شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"في شي جواتي بيرقص"... ما هي شرارة الشغف وكيف نبقيها مشتعلة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 29 سبتمبر 202006:49 م


"الحب هو اللي بيخلي الواحد فينا يشوف معنى حلو للحياة... الحب لازم يعدي بـ7 مراحل... تخيلوا كم علاقة زواج باظت بسبب الملل والروتين... أسوأ طباع اللي منحبهم منشوفها في مرحلة الحقيقة: الجنان بيختفي، الحلم بيخلص، الوعود بتتبخر وما يبقاش قدامنا غير حقيقة الإنسان الي ارتبطنا به....".

هذه الأجزاء مقتبسة من الفيلم المصري "هيبتا: المحاضرة الأخيرة"، الذي يتحدث عن المراحل السبع التي يمر بها الحب، والتي تأتي على الشكل التالي: بداية العلاقة التي تتسم باللهفة والشوق وعيش اللحظة الآنية، تليها مرحلة الاعترافات وتبادل الأشياء المشتركة، ومن ثم المرحلة الثالثة وهي الارتباط، تليها مرحلة الصدمة، حيث يبدأ كل شخص برؤية الاختلافات والعيوب في الطرف الآخر، لحين الوصول للمرحلة الخامسة وهي مرحلة الحقيقة، أي يكون كل طرف قد وجد الحقيقة الكاملة عن الآخر، أما المرحلة السادسة فهي مرحلة القرار، لجهة استمرار العلاقة أو لا، وأخيراً تأتي المرحلة السابعة والأخيرة وهي "هيبتا"، أي عندما يقرر الثنائي أن يستمرا في علاقتهما رغم جميع الصعوبات.

والحقيقة أن هناك أشياء في الحياة لا نستطيع أن نصفها أو نحددها بكلمات دقيقة، كما أنه ليس بوسعنا أن نراها بأم العين أو حتى أن نلتقطها بأيدينا، فتكون متجلية في عدة مظاهر وكامنة في التفاصيل الصغيرة اليومية، ومن بين هذه الأشياء: الشغف الذي يعتبر "ديزل" (وقود) العلاقة العاطفية والقوة التي بوسعها رفعنا إلى "سابع سماء" وإنزالنا أحياناً لسابع أرض.

يظهر الشغف في تلك الرغبة المجنونة في رؤية بعضنا البعض وأن نكون معاً طوال الوقت، ويمكن أن يظهر أيضاً في أمور حسية، مثل القبلات الحميمية والعناق الحار وتسارع دقات القلب، لمجرد رؤية طيف الشخص الآخر وسماع صوته... وفي حين أن البعض يعتبر أن الحب هو أهم عنصر لضمان علاقة جيدة، منطلقاً من فرضية أن الشغف يتلاشى مع مرور الوقت، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل بإمكان المرء أن ينخرط في علاقة عاطفية طويلة الأمد ويحافظ على الحب من دون وجود الشغف؟

ولدنا لنحب

"لقد ولدنا لنحب"، هذا ما كتبته عالمة الأنثروبولوجيا ومؤلفة كتاب Why We Love هيلين فيشر، مشيرة إلى أن هذا الشعور بالبهجة الذي نسميه الحب الرومانسي متجذر بعمق في أدمغتنا، ولكن هل يمكن لهذا الشعور أن يستمر إلى ما لا نهاية؟

نظر الباحثون في الاختلافات بين العلاقات المستقرة والدراماتيكية، ووجدوا أن نقطة الاختلاف تكمن في أمر واحد: الشغف.

يظهر الشغف في تلك الرغبة المجنونة في رؤية بعضنا البعض وأن نكون معاً طوال الوقت، ويمكن أن يظهر أيضاً في أمور حسية، مثل القبلات الحميمية والعناق الحار وتسارع دقات القلب، لمجرد رؤية طيف الشخص الآخر وسماع صوته

في البداية قد يكون من الصعب التمييز بين العلاقة الصحية والعلاقة غير الصحية، إذ إنه في كلا الحالتين يكون الشريكان في حالة عشق واشتياق، ويفكران في بعضهما البعض على مدار اليوم كله، لكن أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة كيبيك في مونتريال، روبرت فاليراند، وجد أن هناك نوعين من الشغف في العلاقة: الشغف الذي يصل إلى حدّ الهوس والشغف المتناغم، مؤكداً أن واحداً منهما فقط يساعد في الحفاظ على علاقة طويلة الأمد.

واوضح فاليراند أن النوع الأول من الشغف يعني أن نحب شخصاً ما ونفقد أنفسنا، فبدلاً من توسيع هويتنا لتشمل هذا الشخص الجديد، فإننا ندفع اهتماماتنا وأصدقاءنا واحتياجاتنا جانباً، ونفقد هويتنا وإحساسنا بالذات، أما النوع الثاني فيعني عدم ذوبان الذات في الآخر، ما يجعل العلاقة أكثر نضجاً.

وعند الحديث عن عالم الحب وأنواع الشغف قد يسأل البعض: هل للشغف صلاحية محدودة؟

في بداياتها، تتسم العلاقات العاطفية بالتجارب المثيرة والمغامرات الجميلة وبجرعات كبيرة من المرح والسعادة... غير أن مرحلة "شهر العسل" هذه قد تتغير مع مرور الوقت، بحيث يتحول الشغف المجنون إلى حب عقلاني، وتصبح العلاقة بين الطرفين أكثر حميمية ومليئة بالثقة والاحترام المتبادل والخبرات المشتركة.

والواقع أن البشر بطبيعتهم عرضة للتكيف والتعود على معظم التغيرات الحياتية، سواء كانت إيجابية أم سلبية، وفي أغلب الأحيان نحن نميل نفسياً وفيزيولوجياً لأخذ التجارب الإيجابية كأمر مسلم به، فالشغف الجنسي والإثارة هما عرضة بشكل خاص للتكيف. فبحسب ما كشفته الأبحاث، تبيّن أن كل من الرجال والنساء أصبحوا أقل إثارة بعد أن شاهدوا نفس الصور المثيرة أو انخرطوا في تخيلات جنسية مماثلة، ما يعني بأن الإلفة تولد نوعاً من اللامبالاة، أو كما كتب ريموند شاندلر: "القبلة الأولى هي السحر. الثانية حميمية. الثالثة روتين".

أسوأ طباع اللي منحبهم منشوفها في مرحلة الحقيقة: الجنان بيختفي، الحلم بيخلص، الوعود بتتبخر وما يبقاش قدامنا غير حقيقة الإنسان الي ارتبطنا به

من هنا تؤكد العديد من الدراسات والأبحاث أن "النعيم الزوجي" له مدة صلاحية محدودة، ففي العام 2003، تتبع باحثون أميركيون وأوروبيون 1761 شخصاً تزوجوا وظلوا متزوجين على مدار 15 عاماً، والنتائج جاءت على الشكل التالي: يتمتع المتزوجون حديثاً بدفعة كبيرة من السعادة تستمر لمدة عامين فقط في المتوسط، ثم تتلاشى.

أما الخبر السار فهو أنه إذا تجاوز الأزواج فترة الفتور هذه فقد يستعيدون الإثارة في وقت لاحق، مثلاً بعد 18 إلى 20 عاماً، عندما يترك أطفالهم المنزل ويختبرون ما يسمى بـ "العش الفارغ"، أي يكتشف الشركاء بعضهم البعض من جديد.

"الشغف والرغبة لا يزولان"

في المقابل، يعتبر الكثير من الباحثين والباحثات أن شعلة الشغف قد تبقى مشتعلة بين العشاق بمعزل عن السنوات والضغوطات، وذلك في حال نجح هؤلاء في التعامل مع بعضهم البعض.

تعليقاً على هذه النقطة، اعتبرت الأخصائية في علم النفس، وردة بو ضاهر، أن الشغف والرغبة لا يزولان في حال أدرك الثنائي كيفية الحفاظ على شرارة الحب بينهما.

واستندت بو ضاهر إلى ما قالته الأخصائية النفسية إستير بيريل:love and security need closeness; passion and desire need space، "الحب والأمن يحتاجان إلى القرب. الشغف والرغبة يحتاجان إلى مساحة"، شارحة ذلك بالقول: "يجب على الأشخاص أن يكون لديهم أيضاً حياتهم الخاصة بمنأى عن الشريك/ة، أي يجب أن يكون الطرفان إلى جانب بعضهما البعض، وفي نفس الوقت أن يكون لكل واحد منهما حياته، وذلك للمحافظة على الشغف والرغبة بينهما".

ورداً على السؤال التالي: ما هو الشغف بالنسبة إليك؟ قالت وردة: "الشغف هو هيدا الشعور يلي من جوا والطاقة يلي بدي فضيها مع هيدا الشخص وبدي كون معو، ولما شوف هيدا الشخص في شي جواتي بيرقص، بيعنيلي، بحب كون معو، برتاح معو، بحب قرّب منو، بحب شمو... هيدي القوة بالمشاعر هيي الشغف بس كل حدا بيعبر عنها بطريقة مختلفة".

الشغف هو هذا الشعور "المجنون" واللامنطقي أحياناً الذي يجعل حياتنا تنقلب رأساً على عقب، فنشعر بلحظة بأن قلبنا "يقفز" من مكانه. نستسلم للحب بكل جوارحنا ونشعر بأن الحبيب/ة يسري بعروقنا، فتنتابنا القشعريرة مع كل لمسة وكل همسة

وأوضحت بو ضاهر لموقع رصيف22 أن سرّ نجاح بعض العلاقات العاطفية بخاصة تلك التي تحدث في السرّ، أو التي تكون عن بعد، هو احترام المساحة بين الطرفين وعدم وضع توقعات بعيدة المنال: "الـ Space (المساحة) بتلعب دور كتير كبير وبتخلي الشغف يبقى لأنو بيبقى عندن هيدي الرغبة لبعض وما بيملّوا من بعض".

وختمت وردة بو ضاهر حديثها بالقول إنه في حال لم تكن العلاقة العاطفية بين الطرفين مبنية أساساً على الشغف، وفي حال لم يتم خلق الشعور بالحب مع شخص آخر، فإن شعلة الشغف قد تنطفىء بسرعة: "كتير أوقات في أشخاص بيمثلوا الحب وبيعيّشوا حالن الحالة... عم بيجبروا حالن يكونوا بعلاقة لمجرد أنو ما بدن يكونوا لحالن، ولهيك هيدا الشغف ما بقا عم بيضاين كتير، لأنو من أساسو ما كان موجود، كان تمثيل او fake (زائف)".

باختصار، يمكن القول إن الشغف هو لوعة الانتظار وتجرّع كأس الحب حتى الثمالة. هو هذا الشعور "المجنون" واللامنطقي أحياناً الذي يجعل حياتنا تنقلب رأساً على عقب، فنشعر بلحظة بأن قلبنا "يقفز" من مكانه. نستسلم للحب بكل جوارحنا ونشعر بأن الحبيب/ة يسري بعروقنا، فتنتابنا القشعريرة مع كل لمسة وكل همسة، وبهدف أن نحافظ على شرارة الشغف مشتعلة بيننا وبين الحبيب/ة، يجب أن نعيش الحب بعقلنا وقلبنا وروحنا، فلا نذوب في الآخر حتى لا نخسر هويتنا وكياننا.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard