شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
وهم

وهم "الفورمة" القاتل... مخاطر البحث عن صناعة سريعة لجسد رياضي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 13 أغسطس 202007:44 م

مصطفى الحفناوي، هيثم أحمد زكي، عمرو سمير، ثلاثة نجوم شباب. رياضيون من أصحاب العضلات المفتولة. ثلاثتهم توفوا فجأة بعد أن داهمتهم أزمات صحية ولم يتمكن أحد من إسعافهم.

التشخيص الطبي للثلاثة تحدّث عن تناولهم منشطات ومكمّلات غذائية، والبعض يقول إنها هي التي أودت بحياتهم. فهل حقاً يمكن أن يكون السعي خلف الجسم النموذجي و"الفورمة" الجميلة سبباً في القضاء على بعض الشباب؟ أم أن الأمور لا تعدو كونها صدفة وقدراً محتوماً؟

السعي خلف "الفورمة"

"الشباب كلهم بيجوا الجيم عاوزين يعملو فورمة حلوة وشكل متزبط". هكذا يبدأ الكابتن وائل دياب، المدرب في أحد المراكز الرياضية حديثه لرصيف22 ويضيف: "السعي خلف الجسم النموذجي هدف لكثيرين من الشباب، خصوصاً في السن الصغير، لجذب أنظار الفتيات، وهذا أمر مقبول بالقطع".

الأزمة تكمن في المسار الذي يسلكه الشاب لتكوين هذا الجسم والحصول على "الفورمة". يستكمل دياب حديثه قائلاً: "هناك مساران يمكنك السير في أحدهما، المسار الأول وهو طويل نسبياً ويعتمد على التدريب المستمر الشاق، خمسة أيام أسبوعياً، وتنظيم الغذاء وساعات النوم، وهذا برنامج يتطلب على الأقل من ستة إلى ثمانية أشهر من العمل الشاق، لتبدأ النتائج تظهر بعد ذلك على شكل الجسم".

أما المسار الثاني فـ"هو أخذ ‘كورس’ هرمونات وهذا سيعطي جسماً رائعاً وفورمة مدهشة في غضون شهرين. تخيل أن تتحول في شهرين أو ثلاثه بالكتير من شاب نحيف أو مترهل إلى نموذج رياضي مثل نجوم السينما في هوليوود".

ولكن مشكلة المسار الثاني، والحديث لدياب، أنه يعطي جسماً "وهمياً" وليس حقيقياً، ففور انتهاء "كورس" الهرمونات لن يستمر شكلك كما هو وسرعان ما يعود جسمك إلى حالته الأولى، فتضطر إلى تكرار "الكورس" مرة ثانية وثالثة ورابعة وهكذا، و"كل ذلك على حساب صحتك".

أنواع المنشطات الرياضية؟

السؤال هنا: ما الذي يتعاطاه الراغب في التحول السريع في شكل جسمه؟ يجيب رصيف22 عن هذا التساؤل الدكتور روبرت بطرس. يقول إن هناك ثلاثة مستويات من "التعاطي" يتشتبك معها الشباب بنسب متفاوتة من شخص إلى آخر:

1ـ الفيتامينات وأشهرها B12 للأعصاب

بشكل عام "فيتامين بي" مفيد للأعصاب ولا ضرر منه، ولكن مشكلته في حالة الشباب هنا هي الإفراط في استعماله، بمعنى أن المعدّل الطبيعي هو حقنة كل أسبوع أو عشرة أيام، لكن بعض الشباب يعتقد أنه كلما أخذ أكثر يكون ذلك أفيد، فيأخذ حقنة كل يوم، ومكمن الأذى هنا أن الكميات الزائدة التي يتناولها الشاب قد تؤدي الى دوخة ، صداع ، قلق وتوتر ، غثيان  والقيء.

2ـ المكملات البروتينية في شكل بروتين أو أحماض أمينية

البروتينات والأحماض الأمينية هامة وضرورية للجسم البشري، والشخص العادي يتحصل عليها بشكل طبيعي من الغذاء، والرياضيون يتناولون حقناً زائده منها لأنهم يحتاجونها لتعويض الهدر في أنسجة العضلات ولزيادة أليافها. ونفس الشيء، الإفراط في تناولها يضر بالكليتين.

3ـ هرمونات الذكورة

وهذا أخطر المستويات، والشباب إما يتناولون هرمون الذكورة Testosterone بشكل مباشر أو هرمون Deca-Durabolin الذي يتحول إلى هرمون الذكورة. هذه الهرمونات، نظراً لأنها مواد بنائية، تساعد على تكوين العضلات وإبراز شكلها، دون الحاجة إلى مجهود ضخم، لكن مشكلتها أنها مواد ثقيلة تخزَّن في الخلايا الدهنية للجسم، ويصعب على الجسم التخلص منها، وهنا يدخل الشاب في دوامة أمراض الذكورة بدءاً من دوالي الخصية مروراً بالعقم وانتهاءً بعدم الانتصاب.

ضحايا وهم الجسد الرياضي السريع ليسوا طالبي الصحه واللياقة، بل الباحثين عن هيئة جذابة تثير إعجاب المحيطين بهم، وهو ما ينالونه بالفعل، لكن يحصلون معه على حزمة أمراض، وربما كفن

4ـ هرمونات النمو

من اسمها، يمكن إدراك وظيفتها. تعمل بكفاءة عالية في مرحلة النمو. لكن البعض يلجأ إلى تحفيز نمو العضلات عن طريق حقن الجسم بها، والمشكلة في ذلك هي أن ضخ كميات كبيرة منها في الجسم يؤثر على كفاءة عمل غدد مثل الغدة الكظرية، والغدة الدراقية وهكذا.

السوق السوداء للمنشطات

للمنشطات الرياضية سوق مربح في مصر. أحد المدرّبين الرياضيين المتعاملين مع تلك المواد، وفضّل عدم ذكر اسمه، يشرح لرصيف22 تفاصيل ذلك العالم قائلاً: "المنشطات الرياضية لن تجدها في الصيدليات بشكل عام، اللهم إلا الصيدليات المخالفة، لكن تلك المنشطات تجدها في الصالات والمراكز الرياضية، وجميعها مهرَّب من الخارج".

والفرق الأساسي يكمن في المادة الفعالة، فحقن التستسترون الموجودة في الصيدليات لا تزيد نسبة التركيز فيها على 250 مل في الحقنة، بينما في الحقن المستوردة تصل نسبتها إلى 600 مل، وكذلك "حقن الديكا" المصرية تركيزها 25 مل أما المستوردة فيصل التركيز فيها إلى 150 مل.

لا أحد يأخد حقنة واحدة، إنما "كورس"، وسعر الكورس يختلف من الهندي إلى الألماني، فالهندي سعره بحدود الأربعة آلاف جنيه، أما الألماني فيصل سعره إلى 16 ألف جنيه، وبالأخير نحن نتحدث عن سوق مفتوح.

مصطفى الحفناوي، هيثم أحمد زكي، عمرو سمير، ثلاثة نجوم شباب من أصحاب العضلات المفتولة. ثلاثتهم توفوا فجأة. التشخيص الطبي للثلاثة تحدّث عن تناولهم منشطات ومكمّلات غذائية. فهل يمكن أن يكون السعي خلف الجسم النموذجي سبباً في القضاء على بعض الشباب؟

يشرح لنا "الكابتن" نسب توزيع الأرباح قائلاً إن تكلفة الحقن نفسها أقل من 20% من سعر البيع والـ80% هامش ربح يوزَّع على الكباتن والتجار. لذلك، يحرص مدرّبو الصالات الرياضية على تسويق هذه "الكورسات"، و"الشاطر منهم بيعمل فوق الـ30 ألف جنيه شهرياً بالمستريح. وبعدين بياخد الواحد كورس تنظيف وبيغسل جسمه من السموم دي بعد ضربها". هكذا يصف الكابتن هذه المواد: "السموم"!

يعلّق الدكتور بطرس على النقطة الأخيرة قائلاً: "كورس التنظيف ده وهم لا وجود له. والمشكلة الأخطر أن الحقن الواردة من الخارج قادمة من مصانع ‘تحت بير السلم’، لا رقابة عليها، وتلك النسب المرتفعة من التركيز مدمرة بشكل لا يمكن تصوّره".

رغم كل تلك المخاطر، ورغم انتشار أمراض الذكورة والفشل الكلوي وحالات وفيات بين متناولي تلك الحقن، يبدو أن حلم التميّز والرغبة في لفت الأنظار بأقل مجهود يظل أقوى من كل ذلك. يذهب الشاب بقدميه لمَن سيربح من بيعه السموم وهو مجهَّز نفسياً لتقبل أي كلام أجوف منه، ويسدّ أذنيه عن كل ما يُقال له عن خطورة تلك الحقن عليه.

ضحايا هذا الوهم ليسوا طالبي الصحه واللياقة، بل الباحثين عن هيئة جذابة تثير إعجاب المحيطين بهم، وهو ما ينالونه بالفعل، لكن يحصلون معه على حزمة أمراض، وربما كفن.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image