شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
آملةً أن تصبح حمامة سلام المنطقة… إسرائيل سعت إلى المصالحة بين قطر والإمارات

آملةً أن تصبح حمامة سلام المنطقة… إسرائيل سعت إلى المصالحة بين قطر والإمارات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 8 أغسطس 202002:11 م

أفادت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية بأن إسرائيل وطدت علاقاتها مع كل من قطر والإمارات -طرفي الأزمة الخليجية- ساعيةً إلى تحقيق المصالحة بينهما، آملةً أن تظهر في النهاية كـ"صانع سلام غير متوقع" و"شريك مقبول" في الشرق الأوسط.

وأشارت المجلة في بداية تقريرها إلى أنه لم يكن ممكناً أن تغض إسرائيل، الحليف الأبرز للولايات المتحدة، الطرف عن النزاع العربي الذي يؤثر على مصالح واشنطن في المنطقة، لافتةً إلى التقارب الشديد الذي حدث بين قطر وكل من تركيا وإيران -عدوة إسرائيل اللدودة- عقب الحصار.

برغم ذلك، تعجبت المجلة من أن "لعب إسرائيل دوراً حاسماً في استقرار الصراع في الوقت نفسه ليس مفهوماً بالقدر الكافي".

"تقارب الخليجيين مع إسرائيل ليس مدفوعاً بالخوف من إيران وإنما التنافس فيما بينهم"... "فورين بوليسي" تزعم أن الملك سلمان اقترح على ترامب غزو قطر في اليوم التالي لإعلان القطيعة، وأن إسرائيل سعت في المقابل إلى "المصالحة"

توطيد علاقات ودعم 

وفي حين لا يجمع البلدين أي اتصال دبلوماسي منذ عام 2012، مدت إسرائيل قطر بهدوء "شريان حياة دبلوماسي" حسّن موقفها في مواجهة الاتهامات بـ"تمويل الإرهاب" التي وجهتها إليها مصر والسعودية والإمارات والبحرين لدى إعلان مقاطعتها دبلوماسياً ومحاصرتها اقتصادياً وجوياً في حزيران/ يونيو عام 2017.

لأجل هذا، أسرعت تل أبيب في إطلاق "خطط العمل المشترك" مع قطر بهدف إعادة إعمار غزة، وهذا ما ساهم في تغيير الرواية التي كانت سائدة عن قطر آنذاك في واشنطن، والتي تقول إنها "تدعم حركة المقاومة الفلسطينية (حماس)" وتصوّرها مُستغلةً علاقتها بالحركة لجعل جميع الأطراف تتعاون بغية دعم خطة السلام (صفقة القرن) التي طرحتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وساهم ذلك في دعم الإستراتيجية الدبلوماسية الأولية لإدارة ترامب لهذا الصراع الإقليمي، والتي كانت تهدف إلى تفادي التصعيد والمواجهة المباشرة بين المتناحرين، وفق "فورين بوليسي" التي ادعت أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز اقترح، خلال مكالمة هاتفية مع ترامب، في 6 حزيران/ يونيو عام 2017، أي عقب يوم واحد من إعلان مقاطعة قطر، "غزو قطر". ورفض ترامب بشدة المقترح السعودي، بحسب المجلة، مقترحاً بعد ذلك بفترة وجيزة، وساطة كويتية لحل النزاع داخل حدود مجلس التعاون الخليجي.

"إسرائيل اكتسبت مكانةً باعتبارها الجهة الفاعلة الوحيدة التي يمكن أن تخفف من التوترات الإقليمية من خلال لعبها دوراً مثمراً في التوسط بين قطر وخصومها"... من سخريات القدر

من عوامل مساندة إسرائيل لقطر إبان الأزمة أيضاً، مناهضتها تشريع اقترح على الكونغرس لتصنيف قطر "دولة راعية للإرهاب" على خلفية صلتها بحماس. وتجلت معارضة إسرائيل الفعلية للتشريع المقترح "عندما لم تضغط لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية أو غيرها من الجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل من أجل تمريره".

لكن إسرائيل، في غضون ذلك، كانت بصدد تعزيز "شراكتها الإستراتيجية على أرض الواقع مع الإمارات أيضاً. تضمن ذلك الإعلان عن لقاء إيجابي، في واشنطن، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسفراء الإمارات والبحرين، وذلك بعد وقت قصير من تحرك ترامب لسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، الذي عارضه نتنياهو بشدة.

حمامة سلام الشرق الأوسط؟

منذ ذلك الحين، خرجت علاقة إسرائيل والإمارات من الظل إلى العلن. و"عبر تعزيز علاقتها مع أبو ظبي وفي الوقت نفسه مد "يد السلام" للدوحة، أثبتت إسرائيل نفسها، بمهارة، كـ"صانع سلام غير متوقع" في المنطقة.

وأضافت أن إسرائيل اكتسبت "مكانةً عالية باعتبارها الجهة الفاعلة الوحيدة التي يمكن أن تخفف من التوترات الإقليمية" من خلال لعبها "دوراً مثمراً في المتوسط بين قطر وخصومها".

وأوضحت "فورين بوليسي" أنه بينما قد يفترض كثيرون أن التدخل الإسرائيلي لم يكن مرحباً به، يؤكد الواقع أن الرباعي العربي المعارض لقطر هو الذي أقحم إسرائيل في الصراع العربي-العربي عبر التركيز بشكل حصري تقريباً على الارتباط بين قطر وحماس كذريعة أساسية لطلب دعم ترامب لحصار الدوحة.

تبعاً لذلك، تحولت إسرائيل إلى "شريك مقبول" في هذه القضية مع الإمارات وقطر وعمان بسبب "نفوذها في واشنطن وقدرتها على الحفاظ على ميزان القوى في الخليج".

وقد تمهد هذه الشراكة إلى إستراتيجية محتملة للمشاركة المثمرة لواشنطن في الخليج، وبالتحديد من خلال إطلاق "التحالف الإستراتيجي للشرق الأوسط" (ميسا) الذي طال انتظاره، وهو مبادرة لإدارة ترامب لم تؤت ثمارها بعد، كان قد كشف النقاب عنها في أيار/ مايو عام 2017 إبان زيارة ترامب للرياض.

فورين بوليسي: إسرائيل دعمت قطر عقب أزمة الحصار ومنعت تشريعاً في الكونغرس لتصنيفها دولة راعية للإرهاب، وعززت شراكتها الإستراتيجية مع الإمارات بالتزامن لتكون حمامة سلام بينهما

"تمهيد لإطلاق ميسا"

ومن المقرر أن يضم "ميسا" دول مجلس التعاون الخليجي الست إلى جانب مصر والأردن. و"نظراً لدور إسرائيل الواسع في شؤون الخليج، قد يتم منحها وضع المراقب"، برغم ما قد تثيره هذه المشاركة من إشكاليات لدى بعض الدول العربية التي تدعم فلسطين في صراعها الطويل من دولة الاحتلال.

ولكي يتم ضم إسرائيل إلى التحالف، يجب منح السلطة في رام الله وضع المراقب أيضاً، وهنا تشير "فورين بوليسي" إلى "فرصة" تتمثل في أنه "مثلما كان للتعاون الأمني العربي الإسرائيلي تأثير مفاجئ على استقرار الخصومات الإقليمية، ربما يمكن للتعاون الفلسطيني الإسرائيلي من خلال إطار التحالف الجديد أن يعزز أمن المنطقة الإقليمي".

وليس واضحاً بعد متى سيتم إطلاق التحالف الإقليمي المزعوم، لكن يرجح أن يتخذ من "قاعدة العديد الجوية" في قطر، حيث تنتشر القوات الأمريكية في المنطقة، مقراً له.

ومن شأن الوجود الأمريكي في الدوحة أن يوفر لها بعض الأمن ضد الحظر المستقبلي أو ما هو أسوأ. في الأثناء، وبينما يقع المقر الرئيسي لدول مجلس التعاون الخليجي في الرياض، فإن إنشاء مقر للتحالف الجديد في قطر لن يعزز توازن القوى داخل الخليج فحسب، بل سيضمن كذلك عدم تركيز جميع المنظمات المتعددة الأطراف بالخليج في بلد واحد.

وفي ظل انعدام الثقة الشديد بين شركاء واشنطن في مجلس التعاون الخليجي، تزعم المجلة الأمريكية أن "ميسا" سيعمل على الحفاظ على السلام في شبه الجزيرة العربية عوضاً عن إنشاء تحالف مناهض لإيران.

واعتبرت أن التقارب بين دول الخليج وإسرائيل "لا يدفعه في الأساس الخوف من إيران ولكن التنافس بين دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك تنافسها في واشنطن".

وأوضحت أن إسرائيل أظهرت قدرةً على المساعدة في الحفاظ على ميزان القوى داخل الخليج، في هذا الصدد، وهذا ما جعلها "شريكاً إستراتيجياً موثوقاً به للإمارات وقطر وعمان".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image