"سومياتي.. ليه إنتي مو مسلمة!"، تسأل الطفلة ليان بجرأة طفولية العاملة المنزلية الآسيوية سومياتي، التي تعمل لدى أسرتها.
يظهر الوجوم على وجه العاملة، قبل أن تواصل الطفلة حديثها: "تدرين المسلمين يدخلون الجنة والكافرين يدخلون النار". ترد سومياتي بابتسامة: "لا أنا بدخل الجنة إن شاء الله يا رب"، تواصل الطفلة حكايتها: "دايماً أقول لها تدخلين النار بس هي غبية ما تفهم".
المجتمع السعودي من منظور طفلة
هكذا يؤسس المخرج السعودي الشاب، مشعل الجاسر، لعلاقة فيلمه مع المشاهد، وتحديداً علاقة المشاهد مع الراوي، في فيلمه القصير "سومياتي بتدخل النار!؟". الراوي هو الطفلة الصغيرة ليان، تحكي فيلمه من منظورها المفعم بالخيال، وتطرح تساؤلاتها بجرأة طفولية: كيف ترى عائلتها، جدها وأمها وأختها وأخيها، وكيف ترى سومياتي العاملة المنزلية؟
سومياتي، عاملة شرق آسيوية، تخلت عن اسمها الحقيقي "ألميرا" لتكاسل رجل البيت الشيخ عن نطقه وحفظه، وتخلت كذلك عن أشياء أخرى، لأجل الخمسمئة ريال التي ترسلها لابنها كل شهر. لا تعرف كثيراً من اللغة العربية ولا تعرف كيف تدافع عن نفسها حين تتهمها الأم وابنتها بالسرقة. ولا تعرف كيف تتعامل مع اتهاماتهم ورقابتهم.
يشرح هذا الفيلم القصير من إنتاج عام 2017، وفي أقل من 30 دقيقة، واقعاً اجتماعياً للمجتمع السعودي، عبر خيال وفضول طفلة صغيرة تراقب أسرة من الطبقة الوسطى.
بدأ عرض الفيلم نهاية شباط/فبراير الماضي عبر منصة "نتفليكس"، ضمن أفلام سعودية قصيرة، تحت عنوان "ست نوافذ في الصحراء".
تتعدد التجارب والقصص التي تطرحها الأفلام السعودية الشابة، ما بين الصراعات بين الفن والتشدد الديني، الواقع الاجتماعي السعودي، وضع المرأة السعودية العاملة والتعايش بين المجتمع والسلطة باختلاف طبقاتها
وكان قد كتب الرسام والمخرج السعودي، مالك نجر، عبر صفحته في تويتر، في حديثه عن الفيلم: "ستايل مشعل الجاسر وطريقة مونتاجه المميزة ظهرت في الفيلم، الكوميديا فيه جميلة الألوان رائعة، التمثيل كذلك جيد، أعجبني تجدد الفيلم والموسيقى اللي فيه حلوة، الفيلم أثر فيني بسبب القضية اللي عالجها".
نوافذ على الصحراء
وإلى جانب فيلم "سومياتي بتدخل النار!؟"، تضم المجموعة خمسة أفلام قصيرة أخرى، كتبها وأنتجها صناع سينما سعوديون، تحت مظلة شركة تلفاز 11.
تتعدد التجارب والقصص التي تطرحها الأفلام السعودية الشابة، ما بين الصراعات بين الفن والتشدد الديني، الواقع الاجتماعي السعودي، وضع المرأة السعودية العاملة والتعايش بين المجتمع والسلطة باختلاف طبقاتها.
وتعد هذه الأفلام الستة بمثابة نوافذ على صحراء شبه الجزيرة العربية، تماماً كما جاء الاسم الذي اختارته نتفليكس لهذه العروض على منصتها، أما المجموعة فهي:
وسطي
بناء على أحداث حقيقية، يحكي ويصور المخرج السعودي علي الكلثمي، حادثة اعتداء جماعة من المتشددين دينياً على فرقة مسرحية، يؤدي أفرادها عرضاً مسرحياً بمدينة الرياض.
يبرز فيه الصراع حول خشبة المسرح، بين مشاهدين متدينين يرون الموسيقى حراماً، يعتدون على ممثلين بمسرحية هزلية باسم "باص الوسطية". هذا الصراع الذي كان دائراً بين الفن والجماعات المتشددة دينياً التي كانت تعتبره من المحرمات.
27 من شعبان
من إخراج الشاب محمد السلمان، ويدور حول قصة لقاء محمد ونوف في بداية الألفية، حينما لم يكن هذا اللقاء أمراً مقبولاً اجتماعياً. ويرصد الفيلم حال المجتمع السعودي آنذاك، وكيف يضطر شاب وفتاة إلى التخاطب بالهاتف، بينما لا يفصلهما أكثر من متر واحد.
الجرذي
يروي الفيلم، الذي كتبه وأخرجه المخرج فيصل العامر، في نحو 10 دقائق، حياة الشاب فهد، الموظف الذي يخاف من كل شيء، وينتظر مرور الأيام لا لشيء إلا لمرورها فقط. يقضي فهد آخر يوم في حياته في خوف من السلطة الممثلة في والده، وتجعله الأحداث أشبه بفأر يركض خوفاً داخل عجلة لا نهاية لها.
ومن كآبة المنظر
عبر قصة خيالية، يحكي المخرج فارس قدس في 37 دقيقة، سبل وكيفية التعايش في حياة بدائية. قصة خيالية تحدث في سبعينيات القرن الماضي، حين تسقط طائرة وتتحطم في منطقة صحراوية نائية، تجمع بين أشخاص مختلفين، منهم الواقعي والحالم، المتفائل والمتشائم، ويتوجب على مجموعة الناجين التعايش ومواصلة الحياة في الصحراء، تبدأ بالفصل الأول: "أربعين سنة يتيهون في الأرض".
ستارة
فيلم آخر من إخراج وكتابة محمد السلمان، في إطار درامي اجتماعي وفي 15 دقيقة، يحكي السلمان قصة ممرضة سعودية شابة، وما تتعرض له من تسلط زملائها الذكور والمرضى الرجال، وتحرّش أحد المرضى بها. كيف تواجه أو كيف تهرب، وكيف يتمثل أكبر مخاوفها في ضياع نقابها الطبي الأبيض.
لقيت مجموعة الأفلام القصيرة ردود فعل إيجابية عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما لاقت قبولاً واحتفاء واسعاً بين المشاهدين، الذين عبروا عن إعجابهم بالأفلام عبر الشبكات الاجتماعية
كيف تلقاها المشاهد السعودي؟
لقيت مجموعة الأفلام القصيرة ردود فعل إيجابية عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما لاقت قبولاً واحتفاء واسعاً بين المشاهدين، الذين عبروا عن إعجابهم بالأفلام عبر الشبكات الاجتماعية.
إذ علّق وزير الثقافة السعودي بدر بن عبد الله آل سعود، عن إعجابه بعرض الفيلم باعتباره "خطوة رائعة".
وكتب الرسام والمخرج مالك نجر أيضاً، عبر حسابه الرسمي على تويتر: "بداية فخمة للويكند برعاية ستة شبابيك في الصحراء على نتفليكس، من زمان أبي أشوف إنتاجات تلفاز 11 خارج نطاق الكوميديا".
وعبرت فتاة سعودية باسم هدى، عن إعجابها بالأفلام، حيث كتبت: "من الحلقة الأولى ممتاز واللي متابعهم من الخلاط يعرف أنهم مازالوا ممثلين مميزين".
فيما غرد حساب سعودي باسم آل فرحان تعليقاً على فيلم "سومياتي" بأن "كل بيت عنده خادمة لازم يشوف هذي الحلقة... شوفو فعلاً شلون إحنا بمجتمع شلون يتعامل مع الخادمة اللي متغربه عن أهلها".
لكن مشاهد باسم هادي الغامدي، علّق معترضاً على استخدام ألفاظ لم ترق له قائلاً: "تابعت 3 حلقات، كمية ألفاظ بذيئة غير طبيعية ولا تناسب لا صغار ولا كبار، لا تناسب الا فقراء الأخلاق".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...