نددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في 23 حزيران/ يونيو، بتأييد محكمة مصرية حكماً بالسجن ثلاث سنوات على مدّون أدار حساب "الملحدين المصريين" على فيسبوك وأُدين بجرم "الإساءة إلى الأديان وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي".
بحسب المبادرة الحقوقية المستقلة، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على المدوّن أنس حسن في منزله بمدينة الإسكندرية في آب/ أغسطس عام 2019. واتُهم بإدارة صفحة على موقع فيسبوك باسم "الملحدين المصريين"، ورد في محضر الاتهام أنها "تنشر أفكاراً إلحادية وانتقادات للأديان السماوية".
وأُحيلت الدعوى ضده إلى المحكمة الاقتصادية، وفق المواد (3/ 4 و171 و 161/ 1 و176 و198) من قانون العقوبات، والمواد (1 و25 و27 و38/ 1) من القانون الرقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وصدر الحكم الأولي على حسن، في 27 شباط/ فبراير الماضي، بالحبس ثلاث سنوات وغرامة 300 ألف جنيه مصري (نحو 19 ألف دولار أمريكي). واستأنف محامي المبادرة الحقوقية ضد الحكم ليتم تأييد الحكم ورفض الاستئناف في جلسة 21 حزيران/ يونيو الجاري.
فرصة أخيرة للعدالة تحيط بها الشكوك
وتبقى للمتهم فرصة أخيرة للطعن في الحكم أمام محكمة النقض، وهو ما بدأت المبادرة به.
لكن الأمر لا يبدو مبشراً إذ جاء الحكم في سياق أوسع من الملاحقات والمحاكمات لمدونين/ ات على خلفية تعبيرهم/ن عن الرأي على الإنترنت بشكل عام، خاصةً عندما يتعلق الرأي بالتعبير الديني المختلف عن السائد.
وتشمل الملاحقات طيفاً واسعاً من الأفكار الإسلامية غير التقليدية مثل انتقاد بعض الشخصيات التراثية المقدرة عند المسلمين السُنّة، أو التعبير عن أفكار المذاهب الإسلامية غير السنّية مثل الشيعة والأحمدية والقرآنيين.
يُضاف إلى ذلك التعبير عن أفكار إلحادية أو إعلان عدم الإيمان ونقد الأديان، وهو ما رصدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تصاعده منذ عام 2011. ويحاكم هؤلاء الأشخاص وفق المادة 98 (و) من قانون العقوبات، المعروفة باسم "مادة ازدراء الأديان"، التي دفعت منظمات حقوقية سابقاً إلى القول إنها غير دستورية.
وتنص هذه المادة على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تتجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه (30 دولاراً أمريكياً) ولا تجاوز ألف جنيه (60 دولاراً أمريكياً) كل من استغل الدين فى الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة، لقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية".
أُدين بـ"الإساءة إلى الأديان وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي"... تأييد الحكم على مدون مصري بالسجن ثلاث سنوات وغرامة 19 ألف دولار أمريكي لأنه أدار صفحة "الملحدين المصريين" على فيسبوك
ومن أوجه الاعتراض على هذه المادة أن نصها "افتقر إلى الضوابط الدستورية المطلوبة في أي نص عقابي، وكيف أن ذلك يعد إخلالًا بركنَيْ مشروعية التجريم والعقاب والفصل بين السلطات المرتبطين بعدد من الحقوق المصونة وفقاً للدساتير المصرية المتعاقبة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كالحق في المحاكمة العادلة، والحق في الدفاع، والحق في المساواة".
وكثيراً ما تقترن هذه المادة بالمواد 160 و161 و176 من الباب الحادي عشر من قانون العقوبات الخاص بـ"الجنح المتعلقة بالأديان ومكافحة التمييز"، مضافةً إليها المادة 189 المتعلقة بوسائط النشر.
ملاحقات عبر الإنترنت… للملحدين خاصة
في الأثناء، نبّهت "المبادرة المصرية" إلى أنه "منذ صدور قانون 175 لمكافحة جرائم تقنية المعلومات عام 2018، أصبحت مواده أيضاً أساساً لمحاكمات العديد من المدوّنين وصناع المحتوى عبر الإنترنت خاصة المادة 25 التي تعاقب بالحبس والغرامة ‘كل من اعتدى على المبادىء والقيم الأسرية للمجتمع المصري‘ عبر النشر على شبكة المعلومات، وفق نص المادة".
وشهدت السنوات الأخيرة اعتقالات بالجملة للناشطين والناشطات في مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما موقع تيك توك، بذريعة "الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية". وكان من بينهم/ن سما المصري وحنين حسام ومودة الأدهم وآخرون.
لكن ملاحقة اللادينيين في مصر، مثل أغلب الدول الإسلامية، مضاعفة في ظل تغوّل السلطات الدينية والمدنية التي تستغل بعض القوانين المقيدة للرأي وحرية الفكر والاعتقاد في قانون العقوبات، للتنكيل بأي صاحب رأي تراه مخالفاً لاقتناعات الأغلبية.
وحُكم المدوّن كريم عامر بالسجن أربعة أعوام بتهمة ازدراء الإسلام عام 2007. وبالتهمة نفسها سُجن المدوّن الشاب ألبير صابر عياد ثلاث سنوات عام 2012.
وعام 2015، حُكم على الطالب الجامعي كريم البنا بالسجن مدة مماثلة بعدما أعلن إلحاده، وعلى الشاب شريف جابر بالسجن عاماً بالتهمة عينها، لأنه أنشأ مجموعة باسم "الملحدين" على فيسبوك. أما المدوّن أحمد حرقان فوجّهت إليه هذه التهمة عدة مرات أبرزها عامي 2014 و2019.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.