حذرت منظمة العفو الدولية، في 16 حزيران/ يونيو، من تطبيقات اقتفاء المخالطين للمصابين بفيروس كورونا التي استحدثتها البحرين والكويت، معتبرةً أنها "من أكثر التطبيقات إثارة للقلق وانتهاكاً للخصوصية الشخصية في العالم".
وعقب تحقيق استقصائي للمنظمة، تبين أن التطبيقات المشار إليها في البلدين الخليجيين، علاوةً على النرويج، "تنطوي على أخطار تهدد خصوصية مئات الآلاف من الأشخاص وأمنهم".
واتضح ذلك بعدما استعرض مختبر الأمن التابع لـ"العفو الدولية" تطبيقات تتبع المخالطين في أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك التحليل الفني المفصل لـ11 تطبيقاً من هذا النوع في كل من الجزائر، والبحرين، وفرنسا، وأيسلندا، وإسرائيل، والكويت، ولبنان، والنرويج، وقطر، وتونس، والإمارات.
"أخطر أدوات المراقبة الجماعية"
ووجدت المنظمة أن أداء هذه التطبيقات المفحوصة يراوح بين السيئ والخطير في ما يتعلق بالمخاوف على حقوق الإنسان. في حين بدا أن تطبيقات: "مجتمع واعي" في البحرين، و"شلونك" في الكويت، و"سميتاستوب" في النرويج، هي "من أخطر أدوات المراقبة الجماعية التي قيّمتها منظمة العفو الدولية حتى الآن، وأكثرها بعثاً على القلق".
"أخطر أدوات المراقبة الجماعية وأكثرها بعثاً على القلق"... العفو الدولية تحذر من تطبيقَي اقتفاء أثر مخالطي مصابي كورونا: "مجتمع واعي" في البحرين، و"شلونك" في الكويت لاعتبارات حقوقية
وقبل ساعات من إعلان نتائج "العفو الدولية"، أعلنت الحكومة النرويجية أنها ستوقف مؤقتاً استخدام تطبيق اقتفاء المخالطين الخاص بها.
وفق المنظمة الحقوقية، فإن "التطبيقات الثلاثة تقوم بالاقتفاء الآني أو شبه الآني لمواقع المستخدمين من خلال التحميل المتكرر لإحداثيات النظام العالمي لتحديد المواقع (GPS)".
يعني هذا أن تطبيقات الدول الثلاث "تنتهج نهجاً مركزياً ينتهك خصوصية الفرد، ويشكل خطراً كبيراً عليها إذ تلتقط البيانات الخاصة بمواقع الأفراد من خلال النظام العالمي لتحديد المواقع، ثم تنقلها إلى قاعدة بيانات مركزية، وبذلك ترصد تحركات المستخدمين رصداً آنياً".
ونهاية أيار/ مايو الماضي، حذرت المنظمة من ثغرة خطيرة في تكوين تطبيق "احتراز" القطري لرصد الاختلاط، ولفتت إلى أنها كانت ستسمح للمهاجمين السيبرانيين بالوصول إلى معلومات شخصية حساسة، من بينها الاسم والهوية الوطنية، والحالة الصحية، وبيانات الموقع لأكثر من مليون مستخدم.
وفي تقريرها الأخير، لفتت "العفو الدولية" إلى أن التطبيق القطري "قادر، بمحض اختيار القائمين عليه، على تفعيل الاقتفاء الآني لمواقع المستخدمين جميعاً أو لأفراد بعينهم، لكن هذه الإمكانية لا تزال حتى كتابة هذه السطور غير مشغّلة".
ونبهت المنظمة في الوقت نفسه إلى نقطة خطيرة أخرى بشأن ثلاثة تطبيقات أخرى، البحريني والكويتي والقطري، وهي سهولة ربط السلطات في هذه الدول البيانات الشخصية الحساسة بفرد ما، إذ إنها تفرض على مستخدمي التطبيقات التسجيل برقم الهوية الشخصية الوطنية.
إتاحة بيانات خاصة لأنظمة مركزية
وأشارت إلى أنه جرى الربط بين "مجتمع واعي" وبرنامج وطني بثه التلفزيون البحريني بعنوان: "أنت في البيت؟"، خلال شهر رمضان الماضي. قدم البرنامج مكافآت مالية للأفراد المسجلين في التطبيق والملتزمين بالبقاء في منازلهم عقب اختيار عشرة منهم يومياً عشوائياً بالاستعانة بالبيانات الشخصية التي جمعها التطبيق.
كان القائمون على البرنامج يتصلون بأصحاب الأرقام العشرة المسحوبة على الهواء مباشرة للتحقق من وجودهم في بيوتهم آنذاك على أن يحصل الملتزمين منهم على المكافأة.
وذكرت المنظمة أن السلطات البحرينية نشرت أيضاً، عبر الإنترنت، "بيانات شخصية حساسة" لأفراد يُشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا، كاشفةً عن حالتهم الصحية، وجنسياتهم، وسنّهم، ونوعهم الاجتماعي.
والتطبيقان، البحريني والكويتي، يمكن أن يقترنا بسوار مزود تقنية البلوتوث للتحقق من بقاء المستخدم بالقرب من هاتفه، فيما يتحقق التطبيق الكويتي من المسافة بين سوار البلوتوث والهاتف بصفة منتظمة، قبل أن يحمل بيانات الموقع كل عشر دقائق إلى خادم مركزي.
العفو الدولية: "ما تقوم به الحكومتان البحرينية والكويتية فعلياً هو بثّ مواقع المستخدمين إلى قاعدة بيانات حكومية بشكل آني، ومن غير المحتمل أن يكون ذلك ضرورياً في سياق استجابة الصحة العامة" تجاه الوباء"
كذلك، تُرسل إلى خادم مركزي، بصفة متكرّرة، البيانات المتعلقة بمواقع الأفراد وغيرها من المعلومات التشخيصية الإضافية المستقاة من سوار البلوتوث المقترن بتطبيق "مجتمع واعي" البحريني.
ويُلزم جميع الأفراد المسجلين ضمن الحجر الصحي في منازلهم بالبحرين بارتداء السوار، وإلا تعرضوا لعقوبة قانونية تصل إلى الحبس ثلاثة أشهر و/أو غرامة تراوح بين 1000 دينار بحريني (نحو 2700 دولار أمريكي) و10 آلاف دينار بحريني (نحو 27000 دولار) أو لكلتيهما.
احترام الخصوصية
وفيما أقرت "العفو الدولية" بأهمية تتبع المخالطين للمرضى كـ"ركن مهم من أركان التصدي الفعال للوباء"، ودور تطبيقات اقتفاء المخالطين في ذلك، شددت على أن تلك التطبيقات "يجب أن تكون مراعية لحقوق الإنسان".
وأوصت بـ"إدراج جوانب الخصوصية وحماية البيانات الشخصية في صلب التطبيقات لتصبح جزءاً من تصميمها، حتى لا تتجاوز البيانات التي يتم جمعها الحد الأدنى الضروري، وأن تُخزّن بصورة آمنة".
وأضافت: "يجب أن يكون الغرض الأوحد من وراء جمع كل البيانات هو مكافحة انتشار فيروس كورونا، ولا يجوز استخدام هذه البيانات في أغراض أخرى كائنة ما كانت، بما في ذلك تنفيذ القانون والأمن الوطني ومراقبة الهجرة. ولا يجوز كذلك وضع هذه البيانات في متناول أي طرف آخر أو استخدامها في أغراض تجارية". وحثت على أن تظل هذه التطبيقات "اختيارية" ومعلوماتها "مجهولة الهوية".
ودعا كلادويو غوارنيري، رئيس مختبر الأمن التابع للمنظمة الحكومتين البحرينية والكويتية، إلى "التوقف فوراً عن استخدام مثل هذه التطبيقات المنتهكة للخصوصية بشكلها الحالي"، لافتاً إلى أن ما تقوم به فعلياً "هو بثّ مواقع المستخدمين إلى قاعدة بيانات حكومية بشكل آني، ومن غير المحتمل أن يكون ذلك ضرورياً في سياق استجابة الصحة العامة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmed -
منذ 5 ساعاتسلام
رزان عبدالله -
منذ 15 ساعةمبدع
أحمد لمحضر -
منذ يومينلم يخرج المقال عن سرديات الفقه الموروث رغم أنه يناقش قاعدة تمييزية عنصرية ظالمة هي من صلب و جوهر...
نُور السيبانِيّ -
منذ 4 أيامالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ 5 أياموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامرائع