شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
هل تمتلك أجسامنا

هل تمتلك أجسامنا "ذاكرة مناعية" ضد فايروس كورونا المستجد؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

العالم العربي وكورونا

الأحد 30 أغسطس 202005:13 م

خلال الموجة الأولى من جائحة كورونا، لوحظ أن الوباء انتشر بشكل غير متساوٍ في أنحاء العالم. وبالعموم فقد سجلت المدن الرئيسية إصابات أعلى من البلدات الصغيرة أو الأرياف. ومع ذلك، لم تتحقق في إيطاليا هذه المعادلة، ففي حين تمكنت العاصمة روما من النجاة نسبياً، شهدت القرى معدلات مرتفعة جداً من الإصابات والوفيات. وبينما أظهر الأطفال والشرائح الشابة مقاومةً للمرض، تراجعت هذه المقاومة لدى المسنين ومرضى السكري والأوعية الدموية.

يحاول العلماء اليوم معرفة سبب أن بعض القطاعات السكنية كانت أكثر عرضة من غيرها، أو بعبارة أخرى، سبب تمتع بعض الناس بمناعة نسبية أو مقاومة للمرض. ويرجح باحثون، في دراسة نشرت في أواخر شهر يونيو الماضي، أن الذاكرة المناعية في خلايا أجسامنا هي الدرع الواقي ضد  الفايروس، وتشير إلى أن نسبة تتراوح من 20-50 % من الأجسام أثبتت مناعتها ضد الفايروس برغم عدم إصابتها به مسبقاً. وفي الوقت نفسه، تبني أبحاث أخرى نتائجها من ردات فعل المرضى لتقول بأن هذه الذاكرة المناعية هي نفسها ما قد تضلل خلايا الجسم وتعرض حياة المصابين للخطر.

وبينما يدور هذا الجدال حول دور الجهاز المناعي في التخفيف من الأعراض إلى حد انعدامها عند بعض المصابين، تجرى حالياً دراسات لإثبات أن القصة لا تنتهي عند ذلك، وأنها لها علاقةً مباشرة بما يعرف طبياً ب"القدرة على احتمال المرض"، وهي حالة أثبتت عند الحيوانات سابقاً.

كيف تكونت المناعة ضد الوباء؟

اقترح طبيب الأعصاب ومصمم نموذج فايروس كورونا كارل فريستون من جامعة كوليدج لندن -على أساس مقارنته للبيانات في ألمانيا وبريطانيا- أن معدلات الوفيات المنخفضة نسبيًا المسجلة في ألمانيا كانت بسبب عوامل وقائية غير معروفة. وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة الغارديان قال: "هذه المناعة مثل المادة المظلمة في الكون: لا يمكننا رؤيتها، لكننا نعلم أنها يجب أن تكون موجودة لحساب ما يمكننا رؤيته".

وفي حين أن هذه وجهة نظر جديدة - يثني معظم الخبراء على نظام الحجر الصحي والاختبار المنهجي في ألمانيا – يعمل آخرون بجد لتحديد العوامل التي تحد انتشار الفايروس. وذلك يمكن أن يفسر الألغاز الأخرى - مثل سبب تجنب اليابان على ما يبدو الموجة الأولى القاتلة على الرغم من تقدم سكانها في السن نسبياً والاستجابة الضعيفة لتحذيرات الصحة العامة، أو لماذا أبلغت الدنمارك والنمسا وجمهورية التشيك عن عدم حدوث زيادة في الحالات على الرغم من التخفيف المبكر لإجراءات الحجر. يمكن لكل هذا أن يشكل فكرة لدى الحكومات حول التصدي لمخاطر الموجة الثانية.

يبدو أن هناك عدة أسباب تجعل شعباً ما محمياً من الإصابة بفايروس كورونا أكثر من الآخر.

ويبدو أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل شعباً ما محمياً أكثر من الآخر، كما تعتقد عالمة الأوبئة النظرية، سونيترا جوبتا، من جامعة أكسفورد، التي تقول إن العامل الأساسي هو المناعة التي تم تكوينها قبل هذا الوباء: "لقد كان حدسي لفترة طويلة جداً أن هناك الكثير من الحماية من الإصابة بالأمراض الشديدة والموت تمنحها الحشرات المنتشرة التي قد تنقل هذه الأمراض"، وعلى الرغم من أن هذه الحماية المنقولة قد لا تحمي الشخص من العدوى بشكل تام، إلا أنها يمكن أن تضمن ظهور الأعراض بشكل خفيف نسبياً.

لكن تشير دراسة أخرى إلى أن نزلات البرد يمكن أن تهيئ جسم الشخص لمحاربة الفايروس وهو اكتشاف يساعد في تفسير سبب اختلاف استجابات الناس لفايروس كورونا الجديد، ويمكن أن يقدم أدلة لمكافحته. تتبع الدراسة اكتشافاً في شهر مايو الماضي من العام الحالي، أشار إلى أن ما يصل إلى نصف السكان قد يكون لديهم نوع من المناعة الذاتية ضد الفايروس تحول دون الإصابة به على الإطلاق. أبلغ العلماء عن حالات للظاهرة في بريطانيا وألمانيا وهولندا وسنغافورة، واشتبهوا في أن هذه "الذاكرة" المناعية مرتبطة بأشخاص سبق لهم مقاومة نزلات البرد.

تصف دراسة نُشرت في مجلة Science كيف سعى باحثون من معهد لاجولا لعلم المناعة La Jolla Institute for Immunology للعثور على أدلة تدعم هذه النظرية، فقاموا بفحص عينات الدم المأخوذة من الأشخاص الأصحاء التي تم جمعها قبل الوباء وفحصوا الخلايا التائية (الخلايا T) الموجودة في خلايا الدم البيضاء في تلك العينات. وتعد خلايا الدم البيضاء أجزاء أساسية من جهاز المناعة في الجسم، حيث تعمل على تحفيز الأجسام المضادة التي تعمل على تدمير الخلايا المصابة.

يقول الباحثون إن الخلايا T تتذكر العدوى السابقة لعقود من الزمن بعد إصابة الشخص بمرض معين. وفي العينات التي فحصوها، وجدوا دليلاً على أنها "مدربة" أو مبرمجة على محاربة الفايروسات المرتبطة بنزلات البرد. وفوجئوا باكتشاف أن العديد من الخلايا التائية في العينة قد تعرفت أيضاً على فايروس كورونا حتى دون تعرض مسبق للإصابة به بشكل مباشر، مرجحين أن هذا بسبب أوجه التشابه القوية بين الفايروس التاجي الجديد والفايروسات المرتبطة بالبرد.

وجد الباحثون أن هذا يمكن أن يمنح بعض المرضى استجابة مناعية أقوى. ما قد يفسر سبب إصابة بعض الأشخاص بالفايروس وعدم ظهور أعراض عليهم، أو عدم إصابتهم بالفايروس على الإطلاق. لكن لا يزال هناك الكثير مما لا يعرفونه عن كيفية عمل هذه "الذاكرة" المناعية، لذلك يجب استهدافها في الدراسات المستقبلية حول استجابات الأجسام المضادة وتطوير اللقاح ضد الفايروس.

في دراسة مشابهة نشرتها مجلة Nature تضمنت تحليل عينات دم من 18 مريضاً مصاباً بالفايروس، تتراوح أعمارهم بين 21 و81 عاماً، ومتبرعين أصحاء تتراوح أعمارهم بين 20 و64 عاماً، ومقرهم ألمانيا، وجدت الدراسة أن الخلايا T التي تتفاعل مع الفايروس التاجي تم اكتشافها في 83٪ من مرضى كورونا.

وعلق الدكتور أميش أدالجا، كبير الباحثين في مركز الأمن الصحي بجامعة جونز هوبكنز، أنه لم يتفاجأ باكتشاف المناعة للخلايا التائية لدى المشاركين في الدراسة الذين لم يتعرضوا لفايروس كورونا الجديد المسمى SARS-CoV-2 فهو سابع فايروس كورونا بشري يتم اكتشافه، وأربعة من فايروسات كورونا البشرية تعد مسؤولة عن 25٪ من نزلات البرد: "لقد واجه كل شخص في العالم تقريباً نوعاً ما من الإصابة بفايروس كورونا، وبما أنهم جميعاً جزء من نفس العائلة، فهناك بعض المناعة التفاعلية التي تطورت".

آلية عمل المناعة

في مقال نشر في موقع CNN يشرح المراسل الطبي للموقع، الطبيب سانجاي غيبتا، أن جهاز المناعة البشري ضد الهجمات البكتيرية والفايروسية والفطرية والطفيلية وغيرها، يتكون من عنصرين رئيسيين: الجهاز المناعي الفطري والجهاز المناعي التكيفي. ولأن جهاز المناعة الفطري هو خط الدفاع الأول، تتضمن أجزاء منه حواجز فيزيائية مثل الجلد والأغشية المخاطية، والتي تمنع الغزاة جسدياً من الدخول. وتتضمن أيضاً بعض الخلايا والبروتينات والمواد الكيميائية التي تقوم بأشياء مثل التسبب في الالتهاب وتدمير الخلايا المهاجمة.

وفي حين يكون الجهاز المناعي الفطري غير محدد (يحاول منع أي شيء من دخول الجسم)، فإن الجهاز المناعي التكيفي يكون مستهدفاً ضد غازٍ محدد تم التعرف عليه سابقاً. ويستغرق هذا وقتاً أطول قليلاً لبدء فاعليته. يتضمن الجهاز المناعي التكيفي نوعاً من خلايا الدم البيضاء، يُسمى الخلية B، والتي تقوم بدوريات في الجسم بحثاً عن الدخلاء.

تحتوي كل خلية من الخلايا B على جسم مضاد فريد يمنع دخول خلية دخيلة. وعندما يعثر على جسم دخيل ويتعرف إليه، يتم تنشيط الخلية B لتنتج أجساماً مضادة، مما يؤدي في النهاية إلى تكوين جيش ضخم من العوامل المحيدة لهذا الدخيل بعينه. ومن هنا تأتي الأجسام المضادة التي أنشأتها أجهزة المناعة للأشخاص الذين أصيبوا بفايروس كورونا وقاوموه.

يعمل الجهاز المناعي للإنسان على تكوين أجسام مضادة تتصدى للعدوى بالفايروس، كما يتم تكوين ذاكرة مناعية تدعى "خلايا-T" قد تساعد أجسامنا على تذكر الفايروس في حال الإصابة به مرةً أخرى ومقاومته

غير أن بعض الدراسات الحديثة وجدت أن الأجسام المضادة لهذا الفايروس التاجي يمكن أن تتلاشى بسرعة كبيرة خاصة في الأشخاص الذين عانوا من حالات خفيفة من الفايروس، الأمر الذي أثار قلق العديد من الباحثين. ونظراً لأن الاستجابة للجسم المضاد سريعة التلاشي، فإن المجتمع العلمي غير متأكد من المدة التي سيبقى فيها الشخص المصاب بهذا الفايروس محمياً من عدوى جديدة. وهذا ما قد يحد من عمل أي لقاح يتم تطويره.

لكن، لحسن الحظ، يبدو أن الأجسام المضادة ليست هي السلاح الوحيد الذي يستخدمه جهاز المناعة التكيفي لدرء العدوى. حيث يتم تكوين الخلايا T كما ذكرنا، والتي تساعد على تذكر ذلك الدخيل في حالة دخوله مرة أخرى ومقاومته. مثل الخلايا T التي استجابت لفايروس سارس -CoV-2 والتي تم اكتشافها -بالصدفة- كما أشرنا في عينات من الدم أخذت من أشخاص قبل عدة سنوات من بدء هذا الوباء.

يمكن التكهن بأن الخلايا T قد تكون مفيدة، لكنها قد لا تحمي الشخص من العدوى بالمطلق، بل يمكنها محاربة الفايروس بشكل أسرع ولذا فمن المعقول أنه بدلاً من أن ينتهي بنا الأمر في وحدة العناية المركزة، أن ننجو بعلاج عادي. أو بدلاً من أن يرسلنا المرض إلى المستشفى، يبقينا في المنزل مع أعراض نزلة برد وكوب من الشاي الساخن.

لكن السؤال الأهم، إذا لم تكن هذه الخلايا مفيدة، فهل يمكن أن تعمل ضد أجسامنا؟

هل تعمل الذاكرة المناعية ضدنا؟

نظراً لأن جميع الفايروسات التاجية مرتبطة ببعضها البعض، ولأننا نواجه واحدة منها كل عام من خلال فايروسات متعلقة بالبرد، فليس من المستغرب أن تكوّن أجسامنا ذاكرةً مناعية ضدها. لكن لا زال لا يمكننا الجزم ما إذا كانت هذه الذاكرة لصالحنا أم تعمل ضدنا.

رجح الباحثون أن أحد الأسباب لإصابة أشخاص ونجاة البعض الآخر منهم أن ما نسميه التاريخ المناعي، أو ذاكرة أجسامنا عن كل اللقاحات ونزلات البرد وكل اضطرابات الجهاز الهضمي، خلقت معلومات أساسية يمكن أن تساعد أجسامنا أو تؤذيها. ومن أحد الأشياء التي عرفت عن هذا المرض هو أن ما يرفع نسبة الوفاة هو حدوث استجابة مناعية مفرطة، كتلك التي حدثت عند بعد المرضى في الرئة مثلاً، أو خلق استجابة ضعيفة، ما يثبط مقاومة الجسم.

خلق هذا تكهنات بأن بعض الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض قد يكونون قادرين على التخلص من الفايروس بسرعة بفضل تفاعل الخلايا T. وفي الوقت نفسه، يعمل هذا التاريخ المناعي ضد بعض المرضى الذين يعانون من مضاعفات شديدة بدلاً من مساعدتهم بسبب الاستجابة المفرطة أو الضعيفة لجهازهم المناعي وتعرض الخلايا T إلى الهجوم والموت، أي "ارتباك الجهاز المناعي".

في بعض الحالات، كان للذاكرة المناعية أثر سلبي على المصابين بفايروس كورونا، بسبب الاستجابة الفوضوية للخلايا T ونشاطها المفرط ثم اختفائها من الدم

يقول أدريان هايداي، أستاذ علم المناعة بجامعة كينغز كوليدج لندن، إن "فيروس نقص المناعة البشري يدمر نسبة كبيرة من الخلايا T، وقد تكشف هذه الأعراض عن مدى أهمية هذه الخلايا لجهاز المناعة وأن الأجسام المضادة وحدها لن تتمكن من مقاومة مسببات المرض". لكن المشكلة تكمن في أنه لوحظ أيضا لدى المرضى الذين أصيبوا بمضاعفات وخيمة لفايروس كورونا المستجد، وتلقوا العلاج في المستشفيات، أن استجابة خلايا T اتسمت بالفوضوية، وأن أعداداً كبيرة من هذه الخلايا تأثرت بالفيروس، فحدث نشاط مفرط لها، وبعدها اختفت من الدم.

وبينما يفسر البعض هذا الاختفاء بأن خلايا T أعيد توجيهها إلى المناطق التي تحتاجها بشدة، مثل الرئتين، فإن فريق هايداي يعتقد أن سبب اختفاءها هو أنها تموت. ويقول هايداي إن تشريح جثث مرضى كورونا المستجد كشف وجود نخر في الأنسجة، ولا سيما في مناطق مثل الطحال والغدد الليمفاوية حيث توجد خلايا T عادة، وهذا النخر هو علامة على أن الخلايا المناعية تعرضت للهجوم.

وقد لوحظت نفس المشكلة عند تشريح جثث مرضى الإيدز. لكن لا توجد أي أدلة بعد تثبت أن فيروس كورونا المستجد يمكنه أن يصيب الخلايا T بالطريقة نفسها التي يدمرها بها فيروس نقص المناعة البشري. لكن، بحسب هايداي فإن جميع الأدلة تشير إلى أن خلايا T يمكنها حمايتنا من الأمراض لعدة سنوات، لكن عندما نمرض، من الواضح أنها تعجز عن الدفاع عن الجسم بمفردها، وقد تعزى إصابة كبار السن بمضاعفات كورونا المستجد الحادة إلى تضاؤل أعداد خلايا T.

ما أثر هذا على اللقاح؟

هناك عدة آثار يذكرها الطبيب بروس ووكر، عالم الأمراض المعدية والمدير المؤسس لمعهد راغون بمستشفى ماساتشوستس العام، في مقابلته مع CNN والذي يفتح الباب أمام نوع مختلف من اللقاح من خلال الأبحاث التي يجريها في علم المناعة البشرية.

ما نعرفه هو أن معظم اللقاحات التي تم إنتاجها حتى الآن قد استندت إلى إنتاج الأجسام المضادة التي تعتبر قادرة نظرياً على منع الخلايا من الإصابة. من ناحية أخرى، يذكر ووكر أنه في حال تسلل بعض الفيروسات عبر الخلية وإصابتها، فإن الجسم يعتمد على الخلايا T للقضاء على الفيروس. وبرأيه "هنا تكمن الفرصة للباحثين لإعادة النظر في تركيب اللقاح- لأن هذه الخلايا، على الأقل من الناحية النظرية، يمكن أن تكون قوية للغاية وتخفف من المرض بأن تجعل العدوى بدون أعراض ملحوظة، وبالتالي لن يكون لدى المصابين ما يكفي من الفيروسات في أجسامهم لنقلها إلى شخص آخر". هذه إحدى الفرضيات.

لكن أثر هذه الفرضية في حال صحتها قد يكون قاتلاً على المرضى إذا طبق عليهم اللقاح التجريبي دون الأخذ بعين الاعتبار مقاومة الخلايا التائية، ما يؤدي إلى ظهور استجابة مفرطة في الجهاز المناعي تعمل ضد المريض وليس لصالحه. ولهذا فإن خلق مناعة جماعية أو "مناعة القطيع" عبر لقاح، يجب أن يعتمد بشكل رئيس على مراعاة تلك الفروقات في استجابة أجسام المرضى للفايروس، بحسب ووكر.

نظرية القدرة على احتمال المرض

وفقاً لدراسة نشرها "مركز الحد من انتشار الأمراض" في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن نسبةً تتراوح بين 20-45% من المصابين بفايروس كورونا لا تظهر عليهم أعراض مطلقاً. وهذا ما جعل الباحثين يشتبهون بوجود خاصية تعرف باسم "تحمل المرض".

و"تحمل المرض" يعني قدرة الجسم، بسبب الاستعداد الوراثي أو بعض جوانب السلوك أو نمط الحياة، على عدم إظهار أعراض لأي عدوى يصاب بها، وهذا له أشكال تختلف باختلاف نوع الإصابة. على سبيل المثال، عند الإصابة بالكوليرا، التي تسبب الإسهال الشديد الذي يمكن أن يسبب وفاة سريعة ناتجة عن الجفاف، قد يحرك الجسم آليات تحافظ على توازن السوائل في الجسم، فلا تظهر الأعراض.

يحاول الباحثون إثبات أن جسم الإنسان قد لا يشن دائماً حرباً شاملة على الفيروسات ومسببات العدوى. فقد يكون أيضاً قادراً على استيعاب العدوى بسلاسة بحيث لا تظهر أي أعراض. هذه الظاهرة، معروفة لدى النباتات ولكن لم يتم توثيقها لدى الحيوانات إلا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية.

يعتمد الباحثون الذين يدرسون هذه الفرضية على سلسلة من التجارب لا يمكن إجراؤها على البشر. ومع ذلك، فإنهم ينظرون إلى انعدام أعراض العدوى عند بعض المصابين بفايروس كورونا كدليل لإثبات هذه الخاصية عند البشر.: "ما لا يقل عن 90% من المصابين ببكتيريا السل لا يمرضون. وينطبق الشيء نفسه على 1.5 مليار شخص على مستوى العالم يعيشون مع ديدان طفيلية في أمعائهم. على الرغم من حقيقة أن هذه الديدان كائنات كبيرة جدًا وتهاجر بشكل أساسي عبر الأنسجة وتحدث الضرر، فإن العديد من الناس لا يعانون من أعراض". يقول إيرا كينج ، أستاذ المناعة في جامعة ماكجيل، "وقد نتمكن من إثبات ذلك في حالات كورونا".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard