شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"عضة الحب" المتبقية بعد الليالي الحميمة... كدمة شغف أم علامة عار سادية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 13 أكتوبر 202006:30 م

يعد اكتشاف ما يفضله الشريك/ة أمراً ضرورياً للاستمتاع بالمداعبة والعملية الجنسية، واللافت أن هناك الكثير من الطرق التي يُظهر من خلالها المرء حبه للطرف الآخر وشغفه به، سواء كان ذلك عبر تشابك الأيدي، العناق أو القبلات الحميمة...

وفي حين يفضل البعض القبلات الساحرة والخاطفة، يستمتع الآخرون باللعق المثير وبعضّات الحب (love bites) التي تُعرف أيضاً باسم هيكي.

فما هي عضة الحب التي قد نستمتع بها في اللحظة ذاتها ونحاول إخفاء أثرها بشتى الطرق في وقت لاحق؟ لماذا كل هذا الغموض الدائر حولها؟

تجميد اللحظات الحميمية

تخيلوا أنه بإمكاننا تجميد لحظة حميمية معيّنة، وتحويلها إلى شيء مرئي يكون بمثابة تذكير بحبنا وشغفنا ورغبتنا الخالصة بإنسان آخر، وترك أثر مطبوع على جسدنا يكون شاهداً على لحظات مليئة بالقبلات العاطفية والعواطف الجيّاشة التي نكنّها للشريك/ة، هذا ببساطة ما تفعله عضّات الحب.

في الواقع، إن عضّة الحب المعروفة أيضاً بالهيكي، هي بقعة داكنة على الجسم ناتجة عن مص، لعق، عض أو تقبيل الجلد بشكل مفرط، بمعنى آخر، إن هذه العلامة تظهر عن طريق قيام الشريك/ة بتقبيل الرقبة، الفخذين، الثديين، المعدة وأي جزء من الجسم لفترة طويلة، مع استخدام الشفتين والأسنان لسحب البشرة وامتصاصها لثوان، فيحمرّ الجلد حينها وتظهر بقعة حمراء تشبه الكدمة، تبقى على جسد المرء لساعات أو لأيام، وفق حجمها وقوتها، وتعالج بنفس طريقة الكدمات العادية، أي من خلال الضغط عليها بالثلج ما يُبطئ تدفق الدم، بالإضافة إلى استخدام الكريمات والزيوت الطبيعية.

تخيلوا أنه بإمكاننا تجميد لحظة حميمية معيّنة، وتحويلها إلى شيء مرئي يكون بمثابة تذكير بحبنا وشغفنا ورغبتنا الخالصة بإنسان آخر، هذا ببساطة ما تفعله عضّات الحب

هذا ويمكن لبعض الخصائص الجسدية أن تؤخر عملية التخلص من الكدمات، بخاصة إذا كان الشخص المعني يعاني من نقص في الحديد، فالتمتع بصحة جيدة يساعد الجسم على إصلاح الشعيرات الدموية المكسورة بمعدل أسرع.

وبالرغم من أنها مليئة بالأحاسيس الجيّاشة وتحرك الشهوة الجنسية لدى الكثيرين، إلا أن عضة الحب قد تكون "مؤذية" في بعض الأحيان، لا سيما وأنها ناجمة عن تمزق الأوعية الدموية تحت الجلد، فقد تم تصنيف الهيكي على أنها من الإصابات الجنسية التي قد تؤدي إلى الشلل، الأمراض الجلدية والجلطات، على غرار ما حدث لإمرأة في نيوزيلندا في العام 2011، بحيث أصيبت بجلطة دماغية صغيرة وبشلل في ذراعها اليسرى، وقد اكتشف الأطباء أن الهيكي قد تسبب في حدوث جلطة دموية بالقرب من شريان رئيسي.

عضات الحب عبر التاريخ

كما هو الحال مع العديد من الظواهر الجنسية، يمكن إرجاع تاريخ عضة الحب إلى الزمن القديم، وهناك اعتقاد بأن البشر استلهموا الهيكي من مشاهدة الحيوانات وهي تمارس الجنس بشكل طبيعي.

في كتابه الصادر عام 1913 بعنوان Studies in the Psychology of Sex، كشف الطبيب الإنجليزي هافلوك إليس، أنه تمت ملاحظة عضة الحب لأول مرة لدى الثدييات.

هناك اعتقاد بأن البشر استلهموا الهيكي من مشاهدة الحيوانات وهي تمارس الجنس بشكل طبيعي

فقد أوضح إليس أن الحيوانات البرية، مثل الأسود، الذئاب والحمير، تعض بعضها البعض كدليل على المودة وتقوية الروابط، مشيراً إلى أن البشر الأوائل اعتمدوا السلوك نفسه أثناء ممارسة الجنس.

وقد أشار الفصل الخامس من الكاماسوترا، إلى الهيكي باسم "المرجان والجوهرة"، من خلال التنويه بأن عملية إعطاء وتلقي عضات الحب "تجمع بين الأسنان والشفاه ... حيث تكون الشفة هي المرجان والأسنان هي الجوهرة"، مع التشديد على أن عضة الحب "يجب أن تؤديها أسنان ممتازة خالية من العيوب".

وكانت أول إيماءة شعرية لعضة الحب من الشاعر الرومانسي الألماني هايني، الذي تحدث في العام 1855 عن"ثلاث ندوب صغيرة" على الكتف، إلا أن هذا الموضوع لم يحظ بالكثير من الاهتمام منذ ذلك الحين.

أما في العام 1928، فقد تم كسر الصمت الدائر حول عضة الحب، وتحديداً في the erotic guide Ideal Marriage، بحيث وصف مؤلف الكتاب إتش فان دي فيلدي، الهيكي بأنه "عنف غريب"، بخاصة وأن هذا النوع من القبل كان نادراً في حينها.

علامة تثير الخجل

رغم مرور أكثر من 100 عام، إلا أن الأمور لم تتغير كثيراً بالنسبة لعضة الحب التي لا تزال، حتى يومنا هذا، من التابوهات، ومن علامات الشهوة التي تثير الخجل بالنسبة للكثيرين.

تعليقاً على هذه النقطة، قالت الأخصائية في العلاقات الجنسية، شانون بودرام، إن الثقافة التي تحب إخفاء السلوكيات الجنسية "الغريبة" لا تجيد التعامل مع أدلة دامغة على وجود عضة الحب التي يتم التباهي بها: "عندما ترون تمثيلاً مرئياً للجنس، بحيث يعرف الجميع ما فعلتموه الليلة الماضية، مقابل قيام الآخرين بنفس الشيء من دون التحدث عنه. هو ما يفضل المجتمع أن يكون عليه النشاط الجنسي".

ولكن وعلى الرغم من الرأي التقليدي للمجتمع بشأن لدغات الحب، فإن هذا السلوك بدائي للغاية، إذ إنه، وطوال تطور المتعة، كان الاستمتاع بإعطاء وتلقي لدغات الحب أمراً طبيعياً، بخاصة على الرقبة التي تعتبر منطقة مثيرة للشهوة الجنسية.

من هنا اعتبرت شانون بودرام أن عضة الحب هي واحدة من تلك الأشياء التي لا ينبغي تجاهلها مع التقدم في العمر، على اعتبار أنها خاصة بسن المراهقة: "أنها شيء إنساني وممتع".

حب الامتلاك

ينظر البعض إلى لدغات الحب كمؤشر مستمر على النشوة في غرفة النوم، وكوسيلة للمباهاة بالعلاقة الحميمية مع الشريك/ة، في حين يعتبرها البعض الآخر من السلوكيات المرتبطة بالسلطة وفرض القوة، وعلامة على الرغبة في "امتلاك" الشخص الآخر، وفي هذه الحالة تصبح عضة الحب تحذيراً للآخرين من الاقتراب من الشريك/ة.

والواقع، إن هناك الكثير من الأشياء الخفية التي نقوم بها جنسياً والتي تمثل فرض القوة، وعن هذه النقطة قالت بودرام: "اللعب مع القوة شيء ممتع للغاية. اللعب مع السيطرة والخضوع، السادية والمازوشية... وعضات الحب هي البوابة لذلك".

وفي السياق نفسه، كتب هافلوك إليس أن عضة الحب ليست مجرد دافع جنسي، إنما وسيلة لإثبات القوة، زاعماً أن هذا النوع من القبلات يندرج أحياناً تحت الميول البشرية السادية.

ينظر البعض إلى لدغات الحب كمؤشر مستمر على النشوة في غرفة النوم، وكوسيلة للمباهاة بالعلاقة الحميمية مع الشريك/ة، في حين يعتبرها البعض الآخر من السلوكيات المرتبطة بالسلطة وفرض القوة، وعلامة على الرغبة في "امتلاك" الشخص الآخر

في حديثه مع موقع رصيف22، أوضح الأخصائي في العلاقات الجنسية، أنطوني حكيم، أن العض واللعق وترك علامات على جسد الشريك/ة هي أمور مثيرة للجدل بشكل كبير، وتندرج ضمن الممارسات الجنسية غير التقليدية التي تُعرف بـ kink، مشيراً إلى أن الدول الغربية باتت تنظر إلى الـ light kink، أي الممارسات الخفيفة، التي تشمل الرباط وعصب العينين أثناء العملية الجنسية، بشكل عادي تماماً، بخاصة مع بعض الأفلام التي تناولت هذه الظاهرة، مثل Fifty shades of gray.

أما في مجتمعاتنا العربية، فالوضع لا يزال مختلفاً، بحسب حكيم: "في كتير صعوبة نحكي بالجنس ونقول شو منحب، بعد عنا كتير عوائق نتخطاها لنصير نتقبل الأمور يلي الغرب بيعتبرها عادية وبسيطة ونحن بعدنا منعتبرها Shock (أمور صادمة)".

وأشار أنطوني إلى أن الحديث عن الجنس لا يزال "تابو" و"عيب" في مجتمعاتنا، وبالتالي فإن المشكلة مع الهيكي وعضات الحب تكمن في كونها تترك علامة ظاهرة وتسبب للشخص الإحراج، بخاصة في أماكن العمل.

من هنا شدد حكيم على ضرورة أن يكون هناك إذن مسبق، أي أن يتفق الثنائي على عضات الحب قبل القيام بها، فيختاران مثلاً مكاناً مخفياً لتفادي الإحراج في وقت لاحق.

في نهاية المطاف قد يكون الرضا الجنسي بين الحب، الألم والسلطة، مثيراً للجدل بدرجة لا يمكن التباهي به في العلن، ولكن بهدف تحرير الهيكي وعضات الحب من التستر الغامض لا بد من التحدث عن هذا الموضوع في العلن، بحيث يكون كسر المحرمات الجنسية بجميع أشكالها، هو السبيل الوحيد لتحرير النفس من القيود والاستمتاع بالحميمية مع الطرف الآخر.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard