أظهرت عدة استطلاعات للرأي أن الغالبية العظمى من سكان القدس الشرقية العرب (85%) يفضلون الجنسية الفلسطينية على الإسرائيلية. وهذا ما عُدّ "تغيّراً جذرياً" لم تشهد مثله الأعوام السابقة.
واستعرض "معهد القدس للأبحاث السياسية" في إسرائيل نتائج استطلاعات للرأي بين عامي 2018 و2020 أظهرت أن 85% من سكان القدس الشرقية العرب يفضلون الجنسية الفلسطينية على الإسرائيلية، مذكراً بأن نتائج الاستطلاعات نفسها في النصف الأول من العقد الماضي كشفت عن أن 52% من عرب القدس الشرقية كانوا مستعدين للعيش تحت حكم إسرائيل والتخلي عن الجنسية الفلسطينية.
أجرى استطلاعات الرأي هذه "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" بالتعاون مع استطلاعات الرأي الفلسطينية تحت إشراف الباحث في المعهد ديفيد بولوك الذي نظم بضعة استطلاعات بشأن موقف سكان القدس الشرقية العرب من الدولة العبرية منذ عام 2010.
خلال استعراض النتائج، لفت بولوك إلى أن مقدسيين عرباً كثراً فضلوا بين عامي 2010 و2015 حمل الجنسية الإسرائيلية لـ"أسباب عملية، لكن من دون الالتزام بالهوية الذاتية أو الأيديولوجية".
وأضاف: "سعوا (المقدسيون العرب) إلى الوصول بسهولة إلى العمل والتعليم والصحة والرفاهية الاجتماعية حتى الوصول إلى شاطئ البحر".
تحول جذري… ما سببه؟
أشار بولوك إلى "تغيّر جذري" في موقع هؤلاء السكان، قائلاً: "خلال السنوات الخمس الماضية حدث تغيّر جذري لم أر مثله، إذ انخفضت ‘فجأة‘ نسبة الذين يفضلون حمل الجنسية الإسرائيلية على الجنسية الفلسطينية من 52% إلى 15%".
ورأى أن "أقلية صغيرة في القدس الشرقية تقول الآن في استطلاعات الرأي إنه إذا كان لديها الخيار، فستختار الجنسية الإسرائيلية".
"تغير جذري لم ير مثله أبداً"... استطلاع رأي يُظهر أن 85% من المقدسيين العرب يفضلون الجنسية الفلسطينية مقابل 48% قبل خمس سنوات، ومعدّ الدراسة يشرح أسباب التغيّر
وعن أسباب التحول اللافت في موقف المقدسيين العرب، قال بولوك: "أجرينا استطلاعات رأي عميقة للفلسطينيين بشأن تغيّر رأيهم. من الإجابات التي قدموها: أولاً، انتفاضة السكاكين التي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر عام 2015 واستمرت نحو عام ونصف العام، والرد الإسرائيلي العنيف قد جعل الأحداث محتدمة على الصعيد الوطني. ثانياً، التوتر بسبب المسجد الأقصى إذ يعتقد العديد من الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية أن إسرائيل تشكل تهديداً على ‘الأقصى‘". أما العامل الثالث فهو "النشاط المتزايد (الدعاية) ضد إسرائيل في القدس الشرقية من قبل السلطة الفلسطينية وحماس والحركة الإسلامية الشمالية وتركيا وغيرها من الجهات".
ونبّه بولوك إلى "أن 150 ألفاً من سكان القدس الشرقية يعيشون اليوم ‘خلف السياج الأمني‘، فيما إمكان حصولهم على الخدمات الإسرائيلية متاح بشكل أقل".
وأضاف: "ما زال معظم الفلسطينيين يرون أن إسرائيل ليست دولة شرعية، ويتوقون إلى ‘كل فلسطين التاريخية‘"، مستدركاً: "لكنهم واقعيون، إذ يخبرون المستطلعين بأن هذا ‘حلم‘ وبأن ‘إسرائيل وُجدت لتبقى‘".
وتكتسب استطلاعات بولوك في القدس الشرقية أهمية بالغة لدى الفلسطينيين والأمريكيين والإسرائيليين وفق صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية. وتعكس نتائج هذه الاستطلاعات موقف الفلسطينيين من إسرائيل.
بعد شهرين فقط من تغيير الخارجية الأمريكية التسمية الشائعة لعرب القدس الشرقية المحتلة، نتائج استطلاعات للرأي تظهر تمسك الغالبية العظمى من هؤلاء بالهوية الفلسطينية في زيادة لافتة عن عددهم في السابق
في ما يتعلق بأسباب عدم اندلاع انتفاضة فلسطينية أخرى، قال بولوك إن "الفلسطينيين يخشون رد فعل إسرائيلي قاسياً، خاصة أنهم لا يثقون بقادتهم. إنهم يهتمون حالياً بحياتهم اليومية: الصحة والتعليم والحياة الأسرية"، منبهاً إلى ضرورة "بلورة الحلول المستقبلية في القدس الشرقية من خلال الأخذ في الحسبان آراء السكان الفلسطينيين".
هوية فلسطينيي القدس
تأتي نتائج الاستطلاعات عقب شهرين من تغيير وزارة الخارجية الأمريكية التوصيف المألوف للفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، في تقريرها السنوي بشأن أوضاع حقوق الإنسان في العالم، الصادر في 11 آذار/مارس الماضي، من "السكان الفلسطينيين" في المدينة إلى "المقيمين العرب" أو "المواطنين غير الإسرائيليين".
زعمت الخارجية الأمريكية حينذاك أنها "ترسي مبدأ الالتزام بالحقيقة والوقائع على الأرض" وأن "التعريف الجديد يعكس الواقع في القدس كما هو، إذ ليست هناك دولة فلسـطينية، وليس السكان العرب في القدس مواطنيها أيضاً".
علماً أن مختلف الهيئات الفلسطينية دانت التقرير، منددةً بـ"محاولة لتزييف التاريخ والحقيقة"، ولافتةً إلى أنها "لن تعطي أحداً الشرعية، ولن تغيّر تاريخ الشعب الفلسطيني المقدسي".
وعلّقت وقتها العضوة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي قائلة إن "الإدارة الأمريكية واهمة إذا اعتقدت أنها تستطيع من خلال محو كلمة ‘فلسطينيين‘ أن تقضي علينا أو على هويتنا وحقوقنا وتاريخنا في القدس".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...