"لم أعد أتحمل... أشعر وكأنه يتم تدميري". جاءت هذه الكلمات على لسان الشاب الغزّي علاء الغمري (26 عاماً) العالق في غرفةٍ في إمارة أبوظبي منذ خمسة أشهر، من دون أن يتمكن من ممارسة حياته خارج جدرانها أو العودة إلى منزله في خان يونس بغزة.
والتهمة: لا شيء، بحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية التي قالت في تقرير لها إنه يُسمح للغمري بالخروج إلى مكان واحد فقط هو ساحة مُسيّجة، مدة ساعتين في النهار (بين الثامنة والعاشرة مساءً).
وتحتوي الغرفة على سرير وخزانة وتلفاز وثلاجة وكرسي، وتُقدّم له ثلاث وجبات في اليوم، غالباً مكررة. يقول علاء إنه لا يدري ما هي استخدامات هذه الغرفة عادةً، كما يجهل الوقت الذي سيقضيه محتجزاً.
في البداية، نام عشرة أيام على "علب كرتون" في مطار أبوظبي، قبل أن يُحجز في أحد فنادق المطار، ويُنقَل لاحقاً إلى غرفة في منطقة "مدينة زايد" بأبوظبي.
غادر هذه الغرفة ومحيطها مرة واحدة عندما سُمح له بزيارة طبيب أسنان. وقتذاك فكّر في الهرب، ولكنه "تذكّر بأنه لا يعرف مكاناً يلجأ إليه"، بحسب الصحيفة.
في البداية، نام عشرة أيام على "علب كرتون" في مطار أبوظبي، قبل أن يُحجز في أحد فنادق المطار، ويُنقَل لاحقاً إلى غرفة في منطقة "مدينة زايد" بأبوظبي... فلسطيني عالق في أبوظبي ومصر تمنعه من الدخول إليها ليعود منها إلى غزة
"واقع أقل قسوة"
عن بدء هذه الرحلة التي لم تتكشف ملامح نهايتها بعد، أشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن علاء (خريج كلية تربية بدنية) لم يتمكن من العثور على عمل، فقرر مغادرة غزة بحثاً عن واقع "أقل قسوةً"، بمساعدة خاله الذي وعده بالعثور على وظيفة له كرجل إطفاء في دبي بعدما خضع للتدريب.
تمكن علاء من الحصول على تأشيرة دخول عبر وكالة سفر محلية، وغادر غزة في 6 كانون الأول/ديسمبر، عبر معبر رفح، إلى القاهرة ومنها إلى دبي حيث أمضى شهرين سائحاً، إلى أن عُيّن موعد تدريبه على مكافحة الحرائق.
مع تفشي فيروس كورونا، أُبلغ في نهاية شباط/ فبراير بإلغاء دورة مكافحة الحرائق، فقرر أن يترك دبي ويعود إلى منزله في خان يونس. في 19 آذار/مارس الماضي، سافر إلى القاهرة، ثم عاد إلى غزة عبر معبر رفح، إلا أنه مُنع من الدخول، وسُلّمت إليه حقائبه، وطُلب منه شراء تذكرة ليعود إلى المكان الذي أتى منه، لكنه رفض. طلب تفسيراً لما يجري، فجاء الرد: "لسنا مطالبين بتفسير"، ورجع إلى دبي. عند وصوله، أُبلغ بأنه يُمنع دخول غير الإماراتيين بسبب تفشي فيروس كورونا. فعَلِق في المطار مع 120 شخصاً من اليمن وألبانيا وطاجيكستان وغيرها.
في 20 أيار/مايو، أُبلغ بأن المطار والفندق يستأنفان نشاطهما الجزئي، فنُقل إلى الغرفة المحجوز فيها حتى اليوم. وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، "عاد معظم الركاب الذين علقوا معه إلى بلدانهم، ولم يبق معه سوى عدد قليل من السوريين واليمنيين".
"لم أعد أتحمّل... أشعر وكأنه يتم تدميري"... فلسطيني عالق في غرفة في أبوظبي، ويُمنع من التجول في الإمارات، ومن الدخول إلى مصر ليعود منها إلى غزة... ويُمنع أيضاً من عبور مطار بن غوريون الإسرائيلي
مطار بن غوريون
لجأ علاء في 17 حزيران/يونيو إلى "مركز الدفاع عن الفرد - هموكيد"، وهو مؤسسة تهدف إلى مساعدة الفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال الإسرائيلي والمتضررين منه، بعدما اكتشف عبر فيسبوك أن المؤسسة ساعدت امرأة فلسطينية عالقة في الضفة الغربية على العودة إلى منزلها في الولايات المتحدة.
تشير الصحيفة إلى أن أكثر الطرائق وضوحاً للعودة إلى الوطن، هي السماح له بالمرور عبر مطار بن غوريون فمعبر بيت حانون وصولاً إلى قطاع غزة، إلا أن "هذا احتمال نادر لسكان غزة برغم أنه يحصل في حالات استثنائية".
راسلت المؤسسةُ مديريةَ التنسيق والارتباط طالبةً السماح لعلاء بالمرور عبر مطار بن غوريون لعدم وجود بديل آخر، بعدما أغلقت مصر حدودها نتيجة انتشار كورونا، لكنها لم تتلق أي رد. وهذا ما دفعها إلى تقديم التماس إداري إلى المحكمة المركزية في القدس يوم 26 تموز/يوليو الماضي ضد وزير الداخلية ومكتب منسق الأعمال الحكومية في المناطق المحتلة، يطالب بالسماح لعلاء بالعودة من دبي إلى منزله عبر مطار بن غوريون الدولي. إلا أن الاستجابة الأولية كانت سلبية، إذ طالب ممثلو وزير الداخلية و"وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" بأن "يُرفض الالتماس على الفور".
وقالوا إن "مصر أعادت فتح معبر رفح للأجانب"، واعتبروا أن لا أساس للالتماس لأن "علاء غادر غزة من دون المرور بإسرائيل".
في سياق متصل، قالت المحامية ميساء أبو صالح، وهي تابعة للدائرة القانونية في المؤسسة، إن الإدعاء بأن مصر مفتوحة لعلاء غير صحيح، لافتةً إلى ضرورة اعتبار القضية حالة إنسانية استثنائية.
وتواصل علاء مع السفارة الفلسطينية في الإمارات. أبلغته السفارة أنها لن تتمكن من مساعدته في تقديم طلب إلى إسرائيل بسبب وقف التنسيق المدني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال. لكنها وعدته بالمساعدة على العودة عبر مصر حالما يُعاد فتح معبر رفح.
وهاتف السفارة المصرية أيضاً، فجاء ردها بأنه لا يستطيع العودة كونه "مطروداً منها".
وكانت السفارة الفلسطينية قد أغلقت أبوابها في الأيام الماضية عقب التطبيع الإماراتي مع إسرائيل. وقال علاء للصحيفة الإسرائيلية عن ذلك: "كل دولة تتخذ قراراتها الخاصة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين