شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"هنيئاً لنا هذه الجحيم"... إلغاء حوار ثقافي في الكويت مع كاتبة إيرانية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 10 فبراير 202001:54 م

"لظروف خارجة عن الإرادة"، أُلغيت في 9 فبراير/شباط الجاري فعالية "حديث الإثنين"، التي تُقام أسبوعياً في الكويت ضمن البرنامج الثقافي لمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي بالتعاون مع مكتبة تكوين. وكان مقرراً استضافة الكاتبة والأكاديمية الإيرانية آذر نفيسي اليوم 10 فبراير/شباط، إلا أنه تمّ "إسكات صوتها" من دون الكشف عن الأسباب حتى كتابة هذه السطور.

وكانت ستُحاوِر نفيسي، مؤسِّسةُ مكتبة تكوين الكاتبة الكويتية بثينة العيسى التي أعلنت إلغاء الفعالية من دون ذكر الأسباب. وتُعرَف العيسى بأنها من الشخصيات التي تنتقد دوماً سياسة تكميم الأفواه في الكويت وخاصة في السنوات الأخيرة عقب منع مئات الكُتب، قائلةً: "#كافي_منع"، و"#لا_تقرر_عني". 

اللافت في "المنع" و"الإلغاء" في الكويت أنه يأتي بعد صدور تصاريح، أي قبل ساعات أو دقائق من بدء الفعالية، وفي بعض الأحيان في خلالها كما حصل مع الفنانة التشكيلية الكويتية شروق أمين التي أُغلق معرضها بعد سبعة أيام من إطلاقه. وكان لافتاً إلغاء حفل فرقة D-Crunch الكورية قبل عدة دقائق من صعود أعضائها إلى المسرح، خاصةً أنهم قَدِموا إلى الكويت بدعوى من السفارة الكورية للاحتفال بمرور 40 عاماً على العلاقات الكورية الكويتية.

"حديث الإثنين" مع نفيسي كان مفترضاً أن يتمحور حول دور الأدب في المجتمع ودور المخيلة في الحفاظ على الحرّية والفردانية. وقد يقول لنا ماضي نفيسي مدى تقديرها للحرّية، إذ غادرت إيران بشكل نهائي عام 1997 وأقامت في الولايات المتحدة بعدما تم وقفها عن مزاولة مهنتها في التعليم لرفضها ارتداء الحجاب، وكانت قد أنشأت نادياً سرّياً في منزلها لقراءة الكتب والروايات الممنوعة في إيران في عهد الجمهورية الإسلامية.

المصادفة أن تَكون هي "العُنصر الممنوع" هنا في الكويت اليوم.

رفضت القمع، فغادرت إيران نهائياً عام 1997 بعدما تم إيقافها عن مزاولة مهنتها في التعليم لرفضها ارتداء الحجاب. واليوم بعد 23 عاماً ترى القمع ذاته في الكويت، ولكن بصورة أُخرى

وُلدت نفيسي في طهران، وهي مناضلة في مجال حقوق المرأة، تؤمن بأن الأدب يمكن أن يغيّر الواقع. والدها كان رئيس بلدية طهران ووالدتها أول سيدة تدخل البرلمان الإيراني في عهد الشاه. تابعت دراستها خارج إيران، في سويسرا بدايةً ثم حصلت على الدكتوراه في الأدب الإنجليزي من جامعة أوكلاهوما. وهي الآن مُحاضِرة في جامعة جونز هوبكينز بولاية ماريلاند الأمريكية وتكتب في عدّة صحف عالمية، منها نيويورك تايمز وواشنطن بوست والغارديان.

لها ثلاثة كتب شهيرة هي "أن تقرأ لوليتا في طهران" (2003) التي تُرجمت إلى أكثر من 30 لغة، وكتاب "أشياء كنت ساكتة عنها" (2010)، و"جمهورية الخيال، أميركا في ثلاثة كتب" (2015). 

في "أشياء كنت ساكتة عنها" روت "الخاصّ" في حياتها. كتبت عن الوقوع في الحب في طهران، والذهاب الى الحفلات، وعن القوانين القمعية والإعدامات، وفي الختام انجرفت لإفشاء الأسرار الخاصة. وتعدّ هذه المذكرات تكملة لمذكراتها في كتاب "أن تقرأ لوليتا في طهران" الذي تحدثت فيه عما رأته من تغيير شمل المجتمع والمرأة، وما عاينته من إعدامات ميدانية وسيطرة رجال الدين بقيادة مرشد الثورة الإسلامية آنذاك روح الله الخميني على السلطة في إيران وإقامة حكم "ولاية الفقيه" وإبعاد اليساريين عن المشهد السياسي.

أما في "جمهورية الخيال، أميركا في ثلاثة كتب"، فسردت نفيسي سرداً متخيّلاً مسار الولايات المتحدة في تمثيلاته المتنوعة عند ثلاثة كتاب أمريكيين، هم مارك توين وسنكلير لويس وكارسون مكولرز.

كانت قد أنشأت نادياً سرّياً في منزلها لقراءة الكتب والروايات الممنوعة في إيران في عهد الجمهورية الإسلامية… الكويت تلغي حواراً ثقافياً مع الكاتبة والأكاديمية الإيرانية آذر نفيسي

هنيئاً لنا هذه الجحيم

تحدث كويتيون على مواقع التواصل عن امتعاضهم من القمع الفكري الحاصل. إذ كثيراً ما أُلغيت فعاليات ثقافية. 

من التغريدات التي كُتبت: "هذا النظام يخوض حرباً بالوكالة على أنصار المدرسة الثقافية. وستُغلق يوماً ما كل المسارح والمكتبات! هنيئاً لنا هذه الجحيم. بلا أدب ولا فن!".

وقالت الكاتبة والأديبة الكويتية دلع المفتي: "وبعدين مع سياسة منع الفعاليات وتكميم الأفواه وسلب الحريات؟ وبعدين مع سواد وجوهنا أمام العالم كلما خططنا لفعالية مهمة ودعونا الناس وفي آخر لحظة تمنعونها؟"، مشددة: "لا للمنع. لا لتكميم الأفواه". أما الناقدة الفنية ليلى أحمد، فقالت: "في الكويت يتعاملون مع الجمهور كما تتعامل أي سلطة قمعية تحرم مواطنيها من المعلومات".

ولفتت ناشطة إلى أن الدولة تطلع إلى "مجتمع كربوني موجه ذي رأي واحد"، فيما اعتبر آخر أن منع الفعالية "خطوة إيجابية" لأن القرار دفع "السواد الأعظم من الناس للإقبال على معرفة تجربة نفيسي"، مضيفاً: "لو كانت حاضرة بالكويت، لكانت في قاعة لا يحضرها إلا النخبة والمجتمع المخملي. المنع منح في بعض الأحيان". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image