ضمن حفل توزيع جوائز غولدن غلوب Golden Globes في هذا العام الذي استضافه الممثل والكوميدي الإنكليزي ريكي غيرفيس، تحدث غيرفيس عن سيطرة شبكة نتفليكس Netflix على سوق عرض الأفلام والمسلسلات في العالم، بقوله "لم يعد أحد يهتم بصالات العرض، لا أحد يذهب إلى السينما، لم يعد هناك متابعون للتلفزيون" وعلق ساخراً بأنه من الأجدر بدلاً من تقديم حفل غولدن غلوب واستضافة كل هذا الحضور وتوزيع الجوائز، يجب أن يحضر غيرفيس وحده ليشكر نتفليكس لاحتكارها العروض والمشاهدات: ‘شكراً نتفليكس، لقد ربحتِ كل شيء".
ويبدو أن منصة البث الأمريكية تتابع ما بدأته في العالم الغربي في سعيها بسيطرة مطلقة على سوق العرض، مستهدفة بنشاطها جمهور المنطقة العربية, هذه المرة. فقد أعلنت هذا الشهر عن إصدارها لقائمة جديدة تضم 44 فيلمًا عربيًا كلاسيكياً ومعاصراً إلى مكتبتها، بما في ذلك أعمال مخرجين مثل يوسف شاهين، يسري نصر الله، نادين لبكي، مصطفى عقاد، آن ماري جاسر، وليلى مراكشي، من بين آخرين. يأتي هذا الإعلان ضمن بيان أصدرته في 18 يونيو حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه، لتحصل هذه الأفلام على فرصة لعرضها خارج تشدد الرقابة.
تريلو فيلم "كفرناحوم" لنادين لبكي:
ندفع اشتراكاً لنيتفليكس لنعيد اكتشاف سينما بلداننا
ذكرت نتفليكس، المنصة الأكبر لعرض الأفلام في العالم في بيانها "لقد أضفنا 44 فيلماً عربياً يجمع بين روائع السينما الكلاسيكية وتجارب النجوم الصاعدين في السينما المعاصرة لإتاحة الفرصة للمشاركين في المنصة لإعادة اكتشاف جمالية هذه الأفلام التي تعد جزءًا مهمًا من تراث السينما العربية، ولنوفر منبراً للمواهب وصانعي الأفلام العرب لاكتشاف المزيد من المعجبين في جميع أنحاء العالم. وأضاف البيان "يشرفنا مشاركة هذه الأفلام الكلاسيكية والمعاصرة مع أعضائنا في العالم العربي وفي جميع أنحاء العالم".
وتضم القائمة أفلاماً من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من دول "الإمارات العربية المتحدة والكويت ومصر ولبنان وتونس والمغرب وسوريا الجزائر والسودان، أنتج معظمهما في الفترة بين 1976 و2019". ولعل أهمية هذه المبادرة تكمن في أن معظم هذه الأفلام ستعرض للمرة الأولى بنسختها الكاملة دون أن تتعرض لحذف من الرقابة, ما يعني أن "خدمة اشتراك" مثل نتفليكس وفرت حريةً للفن واحتراماً لرؤى مخرجي هذه الأفلام، لم يستطيعوا الحصول عليه في بلدانهم.
ولكن ذلك لا يلغي واقعًا مخيفًا: كما نستخدم عملة أجنبية لنشتري منتجات بلداننا، ونتنقل بين أحياء مدننا بخدمة "Uber"، ونسكن بيوت بلداننا عبر خدمة "airbnb"، وعشرات الممارسات المماثلة في كل منحى من حياتنا، نحن اليوم نسمح لخدمة اشتراك ليس لها أي رابط عضوي بالثقافة العربية، هدفها ربحي بالمقام الأول، أن تكون وسيطاً بيننا وبين تاريخنا السينمائي، كما أننا نسمح لأنفسنا، مكرهين ربما، أن نكون ممتنين لفرصة مشاهدة الأفلام عبرها، دون سلطة الرقابة.
جاري العرض
لقد بدأت الشبكة فعلاً بتنفيذ برنامج عرضها بالفيلم الكويتي "In Paradox" من إخراج حمد الصراف، ليصبح بذلك أول فيلم كويتي يتم عرضه على أكبر منصة لعرض الأفلام في العالم.
وقد سبق عرضه في عدد من المهرجانات، وحصل على شهادة تقدير من مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي. عبر مخرج الفيلم عن سعادته بعرضه على نتفليكس بقوله: "سعيد جداً بهذه الخطوة لأنها ستتيح فرصا غير مسبوقة لانتشار الفيلم، وسيكون من حق الملايين من المشتركين في هذه الشبكة الدولية مشاهدته، فأي مخرج في العالم يكون هدفه الأول أن يشاهد الجمهور أفلامه، لذلك أتمنى أن ينال الفيلم إعجاب جمهور نتفليكس”.
كما عرضت في 19 الشهر الجاري ثلاثة أفلام للمخرج المصري يسري نصر الله كان قد أخرجها في بداية حياته السينمائية "سرقات صيفية"، "المدينة" و "مرسيدس". وقد عبر المخرج من خلال حسابيه على موقع تويتر وفيسبوك عن سعادته بعرض هذه الأفلام بقوله "ليه مبسوط إن أفلامي الأولى بتتعرض على نتفليكس؟ لإن ناس كتيرة وخصوصا الشباب ح تقدر تكتشفها لأول مرة، ولإن عروضها النادرة على المحطات التليفزيونية كانت تتعرض لمقص الرقيب"، وأشار إلى أن أفلامه هذه تعرض كاملة لأول مرة.
كما طالبت شبكة "نتفليكس" في البيان نفسه بتمكين "المزيد من المشتركين حول العالم من مشاهدة قصص رائعة ومنحهم فرصة لرؤية حياتهم معروضة على الشاشة"، لأنه، بحسب البيان، "القصص الجميلة يمكن أن تأتي من أي مكان وتسافر في كل مكان لتصل إلى الجماهير خارج بلادهم أو لغتهم الأم".
يسري نصر الله: "ليه مبسوط إن أفلامي الأولى بتتعرض على نتفليكس؟ لإن عروضها النادرة على المحطات التليفزيونية كانت تتعرض لمقص الرقيب"
أفلام عربية أخرى
من بين الأفلام التونسية في برنامج العرض، فيلم "نورا تحلم" للمخرجة هند بوجمعة، فيلم "دشرة" للمخرج الشاب عبد الحميد بوشناق، وفيلم للمخرج الشاب مهدي برساوي "بابيشا" الذي يتناول العلاقات الأسرية وحدود الحريات الجديدة بعد ثورة 2011 في تونس.
وقد حققت الأفلام الثلاثة نجاحًا كبيرًا في انطلاق عروضها في عام 2019 في تونس، حيث تمكن جيل شاب من صانعي الأفلام والمنتجين التونسيين من معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية، بما في ذلك الحريات الفردية والتطرف الديني وحقوق المرأة، والتي خضعت لرقابة مشددة قبل ثورة 2011. ويعتبر عرضها لفتة جريئة تساهم في ظهور "سينما جديدة".
وفي القائمة أيضاً فيلم جزائري للمياء مدور 2019 الممنوع من العرض في الجزائر، والفيلم اللبناني "كفرناحوم" لنادين لبكي.
ومن بين الأعمال السينمائية الكلاسيكية في برنامج العرض الفيلم التاريخي، "الرسالة" للمخرج السوري الراحل مصطفى العقاد، وأفلام المخرج المصري يوسف شاهين: "حدوته مصرية"، "الآخر"، و"المهاجر".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...