لا نتحدث عن الآيات المقتضبة التي يوحي بها الله لأنبيائه لإنقاذهم من معضلة ما، كما حصل إثر حادثة الإفك مع محمد بن عبد الله، أو حين همس لموسى وأخبره بما يقع، بل نشير إلى حساب تويتر "تغريدة الإله" الذي يتابعه 6.1 مليون شخص، والذي يؤكد في وصفه أنه "غير موثوق"، ويمكن شراء منتجات الإله منه، سواء كانت كؤوساً أو قمصاناً أو قبعات، فالإله على تواصل مباشر مع متابعيه وكارهيه، هو رأسمالي نزق، يرتدي الكمامة بسبب الجائحة، يسخر من متابعيه بوصفهم "أسوأ فصيلة خلقها على الإطلاق"، مع ذلك يتابع حساب شخص واحد فقط، جاستين بيبر، خليله وكليمه الذي تحرسه عينه ويده.
لأغيظنّكم حيثما كنتم
استوى على عرش تويتر حساب الرب عام 2010، ومن ورائه أحرف الكوميدي الأمريكي دايفيد جافيربوم، الذي يوظف الـ280 حرفاً لاستفزاز مشاعر المؤمنين أولاً، فالرب صامت منذ زمن بعيد، يتجلى ولا ينطق، لكنه عبر تويتر، واضح، متقلب المزاج ويسخر من متابعيه حتى، مخاطباً إياهم في بداية كورونا قائلاً: "إن الآن هو الوقت الأفضل كي نفقد الإيمان"، فالرب لا يحتاجنا، ولا تهمه صلواتنا ولا إن آمنا أو لا، هو حاضر دوماً، الأهم أنه ينتقد "مخلوقاته"، فإيلون موسك مدمن كوكائين بالتأكيد، وحكمة الإله لا تخطأ، لكننا نلاحظ أنه تخلى عن بلاغته المعهودة في كتبه، غموضه وتلاعبه بالكلمات لا يتناسبان مع روح العصر، لابد من سرعة و تكثيف ووضوح، لا حاجة لمفسرين ومؤولين يسعون لإعادة قراءة كلماته، بل يقولها بوضوح: "مات ابني لأجل خطاياكم يا سفلة، ولن أسامح أي واحد منكم".
من تغريدات الإله: "يؤسفني عميقاً أني خلقت البشر" "I deeply regret all of you"! و"(أنتم أيها البشر) الجنس الأسوء على الإطلاق" Worst species ever"، وأيضاً: "حاولوا أن تفقدوا الأمل، هذا سيساعدكم كثيراً" "Try losing hope, It helps".
من تغريدات الإله: "يؤسفني عميقاً أني خلقت البشر" "I deeply regret all of you"! و"(أنتم أيها البشر) الجنس الأسوء على الإطلاق" Worst species ever" و"حاولوا أن تفقدوا الأمل، هذا سيساعدكم كثيراً" "Try losing hope, It helps".
الإله المرح
تغريدات الرب متهكمة حتى من كلامه السابق، لا يدّعي أبداً الثبات أو القدم، فحتى هو "لا يؤمن بأنه خالق كل شيء، فالأمر كله هراء"، يقول ما يخطر بباله مباشرة، ويدرك العالم بالصورة التي ندركها نحن أيضاً، وكأن صوته الحكيم الواعظ التقليدي يبدو مفتعلاً حين يقرأ على الشاشة، فكان لابد له من تغيير "أسلوبه"، وهذا ما يجب الاعتراف به، فسابقاً كان يتكلم مباشرة مع واحد من أتباعه، ثم أصبح يوحي، والآن، في الألفية الثالثة ومع الفضائح التي لاحقته على مرّ التاريخ، كان التويتر الخيار الأنسب، لن يختبأ وراء حذلقته اللغوية بل سيتحدث بصراحة كونه ليس المسؤول عن كل شيء في العالم، "فهو ليس سبب فايروس كورونا" ولا يد له به.
مفارقة الإله على تويتر يشير لها بنفسه في وصف الحساب بأنه "غير موثوق"، كحالة أي وسيلة أو كلمات تُنسب للإله، هي إشكاليّة لا اعتراف كامل بها، وهذا ما يدفعنا لطرح سؤال: لماذا اختار أن يكون أمريكياً، وأن يخاطب الأمريكان فقط؟ حقيقة الجواب بسذاجة بسيط، لذات السبب الذي اختار فيه الله أن يتحدث العربيّة دون أي سبب مقنع، ربما يراهن على الأقوى وفشل في رهانه، فغير رأيه، وهي حالة موجودة لدى الإله خبّأها وراء مفاهيم "القدر" و"الإرادة" المتناقضة.
الإله على تواصل مباشر مع متابعيه وكارهيه، هو رأسمالي نزق، يرتدي الكمامة بسبب الجائحة، يسخر من متابعيه بوصفهم "أسوأ فصيلة خلقها على الإطلاق"
الأعمال شبه الكاملة للرب
أصدر دايفيد جافيربوم مؤخراً كتاباً يحوي أبرز تغريدات الرب ورسائله باسم "العهد الأخير"، في نسخة منقحة تصلح لما بعد نهاية العالم، خصوصاً أنه وبالرغم كل شيء، الإله على تويتر يشبه الإله الابراهيمي، المهووس بالكتابة والقصص والحكم، ما زال يحنّ إلى "الكتاب"، والكلام المجموع بين دفتين والمرتب والمسمّى تحت موضوعات متعددة، خصوصاً أن التغريدة إشكاليّة، وسبق له أن اختبر ذلك، ألم يكذّب الناس كل من قالوا إن الله أوحى لهم "كلمات" محددة؟
"المُهيمن" ضد الهيمنة
ينتقد الرب على تويتر "المؤسسة" بمعناها الواسع، أي يقف بوجه النظام الرمزي والمادي الذي يدّعي أنه قادر على تحقيق النظام والعدالة، القيم التي عجز هو عن تحقيقها، واضطر إثرها إلى إنزال عقابه بالبشر لـ"حماقتهم"، وكأنه يعمل ضد البلاهة البشرية، تلك التي تثير غيظه حتى الغضب، كما يفعل فرعون أو ترامب.
حين تكالب القوم على حسابه وقاموا باختراقه، قرر الاستراحة لمدة عام ونصف، لكنه ما لبث أن عاد بقوة، ليسترد صوته في الفضاءات الرقمية، خصوصاً أنه قرّر إلغاء نهاية العالم التي خطط لها، لأن نهاية العالم قد حلت دون إذنه، هو متابع قريب لما يحصل، فضوليّ كعادته، يحصي أخطاء البشر ويعلن موقفه منها، ويتأسّف على الضالين، ويعد من يطيعون كلامه بهدايا تصلهم عبر البريد، لا حاجة لهم للسعي وراءها، عليهم فقد بذل القليل في سبيله.
"مش الله" اللبناني
هناك حاب شبيه للحساب الأمريكي باللغة العربيّة باسم، "مش الله"، والواضح من اللهجة أنه لبناني، واستخدام لفظ الله إشكالي، كونه يحيل إلى من بدقة، إله المسلمين، المسيحيين ؟، لكن نظرة سريعة إلى الحساب، نلاحظ أنه أسس العام الماضي، ويتابعه حوالي الـ5000 شخص، وكالحساب الأمريكي يتابع "الله" شخصاً واحداً، ممثلة الأفلام الإباحيّة السابقة ميا خليفة، مازال الحساب قيد التأسيس، لكن تهكمه وتماسه المباشر مع السياسية اللبنانية والشرق الأوسط يبشر المتابعين بأننا قريباً سنسمع الله يرطن بلغة الضاد، بعد أن يضع كل مسؤولي لبنان في جهنم دون حساب، أو ربما صمت للأبد، إن تم اعتقاله من قبل أمن المعلومات .
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومينحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 5 أيامtester.whitebeard@gmail.com