يبدو أن "شهر العسل" بين الحكومة الأردنية والشعب في طريقه إلى الانتهاء، حتى أن مذاق العلاقة بين الحكومة والأردنيين بات "يتمرمر" شيئاً فشيئاً، كما كان عليه في السابق، قبل حلول أزمة فيروس كورونا.
"لا يحسد المال سوى أصحابه"، هي الحالة الأردنية اليوم التي تشبه بداية أزمة كورونا، والتي عند تلك اللحظة، كان جميع الأردنيين، حكومة وشعباً وحتى معارضة، يتغنون بشكل العلاقة التي أصبحت بينهم، والتي كان يسودها التمجيد والترحيب بإجراءات الدولة وخططها لمواجهة أزمة كورونا، ليعود الحال إلى سابق عهده، عندما بدأت تخرج مؤخراً قرارات تمس أمن جيوب المواطنين، ما كان بمثابة "ستوب" لشهر العسل الحكومي الشعبي، وعادت التوتر من جديد.
في استعراض لأبرز القرارات الحكومية الأخيرة التي لم تلق إعجاب أردنيين، خصوصاً من هزت أمنهم المعيشي، من بينها التي تطرقت إلى صناديق التعويضات للعاملين المتضررين جراء أزمة كورونا، والتي جاءت أمواله من خزينة مؤسسة الضمان الاجتماعي، التي تعتبر "تحويشة" الشعب الأردني، بدلاً بأن تكون تلك التعويضات من البنك المركزي، كما كان مأمولاً.
وقبل أيام خرج وزير المالية الأردني، محمد العسعس، بترجيحات وترت الأردنيين، عندما قال إنه من المتوقع أن يرتفع عجز ميزانية البلاد مليار دينار (1.4 مليار دولار)، على الأقل، بعدما تضررت المالية العامة للحكومة بشدة بسبب تأثير تفشي فيروس كورونا على الاقتصاد الذي يعتمد على المساعدات.
ما يختلف عن تصريحه الصادر عنه في الثامن عشر من شهر آذار/ مارس الماضي، أي أول أزمة كورونا على الأردن، عندما رد على سؤال في مقابلة له عبر قناة "المملكة"، عندما سأله المذيع كم كلفة كورونا على الأردن؟ ليرد: "كلفة فيروس كورونا على الاقتصاد الأردني 56 مصاباً أردنياً حتى الآن… والباقي تفاصيل".
لم تلق القرارات الحكومية الأخيرة إعجاب أردنيين، خصوصاً من هزت أمنهم المعيشي، من بينها التي تطرقت إلى صناديق التعويضات للعاملين المتضررين جراء أزمة كورونا، والتي جاءت أمواله من خزينة مؤسسة الضمان الاجتماعي، التي تعتبر "تحويشة" الشعب الأردني، بدلاً بأن تكون تلك التعويضات من البنك المركزي، كما كان مأمولاً
"والباقي تفاصيل"
على الفور، تحوّلت جملة "الباقي تفاصيل" يوم أمس إلى هاشتاغ تناقله مغردون أردنيون تعبيراً عن استهزائهم وغضبهم للقرارات الحكومية الأخيرة، التي أعادت تأزيم العلاقة بين الحكومة والشعب.
من هذه التغريدات، كتبت نيفين العايصرة، مشيرة إلى ما يحدث اليوم بفعل قرارات الحكومة الأردنية الأخيرة: "قصة قبل النوم: ثلاثة أشخاص؛ فقير لا يملك قرشاً، غني يملك ملايين، وميسور الحال معه 20 ديناراً، قدم الغني المساعدة للفقير بأن أخذ العشرين من الميسور أعطى الفقير 8 دنانير، وأعاد للميسور مثلهم... وأخذ 4 دنانير ضريبة عمل! و #الباقي_تفاصيل".
فيما نشر الناشط علي الطراونة فوق هاشتاغ أنشأه #اعرف_خصمك: "ما زلنا في هذا التيه نخوض قراراً سياسياً أكثر منه وضعاً اقتصادياً، صراع دونكيشوتي ضد الفساد دون أن نلتفت إلى أن الخلاص يكون أولاً في تجفيف مستنقع النهج الذي احتضن تلك الجراثيم وحصنها!".
كما كانت تصريحات وزيرة التنمية الاجتماعية بسمة إسحاقات، يوم أمس كضربة جديدة وموجعة تلقفها الأردنيون، عندما قالت في مقابلة لها على قناة "المملكة"، إنها تستبعد صرف دعم الخبز لهذا العام "نظراً للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد"، ثم عادت وتداركت خطورة تصريحها، لاسيما عندما بدت على المذيع علامات الصدمة والاستنكار لهذا الكلام، وقامت بإجراء تلطيف سريع لما قالته وحولته إلى "لا يوجد قرار إلغاء دعم الخبز بعد، ربما هو باق مع اختلاف الأسس".
لكن محاولات الوزيرة إسحاقات في تلطيف وقع ما صرحت به لم يتلقه أردنيون، الذين وفور انتهاء المقابلة، نشروها على مواقع التواصل وعبروا عن غضبهم لما وصل إليه الحال، حتى أن منهم من توقع انفجار قنبلة اجتماعية قريباً مثل الناشط معتز ربيحات.
"إن تصريحات وزيرة التنمية بأنه لا دعم للخبز هذا العام بسبب الوضع المادي للحكومة، جعل المواطن يعود بذاكراته لكل القرارات الحكومية وكيف تم استغفاله، ولم تكن الحلول التي قدمتها الحكومة حلولاً خلاقة بل كالعادة هي جيب المواطن الأردني المفلس أصلاً!"
في حديث لرصيف22 مع الناشط في الحقوق الاقتصادية مجدي السعدي، والذي استعرض ما حدث مؤخراً في تحولات العلاقة الحكومية بقوله: "الحكومة هيأت الرأي العام بأنها قادرة على مواجهة كورونا، تصريحات وزير المالية في بداية الأزمة بأنه التكلفة هي سلامة المواطن الأردني والباقي تفاصيل، وتصريحات وزير العمل بشأن حزم تعويضات عمال المياومة التي لم تشمل إلا نسبة قليلة لا تكاد تذكر، والقروض الميسرة التي تحدثت عنها الحكومة ووزعتها البنوك لعملائها المميزين ولم تستفد منها الشركات الصغيرة والمتوسطة، وأخيراً تصريحات وزيرة التنمية بأنه لا دعم للخبز هذا العام بسبب الوضع المادي للحكومة، جعل المواطن يعود بذاكراته لكل القرارات الحكومية وكيف تم استغفاله، ولم تكن الحلول التي قدمتها الحكومة حلولاً خلاقة بل كالعادة هي جيب المواطن الأردني المفلس أصلاً!".
وختم حديثه قائلاً: "الجميع وقف مع الحكومة والدولة في بداية الجائحة لكن الحكومة خذلت الجميع"، مؤكداً على فكرة أن شهر العسل بين الشعب والحكومة انتهى "حرفياً"، كما يقول.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...