شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
قتل فلسطينييْن بدم بارد

قتل فلسطينييْن بدم بارد "ومن دون مُبرر"... مخاوف من انتهاج الاحتلال "ثقافة التصفية"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 14 مايو 202003:39 م

خلال أقل من 24 ساعة، قُتل فلسطينيان (طفل وشاب) برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، علناً ومن دون مبرر. وهذا ما عزاه ناشطون فلسطينيون إلى "استفحال كراهية المحتل" لأفراد شعبهم، معربين عن تخوفهم من أن تصبح هذه الجرائم "عادية وشائعة".

في 13 أيار/ مايو، أردت شرطة الاحتلال الشاب مصطفى يونس (26 عاماً) من مدينة عارة في الداخل الفلسطيني، قتيلاً، بعد ساعات من قتل الطفل زيد فضل القيسية (14 عاماً) في مخيم الفوّار للّاجئين في الخليل (جنوب الضفة الغربية المحتلة)، صباح اليوم نفسه. قضى زيد برصاصة مباشرة في الرأس أطلقها عليه جنود الاحتلال بعدما دهموا المخيم وأصابوا أربعة فلسطينيين آخرين بالرصاص الحي.

كذلك عثر على الشاب معتصم عصفور (18 عاماً)، صباح 14 أيار/مايو، ملقى على مدخل بلدة يعبد في جنين، وعلى جسده علامات اعتداء وحشي، بعد اعتقال الاحتلال له الليلة الماضية.

جرائم "كراهية" تضاف إلى ممارسات الاحتلال بحق الفلسطينيين التي استعرت عقب مقتل جندي إسرائيلي بحجر فجر 12 أيار/مايو.

"قتل دون مبرر"

وأثارت حادثة قتل الشاب مصطفى ردود فعل غاضبة لما وصفه ناشطون/ات فلسطينيون/ات في الداخل الفلسطيني، بـ"قتل المواطنين العرب في إسرائيل وتصفيتهم بدم بارد"، مقابل رفض ناشطين آخرين "تطبيع الاستشهاد" من خلال اعتبار حوادث قتل الاحتلال للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة "طبيعية" وقتل فلسطينيي الداخل المحتل "استثناء".

وبرغم ادعاء سلطات الاحتلال أن يونس حاول طعن أحد حراس الأمن بسكين، وثّق مقطع فيديو محاصرة رجال الأمن له، وطرحه أرضاً قبل إطلاق سبع رصاصات عليه من مسافة قريبة قتلته على الفور. واعتبرت أسرة مصطفى أنه "قُتل بدم بارد ومن دون مبرر"، مضيفة: "يتحدثون عن الإرهاب وهذا (جريمتهم) هو الإرهاب بحد ذاته".

رجاء زعبي عمري، الناشطة الفلسطينية والحقوقية البارزة، شرحت عبر حسابها في فيسبوك خلفية اغتيال مصطفى: "حرّاس أمن مستشفى ‘تل هشومير‘ بحثوا عن الشابّ مصطفى يونس وعثروا عليه وهو خارج من المستشفى (وفقاً لرواية الشرطة نفسها!) ثمّ أعدموه! مصطفى جاء برفقة والدته إلى المستشفى لتلقّي العلاج وحدثت مشادّة بينه وبين إسرائيليّين اعترضوا على عدم ارتدائه كمّامة. زُعم أن المشادة تطوّرت فشهر مصطفى سكّيناً واستدعوا رجال الأمن. إثر ذلك غادر مصطفى المستشفى، وفي هذه الأثناء كان رجال الأمن يبحثون عنه لمحاسبته. أعدموه بحجّة أنّه طعن أحدهم خلال الاشتباك معه. (وهذا ما تسمّيه الشرطة "خلفيّة جنائيّة"!)". 

تتسق هذه الرواية مع الملابسات التي شرحتها أسرة مصطفى التي أوضحت أنه كان مضطرباً نفسياً ويتردد برفقة والدته إلى المستشفى نفسه من أجل الخضوع لجلسات علاجية مرة كل ثلاثة أشهر. ودفعت ملابسات الحادثة الناشطين إلى اعتبار أن هناك استهدافاً للعرب في إسرائيل "فقط لأنهم عرب".

"استفحال كراهية المحتل"... إسرائيل تقتل فلسطينيين (طفل وشاب) بدم بارد، أحدهما صوّبت نحوه سبع رصاصات وهو "أعزل ممدد أرضاً"، ودعوات إلى "تظاهرة غضب"

ورأى الباحث في مركز "مسارات" للدراسات الإستراتيجية، رازي نابلسي، أن ما تعرض له مصطفى هو "إعدام بالمعنى الحرفي وهو أعزل، مُصاب، مُسيطر عليه، لأنّه عربي. بس لأنّه عربي، هذا السبب الوحيد".

وتابع: "الإعدام من قبل ثلاثة مسلّحين بنُص الشارع بيصير بس لمّا الإنسان عربي بدولة اليهود. فش فش (لا يوجد) تفسير بالعالم، غير ذات التفسير للإعدامات بالضفّة وغزّة والداخل: قتل العرب".

في حين ندد مركز مساواة لحقوق المواطنين العرب في إسرائيل بـ"تصفية" الشاب مصطفى، مذكراً بأنها "المرة الثانية التي يتم فيها استخدام الرصاص الحي بهدف القتل تجاه مريض نفسي خلال عشرة أيام"، في إشارة إلى قتل سلامة أبو كف (40 عاماً) من قرية أم بطين في النقب، الأسبوع الماضي، بعد مطاردة بوليسية.

وقالت أسرة أبو كف إن ابنها "قتل بدم بارد لأنه عربيّ"، وإن الشرطة "منعت الأهل من التعرف على جثته وأخفت الأدلة على جريمتها".

"ثقافة تصفية المواطنين العرب"

وفيما اعتبر "مساواة" اغتيال مصطفى "دليلاً آخر على ثقافة التصفية التي تبنتها قوى الأمن تجاه كل عربي"، نبهت الناشطة عمري: "لمن يقول ‘دون مبرّر‘: وجودُنا أصلاً سلوك ‘متطرّف‘ بالنسبة إليهم!". واستطردت: "القصّة مش كمّامة ولا حتى سكّينة. القصّة قلوب ملانة كراهية، كراهية المستعمِر للمستعمَر".

ولفت الكاتب والصحافي الفلسطيني مجد كيال إلى أن جرائم الاحتلال الأخيرة هي نتيجة طبيعية للصمت على جرائمه السابقة المشابهة.

وذكر في منشور عبر فيسبوك: "بكرا الشرطة بتحط شروط للجنازة، وبروحوا الـנכבדים (السادة المحترمون، إشارة ساخرة للنواب العرب في الكنيست) يتعهّدوا للشرطة إنهن يحافظوا على الأمن، وبنزلوا ‘المسؤولين العقلانيين‘ يتأكّدوا إننا نموت ونندفن بلا ما نعمل ضجّة. ومنرجع ننقتل بالشوارع كأننا حشرات، مرّة بعد مرّة بعد مرّة. بس المهم إننا نختار ‘النضال بإطار المواطنة‘: نبعث لـ‘ماحاش‘ (اختصار بالعبرية لـ (‘همحلكا لحكيروت هشوطريم‘ أي دائرة التحقيق مع أفراد الشرطة في شرطة إسرائيل) عشان الشرطة ‘تحقق‘ مع الشرطة، ومنطلب من الشرطة تسمحلنا نرفع شعارات ضد الشرطة، ونناضل عشان التقرير في ‘هآرتس‘ يكون منيح، بلكي شي يهودي بهرتسليا هزّ راسه بحزن وهو قاعد يشخ بالحمام ويقرا الجريدة".

وأضاف: "هذا اللي صار لما سكتنا على إعدام شبابنا بالقدس، لما سكتنا على إعدام أطفال على الحواجز، لمّا سكّتوا الناس على خير حمدان، وسامي الجعار، ويعقوب أبو القيعان، لما تبرّأوا وسبّوا على شادي بنّا، وغيرهن وغيرهن وغيرهن".

في هذا الإطار، طالب والد مصطفى النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي والقيادة العربية في إسرائيل بعدم التنازل عن حق ابنه، محذراً "التنازل يعني أنه سيكون هنالك المزيد من القتلى بين الشباب العرب".

وقال هؤلاء النواب العرب إنهم طالبوا المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيخاي مندلبليت، بفتح تحقيق فوري في الجريمة وحيثياتها. 

كذلك أعلن مجلس عارة عرعرة المحلي عن "تظاهرة غضب واحتجاج" ضد مقتل مصطفى عند مدخل البلدة، في 14 أيار/مايو، استجابةً لدعوات عدة.

اعتقالات سابقة

واعتقل الاحتلال مصطفى عدة مرات، أبرزها خلال تظاهرة "نصرةً لغزة" عام 2014، وآخرها في تمّوز/يوليو عام 2019 بسبب تصديه لهدم منزل في عارة.

وفي رثائه، كتب علي مواسي، الشاعر الفلسطيني ورئيس تحرير موقع "فسحة - ثقافية فلسطينية": "أنت احتمالنا ونحن احتمالك، فسلّم على الشهيد من قبلك، ومن بعدك على الشهيد. واغفر لنا لأنّنا حين التفتنا إليك، كأنّك الفجأة، لا المتن المستمرّ الطويل؛ فلأنّنا فهمناك ضيقاً في الهويّة، وضيّقنا معناك الّذي أردته لنفسك: غضب بحجم شعوب. أمّا أنت، فكنت عموماً، وكنت اتّساعاً، واتّساعاً تزيد. سلامٌ عليك يومَ وُلِدْتَ ويومَ قُتِلْتَ ويومَ بُعِثْتَ شهيداً، من بعد شهيدٍ، ومن قبل شهيد".

في الذكرى الـ72 لـ"النكبة الفلسطينية"... جرائم الاحتلال تستعر بحق فلسطينيي الضفة الغربية والداخل المحتل في ظل ظرف استثنائي نجم عن قرار إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية في إطار صفقة القرن الأمريكية

72 عاماً على النكبة 

تتزامن جرائم الاحتلال هذه مع مرور 72 عاماً على "النكبة الفلسطينية" التي توافق ذكراها في 15 أيار/مايو من كل عام. اليوم الذي يسترجع فيه الفلسطينيون تهجير أجدادهم وجدّاتهم من أرضهم قسراً على يد العصابات الصهيونية عام 1948، وما رافق ذلك من جرائم مستمرة.

إبان النكبة، دمرت 531 قرية فلسطينية وشُرّد أهلها وقتل أكثر من 15 ألفاً منهم في عشرات المجازر الإسرائيلية.

تحل ذكرى "النكبة" هذا العام في زمن استثنائي يتمثل في مساعي إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة إليها بدعم من واشنطن. 

وزار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إسرائيل، في 13 أيار/مايو، لمناقشة التعقيدات المتعلقة بالمخطط الإسرائيلي المثير للجدل بشأن الضفة الغربية، والذي يأتي في إطار بنود خطة السلام الأمريكية المزعومة، والمعروفة بـ"صفقة القرن". وعقب لقائه المسؤولين الإسرائيليين، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحليفه السياسي بيني غانتس، قال بومبيو إن هذه الخطوة ينبغي أن تتم وفق خطة السلام الأمريكية.

وسبق أن أعلنت إسرائيل اعتزامها مناقشة مخطط الضم في تموز/يوليو المقبل.

في المقابل، حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أن الفلسطينيين سيعيدون النظر في اتفاقات السلام مع إسرائيل والاتفاقات مع الولايات المتحدة لدى ضمّ دولة الاحتلال أراضي الضفة الغربية بموجب الخطة الأمريكية المرفوضة فلسطينياً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard