يشهد لبنان "ارتفاعاً مقلقاً" في عدد الاعتداءات التي تطال حرية التعبير. الأمر ليس جديداً بل يعود إلى عام 2015 الذي شهد حراكاً يطالب بالتغيير. ولكن بعد انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر 2019، تصاعدت ظاهرة القمع، ما دفع 14 منظمة لبنانية ودولية عاملة في لبنان إلى إطلاق "تحالف للدفاع عن حرية التعبير في لبنان"، في 13 تموز/ يوليو، "للوقوف بوجه محاولات السلطات اللبنانية لقمع حرية التعبير والرأي في البلاد".
وقال التحالف في بيانه التأسيسي "تقاعس سياسيو لبنان عن تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وأهدرت ممارساتهم الفاسدة مليارات الدولارات من الأموال العامة، وبدلاً من العمل بمسؤولية تجاه مطالب المتظاهرين والتوجّه إلى المساءلة والمحاسبة، تشنّ السلطات حملة قمع ضد الذين يفضحون الفساد وينتقدون على وجه حقّ الإخفاقات الملحوظة للسلطة".
في المؤتمر الصحافي الذي عقده التحالف، ألقيت عدة كلمات بينها شهادة للصحافي بشير أبو زيد، من صحيفة 17 تشرين، عن تعرّضه لاعتداءين من القوى الأمنية ومن محازبين، وشهادة للصحافي العامل في قناة الجديد آدم شمس الدين عن تجربته مع المحكمة العسكرية.
واعتبر التحالف في بيانه أنه "رغم أنّ لبنان يُعتبر من البلدان الأكثر حرية في المنطقة العربية، تلجأ الشخصيات الدينية والسياسية ذات النفوذ بشكل متزايد إلى استخدام القوانين التي تُجرّم القدح والذمّ كأداة للانتقام من منتقديها وقمعهم. حيث تم، بشكلٍ خاص، استهداف الأشخاص الذين يقومون بانتقاد للوضع الاقتصادي والسياسي المتدهور في البلاد، وتحديداً كاشفي الفساد. إذ تبلغ حصيلة التحقيقات التي قامت بها السلطات اللبنانية بسبب التعبير السلمي منذ 2015 حتى اليوم، الآلاف".
وانتقد لجوء النيابة العامّة والأجهزة الأمنية إلى "سلوكيات غير ملائمة، وأحياناً غير قانونية"، في معظم قضايا التضييق على حرية التعبير، ونقل عن أشخاص قابلهم أنه اعتُمدت بحقهم "تكتيكات استجواب نفسية وجسدية تقصّدت إذلالهم، ومعاقبتهم، وردعهم عن نشر محتوى يُعتبر مهيناً أو منتقداً لأشخاص ذوي نفوذ".
"تقاعس سياسيو لبنان عن تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وأهدرت ممارساتهم الفاسدة مليارات الدولارات من الأموال العامة، وبدلاً من العمل بمسؤولية تجاه مطالب المتظاهرين... تشنّ السلطات حملة قمع ضد الذين يفضحون الفساد"
وأشار إلى لجوء النيابات العامة والأجهزة الأمنية التي تتولّى الاستجوابات إلى "الضغط على الأشخاص لتوقيع تعهدات تلزمهم إمّا بعدم كتابة محتوى ‘تشهيري’ ضد المدّعي في المستقبل، أو بإزالة المحتوى فوراً، من دون السماح للمدَّعى عليهم باستشارة محام قبل مثولهم أمام المحكمة لتقديم دفاعهم؛ وفي بعض القضايا، حتى من دون توجيه اتهامات لهم"، في ممارسة أكّد محامون لبنانيون أنها "تفتقد إلى الأسس القانونية كونها تشكل تنازلاً عن ممارسة حقوق وحريات أساسية".
ولفت التحالف إلى أن قوانين تجريم القدح والذمّ في لبنان خلقت تأثيراً مثبطاً وغير مقبول على حرية التعبير، مضيفاً: "كان للّجوء المتزايد إلى هذه القوانين والتحيّز الواضح من السلطات التي تتولّى هذه القضايا دور أساسي في إنشاء بيئة معادية لحرية التعبير، ومنع الناس عن التعبير عن آرائهم بحرية".
وتطرق البيان إلى اقتراح قانون جديد للإعلام يناقشه البرلمان حالياً، بدون تشاور المجتمع المدني، بهدف تعديل أحكام القدح والذمّ لتشمل المحتوى المنشور، معتبراً أن إقرار هذا القانون "سيؤدي إلى تراجع أكبر في حماية حرية التعبير في لبنان".
"في هذه المرحلة الحرجة للبلاد، يحتاج لبنان إلى قوانين تحمي الأشخاص الذين يفضحون الفساد وسوء السلوك بدلاً من معاقبتهم"
ولوقف مسار تراجع الحريات، طالب التحالف النيابات العامة والأجهزة الأمنية في لبنان بوقف الاستدعاءات إلى التحقيق على خلفية ممارسة حرية التعبير وكشف الفساد، وعدم تجاوز صلاحياتها عبر إلزام المستمع إليهم بإزالة منشوراتهم أو توقيع تعهدّات غير قانونية قبل حصولهم على محاكمة عادلة.
كما طالب مجلس النواب بإلغاء السرية عن مناقشات القوانين في اللجان النيابية، ومن ضمنها مناقشة اقتراح قانون الإعلام، وبتعديل اقتراح هذا القانون لكي يتلاءم مع التزامات لبنان بموجب القانون الدولي، بما في ذلك:
- إلغاء تجريم القدح والذمّ والإهانات، بحيث تقتصر على المسؤولية المدنية ولا تترتّب عليها أي عقوبات سجن.
- عدم منح الشخصيات العامّة، بمَن فيهم الرئيس، حماية خاصّة من القدح والذمّ أو الإهانة.
- منع المؤسسات الحكومية، بما فيها الجيش والأجهزة الأمنية، من رفع دعاوى قدح وذمّ.
- النص على أن الحقيقة ستكون الدفاع الفاصل في قضايا القدح والذمّ، بغض النظر عن الشخص المستهدف. ففي قضايا المصلحة العامة، يكفي أن يكون المدّعى عليه قد تصرّف بالعناية الواجبة لإثبات الحقيقة.
- إلغاء تجريم التجديف والقدح والذمّ أو الإهانات ضد الدين.
- حصر التجريم فقط بالتصريحات التي ترقى إلى التحريض على العنف أو الكراهية أو التمييز على أساس قومي أو عرقي أو ديني، على أن يحدّد القانون بوضوح معنى كلّ من هذه المصطلحات، مستعيناً بـ"خطّة عمل الرباط" كدليل توجيهي.
- إلغاء جميع متطلّبات ترخيص الصحافيين، والحصول على الإذن المسبق للمنشورات. كما يجب ألا تكون الرسوم والشروط لتخصيص الترددات لوسائل البث شاقة ومكلفة، وأن تكون معايير تطبيق هذه الشروط والرسوم معقولة، وموضوعية، وواضحة، وشفافة، وغير تمييزية.
- إخراج المدنيين، وجميع القاصرين، من صلاحية القضاء العسكري.
وختم التحالف بيانه بالقول: "في هذه المرحلة الحرجة للبلاد، يحتاج لبنان إلى قوانين تحمي الأشخاص الذين يفضحون الفساد وسوء السلوك بدلاً من معاقبتهم. يتعيّن على البرلمان، فوراً، أن يجعل قانون الإعلام متماشياً مع القانون الدولي وأن يمنح الأولوية لإلغاء تجريم القدح والذم والإهانات".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع