"لا يشبه شهر رمضان هذا أي رمضان سابق عشناه"، هي مقولة يجمع عليها السوريون اليوم، وتتردد في معظم المنازل السورية، حيث حرم فيروس كورونا، وما رافقه من إغلاق وحجر صحي وارتفاع هائل في الأسعار، سكان هذا البلد المنكوب بالحرب، القدرةَ على أن يعيشوا طقوس رمضان المعتادة.
من هذه الطقوس، التفنّن بتحضير موائد الإفطار وما يتبعها من حلويات تشتهر سوريا بشكل خاص بتصنيعها، وتتخصص كل مدينة بأصناف معينة منها، لا تُحضر عادة إلا خلال أيام رمضان، وتباع في مختلف الأسواق قُبيل موعد الإفطار بساعات، من هذه الحلويات وأكثرها شهرة في دمشق مثلاً "الناعم" و"المعروك" و"القطايف"، وفي حلب "الغزلة"، وفي اللاذقية "الحلاوة الطحينية"، وفي دير الزور "الحنينة".
لكن شراء هذه الحلويات من الأسواق بشكل يومي تحوّل إلى معضلة لكثير من العائلات السورية هذا العام، فالأسعار ترتفع بشكل كبير يوماً بعد آخر، نتيجة تراجع قيمة الليرة السورية بشكل متسارع، والبعض لم يعد يرغب بالاعتماد على الأطعمة الجاهزة خوفاً من العدوى بفيروس كورونا، والذي تسجل البلاد حتى اليوم خمسين إصابة به.
بذلك كان الحل لعدد من تلك العائلات تعلُّم صناعة الحلويات الرمضانية التي يحبونها وتحضيرها بشكل منزلي، الأمر الذي لم يعتادوا عليه من قبل، وتبين أنه أكثر سهولة من المتوقع، وأقل تكلفة بكل تأكيد من شرائها بشكل جاهز.
تحوّا شراء هذه الحلويات من الأسواق بشكل يومي إلى معضلة لكثير من العائلات السورية هذا العام، فالأسعار ترتفع بشكل كبير يوماً بعد آخر، نتيجة تراجع قيمة الليرة السورية بشكل متسارع، والبعض لم يعد يرغب بالاعتماد على الأطعمة الجاهزة خوفاً من العدوى بفيروس كورونا
"حليك بالبيت": لنصنع حلويات رمضان بأنفسنا
من زاوية صغيرة في منزلها بحي ركن الدين شمال دمشق، أطلقت الشيف هلا فزع، منتصف شهر نيسان الفائت ببرنامج "حليك بالبيت"، بعد سنوات من العمل في صناعة مختلف أنواع الحلويات وبيعها.
هدفت هلا من البرنامج، كما تتحدث لرصيف22، إلى تشجيع الناس على التزام منازلهم أثناء فترة الحجر الصحي التي فرضها فيروس كورونا، ومساعدتهم على تجاوز آثار هذا الحجر، سواء المادية أو النفسية، وذلك عن طريق تقديم وصفات لصناعة بعض الأطباق في المنزل بطريقة واضحة وسهلة، وإعطاء المقادير وطريقة التحضير، وتسجيل فيديو يبين كل مراحل العمل، بمساعدة أختها علياء التي تعمل بمجال التصوير والتصميم والإنتاج.
ومع قدوم شهر رمضان، لاءمت هلا برنامجها الجديد لتعرض كيفية صناعة أشهر الحلويات الرمضانية في المنزل، وهو أمر لا يعتبر شائعاً بشكل كبير في دمشق.
وتخبرنا هلا عن وصفتي "الناعم"، وهو عجين مقلي يزين بالدبس، و"المعروك" وهو عجين يُحشى بطرق مختلفة ويشوى داخل الفرن. اختارت الفتاة العشرينية تقديم هذين الصنفين بشكل خاص ضمن برنامجها، نظراً لكونهما من الحلويات التي تتواجد بشكل شبه يومي على موائد إفطار معظم السوريين، ولارتفاع تكلفة شرائهما، مقارنة مع ما يمكن أن تكون عليه هذه التكلفة عند صناعتهما في المنزل.
الناعم
"كيس الناعم الذي يحتوي ثلاثة أرغفة يُباع في الأسواق بألف أو ألف وخمسمئة ليرة، وهو يصنع من الطحين والماء والدبس فقط، أليس من الأفضل أن نتعلم طريقة تحضيره منزلياً؟"، تقول هلا.
وتتضمن مكونات الناعم كوباً من الطحين وكوبين من الماء، يُخلطان بواسطة آلة الخفق أو المضرب حتى يتجانسا، وتُصنع من العجينة أقراص قاسية عن طريق تجفيفها بواسطة مقلاة غير لاصقة على نار متوسطة. بعد ذلك تترك تلك الأقراص لمدة 24 ساعة مع تغطيتها بشكل كامل بقطع قماشية نظيفة حتى تجفّ تماماً، ثم تُقلى بالزيت لمدة لا تتجاوز بضعة ثوانٍ، وتزين بدبس التمر.
أما المعروك، فله مقادير أكثر، وتتضمن طريقة تحضيره الخطوات التالية: خلط ربع كوب من الحليب الدافئ مع ملعقة كبيرة من السكر ونصف ملعقة كبيرة من الخميرة وربع كوب طحين ومن ثم تركها لمدة نصف ساعة كي تختمر. يضاف إليها بعد ذلك كوبان من الطحين، وثلث كوب من السكر، وملعقة كبيرة من بودرة الحليب، ونصف ملعقة صغيرة من البيكنغ باودر، وملعقة صغيرة من أي خلطة مرغوبة من التوابل، مثل المحلب واليانسون والشمرا، رشة ملح، ملعقة زبدة طرية، ملعقتا زيت، ملعقة خل، ونصف كوب حليب أو ماء دافئ.
المعروك
تعجن كافة المكونات معاً بشكل جيد حتى الحصول على عجينة طرية ومطاطية القوام، وتُدهن العجينة بالزيت وتغطى وتترك لمدة ساعة ونصف في مكان دافئ كي تختمر ويتضاعف حجمها، بعد ذلك يمكن تقطيع العجينة وتشكيلها حسب الرغبة، وهي عادة تُحشى بقطع التمر، السكر، الزبيب وجوز الهند أو الشوكولا، ويمكن أن تترك دون حشوة، ويزين سطحها بحبات السمسم.
توضع القطع بعد تشكيلها في صينية مدهونة بالزيت، وتدهن بسائل حليب البودرة الكثيف، ثم تترك لتتخمر مرة أخرى في مكان دافئ لمدة تتراوح بين نصف الساعة والساعة، وبعدها تخبز من الأعلى والأسفل، حتى يحمرّ وجهها.
القطائف (القطايف) هي عجينة تشوى وتحشى بمكونات مختلفة، تحتاج إلى كوبين من الطحين، كوبين من المياه الدافئة، ملعقتين كبيرتين من السكر، ملعقتين كبيرتين من بودرة الحليب، ملعقة صغيرة من الباكنغ باودر، ملعقة صغيرة من الخميرة، رشة من الملح وأخرى من ماء الزهر... والمزيد من وصفات الحلويات من دمشق
تطبيق ممتع لوصفات أخرى
تعيش رويدة أحمد، وهي ربة منزل لديها ثلاثة أولاد، مع عائلتها في منطقة البرامكة وسط دمشق. تابعت رويدة برنامج "حليك بالبيت" بشغف، وتشجعت بعد تطبيقها للوصفات المقدمة فيه على تعلّم أصناف رمضانية جديدة. "صناعة الحلويات في المنزل أمر ممتع، وصحي اليوم في زمن كورونا، وفي الوقت نفسه يوفر الكثير من التكاليف، خاصة وأن شهر رمضان هو أعلى شهور السنة من حيث المصروف"، تقول رويدة في حديث لرصيف22.
استعانت رويدة ببعض الطباخين الآخرين لتتعلم طرق صناعة حلويات إضافية من تلك المفضلة لدى عائلتها، فكانت النتيجة مبهرة على حد تعبيرها، وتحدثنا عن طريقة صنع بعض هذه الأصناف.
الصنف الأول هو القطائف (القطايف) وهي عجينة تشوى وتحشى بمكونات مختلفة، تحتاج إلى كوبين من الطحين، كوبين من المياه الدافئة، ملعقتين كبيرتين من السكر، ملعقتين كبيرتين من بودرة الحليب، ملعقة صغيرة من الباكنغ باودر، ملعقة صغيرة من الخميرة، رشة من الملح وأخرى من ماء الزهر.
القطائف
وتصنع عجينة القطايف عن طريق خلط المكونات الجافة –عدا الملح-، ثم إضافة الماء بشكل تدريجي مع التحريك المستمر حتى يصبح القوام سميكاً. تترك العجينة لتختمر لمدة تقارب النصف ساعة، ثم تضاف إليها رشة الملح، وتخبز بواسطة مقلاة غير لاصقة، حيث توضع مقادير صغيرة متساوية من العجينة إلى جانب بعضها البعض، وتترك في المقلاة إلى حين ظهور ثقوب فيها، ما يدل على نضجها، وتوضع بعد ذلك على قطعة قماشية، وتغطى بقطعة أخرى كي تبقى رطبة.
وبحسب الرغبة، تحشى القطايف بالقشطة وتزين بالفستق الحلبي وتسمى "قطايف عصافيري"، وهناك من يرغب بحشوها بالجوز أو بالجبن الخالي من الملح، مع وضعها لمدة لا تتجاوز العشر دقائق في الفرن.
الوصفة الثانية التي تتحدث عنها رويدة هي الكنافة المحشوّة بالجوز أو الجبن. تتطلب الوصفة شراء خيوط الكنافة من أي محل حلويات، حيث يصعب تصنيعها في المنزل. تدعك هذه الخيوط بشكل جيد بالسمن، حيث يتطلب كل كيلو من الكنافة حوالي ثمانية ملاعق من السمن، وتقسم إلى قسمين متساويين في الكمية.
يفرد القسم الأول في صينية معدنية مدهونة بالسمن، ويجب أن يكون متراصاً تماماً وقد يتطلب الأمر الاستعانة بأداة معدنية أو خشبية، ثم توضع الكميات المرغوبة من الجوز أو الجبن غير المحلى، وبعدها توضع الكمية الثانية من خيوط الكنافة وترص أيضاً بشكل جيد، ثم تشوى في الفرن لمدة عشرين دقيقة، وبعدها تحلى بقطر السكر المصنوع من الماء، السكر، ماء الزهر وماء الورد، وتزين بالفستق الحلبي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 21 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت