شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"باحضن الوسادة عشان أحس بالدفا"... عن زوجات مصريات "هاجر" أزواجهن للعمل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 8 أغسطس 202004:13 م
"أنا محتاجالك، أرجع لو بتحبني ..."، أرسلت هديل محسن (27 عاماً)، ربة منزل، إلى زوجها حسام عبر "الواتس آب" في الساعة الثانية فجراً، منتظرة ردّه، كي يهدأ بالها وفكرها، في أول ليلة بعد زواجها تقضيها وحدها بدونه، ولم يمر سوى شهر واحد فقط على زواجهما.

"لم أخجل من سرد مدى احتياجي العاطفي والنفسي والجنسي أيضاً لزوجي، الذي لم يمكث معي إلا شهراً واحداً بعد الزواج. ظننت أن الأمر سهل، خاصة وأنه كان معتاداً على السفر في فترة الخطوبة، ولكن بالطبع الأمر ليس سهلاً على الإطلاق".

تقول هديل لرصيف22، معبرة عن حال كثير من المصريات اللاتي يسافر أزواجهن للعمل، معظمهم لدول الخليج العربي: "السنوات تمر أمامي ويتساقط معها أجمل أوقات كنت أتمنى أن يكون بجواري بها، مر 3 سنوات والوعود معها تمر وتتبخر ولم يرسل لي ولم يأت إلي".

صعدت هديل لهجتها مع زوجها، وخيرته بين سفره في "الغربة"، أو الاستمرار في الزواج، تقول: "الصدمة أنه اختار طلاقي، وسافر".

لقاء أسبوعي عبر الانترنت

أما شيماء محمد (36 عاماً)، فترى أنها استفادت كثيراً من "غربة" زوجها بشكل مادي، فهي تعيش بمستوى اجتماعي مرموق، لم تكن لتستمر فيه لولا سفر زوجها.

"كل يوم جمعة نقوم بتجهيز الكاميرا، نرتدي أجمل ما لدينا من ملابس، وهو يوم مكالمتي أنا والأولاد مع والدهم، ولكن لا تظهر الكاميرا خناقات الأولاد اليومية، ولا مرض البنت الصغرى الثلاثاء الماضي، ولا خناقتي مع السباك الأسبوع الماضي" تقول شيماء لرصيف22.

لم تحتمل مريم عوض (36 عاماً) من محافظة أسوان، غياب زوجها المستمر. اعتادت أن تحتضن وسادتها لتستمد منها الشعور بالدفء والأمان، واضطرت للجوء إلى الدواء لتقليل الرغبة

من جهة أخرى، ترى شيماء أن "أجمل لحظات حياتها" سرقت منها، تقول: "عندما فازت ابنتي بمسابقة البالية، كانت من أهم اللحظات التي كنت أريد زوجي معي فيها، افتقدت حضن الفرحة معه، ومرض طفلتها، فهي لديها ثلاثة أبناء، وكل منهم له متطلبات واحتياجات بعيدة عن الآخر، مثل النادي، المدرسة، الدروس، متابعة تصليح الأشياء بالمنزل، وغيرها من الأمور التي لا أقوى عليها بمفردي".

تطلب شيماء من زوجها كل فترة أن يعود، ولكنه يطلب منها تمديد فترة إقامته في "الغربة" لعامين، حتى لم تعد تقوى على مناقشته، ولكنها على عكس هديل، لم تخيره بينها والغربة، فضلت أن يظل الأمر على ما هو عليه.

"ليس من حق الزوج الاستمرار في الغربة دون موافقة زوجته".

وتعلق الدكتورة رانيا يحيي، عضو المجلس القومي للمرأة، إنه "من حق الزوجة على زوجها أن يستأذنها عند قرار السفر للخارج، وإذا شعرت أنها لم تعد تحتمل المسؤولية وغيابه عنها، تتفق معه على الرجوع وهو يسمع لها، وألا يضع زوجته أمام الأمر الواقع، بأنه قرر تمديد العقد على سبيل المثال أو قرر السفر من نفسه؛ فهي شريكة حياته وهذه قرارات مصيرية لابد أن تؤخذ من الطرفين".

وتثمّن رانيا يحيي وجود الأب في حياة أبنائه، وتحمله المسؤولية مع زوجته، فمتابعة وحضور الأب يؤثر على مستقبل أبنائه، تقول: "لا شيء يعوض هذا الشعور مهما كلف هذا من أموال".

ولفتت يحيى إلى مظاهر برزت في المجتمع المصري بسبب غياب الكثير من الآباء في السفر، تقول: "من سلبيات غربة الزوج تفكيك الأسرة وطلب المرأة للطلاق، فنجد أن الكثير من القضايا الخاصة بالخلع سببها غياب الزوج بالسنوات عن زوجته، ويتم ضياع أجمل أيام حياتهما معاً، وفي النهاية تتشرد الأسرة".

وترى يحيى أن الزوجة تتحمل الكثير من الأعباء والمسؤوليات في هذا السياق، وتتنازل عن الكثير من حقوقها، تضيف: "يجب ألا ترضى بهذا الوضع طالما يؤلمها ولا تقوى عليه، فالمادة ليست أساس الحياة".

"الاحتياج الجنسي كالماء والهواء"

لم تحتمل مريم عوض (36 عاماً)، من محافظة أسوان، غياب زوجها المستمر. اعتادت أن تحتضن وسادتها لتستمد منها الشعور بالدفء والأمان، كما تحكي، واضطرت للجوء إلى الدواء لتقليل الرغبة، بحسب متابعتها مع طبيب نفسي.

"تزوجنا بعد قصة حب عنيفة، وبعد فترة خطوبة طويلة تعدت 3 سنوات لتجهيز منزل الزوجية، ومن ثم سافر الزوج لطلب الرزق والعمل على إتمام مشروعه الخاص، واتفقنا على السفر لمدة عامين، ولكن مر الوقت وظل بالخارج مدة 7 سنوات وإلى الآن، وإجازته سنوية لا تتعدى الشهر الواحد، لم يلتفت لاشتياقي التام له وطيلة فترة زواجي منه، ورغم الحب الكبير، الخجل كان يمنعني أن أفصح عن احتياجي الجنسي له، فلم أضمن رد فعله على كلامي"، تقول مريم.

وعن روتين يومها في غياب زوجها، تقول مريم لرصيف22: "ازداد الضغط عليّ والمسؤوليات الخاصة بالأطفال، فلدي طفلتان، وأمكث طيلة فترة غيابه عند أهلي، وعلى الرغم من رغبتي بألا أترك بيتي إلا أنهم أصروا على هذا الوضع، نظراً لتقاليد المجتمع التي لا تسمح بمكوث امرأة دون رجل لوحدها بالمنزل".

"شعور بالمقاومة بشكل دائم لكافة المغريات حولي، صراع بيني وبين نفسي، عصبية زائدة عن الحد، شعور بألم في كل جسدي، الانطفاء كان يلاحقني في كل لحظة، ألتفت وأجد نفسي وحدي أتحمل المسؤولية"، تضيف مريم.

"أنا أنطفئ كل لحظة".

"ولم يهدأ الأمر لدي إلا عندما ذهبت للطبيب النفسي وأفصحت عما بداخلي واحتياجي لزوجي طوال الوقت في كافة الأمور، وبالفعل استمع لدي دون أن يضع تابوهات التقاليد الخاصة بالمجتمع والعادات أمامي، وبدأت معه العلاج الدوائي، ويشمل أيضاً علاجاً لتقليل الرغبة لفترة من الوقت من حياتي".

الدكتور على عبد الراضي، إخصائي نفسي، يرى أن الاحتياج الجنسي للمرأة أو الرجل هو "أساسي كالماء والهواء والطعام والشراب، ولا يتم توجيه اللوم على المرأة عند الاحتياج، فهذه طبيعة البشر".

"كما أن المرأة تأمل عند اختيارها للزوج… أن يكون شريكها في كافة تفاصيل وأعباء الحياة التي لا تنتهي، وفي حالة السفر والغربة بالسنوات، أغلب السيدات يكبتن داخلهن ولا يفصحن عما لديهن من رغبة وعاطفة وغيرها من الاحتياجات الأخرى، ما يترتب عليه أعراض جسمانية يتعرضن لها، من ألم في الصدر والرقبة، صداع، ضربات قلب سريعة وعصبية غير مبررة".

"أغلب النساء المصريات اللواتي سافر أزواجهن في الغربة يكبتن داخلهن، ولا يفصحن عما لديهن من رغبة وعاطفة، وغيرها من الاحتياجات الأخرى، ما يترتب عليه أعراض جسمانية، من ألم في الصدر والرقبة، صداع، ضربات قلب سريعة وعصبية غير مبررة"

وشدد عبد الراضي على ضرورة البحث عن حل مع الزوج في مثل هذه الأمور، وأن تكون صريحة معه، وأن تشغل وقتها بممارسة الرياضة أو الأمور الاجتماعية، كزيارة دار الأيتام وغيرها من الأنشطة، في حال تم التراضي على غيابه المستمر.

تواجه العديد من الزوجات في مصر سفر الأزواج إلى الخارج، وتركهن وحدهن يختبرن الوحدة، والمسؤولية، ويأتي الزوج إليها كزائر فقط كل فترة، وكشفت تقارير نشرها مركز المعلومات التابع لرئاسة الوزراء المصري، أن حالات الطلاق أصبحت بواقع حالة واحدة كل دقيقتين ونصف الدقيقة، وتبين أن نسبة غير المتزوّجين بين الشباب والفتيات وصلت إلى 15 مليون حالة، كما يقدر عدد المطلقات بأكثر من 5.6 ملايين على يد مأذون، بالإضافة إلى 250 ألف حالة خلع، ولعل أبرز الأسباب انعدام الترابط الأسري، والأزمات الاقتصادية، وانخفاض متوسط الدخول لكثير من المصريين.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image