شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
ختان الإناث والذكور…

ختان الإناث والذكور… "قيم الأسرة المصرية" والتأسيس للبؤس المجتمعي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 21 أغسطس 202001:50 م

"قيم الأسرة المصرية" مصطلح مطاطي غير محدد الملامح أو الأبعاد، ومع ذلك يلقي بالمواطنين خلف أسوار السجون، مثلما حدث مع 9 نساء حتى الآن، وجّهت لهم تهمة الاعتداء على "قيم الأسرة المصرية"... هكذا وبهذه البساطة، دون أن يكون هناك أي تعريف متفق عليه لهذه القيم.

لم نسمع أن هذا الاتهام وجِّه إلى قاتل أو مرتش أو لص أو متحرش أو مغتصب أو فاسد... إلخ، بل على العكس، سمعنا عن بعض عادات وتقاليد الأسرة المصرية التي تُعدّ جرائم بحق الإنسانية، تم تجريم بعضها قانوناً ومازال بعضها غير مجرم حتى كتابة هذه السطور، مثل العنف الأسري والختان وحرمان النساء من الميراث وزواج القاصرات وعمالة الأطفال... إلخ.

أقسى هذه الجرائم في نظري هي الختان، ليس فقط لكونه يقع على أطفال غير مدركين ما يحدث لهم، وعن طريق ذويهم، مصدر الأمان والملجأ الوحيد في العالم، إنما أيضاً لكونها تؤسس لحياة بائسة في المستقبل، ما يجعل الإنسان الضحية يتحوّل لشخص كاره للحياة، غير مقبل عليها بشكل صحي.

ختان الإناث... الصحة الجسدية والنفسية والجنسية 

أغلبنا قرأ أو سمع عن مضار ختان الإناث ومدى تأثير هذا على الصحة الجسدية والنفسية والجنسية للضحايا، ويسهل جداً الوصول لأطنان "الميجا بايتس" من المعلومات بخصوص هذا الشأن، لكن بالصدفة كنت قريباً من تجربتين في غاية الغرابة، وكانا السبب بشكل كبير في كتابة هذا الموضوع.

التجربة الأولى كانت منذ سنوات، حين ربطتني علاقة صداقة بسيدة في العقد الثالث من عمرها، حاصلة على مؤهل عال، زوجة وأم لثلاث أبناء. خلال أحاديثنا المتنوعة اكتشفت إنها لا تعرف أن النساء يصلون للأورجازم مثل الرجال، وحين تأكدت من صحة كلامي قاطعتني لأن معرفتي "خراب بيوت" على حد وصفها.

التجربة الثانية حين خاضت إحدى صديقاتي تجربة العودة إلى الحياة، حيث استطاعت عن طريق عملية جراحية تصحيح خطأ الماضي، وترميم ما أفسده الختان. فأصبح لدي مصدر لمعرفة شكل الحياة الجنسية بالختان وبدونه ومن نفس الأنثى.

تقول (م): "وأنا في سن 11 سنة أهلي فهموني أننا رايحين نزور ناس قرايبنا. لبسنا وخرجنا كلنا، رحنا عند شخص ما أول مرة أشوفه... الراجل ده قدم لي عصير شربته وبعدها مادرتش بنفسي. صحيت لقيت نفسي في بيتنا ع السرير وكل حاجة خلاص حصلت... جرح بقى وبيتعالج وخلاص على كده".

وتتابع: "مرت السنين وماكنش عندي أي شعور جنسي... وماكنتش حاسة أن فيه مشكلة في ده، بداية أني أعمل سكس كان عندي 20 سنة، كنت حاسة برهبة الموقف والجو العام وكده... بس جسدياً كان عادي، وبصراحة ده ماضايقنيش في حاجة. وكنت متصورة أن هو ده الطبيعي".

وتضيف: "لحد ما مر عليا سؤال ع السوشال ميديا أقدر أقول إنه غيّر حياتي: الستات بتحس أزاي قبل الختان؟ بعدها بفترة قصيرة اتعرفت بطبيبة متخصصة في عملية تصحيح نتائج الختان، اتحمست أني أجرب وأصحح اللي حصل فيا وأنا مش في وعيي... وفعلاً اتبنجت بكامل إرادتي المرة دي وعملت العملية".

وتواصل: "كنت عارفة أن العملية مش عصاية سحرية. وأني لازم أشتغل على نفسي، وأن الجانب النفسي عليه عامل كبير المفروض يساعد الجانب الجراحي. بس مع أول تجربة ليا بعدها اتخضيت فعلاً... حسيت أحاسيس عمري ما حسيتها قبل كده، كأن حد كان مابيسمعش وبقى يسمع أو كان أعمى وفتح فاكتشف أن فيه ألوان في الحياة... وأن الحياة مش باللون الغامق ده، اللي أنت مش قادر تحدد ده لون الحياة ولا ضلمة ولا أنت اللي مغمض… وكأنك بتسترد جزء من إنسانيتك اللي تم انتزاعها منك من قبل أشخاص كانوا فاكرين إن ده في مصلحتك".

أقسى الجرائم في نظري هي الختان، ليس فقط لكونه يقع على أطفال غير مدركين ما يحدث لهم، وعن طريق ذويهم، مصدر الأمان والملجأ الوحيد في العالم، إنما أيضاً لكونها تؤسس لحياة بائسة في المستقبل

من شهادة صديقتي التي كانت كعينة عشوائية، حصلت على رقم الطبيبة التي أجرت لها عملية التصحيح أو الترميم، لأتحدث معها وأحصل منها على رأي طبي يعتدّ به كرأي علمي مجرد. اتصلت فأجابتني د. ريهام عواد، مديرة مركز "ترميم ختان"، المتخصص في علاج وترميم وتجميل تشوهات الختان، عرّفتها فنفسي وعن الموضوع، فتحمست للمشاركة فوراً.

في حديث مع د. عواد قالت: "تشويه الأعضاء التناسلية، أو ما يعرف بالختان، عادة شعبية أفريقية راسخة منذ آلاف السنين، ليس لها أي فائدة صحية معروفة على الإطلاق، وهي غير موحدة بالنسبة للنساء، بل يمكن تقسيمها إلى 4 درجات، ثلاثة منها تتم بشكل ممنهج مرتبط بالعادات والتقاليد، أما الرابع فليس مرتبط بسياقنا هذا".

أما الدرجات فهي:

1- قطع البظر: وفيه يُستأصل البظر الحسّاس جزئياً مع الجلد المحيط به، وهي أبسط درجات الختان، ورغم ذلك تترك أثراً على شعور الضحية بالإثارة الجنسية والمتعة عبر المنطقة المشوهة.

2- الاستئصال: وفيه يُستأصل البظر جزئياً واستئصال الشفرين الصغيرين (الشفتين الداخليتين المحيطتين بالمهبل). تؤدي هذه العملية إلى إفقاد ضحيتها القدرة على الشعور بنسبة كبيرة.

3- الختان التخييطي: وفيه يتم استئصال البظر والشفرين الصغيرين والشفرين الكبيرين (الشفتين الخارجيتين المحيطتين بالمهبل).

وتتابع د. ريهام عواد: "تجعل هذه العملية من الضحية عرضة دائمة للعدوى، وغالباً ما تنتهي بتخييط المنطقة بشكل شبه كامل عدا فتحة صغيرة تسمح بخروج البول والطمث. وأحياناً ما تكون تلك الفتحة صغيرة جداً فلا يمكن ممارسة الجنس أو الولادة إلا بعد تدخل جراحي آخر، ما يتسبب غالباً في مضاعفات تضرّ بالأم والجنين معاً، وهي أقسى أشكال التشويه المعروفة بغرض الختان، وهي تقضي تقريباً على كامل الإحساس الجنسي عند الضحية".

نخلص من الشهادتين، الشخصية والعلمية، إلى أن تشويه العضو التناسلي للنساء يؤدي، بمن يتعرضن لتلك العملية، إلى فقدان الإحساس بالمتعة الجنسية بدرجات متفاوتة تصل إلى درجة الفقدان شبه الكُلي في كثير من الأحيان.

نال الحديث عن تشويه الأعضاء التناسلية للنساء المعروف بالختان، الكثير من الاهتمام والبحث والعمل الدؤوب، ما أدى إلى تجريمه قانونياً. وما زال بالطبع بحاجة للمزيد من المجهود والعمل، حتى يتم انتزاع هذه العادة من ضمن حزمة العادات والتقاليد التي يمكن الإشارة لها باسم "قيم الأسرة المصرية"، حيث مازالت تمارس بأعداد كبيرة جداً رغم تجريمها. فبمراجعة إحصائيات "اليونسيف" نظمة الأمم المتحدة للطفولة عام 2018، نجد أن مصر تحتل المركز الرابع عالمياً بنسبة 91%.

ختان الذكور... تشويه الأعضاء التناسلية أيضاً

بالمقابل، يبقى تشويه الأعضاء التناسلية للذكور بلا أي قيود من أي نوع ويندر الحديث عنه، رغم كونه لا يقل أذى عن مثيله عند الإناث، وهو ما تؤكده عدة دراسات، وهو ما تؤكده د. سهام عبد السلام، في كتابها ختان الذكور، الذي تتعرض فيه للآثار السلبية للظاهرة من ناحية، وتفند علاقته بالدين الإسلامي من ناحية أخرى، كما تستعرض تاريخ الظاهرة في الثقافة الشعبية.

وتقول صاحبة ختان الذكور: "يحرم الختان الذكور من الغلفة المحيطة برأس القضيب، وفقدان هذه الغلفة هي أهم مساوئه، فهي غنية بالأعصاب؛ ما يجعلها أكثر مناطق القضيب حساسية جنسياً وتتصل بمركز المتعة في المخ. واستئصالها يقلل المتعة الجنسية، إذ يفقد معها أهم فروع العصب الظهري للقضيب، بالإضافة إلى ما يزيد عن عشرين ألفاً من النهايات العصبية المتخصصة باللمس الخفيف، والمسؤولة عن الحساسية والمتعة الجنسية، مثل خلايا ميزنر وميركل التي تستثار بالحركة الانزلاقية الطبيعية للقضيب داخل غُلفته، فيكون الجنس أمتع للرجل وشريكته".

وتتابع: "يفتقد الضحية عملية الترطيب والتطهير الخفيف الطبيعية لرأس القضيب التي تقدمهما الغلفة عن طريق إفرازها لمادة السميجما. يفتقد الذكر أيضاً وظيفتها الخاصة بالحماية، فالغلفة تحمي رأس القضيب لدى الرضيع من البول الحامضي، كما تحتوي على ألياف عضلية ملساء تجعل منها صماماً يسمح بمرور البول للخارج ويمنع دخول أي أجسام غريبة أو ميكروبات للداخل. وبالنسبة للشخص البالغ، تحمي رأس القضيب من الاحتكاك بالملابس فتحافظ على حساسيته".

وتأكيداً على أهمية الغلفة، أشارت د. سهام عبد السلام: "تقوم الغلفة بوظيفة مناعية ضد البكتريا والفيروسات، فالجزء المقطوع يفرز أنزيم الليزوزيم القاتل للميكروبات، وتقوم خلايا لانجرهانز الموجودة بالغلفة بإفراز اللانجرين القاتل للكثير من الفيروسات، ومنها الإيدز، قبل دخولها للجسم، وأي اكتشاف لمصل واق من الإيدز في المستقبل يستدعي وجود اللانجرين بكثافته الطبيعية لدى الإنسان. أيضاً تفرز الغلفة فيرمونات، وهي مواد ذات رائحة خفيفة تجذب الجنس الآخر".

ويشير الكتاب أيضاً إلى أنه "يضاف لمضار الختان، الألم المبرح الذي لا يستطيع الرضيع التعبير عنه بالكلام، لأن الصدمة تحدث قبل اكتسابه للغة المنطوقة، وصدمة الختان بجانب عنفها تكون مربكة جداً، لأن المخ فيها يتلقى ألماً قوياً من منطقة مهيأة بالأساس لتلقى الشعور باللذة، ولقوة الصدمة وعدم القدرة على التعبير عنها تظل مختزنة في اللاوعي لتظهر لاحقاً في عدة أشكال، منها العنف والخوف من أي جراحة. لا تتوقف مساوئ الختان عند هذا الحد، فحين تتم العملية في فترة الرضاعة تضر بالترابط بين الطفل والأم وتؤثر على الرضاعة الطبيعية".

أما نفسياً فتنخفض ثقة الضحية بنفسه، بسبب إجباره على الخضوع لحالة نفسية دفاعية ضد ألم مبرح هو عاجز عن مقاومته، الفرار منه أو حتى التعبير عن مشاعره بالكلام، وقد ذكر عالم النفس، رونالد جولدمان، هذا بالتفصيل في كتابه: ircumcision: The Hidden Trauma.

اختتمت د. سهام حديثها بذكر الأعراض الجسدية القصوى لتشويه الأعضاء التناسلية للذكور: "قد يكون النزيف الناتج عن الاستئصال غزيراً بحيث يودي بحياة الصبي، كما يتسبب مع الألم بدخول المختون في صدمة عصبية قد يمكن إنعاشه منها أو تنتهي بالوفاة، ويفقد العديد من الذكور حياتهم أيضاً نتيجة لمضاعفات هذه العملية، كما يفقد بعض الأولاد قضبانهم بأكملها جراء عمليات الختان والالتهابات الناتجة عنها".

بناء على كل ما سبق، فإن لدينا عادة راسخة لدى "الأسرة المصرية" في تشويه الأعضاء التناسلية للأطفال قبل سن البلوغ، وأن هذا التشويه يتم بطريقة تشكل خطورة على حياتهم نفسها، ومن ينجون بأرواحهم تترك لديهم آثاراً نفسية عميقة تستمر طويلاً جداً، بالإضافة للتأثير سلباً على قدرتهم الجسدية على إقامة علاقة جنسية سليمة مستقبلاً، حيث تحتاج الإناث لوقت أطول بكثير من الطبيعي للوصول إلى الأورجازم، والذكور يصلون إليه في وقت أسرع من الطبيعي، ويصبح من الصعب جداً سد هذه الفجوة الجنسية بين طرفي العلاقة الجنسية، ويحكم عليها بنسبة كبيرة بالفشل.

"لأن مجتمعنا يفصل الجنس عن حزمة الاحتياجات الأساسية ويربطه بمنظومة الأخلاق، ما يصل بأفراده للكبت الجنسي. حيث يعجزون عن تلبية احتياجاتهم الجنسية، ويدخل الفرد في صراع داخلي بينه وبين نفسه. فعند الإحساس بالرغبة بالجنس يرى نفسه شخصاً سيئاً وفاقداً للاحترام"

الجنس والحالة النفسية

ولمعرفة تأثير ذلك الوضع الجنسي البائس على الحالة النفسية للأزواج تواصلت مع المعالجة النفسية، هبة الزيني، التي قالت: "من الثابت أن الكبت الجنسي والأمراض النفسية مرتبطان جداً، كما ورد عند آباء مؤسسين بعلم النفس، مثل فرويد وأفراهام ماسلو وموراي. حيث وضع كل منهم نظريته الخاصة المؤكدة أن الاضطرابات النفسية تنتج في الغالب عن عدم تلبية الاحتياجات الأساسية للحياة، وطبقاً لمثلث ماسلو، فالاحتياجات الأساسية هي: التنفس، الماء، الطعام، الجنس والعلاج، فلا نستطيع القول إن هذا الإنسان متوفر له الطعام فليس من المهم أن يمارس الجنس، فكلاهما احتياجات فيزيولوجية مهمة يستحيل الحياة السليمة بدونها. علمياً أغلب الأمراض والاضطرابات النفسية مرتبطة بالكبت الجنسي، وعملياً أستطيع القول إن 90% على الأقل من الحالات التي تعاملت معها تعاني من الكبت الجنسي".

وتتابع: "إن الشخص المكبوت جنسياً عادة ما يصاب بحالة هوس (انبساطي أو اكتئابي)، هوس انبساطي مثل الهوس بالأكل أو التسوق وما شابه، وعادة ما يصاب أيضاً بالهوس الجنسي، أو يصاب بهوس اكتئابي كالوسواس القهري أو الاكتئاب، وكلاهما يجعلاه يفضل العزلة وينفر من الاختلاط ومن الجنس وأحياناً من جسمه نفسه".

وتختم الزيني: "أن توفر بند الاحتياج الجنسي كباقي الاحتياجات، فغالباً ما يصبح الشخص مستقراً نفسياً بنسبة كبيرة، لكن لأن مجتمعنا يفصل الجنس عن حزمة الاحتياجات الأساسية ويربطه بمنظومة الأخلاق، ما يصل بأفراده للكبت الجنسي. حيث يعجزون عن تلبية احتياجاتهم الجنسية، ويدخل الفرد في صراع داخلي بينه وبين نفسه. فعند الإحساس بالرغبة بالجنس يرى نفسه شخصاً سيئاً وفاقداً للاحترام. لا يستطيع أن يراها كحالة طبيعية مثلما يحدث عندما يشعر بالجوع أو العطش، وهذا بسبب هذه النظرة المجتمعية. باختصار، ليس هناك إنسان لا يلبي احتياجاته الأساسية، وعلى رأسها الجنس، ويظل شخصاً سوياً.... هذا أمر شديد الصعوبة بل يقترب من المستحيل".

في إجابة على السؤال أنه من المتفق عليه أن تشويه الأعضاء التناسلية تحت مسمى الختان يترك آثاراً نفسية سيئة على ضحاياه، فما التفسير لحرص ضحايا الأمس على تكرار الجريمة ذاتها اليوم في أبنائهم؟

تقول الزيني: "أولاً، أن التشويه لا يترك آثره فقط على الأجساد بل على نفسية الضحايا والعقل نفسه، فتفضل عقول أغلب الضحايا تبني أفكار إيجابية مغلوطة تجاه جريمة الختان وإنها عملية مفيدة وجاءت في مصلحتهم، على أن يعيشوا بمواجهة حقيقة ما حدث لهم، ولأنهم يفتقدون للثقافة الجنسية يدافعون عن الختان، مؤكدين أنهم بخير ويعيشون حياتهم الجنسية بنجاح. لكن في الواقع من الممكن ألا يعرفوا أصلاً ما هي لحظة الأورجازم، ولم يختبروا هذا الشعور طيلة حياتهم".

وتتابع: "ثانياً، قوة اللاوعي. الشخص الذي كان يتعرض للضرب والتعنيف في طفولته، يحدث في عديد من الحالات أن يقوم وبشكل غير واع بإعادة إنتاج مأساته بتعنيف أطفاله وضربهم، لا يكون ذلك بقرار واع منه قدر ما تكون تلك الاختيارات نابعة من لا وعي مريض. فكما أشرت سابقاً، الأمر لا يقتصر على تشويه الجسد وإنما أيضاً يؤثر على عقل الضحية، فيشوه نفسية الإنسان وتفكيره".

نخلُص من كل ما سبق أن أحد الثوابت القيمية للأسرة المصرية هو إنتاج أطفال مشوهين جسدياً ونفسياً، وضمان بؤس حياتهم الجنسية المستقبلية، ما يجعل أغلبهم يعيشون حياة غير مستقرة نفسياً، يكونون فيها مرضى منكرين لمرضهم ويعملون على تمرير أسباب المرض للجيل التالي، وهكذا يستمر المجتمع بالدوران في دائرة مفرغة من الكبت والبؤس باسم العادات والتقاليد و"قيم الأسرة المصرية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image