كشفت مجلة "Vanity Fair" الأمريكية فصول "اختطاف" آخر لأحد أمراء العائلة المالكة السعودية على يد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
الضحية هذه المرة هو ابن عم MBS، الأمير سلطان بن تركي الثاني، الذي لجأ إلى ابن عمه، معتقداَ أنه "يمكن الوثوق به" بعد حرمانه من المخصصات النقدية الملكية عقب انتقاده للنظام و "لم يره أحد ثانيةً" منذ عام 2015.
الأمير سلطان، مثل بن سلمان، حفيد مؤسس السعودية، كان والده، تركي الثاني وريثًا محتملاً للعرش إلى أن تزوج ابنة زعيم مسلم صوفي.
ولما كان العديد من أفراد آل سعود يعتبرون التصوف إهانة لإسلامهم المحافظ، قاطعوه وفرضوا عليه العيش في المنفى، فانتقل إلى العاصمة المصرية القاهرة حيث مكث في أحد فنادقها عدة سنوات.
علاقات قوية ثم "استعداء"
حرص سلطان على إقامة علاقات مع أقاربه الأقوياء في المملكة، وتزوج ابنة عمه الذي كان على وشك أن يصبح ملكاً، الأمير عبد الله. لكنها توفيت عام 1990 في حادث سيارة، فتبنى سلطان البالغ من العمر آنذاك 22 عاماً نمط حياة متحرراً.
ظن ولي العهد "قائداً من نوع جديد لن يحل نزاعاً عائلياً بالاختطاف"... "فانيتي فير" تروي اختطاف بن سلمان لابن عمه الذي وثق به، بعد رسالتين طالب فيهما بعزل الملك سلمان زاعماً تدهور صحته العقلية وتحوله إلى "دمية" بيد MBS
بفضل المخصصات المالية السخية من عمه الملك فهد، اجتاز سلطان أوروبا مع حاشية من حراس الأمن وعارضات الأزياء. لم يكن له دور حكومي، لكنه كان يحب أن يُنظر إليه على أنه شخصية مؤثرة.
ربما هذا ما دفعه إلى التحدث مع صحافيين أجانب عن آرائه في السياسة السعودية، متخذاً موقفاً أكثر انفتاحاً من معظم أمراء عائلته، لكنه داعم للنظام الملكي في تلك الفترة.
في كانون الثاني/ يناير عام 2003، انحرف إلى مسار مختلف، وهو ما سبب له القلاقل لاحقاً. قال سلطان آنذاك للصحافيين إن على المملكة التوقف عن تقديم المساعدة للبنان، مدعياً أن رئيس الوزراء اللبناني في ذلك الحين رفيق الحريري يستخدم الأموال بشكل فاسد لتمويل أسلوب حياة مرفه.
على الصعيد الدولي، لم تكن التصريحات ذات شأن كبير. ولم يكن سلطان أول من اتهم الحريري بالفساد، كما أن الأمير لم ينتقد المملكة بقدر ما انتقد لبنان.
لكن، داخل الديوان الملكي كان الأمر أشبه بإلقاء زجاجة مولوتوف. فمن المعروف أن بين عائلة الحريري وحكام المملكة علاقات عميقة، وخاصةً مع الأمير عبد العزيز، نجل الملك فهد القوي. لذلك، بدا تصريح سلطان موجهاً لاستعداء عبد العزيز، وبعد بضعة أشهر أرسل سلطان بياناً بالفاكس إلى وكالة "أسوشيتد برس" قال فيه إنه أنشأ لجنة لاستئصال الفساد بين الأمراء السعوديين وغيرهم من الذين "نهبوا ثروة الأمة على مدى السنوات الـ25 الماضية".
كان يطمح إلى "عزلة ممولة جيداً عن أبناء عمومته الأقوياء"فحسب... قصة أحد أمراء آل سعود الذي ظن أن بإمكانه "التفوق على دهاء" ولي العهد محمد بن سلمان فاختفى تماماً منذ عام 2015
عملية خطف أولى
بعد نحو شهر، أرسل عبد العزيز بن فهد دعوة إلى سلطان: "تعال إلى قصر الملك فهد في جنيف لحسم الخلافات". خلال اللقاء، حاول عبد العزيز إقناع سلطان بالعودة إلى المملكة، وعندما رفض، انقض الحراس على الأمير، وحقنوه بمخدر، وجروه إلى طائرة متجهة إلى الرياض.
كان وزن سلطان حوالى 400 رطل، وساهم التخدير مع عملية جر الرجل من أطرافه في تلف الأعصاب المتصلة بساقيه. وقد أمضى السنوات الـ11 التالية بين السجون السعودية ومستشفى حكومي مغلق في الرياض.
عام 2014 أصيب سلطان بأنفلونزا الخنازير. ولأنه لم يعد يمثل تهديداً، سُمح له بالسفر للخارج من أجل العلاج وهكذا عاد "حراً".
طوال سنوات احتجاز سلطان، اجتاح تغيير هائل آل سعود. توفي الملك فهد عام 2005، وخلفه الملك عبد الله الذي توفي عام 2015. لكن التحول الأكبر تمثل في تولي الملك سلمان العرش.
بدلاً من أن ينتهج نمط حياة أقل ثراءً، مع قدوم الملك الأكثر تقشفاً، أجرى سلطان عملية شفط الدهون وجراحة تجميلية وبدأ بإعادة حاشيته لاستئناف حياة الرفاهية. وانطلق إلى أوروبا مع "صديقات" متناوبات ترسلهن إليه وكالة عارضات أزياء سويسرية.
أنفق سلطان ملايين الدولارات شهرياً في رحلات من أوسلو إلى برلين وجنيف وباريس. في منتصف عام 2015، احتل وحاشيته فندقاً فخماً على أجمل شواطئ جزيرة سردينيا المطلة على البحر المتوسط.
واصل الديوان الملكي إيداع الأموال في حساب سلطان المصرفي طوال هذه الفترة، لكنه كان يدرك أن المدفوعات ستتوقف في النهاية. ولما لم يكن لديه مصدر دخل آخر، قرر مطالبة الحكومة السعودية بـ"تعويض" عن الإصابات الناجمة عن اختطافه عام 2003.
لجوء إلى بن سلمان
حينذاك، لجأ سلطان إلى بن سلمان الذي لم يكن يعرفه جيداً لأنه كان مراهقاً حين اختطف الأمير، لكنه سمع من أفراد عائلته كيف أنه أصبح أقوى شخص في الديوان الملكي، وطالبه بالتعويض.
لم ينجح الأمر إذ لم يكن بن سلمان على استعداد لدفع المال لشخص تسبب بمشكلات عدة لدى انتقاده الأسرة علناً. فاتجه سلطان إلى "تصرف غير مسبوق" ورفع دعوى قضائية ضد أفراد من العائلة المالكة بتهمة اختطافه أمام محكمة سويسرية.
كان أصدقاء الأمير قلقين من أن يتعرض للخطف ثانيةً وحذروه. لكن سلطان كان عنيداً وأصر على رفع الدعوى.
بعدما بدأ المدعي الجنائي السويسري التحقيق ونشرت الصحف القصة، أوقف الديوان الملكي دفع المال إلى سلطان.
حاول عبد العزيز بن فهد إقناع الأمير سلطان بالعودة إلى المملكة، وعندما رفض، انقض الحراس على الأمير الذي يزن 400 رطل، وحقنوه بمخدر، وجروه إلى طائرة متجهة إلى الرياض حيث ظل محتجزاً بين السجون السعودية ومستشفى حكومي لـ11 عاماً
لم ينتبه الأمير وحاشيته إلى توقف النفقات إلا بعد أن أبلغته إدارة الفندق بأنه "مفلس تماماً". كان مديناً للفندق بنحو مليون دولار أمريكي.
المغامرة الفاشلة: التذاكي على بن سلمان
أخبر سلطان موظفيه أنه يمكنه إقناع الديوان الملكي بإعادة مدفوعاته، ولجأ إلى "مغامرة": حاول التفوق على دهاء بن سلمان. بعث برسالتين مجهولتين إلى أعمامه. كتب فيهما أن شقيقهما الملك سلمان "غير كفء" و"عاجز"، مشدداً على أنه "لم يعد سراً أن أخطر مشكلة في صحته هي الجانب العقلي الذي جعل الملك دميةً في يد ابنه محمد".
كذلك كتب أن الأمير محمد "فاسد وقام بتحويل أكثر من ملياري دولار من الأموال الحكومية إلى حساب خاص"، معتبراً أن الحل الوحيد هو أن يتولى الإخوة عزل الملك و"عقد اجتماع طارئ لكبار أفراد الأسرة لمناقشة الوضع واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لإنقاذ البلاد".
برغم خلو الرسالتين من التوقيع الصريح، تعرّف مسؤولو الديوان الملكي على صاحبهما.
في الأثناء، ترقب سلطان نتائج مغامرته. ربما سيحاول أعمامه كبح جماح الأمير محمد أو يعرض عليه محمد المال للتوقف عن إثارة المشاكل. طمح سلطان إلى وضع يشبه وضع والده: "عزلة ممولة جيداً من أبناء عمومته الأقوياء".
في البداية، بدا أن الحيلة نجحت. فبعد فترة وجيزة من وصول الرسالتين، وضع الديوان الملكي نحو مليوني دولار في رصيد سلطان الذي دفع للفندق وجدد خطط سفره. علاوةً على ذلك، تلقى الأمير دعوة من والده لزيارة القاهرة تهدف إلى إصلاح علاقتهما. وأخبره والده أن الديوان الملكي سيرسل إليه طائرة فاخرة بغية نقله والوفد المرافق له من باريس إلى القاهرة.
اعتُقِد أن بن سلمان يحاول إعادة ابن عمه إلى كنف العائلة. لكن الريبة انتابت أفراد حاشية سلطان بعدما تذكّروا عواقب انتقاده الأسرة في السابق وحادثة الخطف الأولى. في المقابل، صدّق سلطان أن محاولة المصالحة تجري على قدم وساق. ربما ظن أن MBS "قائد من نوع جديد لن يحل نزاعاً عائلياً بالاختطاف".
برغم تحذيرات رفاقه، صعد الأمير سلطان إلى طائرة بوينغ 737-800 في باريس، وعوضاً عن هبوطها في القاهرة، هبطت في الرياض واختفى الرجل منذ ذلك الحين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومينحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 5 أيامtester.whitebeard@gmail.com