شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"حملة من أنصار بن سلمان"... أسباب الضجة السعودية حول رسائل كلينتون القديمة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 14 أكتوبر 202008:26 م

خلال الأيام القليلة الماضية، تصدّرت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون عناوين صحف وقنوات عربية عدة، من خلال نشر إيميلات زعمت أن كلينتون كانت تدعم الإسلاميين للوصول إلى الحكم والإطاحة بأنظمة العربية الحاكمة.

وزعمت التقارير المنشورة أن مصدر معلوماتها هو رسائل البريد الإلكتروني لكلينتون خلال توليها منصب وزيرة الخارجية بين عامي 2009 و2012، والتي أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنشرها خلال الأيام الماضية.

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أفرجت عن بعض رسائل البريد الإلكتروني لكلينتون، لكن ذلك حدث عام 2016 وليس في عهد ترامب الذي طلب فعلاً نشرها لكن الأمر لا يزال قيد النقاش.

ويظهر أن المعلومات التي تم نقلها من الرسائل شهدت تحريفاً، خصوصاً من قبل وسائل إعلام سعودية يقول مراقبون إنها تريد حشد الدعم لولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل احتمالية خسارة ترامب الانتخابات الرئاسية.

الحملة الإعلامية

نشرت وسائل إعلامية اجتماعية وإخبارية في بعض دول المنطقة موجة أخبار ضخمة تتحدث عن رسائل بريد كلينتون، زاعمة أن محتواها يكشف تآمر إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على الأنظمة العربية لنشر الفوضى فيها.

على سبيل المثال، كتب موقع قناة "سكاي نيوز" عربية خبراً قال فيه: "فتحت إزالة السرية عن البريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون نافذة على الدور التي اضطلعت به إدارة الرئيس باراك أوباما في بث القلاقل في منطقة الشرق الأوسط، ودعم جماعة الإخوان التي تزعمت ما سمي بالربيع العربي".

ونشرت صحيفة "عكاظ" السعودية خبراً في 11 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، قالت في مقدمته: "أماطت وزارة الخارجية الأمريكية أمس اللثام عن عدد من رسائل البريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، إبان ولاية الرئيس السابق باراك أوباما. وكشفت الرسائل عن مواقف متقلبة للإدارة الأمريكية بشأن دعم حلفائها في المنطقة وخطط مشبوهة تدعم الفوضى وحركات الإسلامي السياسي".

وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، نشر موقع "العين" الإماراتي خبراً قال فيه: "سمحت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوزارة الخارجية الأمريكية بإماطة اللثام عن عدد من رسائل البريد الإلكتروني (إيميلات) وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، إبان ولاية الرئيس السابق باراك أوباما".

وأضاف الموقع: "تكشف الوثائق مدى ارتباط الوزيرة بقناة الجزيرة القطرية، بوق قطر لدعم الإرهاب والدعوة للفوضى، ومحاولة استغلالها لتلميع صورة إدارة أوباما. وأشارت الوثائق إلى أن هيلاري آثرت زيارة شبكة الجزيرة القطرية على زيارة القوات الأمريكية المرابطة في قاعدة العديد القطرية".

وتصدر هاشتاغ "إيميلات هيلاري" مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية لعدة أيام، ثم ظهر الهاشتاغ نفسه في الإمارات ومصر والعراق وليبيا.

بحسب الباحث والمتخصص في الدعاية الرقمية المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي مارك أوين جونز، فإن "رسائل البريد الإلكتروني التي يتم تداولها حالياً لكلينتون هي ذاتها الرسائل التي تم اختراقها عام 2015 ونُشرت في العام التالي"

وتداول ناشطون بارزون عبارة قالوا إنها وردت في رسائل من سفير واشنطن في الرياض إلى كلينتون مفادها: "المجتمع السعودي هو الوحيد على هذا الكوكب الذي لم يخترقه الاستعمار الغربي ولم تخترقه أي جيوش أوروبية، كما أن حدوده لم تُنتهك لا من المبشرين ولا من التجار".

وتم تدشين حساب على موقع تويتر باسم "تسريبات هيلاري"، يتابعه 35 ألف شخص أغلبهم سعوديين ويقوم على مدار الساعة بنشر وثائق منسوبة لبريد كلينتون تهاجم خصوم المحور السعودي الإماراتي.

هل نشر ترامب رسائل هيلاري؟

بحسب متابعين في المجال، لا يبدو أن وزارة الخارجية الأمريكية قد نشرت رسائل بريدية جديدة لكلينتون، وكل ما يتم تداوله من وثائق يعود لعام 2016 والتي خلص مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أنه لا يضر بالأمن القومي.

بحسب مجلة "فورين بوليسي"، فإن وزير الخارجية مايك بومبيو لا يزال يسعى تحت ضغط من ترامب للإفراج عن شريحة جديدة من رسائل البريد الإلكتروني لكلينتون قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، مشيرة إلى أن مساعي بومبيو تواجه معارضة قوية من الديمقراطيين في الكونغرس وعدم ارتياح داخل وزارة الخارجية.

في هذا السياق، قال الباحث والمتخصص في الدعاية الرقمية المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي مارك أوين جونز إن "رسائل البريد الإلكتروني التي يتم تداولها حالياً لكلينتون هي ذاتها الرسائل التي تم اختراقها عام 2015 ونُشرت في العام التالي، ويتم تقديمها الآن بطريقة تظهر هيلاري على أنها مناهضة للسعودية وتعمل لصالح قطر والإخوان المسلمين".

وأضاف في سلسلة تغريدات على حسابه عبر تويتر: "هنا بعض أكبر الحسابات الموثقة التي تستخدم هاشتاغ إيميلات هيلاري، حيث أن جهة ما فكرت بافتعال ضجة حول بيانات سُرّبت منذ خمس سنوات مباشرة بعد إعلان بومبيو عن إمكانية نشرت إيميلات جديدة".

"أنصار بن سلمان يستعدون لمحاكمة محتملة لمحمد بن نايف، ويعملون على حشد الدعم الشعبي لمواجهة تولي إدارة ديمقراطية جديدة في حال تم انتخاب جو بايدن"... قراءة في أسباب إعادة تدوير إيميلات قديمة لكلينتون والإيحاء بأنها نفسها التي ذكرها بومبيو مؤخراً ولم تُنشر بعد 

وقال الباحث الأمريكي إن ناشري هذه الرسائل هم ذاتهم من حضروا في معظم الحملات السابقة، ومنهم عبداللطيف بن عبدالله آل الشيخ ومنذر آل الشيخ مبارك وحسين الغاوي، لافتاً إلى أن حساب "فرسان الإمارات" يقوم بـ"عمل جيد" من خلال إعادة التغريد، وهو ما يعبّر عن تعاون إماراتي سعودي في هذا الصدد.

ونشر جونز قائمة تحتوي على من قام بإعادة التغريد من الأعلى الأقل، مشيراً إلى أن مدير مجموعة قنوات mbc محمد التونسي متواجد معهم.

ما الهدف من هذه الحملة؟

قال الكاتب في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ديفيد إغناسيوس إن حديث ترامب عن رسائل البريد الإلكتروني لكلينتون تحوّل إلى حملة على تويتر من قبل مؤيدي ولي العهد السعودي الذي يزعمون أن إدارة أوباما كانت تتآمر ضده.

ولفت الكاتب الأمريكي إلى أن هاشتاغ "رسائل هيلاري" تصدّر المرتبة الأولى على تويتر في السعودية في 12 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، بأكثر من 170 ألف تغريدة، مشيراً إلى أن العاصفة بدأت يوم السبت الماضي ببضعة آلاف من التغريدات.

وربط الكاتب الأمريكي تضخيم تلك التغريدات بمقاطع فيديو ورسومات بـ"جهد منظم من قبل أنصار محمد بن سلمان"، موضحاً أن الرواية الأساسية في هذه الحملة هي أن إدارة أوباما، بما في ذلك وزيرة الخارجية السابقة ومدير وكالة المخابرات المركزية السابق جون برينان، خططوا لوصول ولي العهد الأمير المعتقل محمد بن نايف، ليصبح ملكاً بمساعدة مستشاره سعد الجبري.

بحسب هذه الرواية، اكتشف محمد بن سلمان المؤامرة، فأطاح بابن عمه محمد بن نايف من منصب ولي العهد عام 2017، ويعتقله حالياً في السعودية، بينما يعيش الجبري في كندا.

وبرأي إغناسيوس، فإن لهذه الحملة هدفين، الأول أن أنصار بن سلمان يستعدون لمحاكمة محتملة لولي العهد المعتقل بتهمتي الخيانة والفساد، والثاني أنهم يعملون على حشد الدعم الشعبي لمواجهة تولي إدارة ديمقراطية جديدة قيادة أمريكا، في حال تم انتخاب المرشح جو بايدن.

الخلاصة، باعتقاد الكاتب، أن أنصار ولي العهد يحاولون تكريس فكرة أن بن سلمان ضحية للهجمات الغربية، كما يتخيلون أن صخبهم بشأن رسائل البريد الإلكتروني لكلينتون سوف يساعد ترامب قبل انتخابات الرئاسة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image