذا عن تجربتك كمؤلفة موسيقية تتولي قيادة أوركسترا من عشرات العازفين؟

أول مرة كتبت موسيقى لأوركسترا مع مسلسل "موجة حارة"، كان شيئاً مرعباً "كأني فايته على المجهول"، واستعنت بصديقي المايسترو المصري هشام جبر لقيادة الأوركسترا، وتابعت التنفيذ عبر السكايب. لاحقاً أصبح الأمر مختلفاً، واستطعت أن أبني ثقة مع العازفين على مر السنين، وأصبح هناك قبول لامرأة تقود الأوركسترا، ولكن أن تكوني مؤلفة موسيقية أو ملحنة فى العالم العربي فالأمر شيه مستحيل، وطريقه مليء بالصعوبات.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image