شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"الثمن باهظ"… تحليلٌ إسرائيلي لقرار ضمّ أجزاء من الضفّة الغربية وتداعياته على تل أبيب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 27 مايو 202006:31 م

ما إن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتزامه ضم أجزاء من الضفة الغربية تتضمن وادي (غور) الأردن إلى السيادة الإسرائيلية، حتى بدأ باحثون في درس تداعيات تنفيذ هذه الخطة.

من أبرز التداعيات التي حذر منها الباحثون أن الإسرائيليين يخططون لنقل الفلسطينيين إلى الأردن، أو سيكون العرب أكثر عدداً من اليهود، وحينذاك سوف يطالبون بالمساواة في الحقوق.

وقد تؤدي هذه الخطة إلى اندلاع صراع بين الأردن وإسرائيل، وحل السلطة الفلسطينية، وعودة جميع اليهود إلى الدولة العبرية.

الخطة الإسرائيلية

في مقال نشره الباحث الإسرائيلي شاؤول أرييلي في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في 24 أيار/مايو، كشف عن أن خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضم وادي الأردن، سيكون لها ثمن باهظ بالنسبة إلى إسرائيل.

ونشر الباحث، مع المقال، خريطة تُظهر خطة نتنياهو لضم 1200 كيلومتر مربع (463 ميلاً مربعاً)، أي 20.5% من مساحة الضفة الغربية، إلى السيادة الإسرائيلية.

وفقاً للخريطة، فإن 23% من المساحة التي ستُضمّ، أي نحو 70 ألف فدان، هي أرض فلسطينية مملوكة للقطاع الخاص. إذا لم تعدّل إسرائيل قوانينها في ما يتعلق بممتلكات أصحاب الأراضي "الغائبين"، فإن كل هؤلاء الفلسطينيين سيفقدون أراضيهم التي ستُنقل تدريجياً إلى المستوطنات الإسرائيلية.

وقال أرييلي إنه إذا عدلت إسرائيل هذا القانون، كما فعلت مع القدس الشرقية، فستصادر المزيد من الأراضي الفلسطينية لـ"الاستخدام العام". إذّاك تغدو هذه الأراضي حصرياً لخدمة الجمهور اليهودي.

هذا ما حدث في القدس الشرقية، حيث صادرت تل أبيب حوالى سبعة آلاف فدان، يملك العرب معظمها، وبنت على هذه الأرض 60 ألف وحدة سكنية لليهود وألف وحدة للعرب.

"الأراضي المملوكة ملكية خاصة للفلسطينيين في غور الأردن أكبر بسبع مرات من جميع الأراضي الخاصة الواقعة غرب الجدار الفاصل، والتي تعتمد على بوابات للعبور إلى الداخل المحتل، وإسرائيل لا تنجح كثيراً في المشاكل التي تتطلب استخدام البوابات"، بحسب تحليل إسرائيلي

ولفت الباحث الإسرائيلي إلى أنه سيتعيّن على إسرائيل السماح للمالكين الفلسطينيين بالوصول إلى أراضيهم حتى يتمكنوا من الاستمرار في زراعتها إلى أن تُنزع منهم، كما يحدث حالياً على طول "خط التماس" بين القدس الشرقية والغربية.

وعليه، سيُنشر عدد كبير من الجنود وتُقام بوابات لتنظيم دخول الآف الفلسطينيين إلى هذه الأراضي لزراعتها.

وبحسب الباحث، فإن الأراضي المملوكة للفلسطينيين في غور الأردن أكبر سبع مرات من جميع الأراضي الواقعة غرب الجدار الفاصل، والتي تعتمد أيضاً على بوابات للعبور إلى الداخل المحتل.

هنا أشار الكاتب إلى أن إسرائيل لا تنجح كثيراً في التعامل مع المشاكل التي تتطلب استخدام هذه البوابات.

وتُظهر الخريطة أن 12 قرية فلسطينية يبلغ عدد سكانها 13500 في المنطقة "ب"، وتعيش على 1050 فداناً، ستُضم إلى إسرائيل.

وستفقد السلطة الفلسطينية على الفور سلطتها على هذه القرى لتحل محلها إسرائيل وفقاً لاتفاقات أوسلو التي وقعها الرئيس الراحل ياسر عرفات مع اسرائيل والتي نصت على إدارة السلطة شؤون الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ويتعين على إسرائيل أن تمنح هؤلاء الفلسطينيين وضع الإقامة، مثلما فعلت مع الفلسطينيين في القدس الشرقية، ثم تمنحهم الجنسية. علماً أنها ستحتاج إلى تقديم جميع الخدمات إلى القرى في المناطق التي ضُمّت.

واستنتج الباحث أن إسرائيل ليست مستعدة لذلك في هذه المرحلة، إذ ستبدأ معركة أخرى مع الفلسطينيين بشأن الحصول على الخدمات وتحويل الإجراءات من السلطة الفلسطينية إلى إسرائيل.

وتُظهر الخريطة أن منطقة أريحا (الموجودة حالياً في المنطقة "أ") وضواحيها ستصبح جيباً فلسطينياً محاطاً بمنطقة تقع تحت السيادة الإسرائيلية، ويغطي هذا الجيب 17300 فدان، يعيش فيها 43 ألف فلسطيني في ستة مجتمعات مختلفة.

وسيتطلب خروج الفلسطينيين من هذا الجيب ودخولهم إليه المرور عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية، وستُقطع أريحا التي هي مركز سياحي ومنطقة رئيسية في الضفة الغربية، عملياً، عن بقية الضفة الغربية، وسينخفض اقتصادها سريعاً، وهذا ما يعني أن الفلسطينيين سيبدأون معركة تتصل بسبل العيش.

وقال الباحث الإسرائيلي إن الخريطة تظهر أنه سيتم ضم حدود جديدة طولها 124 ميلاً بين وادي الأردن وبقية الضفة الغربية، وإضافة 37 ميلاً آخرإلى حدود الاحتلال حول جيب أريحا، وهذا ما يعني أنه لا بد من بناء سياج لوقف هجمات الفلسطينيين المستقبلية وعبور السكان غير الشرعيين.

وأشار الباحث إلى وجود نقطة أخرى هي أن المنطقة المضمومة تجتاز عدة طرق من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق، عدا أن شبكة النقل الفلسطينية ستُزال، وهذا ما يعني أنه في حال غياب طرق بديلة ستبدأ معركة فلسطينية حول حرية الحركة والتنقل.

علاوة على ذلك، سيمرّ سكان الضفة الغربية الذين يسافرون إلى الأردن، إذا سمحت المملكة لهم بذلك، عبر الأراضي الواقعة تحت سيادة إسرائيل، وسيُحرم الفلسطينيون من الوصول إلى البحر الميت والمنحدرات على طول خطه الساحلي ومحمية عين فشخة الطبيعية للترفيه والسياحة، وعليه ستبدأ معركة فلسطينية من أجل الحصول على الهواء للتنفس.

وأكد أرييلي أن هناك 28 مستوطنة صغيرة في المنطقة التي ستُضمّ، يسكنها 13600 مستوطن، ومساحتها صغيرة جدًا، وتزرع نحو 20 ألف فدان لا يمتلكونها، ومتوسط أعمارهم مرتفع لأنهم جاءوا إلى هذه المنطقة عقب حرب النكسة عام 1967.

وبحسب الاستطلاعات، فإن هؤلاء السكان يفضلون المغادرة إذا جرى التوقيع على اتفاق سلام مقابل تعويض عادل لهم.

وخلص الباحث إلى أن العبء الواقع على الجيش الإسرائيلي سيرتفع بشكل كبير وغير مبرر، وسيتعين على الجيش أن يستعين بقوات كبيرة لتأمين الحدود والمعابر بين الوادي وبقية الضفة الغربية، وحول جيب أريحا. وسيتعين عليه أيضاً مرافقة الفلسطينيين الذين يدخلون إسرائيل، وتشغيل بوابات الأراضي الزراعية، وتأمين الحدود مع الأردن الذي حذر من زعزعة استقرار العلاقات بين البلدين لدى تنفيذ خطة الضم.

"خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية قد تؤدي إلى اندلاع صراع بين الأردن وإسرائيل، لمنع إقامة دولة فلسطينية في المملكة الهاشمية، وإعادة كافة اليهود في العالم إلى الدولة العبرية"، بحسب تحليل إسرائيلي حول تداعيات القرار 

ورأى أن هدف الراغبين في الانضمام واضح، وهو إلغاء اتفاقات أوسلو وإحباط أي فرصة تتصل بحل الدولتين للشعبين، في انتهاك للقانون الدولي والمعاهدات التي وقعتها إسرائيل.

وقال أرييلي: "من الواضح أن رغبتهم هي تهجير الفلسطينيين شرقاً إلى الأردن في الوقت المناسب، وتحقيق أحلامهم القومية المسيحية المتطرفة".

وختم أرييلي بأن الثمن الذي ستضطر إسرائيل إلى دفعه على المدى القصير لهذه "المغامرة المسيانية"، لن يحتمله المجتمع الإسرائيلي، وعلى المدى الطويل سوف تدمر الرؤية الصهيونية، وستفقد الولايات المتحدة الركيزة التي تدعم سياستها الشرق أوسطية وهي الاستقرار بناءً على اتفاقات السلام التي وقعتها إسرائيل مع مصر والأردن.

رسائل أوروبية

بعث العديد من القادة الأوروبيين برسائل شخصية إلى نتنياهو في الأيام الأخيرة، طالبين منه فيها عدم المضي قدماً في خطط ضم أجزاء من الضفة الغربية من جانب واحد.

بحسب القناة الإسرائيلية الـ13، فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كتب إلى نتنياهو، قائلاً: "أطلب منكم، بروح من الصداقة، ألا تتخذ حكومتكم الجديدة إجراءات من جانب واحد في الضفة الغربية، إن مثل هذه الخطوة تزعزع استقرار الشرق الأوسط".

وأرسل رئيسا وزراء بريطانيا بوريس جونسون والإسباني بيدرو سانشيز ونظيرهما الإيطالي جوزيبي كونتي رسائل إلى نتنياهو عبروا فيها عن مشاعر مماثلة بشأن خطة الضم.

وتدرس بضع دول أوروبية، وفقاً للقناة، اتخاذ إجراءات عقابية لردع إسرائيل عن المضي قدماً في نيتها المعلنة في ضم وادي الأردن بأكمله وجميع المستوطنات في الضفة الغربية، وهي منطقة يرغب معظم المجتمع الدولي في أن تصبح دولة فلسطينية.

اعتراف أمريكي

في الإطار نفسه، تعهدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بضم إسرائيل لهذه المنطقة ما دامت تل أبيب موافقة على خطة السلام التي أصدرتها واشنطن في وقت سابق من هذا العام.

وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن موقف ترامب ليس حباً بالإسرائيليين، بل يريد تشجيع الملايين من الناخبين الإنجيليين في الولايات المتحدة الذين يعتبرون إسرائيل أمراً مقدساً لهم على انتخابه.

وأضافت أن الإنجيليين، منهم وزير الخارجية مايك بومبيو ونائب الرئيس مايك بنس، يعتقدون أن هذه الخطوة ستعجل عودة اليهود إلى جميع أراضي إسرائيل.

وختمت الصحيفة: "تنفيذ نتنياهو خطته بضم أجزاء من الضفة الغربية سيضع الإسرائيليين أمام خيار الدولة الواحدة التي سيفوق فيها عدد العرب عدد اليهود قريباً، وهذا ما يجعلهم يطالبون بالحقوق نفسها. كما أنهم سيشنون معركة على غرار قضية الفصل العنصري من أجل المساواة في الحقوق، وهذا ما يعني أن مستقبل الإسرائيليين على المحك".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image