شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"يطلبون مني أن أريهم عضوه الذكري"... لماذا لا نحمي أطفالنا الذكور من التحرش الجنسي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الجمعة 10 يوليو 202003:53 م

هل ارتباط الشرف بالنساء في بلداننا جعلنا نهمل حماية الأطفال الذكور من التحرش الجنسي؟ وهل التباهي بالعضو الذكري للطفل، لمسه وتصويره يعتبر تحرشاً جنسياً قد تكون له نتائج سلبية على الطفل؟ هل يجب أن نسمح للأقارب بلمس أعضائه الذكرية من باب التحبب للطفل؟

منذ أن ولد ابني وأنا أتعرض لمواقف تقودني لحد الانفجار في وجه أشخاص يعتقدون أنهم ظرفاء، عندما يطلبون مني أن أريهم عضوه الذكري، أو يسمحون لأنفسهم بالاقتراب منه كثيراً ولمسه على اعتبار أنه صغير، وصغر سنه هذا يجعلهم يظنون أنني سأسمح لهم بالتقليل من احترامه أو التعدي على خصوصيته. هم بالفعل يضحكون عندما يسمعون كلمة احترام وخصوصية لطفل لم يتجاوز الثالثة.

هذا النوع من الأسئلة ليس مستغرباً في سوريا، فالبعض يعتبر العضو الذكري مفخرة، ودليلاً على فحولة الولد، لذلك يسمحون لأنفسهم بلمس أعضائه التناسلية مع الغمز وتبادل الابتسامات، وفي حالات كثيرة يُطلب من الطفل أن يقوم هو بنفسه بنزع ثيابه وعرض عضوه الذكري على الضيوف أو الأقارب، إلى أن أصبح الموضوع نكتة متداولة: "فرجي ز** لعمّو".

أتذكر أيضاً أحد الرجال من طفولتي الذي قام بتشكيل ألبوم صور كامل لعضو ابنه الذكري، وكثيراً ما رأيت رجالاً ونساء يدسون أيديهم تحت بناطيل الصبيان ويتلمسون أعضاءهم، وردة فعل والديْ الأطفال كان الابتسام بفخر، ولا أنسى مشاهد الأمهات اللواتي كنّ يرددن لأبنائهن الذكور تلك الأغنية التي تحمل بين كلماتها التحرش وتكريس الذكورية وتفضيل الذكور على الإناث: "دخيل ز** واللي فيه، ورد الجوري مفتح فيه، قولوا لأمو تشموا ولبيو يتشكّل فيه".

عندما كنت أسمع تلك الأغنية كنت أتخيل والد الطفل متوجاً بعضو ابنه على رأسه، وأتساءل عن حجم الصدمة التي سيواجهها هذا الطفل عندما يكبر مقتنعاً أنه ملك بعضوه، وعند أول مطب سيكتشف أن مملكته لا تتعدى حدود النساء المستضعفات في عائلته، وأنه ظُلِم عندما لم يهتم والداه بتربيته على أنه إنسان، بغض النظر عن تصنيفه الجندري، وكم ستتسبب له مثل هذا التصرفات بالإحراج أمام الآخرين. لطالما رأيت أن هذه التصرفات شاذة وغير مقبولة ولكن عندما ولد ابني، وبدأت أتعرض بدوري لهذه الأسئلة والتصرفات، كان لها طعم مختلف، كانت تستفزني وتثير قرفي من أقرب الناس لي، لن أبالغ إذا قلت إنها تعطيني إحساساً بأن أحداً قام للتو بمحاولة اغتصابي، كنت أنظر إلى هذا الطفل الصغير بين يدي وأخاف عليه من هذا العالم المتوحش.

البعض يعتبر العضو الذكري مفخرة، ودليلاً على فحولة الولد، لذلك يسمحون لأنفسهم بلمس أعضائه التناسلية مع الغمز وتبادل الابتسامات، وفي حالات كثيرة يُطلب من الطفل أن يقوم هو بنفسه بنزع ثيابه وعرض عضوه الذكري على الضيوف أو الأقارب، إلى أن أصبح الموضوع نكتة متداولة: "فرجي ز** لعمّو"

أول تعليق من أمي بعد ولادته كان: لا أستطيع الانتظار حتى أراه وأقبّل "حمامته". ابتلعت غيظي ولم أقل شيئاً، ولكنها قامت بتكرار العبارة ذاتها مرة أخرى، فقلت لها: أمي هذا الكلام يعتبر تحرّشاً لفظياً بابني، وأنا لا أريد أن أسمع مثل هذه العبارات منك مرة أخرى. بالفعل احترمت رغبتي ولكنها كانت مستغربة. فيما بعد عندما كنت أضطر أن أطلب منها تغيير حفاضاته أذكرها في كل مرة ألا تحاول لمس أعضائه التناسلية، وألا تحدق فيها بطريقة تلفت نظره، وربما ردة فعلي مبالغ بها، لكني لكثرة ما رأيت من تصرفات شاذة مع الأطفال ولكثرة ما سمعت عن التحرش بهم، خاصة من الأقارب وأفراد العائلة، لا أجرؤ حرفياً على ترك ابني مع أحد باستثناء والده.

ربما لأن الشرف متعلق بالإناث في مجتمعاتنا، فنادراً ما يتم إعطاء الأطفال الذكور الاهتمام الكافي والحذر من إمكانية تعرضهم للتحرش الجنسي. غالباً لا نسمح للفتيات بالتواجد في أماكن مغلقة مع الرجال، ونستبعد أن هذا التحرش قد يطال الأطفال الذكور أيضاً وقد نحصر التحرش بالرجال لكنه ليس حكراً عليهم، فهناك بعض النساء المتحرشات، حتى الأطفال قد يتحرشون بأطفال أصغر سناً منهم، ولو كانت النية تقليد ما يفعله الكبار أو ما يشاهدونه عبر الشاشات، أي أنهم يقلدون بشكل أعمى دون دراية منهم بخطورة ما يفعلون.

وللتحرش درجات تبدأ بالنظر والكلام وقد تنتهي بالاغتصاب، وإنكار وجودها من باب أننا مجتمع مؤمن ولدينا عفة وأخلاق لا يمحيها، نحن فقط نتجاهل وجودها أو نتستر عليه لأننا نخاف على سمعتنا ونخاف من بعضنا.

أعرف الكثير من الأمهات اللاتي تعرض أطفالهن للتحرش ولم يجرأن على فعل شيء، خفن على سمعتهن لأنهن ربما مقموعات، بسيطات أو لا يدركن فداحة ما حصل مع أطفالهن ونتائجه، وأقول الأمهات هنا لأن الأطفال في مجتمعاتنا يقضون معظم أوقاتهم مع الأم.

يجب علينا توخي الحذر لأن أماكن التحرش لا حصر لها، قد تحدث في البيت، في الشارع، في العيادات والمدارس والحدائق والمدارس الخاصة، حيث يتعلم الأطفال الرسم والموسيقى والرياضة، لذلك يجب إحاطة الطفل بالمعلومات الكافية عن التحرش وكيف يُدافع عن نفسه، وأن يكون صريحاً مع والديه لأبعد حد، وهذه الثقة لا تبنى إلا باحترام الطفل ومنح الشعور بالأمان وتصديق شكواه.

حول ذلك، أوصى معهد عقل الطفل في نيويورك، بعشر نصائح، وهي:

التحدث مع الطفل بشكل مبكر عن أعضاء جسمه.

تعليمه أن بعض أعضاء الجسم خاصة ولا يُسمح لأحد أن يراها.

تعليمه أن للآخرين حدوداً في الاقتراب من جسمه، وغير مسموح لهم لمس بعض أعضاء جسمه.

أعرف الكثير من الأمهات اللاتي تعرض أطفالهن للتحرش ولم يجرأن على فعل شيء، خفن على سمعتهن لأنهن ربما مقموعات، بسيطات أو لا يدركن فداحة ما حصل مع أطفالهن ونتائجه، وأقول الأمهات هنا لأن الأطفال في مجتمعاتنا يقضون معظم أوقاتهم مع الأم

تعليمه أنه يجب ألا يخفي عن والديه أي موضوع أخبره أحد أنه سر، عندما يتعلق بجسمه، أي بناء الثقة مع الطفل وإخباره بكل صراحة أنه من غير المسموح لأحد أن يفعل أو يقول أي شيء معك متعلق بجسدك، وأن يطلب منك ألا تخبر أحداً، لأن ذلك سيكون له نتائج سيئة عليه.

منح الأمان المطلق للطفل بأنه يمكن أن يُخبر والديه عن أي موقف تعرض له، وأن رد فعلهما سيكون الاحتواء والحب والحماية وحل المشكلة، وأنه لن يتعرض لأي عقاب.

تعليم الطفل كيف يخرج من المواقف السيئة أو المحرجة: أن يقول لا، أن يصرخ وأن يبعد يد المتحرش عنه.

تعليمه ألا يسمح لأحد أن يأخذ صوراً لأعضائه الحميمة، لأن ذلك قد يعرضه للأحراج أو الابتزاز فيما بعد، أو قد يتم استخدامها في مواقع إباحية.

التفاهم مع الطفل على كلمة سر يمكن أن يستخدمها في المواقف الحساسة كأن يصرخ بها أو يستخدم الهاتف إن أمكن، على سبيل المثال عندما يصرخ الطفل بالرقم تسعة، يجب أن يفهم الوالدين أنه يتعرض للتحرش.

إخبار الطفل دون حرج أن لمس أعضائه التناسلية من الكبار قد يشعره بالمتعة أو الرضا، لكن قد تكون هذه اللمسة (سيئة).

أخيراً إخبار الطفل أن هذه القواعد تنطبق على جميع الأطفال وأنهم جميعاً معرضون للخطر ذاته، إذا لم يتوخوا الحذر ولم يطلبوا المساعدة.

كل هذه النصائح وغيرها لا يمكن تطبيقها بفعالية إلا بإحاطة الطفل بالحب والاحترام والثقة والأمان، لا يمكن للطفل أن يخبر والديه ما يحصل معه إذا كان يعرف أن العواقب سيئة، أنهم سيتجاهلونه أو لن يصدقوه. وأخيراً عدم استبعاد إمكانية التحرش بأطفالنا، قد نميل أحياناً للتصديق بأن الأشياء السيئة تحدث مع الآخرين، لأن ذلك يعطينا إحساساً بالراحة، لكن في الواقع أي طفل قد يكون عرضة للتحرش، وعدم منح الثقة للجميع وإبقاء الطفل تحت أعين والديه، إن أمكن، هو أمر ضروري جداً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image