شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"20% من ثروة اليمن لبني هاشم"... ما هو قانون الخمس الذي أقره الحوثيون؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 12 يونيو 202005:39 م

أصدرت جماعة أنصار الله اليمنية (الحوثي) تعديلاً جديداً على قانون الزكاة، ينصّ على تخصيص امتيازات مالية حصرية لمن وصفوهم بـ"بني هاشم" في إيرادات الدولة، عن بقية اليمنيين.

وبحسب التعديل الذي حمل اسم "اللائحة التنفيذية لقانون الزكاة"، فإنه يحق لـ"بني هاشم" الاستيلاء على ما يسمى الخُمس (20%) من ثروات اليمن، سواء كانت في البر أو في البحر أو ملكاً للدولة أو المواطنين.

وأعلنت الجماعة تأسيس جهاز جديد مختص بجمع أموال الخمس من اليمنيين، أطلقوا عليها "هيئة الزكاة"، وتسليمها إلى "بني هاشم".

ما هو قانون الخمس؟

يعدّ قانون الخمس أحد هم يميز الاقتصاد الإسلامي الشيعي، الذي يفرض دفع ضريبة مقدارها 20% على بعض الموارد، على كافة أتباع المذهب.

ويتم تحصيل فريضة الخمس من غنائم الحرب، المعادن، الكنوز، الغوص (الأسماك)، المال الحلال المخلوط بالحرام، الأرض الذي يمتلكها الذمي من المسلم، أرباح المكاسب كأرباح التجارة، الراتب الذي يستلمه الموظف أو العامل وما شابهه.

واعتمد الحوثيون في القانون على الآية رقم 41 في سورة الأنفال، التي نصت على منح خمس غنائم المعارك التي خاضها المسلمون للرسول وأهل بيته.

وتقول الآية الكريمة: "وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".

يعتبر الحوثيون أن أصولهم تعود لقبيلة قريش في مكة، وتحديداً لفرع "بني هاشم" الذي ينتمي له النبي محمد والإمام على بن أبي طالب (أهل البيت).

وأشارت وسائل إعلام يمنية أن كلمة "بني هاشم" تكررت ثلاث مرات في اللائحة، في محاولة لتكريس فكرة الاصطفاء العرقي (الهاشمي) في قلب التكوين الأيديولوجي والحركي لجماعة الحوثي، ويظهر حالة التناقض بين دعاوى الحوثيين الوطنية وبين اعتناقهم لعقيدة التفوق عن طريق النسب على بقية المكونات، في بلد لا يزال الناس فيه يقيمون اعتباراً كبيراً لمسألة الأنساب.

ورأت أن الحوثيين استخدموا كلمة "بني هاشم" دون تخصيص لفرع منهم أو لمنطقة، وذلك قد يكون بهدف استقطاب أكبر قدر من العائلات الهاشمية في عموم اليمن، بمختلف انتماءاتهم المذهبية.

وأكد الكاتب اليمني زيد اللحجي أن "الحوثيين يريدون من وراء هذا القانون تكريس سلطة الحق الإلهي، والتأكيد لليمنيين أنهم إنما حكموهم بموجب عقد عهد الله لهم به من سبع سماوات، والدليل على ذلك أنه فضلهم على بقية الناس بالخمس".

وقال الكاتب اليمني في مقال له في 12 حزيران/ يونيو: "من خلال تكريس الحق الإلهي، يسعون إلى تكريس النظرة الدونية للشعب اليمني التي طالما كرسها أجدادهم الأئمة خلال التاريخ الطويل لحكمهم، فقد كانوا يتعاملون مع اليمنيين بأنهم عبيد و(شقاة) عند الهاشميين، وأن المال إنما هو مالهم، والثروة إنما هي ثروتهم، والسلطة إنما هي سلطتهم".

جماعة أنصار الله تقر قانوناً يجيز الاستيلاء على 20% من ثروات اليمن لـ"بني هاشم"... الحوثيون يلجأون للآية رقم "41" لفرض ضريبة "الخُمس" والتي نصت على تخصيص أموال غنائم المعارك التي خاضها المسلمون للرسول وأهل بيته

قانون عنصري

في أول تعليق على هذا القانون، قال رئيس الحكومة اليمنية الشرعية، معين عبد الملك، في تغريدة على حسابه في تويتر: "نشر الحوثيون لما أطلقوا عليه قانون الزكاة القائم على التمييز السلالي والعنصري، لا يكشف فقط عمق إيغال هذه الجماعة في تمزيق نسيج المجتمع ورفضها لقيم المواطنة المتساوية، بل يوضح أيضا مدى استخفافها بالشعب وبالعالم، وبكل فرص ودعوات السلام".

وأكد مستشار الرئيس اليمني، أحمد بن دغر، أن قانون الخمس الذي أقره الحوثيون مؤخراً بشأن مصارف الزكاة، بأنه يعبر عن سلالية الميليشيات الحوثية وعنصريتها المقيتة.

وتساءل بن دغر: "كيف سيستقبل دعاة الحقوق والحريات من اليمنيين والغربيين ممن يدافعون عن الميليشيات باستمرار هذا القانون العنصري".

وبدوره، رأى وزير حقوق الإنسان، محمد عسكر، أن هذه التشريعات تنسف مفهوم المواطنة على يد هؤلاء العنصريين القادمين من كهوف التاريخ، مشيراً إلى أنه لا يوجد أحد في هذا العالم يعتقد أن لعنصر من الناس 20% من ثروات الدول، ويشرع بموجب تشريعاتهم وقوانينهم العنصرية.

وأكد وزير الخارجية محمد الحضرمي في خطاب إلى بعثة الأمم المتحدة إلى اليمن، أن اللائحة الحوثية تضمنت بنوداً تؤكد الطابع العنصري للحوثيين، وعدم مراعاتها لظروف المجتمع اليمني ووضعه المعيشي الصعب.

ولفت الوزير إلى أن هناك جملة من المخاطر التي تكتنف العمل بهذه اللائحة، منوّهاً الى أنها وإن كانت منعدمة الأثر قانونياً، باعتبارها صادرة من غير ذي صفة، الا أن لها دلالة سياسية واضحة، مفادها أن الحوثيين غير راغبين في السلام ولا يسعون له.

ووصف تحالف الأحزاب اليمنية (تكتل سياسي يضم أكبر الأحزاب)، قرار الحوثيين بأنه انتهاك صارخ لقواعد الدين الإسلامي وتعدٍّ جديد على سلطات الدولة الدستورية والتشريعية، وتكريس فاضح لنهجها السلالي العنصري.

وقال التحالف في بيان له: "إن ما تقوم به الميليشيات الحوثية الانقلابية من خطوات ممنهجة نحو فرض مشروعها السلالي العنصري، يمثل إعلاناً صارخاً للتمييز العنصري ضد اليمنيين ولصالح سلالة الحوثي، والهادف لإعادة نظام الإمامة وتاريخها التدميري البغيض، يوجب على جميع أبناء شعبنا وقواه السياسية والاجتماعية مزيداً من الاصطفاف وتوحيد الجهود نحو هدف واحد، هو استعادة الدولة والنظام الجمهوري والانتصار لمبادئ وأهداف الثورة اليمنية التحررية".

من جانبه اعتبر حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين)، أن القانون الجديد حمل مخالفات لمبادئ العدالة والمساواة في الدين الإسلامي بشكل مريع وفاضح.

وأكد الحزب أن "القانون صدر عن عصابة انقلابية لا تمتلك أي شرعية في تصرفاتها تجاه الشعب ومؤسساته، ويأتي هذا الفعل ضمن إصرار الجماعة على نهب أموال اليمنيين وثرواتهم، لتمويل استمرار حربها ضد الشعب اليمني، والذي يمثل خيارهم الوحيد لفرض مشروعهم السلالي العنصري".

  "قانون الخمس عنصري، ينسف المواطنة ويحول اليمن إلى وطن قومي للهاشميين من كل أصقاع الأرض"... الحوثيون يصدرون قانون للزكاة ينص على تخصيص امتيازات مالية حصرية لمن وصفوهم بـ"بني هاشم" عن بقية اليمنيين

وطن قومي

أعتبر المحلل السياسي اليمني سام الغباري، أن قانون الخمس يعني "تحويل اليمن إلى وطن قومي للهاشميين من كل أصقاع الأرض".

ولم يحدد نص القانون الحوثي ما إذا كان يقصد "بني هاشم" المتواجدين داخل اليمن فحسب، أو أطياف أخرى في العديد من الدول تدعي نسب إلى "بيت الرسول".

وأضاف المحلل اليمني في تغريدة له: "نطالب ونكرر أن قانون الهوية اليمنية وتجريم التمييز العنصري والطبقي هدف كل الحكومات والبرلمانات المحترمة، وضرورة لإيقاف هذه العنصرية الهاشمية الخطرة"

وكتبت الإعلامية اليمنية منى صفوان في تغريدة على حسابها: "ما يحدث مخيف… لقد أقدم الحوثيون على أكبر خطأ تاريخي في حياتهم سيكون مردوده بشعاً، فالأمر يتجاوز الاعتراض على قانون عنصري، أنه يمتد ليشكل فتنة لن تخمدها حرب ولن يطفئها دم".

وأضافت صفوان: "لقد نكأ قانون الخُمس جرحاً عميقاً لدى المجتمع اليمني الذي غفر لكل حكامه فسادهم وجرائمهم، ولم يغفر لمن حكم بعنصرية".

وغرد المحلل اليمني علي البخيتي ساخراً: "شعار الحوثيين (القُدس، القُدس) طلع أننا كنا نسمع خطأ... قصدهم (الخُمس، الخُمس)".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image